عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 115 الجمعة مارس 01, 2013 1:20 pm | |
| وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ.
(115) قولُه ـ سبحانه: {وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ} الخير: أي طاعة الله، وفي هذه الآية الكريمة بيانٌ أنَّ اللهَ ـ تعالى ـ يحصي ما يفعلون من خيرٍ، ويُثيبُهم عليه. ولن يُحرَموا ثوابُهُ البتَّةَ، وكيف يَكْفُرهُ، وهو الشكور الذي يقبلُ اليسيرَ، ويُعطي الجزيل؟!. قيل المعني بالخطاب هو عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ وَأَصْحَابُه. وقيل هو خطابٌ لهذه الأمَّةِ وهو مرتبِطٌ بقولِه ـ تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}، آل عمران: 110. وجميع ما بينهما استطراد، وقيل هو: لأولئك الموصوفين بالصفات المذكورة وفيه التفات؛ ونُكتَتُه الخاصَّة هنا الإشارةُ إلى أنَّهم لاتِّصافِهم بهذه المزايا أهلٌ لأنْ يُخاطبوا، ويُحتَمَلُ أنْ يَعودَ للأمة ويكون العدول إلى الغيبة مراعاة للأمة كما رُوعيت أوّلاً في التعبيرِ بـ "أُخرجت" دون أُخرجتُم وهذه طريقةٌ مشهورةٌ للعرب في مثل ذلك. قولُه: {والله عَلِيمٌ بالمتقين} أي عليمٌ بأحوال المتَّقين فيُجازيهم وهذا تَذييلٌ مقرِّرٌ لِمَضمون ما قبلَه. والمُرادُ بالمُتَّقين إمّا عامٌّ ويدخُلُ المخاطَبون دُخولاً أوَّلياً وإمّا خاصٌّ بالمُتقدِّمين وفي وضعِ الظاهرِ مَوْضِعَ المُضمَرِ إيذان بالعلة وأنَّه لا يَفوزُ عندَه إلَّا أهلُ التقوى. وفي هذا التذييلِ الكريمِ إشاراتٌ إلى أمورٍ ثلاثة:أولها: أنَّ تقوى القُلوب هي أساسٌ لكلِّ خيرٍ، وهي المُجَنِّبُ مِنْ كلِّ شَرٍّ.والثاني: أنَّ التقوى إذا كانتْ شأنًا مِنْ شُؤونِ النفسِ، صارَ الشخصُ لا يُوصَفُ إلَّا بأنَّه مِنَ المُتَّقين، وصارَ عملُ الخيرِ كَسَجيَّةٍ لهُ مِنَ السَجايا.والثالثُ: أنَّ اللهَ عليمٌ بكلِّ ما تُخفيه القُلوبُ وهو يَجْزي بِما يَعلَم.قولُه ـ تعالى: {وَمَا يَفْعَلُواْ}: قرأ الأَخوان وحفصٌ: "يفعلوا" و"يُكْفَروه" بالغيبة، والباقون بالخطاب، فالغيبةُ مراعاةٌ لقوله: {مِّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} فَجَرى على لفظِ الغَيْبة، أَخْبَرَنَا تعالى أنَّ "ما يفعلوا" مِنْ خير بَقِي لهم غيرَ مكفورٍ. والخطابُ على الرجوعِ إلى خطاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم في قولِه: "كنتم". ويجوزُ أَنْ يكون التفاتاً من الغَيْبة في قوله: {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} إلى آخره إلى خطابهم، وذلك أنه آنَسَهم بهذا الخطابِ، ويؤيِّد ذلك أنه اقتَصَر على ذِكْر الخير دونَ الشرِّ ليزيدَ في التأنيسِ، ويدلُّ على ذلك قراءةُ الأَخَوين، فإنها كالنص في أنَّ المرادَ قولُه: {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ}.و"كَفَر" يتعدَّى لواحد، فكيف تعدَّى هنا لاثنين، أولُهما قام مقامَ الفاعل، والثاني: الهاءُ في "يُكْفروه"؟ فقيل: إنه ضُمِّنَ معنى فعلٍ يتعدَّى لاثنين وهو "حَرَم" فكأنه قِيل: فَلَنْ تُحْرَمُوه، و"حَرَم" يتعدَّى لاثنين. | |
|