روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 153

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  153 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  153 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 153   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  153 I_icon_minitimeالسبت مارس 23, 2013 3:37 am

إذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ
وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا
تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما
تَعْمَلُونَ
. (153)


قولُه ـ
تعالى: {إذْ تُصْعِدُونَ وَلا
تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ
} بيانٌ
لبعضِ ما جرى للمسلمين في أُحُدٍ، والْإِصْعَادُ: السَّيْرُ فِي مُسْتَوٍ مِنَ
الْأَرْضِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ. وَالصُّعُودُ: الِارْتِفَاعُ
عَلَى الْجِبَالِ وَالسُّطُوحِ وَالسَّلَالِيمِ وَالدَّرَجِ. وأَصْعَدْتُ إِذَا
مَضَيْتُ حِيَالَ وَجْهِكَ، وَصَعِدْتُ إِذَا ارْتَقَيْتُ فِي جَبَلٍ أَوْ
غَيْرِهِ. فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صُعُودُهُمْ فِي الْجَبَلِ بَعْدَ
إِصْعَادِهِمْ فِي الْوَادِي. قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ: أَصَعَدُوا يَوْمَ
أُحُدٍ فِي الْوَادِي. وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَعِدُوا فِي أُحُدٍ فِرَارًا. فكَانَ
يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ مُصْعَدٌ وَصَاعِدٌ. وقَالَ الْقُتَبِيُّ
وَالْمُبَرِّدُ: أَصْعَدَ إِذَا أَبْعَدَ فِي الذَّهَابِ وَأَمْعَنَ فِيهِ،
فَكَأَنَّ الْإِصْعَادَ إِبْعَادٌ فِي الْأَرْضِ كَإِبْعَادِ الِارْتِفَاعِ، قَالَ
أعشى قيس:



أَلَا أَيُّهَذَا السَّائِلِي أَيْنَ أُصْعِدَتْ ...........
فَإِنَّ لَهَا مِنْ بَطْنِ يَثْرِبَ مَوْعِدَا



البيتُ مِن قصيدةٍ يَمدحُ
بِها النبيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومطلعها:



ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ............ وعادك ما عاد
السليم المسهدا



وعند الفراءِ
الْإِصْعَادُ هو الِابْتِدَاءُ فِي السَّفَرِ، وَالِانْحِدَارُ الرُّجُوعُ مِنْهُ،
يُقَالُ: أَصْعَدْنَا مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ وَإِلَى خُرَاسَانَ
وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إِذَا خَرَجْنَا إِلَيْهَا وَأَخَذْنَا فِي السَّفَرِ،
وَانْحَدَرْنَا إِذَا رَجَعْنَا. وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ:



قَدْ كُنْتِ تَبْكِينَ عَلَى الْإِصْعَادِ .............
فاليوم سرحت وصاح الحادي



وَقَالَ
الْمُفَضَّلُ: صَعِدَ وَأَصْعَدَ وَصَعَّدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَعْنَى "تَلْوُونَ"
تُعَرِّجُونَ وَتُقِيمُونَ، أَيْ لَا يَلْتَفِتُ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ هَرَبًا،
فَإِنَّ الْمُعَرِّجَ عَلَى الشَّيْءِ يَلْوِي إِلَيْهِ عُنُقَهُ أَوْ عَنِانَ
دَابَّتِهِ. "عَلَى
أَحَدٍ
" يُرِيدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.



قولُه: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي
أُخْراكُمْ
} أَيْ فِي آخِرِكُمْ، يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ فِي آخِرِ
النَّاسِ وَأُخْرَةِ النَّاسِ وَأُخْرَى النَّاسِ وَأُخْرَيَاتِ النَّاسِ. و"أُخْراكُمْ" تَأْنِيثُ
آخِرُكُمْ. خرَّجَ البخاري عن الْبَرَاء بْنِ عَازِبٍ أنه قَالَ: جَعَلَ
النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى الرجالةِ يوم أحد عبد
الله ابن جُبَيْرٍ وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ
الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ. وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَغَيْرُهُ: كَانَ دُعَاءُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيْ
عِبَادَ اللَّهِ ارجعوا)). وكان دعاؤه تَغْيِيرًا لِلْمُنْكَرِ، وَمُحَالٌ أَنْ يَرَى
ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ الْمُنْكَرَ وَهُوَ الِانْهِزَامُ ثُمَّ لَا
يَنْهَى عَنْهُ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {فَأَثابَكُمْ
غَمًّا بِغَمٍّ
} الْغَمُّ فِي اللُّغَةِ: التَّغْطِيَةُ. غَمَّمْتُ
الشَّيْءَ غَطَّيْتُهُ. وَيَوْمٌ غَمٌّ وَلَيْلَةٌ غَمَّةٌ إِذَا كَانَا
مُظْلِمَيْنِ. وَمِنْهُ غُمَّ الْهِلَالُ إِذَا لَمْ يُرَ، وَغَمَّنِي الْأَمْرُ
يَغُمُّنِي. قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: الْغَمُّ الْأَوَّلُ
الْقَتْلُ وَالْجِرَاحُ، وَالْغَمُّ الثَّانِي الْإِرْجَافُ بِقَتْلِ النَّبِيِّ ـ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ صَاحَ بِهِ الشَّيْطَانُ. وَقِيلَ:
الْغَمُّ الْأَوَّلُ مَا فَاتَهُمْ مِنَ الظَّفَرِ وَالْغَنِيمَةِ، وَالثَّانِي
مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْهَزِيمَةِ. وَقِيلَ: الْغَمُّ الْأَوَّلُ
الْهَزِيمَةُ، والثاني إشرافُ أبي وسُفيان وَخَالِدٍ عَلَيْهِمْ فِي الْجَبَلِ،
فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ غَمَّهُمْ ذَلِكَ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ
يَمِيلُونَ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ فَأَنْسَاهُمْ هَذَا مَا نَالَهُمْ،
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ
لَا يَعْلُنَّ عَلَيْنَا)) كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْبَاءُ فِي "بِغَمٍّ" عَلَى هَذَا
بِمَعْنَى عَلَى. وَقِيلَ: هِيَ عَلَى بَابِهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ غَمُّوا
النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِمُخَالَفَتِهِمْ إِيَّاهُ،
فَأَثَابَهُمْ بِذَلِكَ غَمَّهُمْ بِمَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ:
"فَأَثابَكُمْ غَمًّا" يَوْمَ أُحُدٍ "بِغَمٍّ" يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُشْرِكِينَ.
وَسُمِّيَ الْغَمُّ ثَوَابًا كَمَا سُمِّيَ جَزَاءُ الذَّنْبِ ذَنْبًا. وَقِيلَ:
وَقَفَهُمُ اللَّهُ عَلَى ذَنْبِهِمْ فَشُغِلُوا بِذَلِكَ عَمَّا أَصَابَهُمْ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ وَاللَّهُ
خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ عَفا
عَنْكُمْ} وَقِيلَ: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: "فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ" أَيْ
كَانَ هَذَا الْغَمُّ بَعْدَ الْغَمِّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَ مِنَ
الْغَنِيمَةِ، وَلَا مَا أصابكم من الهزيمة. أَيْ لِكَيْ لا تَحْزَنُوا عَلَى مَا
فَاتَكُمْ وَمَا أَصَابَكُمْ عُقُوبَةٌ لَكُمْ عَلَى مُخَالَفَتِكُمْ رَسُولَ
اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: {مَا
مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} الأعراف: 12. أَيْ أَنْ تَسْجُدَ.
وَقَوْلُهُ: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} الحديد: 29. أَيْ لِيَعْلَمَ،
وَهَذَا قَوْلُ الْمُفَضَّلِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ"
أَيْ تَوَالَتْ عَلَيْكُمُ الْغُمُومُ، لِكَيْلَا تَشْتَغِلُوا بَعْدَ هَذَا
بِالْغَنَائِمِ.



قولُه: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ}
فِيهِ مَعْنَى التَّحْذِيرِ وَالْوَعِيدِ.



قوله تعالى:
{إِذْ تُصْعِدُونَ} قيل
إنَّ العاملَ في "إذ"
مضمر أي: اذكروا. وقيل: "صَرَفَكم إذ لِيبتلِيَكم". وقيل: يَجوزُ أنْ
تكونَ ظرفاً لـ "عَصَيْتُم"
أو لـ "تنازَعْتم"
أو "فَشِلتم".
وقيل: هو ظرفٌ لـ "عفَا
عنكم
". وكلُّ هذه الوجوهِ سائغةٌ، وكونُه ظَرفاً لـ "صَرَفكم" جيدٌ مِن جهةِ
المعنى، ولـ "عفا"
جيدٌ من جهة القرب. وعلى بعض الأقوال تكونُ المسألة من باب التنازع، وتكون على إعمالِ
الأخيرِ منها لِعدمِ الإِضمارِ في الأوَّلِ، ويكون التنازُعُ في أكثرِ مِن عاملين.



والجمهور
على "تُصْعِدون"
بضم التاء وكسرِ العين من أَصْعَدَ
في الأرضِ إذا ذهَبَ فيها، والهمزةُ فيه للدخولِ نحو: "أصْبح زيدٌ" أي:
دخل في الصباح، فالمعنى: إذ تَدْخُلون في الصُّعود، ويُبيِّن ذلك قراءةُ أُبيٍّ: تُصْعِدون
في الوادي. وقرأ الحسن والسلمي: "تَصْعَدون" مِن صَعِدَ في الجبلِ أي
رَقِيَ، والجمعُ بيْن القراءتين: أنَّهم أولاً أَصْعَدوا في الوادي، ثمَّ لَمَّا حَزَبهم
العدوُّ صَعِدوا في الجبلِ، وهذا على رأيِ مَنْ يُفَرِّقُ بيْن: أَصْعَدَ وصَعِدَ.
وقرأ أَبو حَيَوَةَ: "تَصَعَّدُون" بالتشديد، وأصلُها: تَتصَعَّدون،
فحُذفت إحدى التاءين: إمَّا تاءُ المضارَعَة أو تاءُ تَفَعَّل، والجمعُ بيْن قراءتِه
وقراءةِ غيرِه كما تقدَّم. والجُمهورُ "تُصْعِدون" بتاءِ الخِطابِ، وابنْ مُحَيْصِنٍ
ـ ويُروى عن ابنِ كثيرٍ أيضاً ـ بياءِ الغَيْبةِ على الالْتِفاتِ وهو حَسَنٌ، ويَجوزُ
أنْ يعودَ الضميرُ على المؤمنين، أيْ: واللهُ ذو فضلٍ على المُؤمنين إذْ
يُصْعِدون، فالعاملُ في إذْ: "فَضْلٍ".



قولُه: {وَلاَ تَلْوُونَ} الجمهورُ
على "تلْوون"
بواوين. وقُرئ بإبدالِ الأُولى همزةً كَرَاهيَةَ اجْتِماعِ واويْن، وليسَ بِقياسٍ
لِكونِ الضَمَّةِ عارضةً، والواوُ المَضمومةُ تُبْدَلُ هَمْزةً بِشروطٍ تَقدَّمَ ذِكرُها
في البَقَرَةِ: ألاَّ تَكونَ الضمةُ عارضةً كهذه الكلمةِ، وألاَّ تكونَ مَزيدَةً
نحو: "تَرَهْوَك"، وأَلاَّ يُمكِن تخفيفُها نحو: "سُوُر" و"نُوُر"
جمعُ سِوار ونُوار لأنَّه يُمكن تَسكينُها فتقول: سُوْر ونُوْر فيخِفُّ اللفظ بها،
وألاَّ يُدْغَم فيها نحو: "تَعَوُّد" مصدر تَعَوَّدَ، فنحُو "فُوُوج"
يَطَّرد إبدالُه لاستكمال الشروط.



وأصل
تَلْوون: تَلْوِيُون فأُعِلَّ بحذفِ اللام، وقد تقدَّم في قوله: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ}
آل عمران: 78.



وقرأ الأعمش
وعاصم "تُلْوون" بضم التاء. من أَلْوى وهي لغةٌ في "لَوَى"
ففَعَل وأفْعَلَ بمعنىً. وقرأ الحسن: "تَلُون" بواو واحدة، وخَرَّجوها
على أنَّه أَبدلَ الواوَ همزةً، ثمّ نَقَل حركةَ الهمزةَ على اللام ثمّ حَذَف
الهمزةَ على القاعدة، فلم يَبْقَ من الكلمةِ إلّا الفاءُ وهي اللامُ.



ويمكنُ
تخريجُ قراءةِ الحسنِ على وجهين آخرين، أحدُها: أَنْ يُقالَ: استُثْقِلَتِ الضمةُ
على الواوِ لأنَّها أُختُها، فكأنَّه اجتمعَ ثلاثةُ واواتٍ، فَنُقِلتْ الضَمَّةُ
إلى اللامِ فالتَقى ساكنان: الواو التي هي عيْنُ الكَلِمةِ والواوُ التي هي ضميرٌ،
فحُذِفتِ الأُولى لالتِقاءِ الساكنيْن. والثاني: أنْ يكونَ "تَلُون"
مضارَع "ولِيَ كذا". من الوِلاية، وإنّما عُدِّي بـ "على" لأنّه ضُمِّن معنى
العطف.



وقرأ حميدٌ
بنُ قيْسٍ: "على أُحُد" بضمتين، يريد الجَبَلَ، والمعنى على مَنْ في جبلِ
أُحُد، وهو النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم. والقراءةُ الشهيرةُ أقوى لأنّه لم يَكن
على الجبلِ إلَّا بعدَ ما فرَّ الناسُ عنه، وإصعادُهم إنّما كان وهو يَدْعوهم.



قوله: {والرسول يَدْعُوكُمْ} مبتدأٌ
وخبرٌ في محلِّ نصبٍ
على الحال، العامل فيها: "تَلْوُون".



قوله: {فَأَثَابَكُمْ} فيه وجهان،
أحدُهما: أنَّه معطوفٌ على "تُصْعِدون"
و"تَلْوون
ولا يَضُرُّكونُهما مضارعيْن، لأنَّهما ماضيان في المعنى، لأنَّ "إذ" المُضافة إليْهِما
صَيِّرتْهُما ماضِيَيْن، فكأنّ المعنى: إذا صَعِدتم وأَلْويتم. والثاني: أنّه
معطوفٌ على "صَرَفكم".
وفي فاعِلِه قولان، أحدُهما: أنّه الباري ـ تعالى، والثاني: أنَّه النبيُّ ـ صلى
الله عليه وسلم. ويَجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ في "فأثابكم" للرسولِ، أي: فآساكم في الاغتمامِ،
وكما غَمَّكم ما نَزَل به من كسرِ رباعيته غَمَّه ما نَزَل بكم من فَوْتِ الغنيمة.



و"غَمَّاً" مفعولٌ ثانٍ،
و"بغمٍّ"
يجوزُ في الباءِ أوجهٌ، أحدها: أن تكونَ للسببيَّةِ، على معنى أنَّ متعلَّقَ الغَمِّ
الأوَّلَ الصحابةُ، ومتعلَّق الغمِّ الثاني قَتْلُ المشركين يوم بدرٍ، والمعنى:
فأثابكم غَمَّاً بالغمِّ الذي أَوْقعه على أيديكم بالكفار يوم بدرٍ.



وقيل: متعلَّقُ
الغمِّ الرسولُ، والمعنى: أذاقكم الله غَمَّاً بسبب الغَمِّ الذي أدخلتموه على
الرسول والمؤمنين بفشَلِكم، أو فأثابكم الرسولُ، أي: آساكم غَمَّاً بسبب غمٍ
اغتممتموه لأجله. والثاني: أن تكونَ الباءُ للمصاحبة أي: غَمَّاً مصاحباً لغَمٍّ،
ويكون الغَمَّان للصحابة، فالغَمُّ الأول الهزيمة والقتل. والثاني: إشرافُ خالد
بخيل الكفار، أو بإرجاف قتل الرسول ـ عليه الصلاةُ والسلامُ، فعلى الأوَّلِ
تتعلَّقُ الباءُ بـ "أَثَابكم". وقيل: المعنى بسببِ غَمٍّ، فيكونُ
مفعولاً به. وعلى الثاني تتعلَّقُ بمحذوفٍ، لأنَّه صفةٌ لِغَمٍّ، أيْ: غَمَّاً مُصاحِباً
لغَمٍّ، أو مُلْتَبِساً بغَمٍّ. ويجوزُ أن تكونَ الباءُ بمعنى "بعد" أو
بمعنى "بَدَل"، فهي في هذين الوجهين صفةٌ لـ "غَمًّا"، وكونُها بمعنى
"بعد" و"بدل" بعيدٌ.



وقوله: {فَأَثَابَكُمْ} هل هو حقيقةٌ
أو مجاز؟ فقيل: مجاز، كأنَّه جَعَلَ



الغَمَّ قائماً مقام
الثواب الذي كان يحصُل لولا الفِرارُ، فهو كقول الفرزدق:



أخافُ زياداً أَنْ يكونَ عَطاؤُه ............. أداهِمَ
سُوداً أو مُحَدْرَجَةً سُمْرا



وقول عمرو
بن معديكرب:



وخيللٍ قد دَلَفتُ لها بِخيْل .................... تحيةُ بيْنِهم ضَرْبٌ
وَجِيعُ



جعل القيودَ
والسياطَ بمنزلة العطاء، والضربَ بمنزلةِ التحيَّةِ. والإِثابَةُ هنا بمعنى
المعاقبة، وهو يَرْجِعُ إلى المجاز.



قولُه: {لِّكَيْلاَ} هذه لامُ "كي"،
وهي لامُ جَرٍّ، والنصبُ هنا بـ "كي" لِئلَّا يَلزمَ دخولُ حرفِ جَرٍّ على مثلِه. وفي متعلَّق
هذه اللامِ قولان، أحدُهما: أنَّه "فأثابكم"، وفي "لا" على هذا وجهان، أحدُهُما: أنَّها زائدةٌ، لأنَّه لا يَترتَّبُ
على الاغْتِمامِ انتفاءُ الحزنِ، والمعنى: أنّه غَمَّهم ليُحْزِنَهم عقوبةً لهم
على تركِهم مواقعَهم. الوجهُ الثاني: أنَّها ليستْ زائدةً، ومعناه: لكي لا تحزنوا ولِتَتَمَرَّنوا
على تَجَرُّعِ الغُمومِ، وتَضْرَوا باحتمالِ الشدائدِ فلا تحزنوا فيما بعدُ على
فائتٍ من المنافع، ولا على مصيبٍ في المَضارِّ. وقال ابن عطية: المعنى: أنَّ ما
وقع بكم إنما هو بجنايتكم، فأنتم وَرَّطْتُم أنفسَكم، وعادةُ البشرِ أن يصبرَ
للعقوبة إذا جنى، وإنما يكثُرُ قَلَقُه إذا ظَنَّ البراءةَ من نفسه.



والثاني:
أنَّ اللامَ تتعلَّق بـ "عَفا"
لأنَّ عَفْوَه أذْهَبَ كلَّ حزنٍ. وفيه بُعْدٌ من جهةِ طولِ الفصلِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 153
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 156
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 50
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 67
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 81
» فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 97

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: