عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 94 الجمعة فبراير 15, 2013 8:18 am | |
| فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
(94) قولُهُ تعالى: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} الافتِراءُ في الأصلِ قطعُ الأديمِ، يُقالُ: فَرى الأديمَ يَفريه فَرْياً إذا قَطَعَه، واستُعمِلَ في الابْتِداعِ والاختلاق. والخطاب لليهود الذين حاجُّوا رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ في أمر تحريم بعض الطعام وتحليله، يَعني فمن كذَب على اللهِ منكم، من بعدِ مجيئِكم بالتوراةِ، وتلاوتِكم إيَّاها، وَافتضاحِ أمرِكم بعدمِ وُجودِ ما ادَّعيتُموهُ مِنْ تَحريمِ اللهِ العروقَ ولُحومَ الإبِلِ وألبانَها في التوراة {فأولئك هم الظالمون} يَعني: فمَنْ فعلَ ذلك فهم الكافرون، أي الذين ظلَموا أنفُسَهم بِكُفرِهم وسَتْرِهم الحقيقة وإنْكارَها وبقولِهم على اللهِ الباطلَ، وبفعل ما أوجبَ العقابَ عليهم، وقيل: هم الظالمون لأنفسهم بذلك ولأشياعهم بإضلالهم لهم بسببِ إصرارِهم على الباطِلِ وعدمِ تصديقِهم رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنَّما قُيِّدَ بالبَعْدِيَّةِ معَ أنَّه يَستَحِقُ الوَعيدَ بالكَذِبِ على الله تعالى في كلِّ وقتٍ وفي كلِّ حالٍ للدَلالةِ على كمالِ القُبْحِ.وقد رُويَ عن الشعبي: أنَّها نَزَلتْ في اليَهودِ، وذلك بعد أنْ ذَكرَ الحَقُّ ـ سبحانَه ـ في الآيَتيْن المُتقدِّمَتَيْن ذمَّ اليهودِ وغيرِهم مِن الكفَّارِ. وبيَّن أنَّ إنْفاقَهم معَ كُفرِهم غيرُ مقبولٍ منهم، ووَصَلَ ذلك بقوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حتى تنفقوا مما تحبون} آل عمران، الآية: 92، ليُقرِّرَ أنَّ الإنفاقَ غيرُ مُغْنٍ على جميعِ الوُجوهِ، فقالَ: وأنتم أيُّها المؤمنون إذا أنفقتُم فإنَّما نَقبلُ منكم على هذا الشرط، (أنْ تُنْفِقوا ممَّا تحبُّون) ثمَّ رَجَعَ في هذه الآيةِ إلى ذَمِّ اليهودِ وتَعْدادِ ما ارْتكبوه، فصارَ قولُه: "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ" بين الآيتين من الاعتراض المُسمَّى في كُتُبِ البلاغةِ الالْتِفات.قولُهُ تعالى: {فَمَنِ افْتَرَى} يجوزُ أنْ تَكون استِئْنافيَّةً فلا مَحَلَّ لها مِن الإِعرابِ، ويَجوزُ أنْ تكونَ منصوبةَ المَحَلِّ نَسَقاً على قولِه: "فَأْتوا بالتوراة" فتندرجَ في المقول. و"مَنْ" يَجوزُ أنْ تكونَ شرطيَّةً أو موصولةً، وحَمَل على لفظِها في قولِه: "افترى" فلذلك وَحَّدَ الضميرَ، وعلى معناها فَجُمِعَ في قولِهِ: "فأولئك" إلى أخرِه. قوله تعالى: {مِن بَعْدِ} متعلِّقٌ بـ "افترى"، وهو الظاهرُ، ويجوز أَنْ يتعلَّقَ بالكَذِبِ، يَعني الكَذِبَ الواقعَ مِنْ بعدِ ذلك. وفي المُشار إليه بذلك ثلاثةُ أوجهٍ أحدُها: استقرارُ التحريم المذكور في التوراة، إذِ المَعنى: إلاَّ ما حَرَّمَ إسرائيلُ على نفسِه ثمَّ حَرَّمتْه التوراةُ عليهم عقوبةً لهم. الثاني: التلاوةُ، وجاز تذكيرُ اسمِ الإِشارة لأنَّ المرادَ بها بيانُ مذهبهم. والثالث: الحالُ بعد تحريمِ إسرائيل على نفسه. | |
|