عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 85 الإثنين ديسمبر 24, 2012 9:53 am | |
| وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) قولُهُ ـ سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} أي مَنِ اتَّخَذَ دِيناً لاَ يَقُودُهُ إلَى الإسْلاَمِ الكَامِلِ للهِ في كلِّ شؤونِه، وَالخُضُوعِ التَّامِّ لَهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ في جميع أحكامه، فَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُ هَذا الدِّينُ، وَيَكُونُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ لرضاه وجزيلِ ثوابِه وعظيم كرامته، لأنَّهُ يَكُونُ قَدْ سَلَكَ طَريقاً غَيْرَ مَا شَرَعَهُ اللهُ وارتضاه له نهجاً ومنهاجاً. وجَاءَ فِي الصَّحِيحِ: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيهِ أمْرُنَا فَهُوَ رِدٌّ)). والدين في اللُّغَةِ الطاعةُ وفي التعارف: وَضْعٌ إلهيٌّ يَنساقُ بِه النَّاسُ إلى النعيمِ الدائم. قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: نَزَلَتْ هذه الآيةُ في الحارثِ ابنِ سُويْدٍ أخو الحَلَّاسِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَكَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ، ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ هُوَ وَاثْنَا عَشَرَ مَعَهُ وَلَحِقُوا بِمَكَّةَ كُفَّارًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فيهم، ثُمَّ أَرْسَلَ الحارثُ إِلَى أَخِيهِ يَطْلُبُ التَّوْبَةَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أيضاً. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَسْلَمَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَاتِ. قولُه: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ} أَيْ هُوَ خَاسِرٌ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ، الذين بَخَسُوا أَنْفُسَهم حُظوظَها. والتعبيرُ بالخاسرين أبلغُ مِنَ التعبيرِ بِخاسِرٍ.قولُه تعالى: {يَبْتَغِ غَيْرَ} العامَّة على إظهار هذين المِثْلين؛ لأنَّ بينَهما فاصلًا فلم يَلْتَقِيا في الحقيقةِ، وذلك الفاصلُ هو الياءُ التي حُذِفتْ للجَزْمِ، ورُويَ عن أبي عَمْرٍو فيها الوجهان: الإِظهارُ على الأصلِ ولِمراعاةِ الفاصلِ الأصلي، والإِدغامُ مراعاةً للَّفظ، إذ يَصْدُق أنَّهما التقيا في الجُملةِ، ولأنَّ ذلك الفاصلَ مستحِقٌّ الحذفَ لِعاملِ الجَزْمِ، وليس هذا مخصوصاً بهذه الآيةِ بل كلَّما التقى فيه مِثْلان بسببِ حذفِ حرفٍ، لعلَّةٍ اقتضتْ ذلك جَرى فيه الوجهان نحو: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} يوسف: 9 {وَإِن يَكُ كَاذِباً} غافر: 28، وقد استُشْكِلَ على هذا نحو: {يا قومِ مَا لي أَدْعُوكُمْ} غافر: 41 و{يا قوم مَن يَنصُرُنِي} هود: 30 فإنَّه لمْ يُرْوَ عن أبي عَمْرٍو خلافٌ في إدْغامِهِما، وكان القياسُ يَقتضي جوازَ الوجهيْن لأنَّ ياءَ المتكلِّمِ فاصلةً تقديراً.قولُه: {دِيناً} فيه ثلاثة أوجه، أحدُهما: أنَّه مفعولُ يَبْتَغِ، و{غَيْرَ الإسلام} حالٌ لأنَّها في الأصلِ صفةٌ له، فلمَّا قُدِّمت عليه نُصِبَت حالاً. الثاني: أنْ يكونَ تمييزاً لغيرِ لإِبهامها، فَمُيِّزَت كما مُيِّزَت "مثل" و"شبه" وأخواتُهما، وسُمع من العرب: إنَّ لنا غيرَها إبلاً وشاء. والثالث: أن يكونَ بدلاً مِنْ "غير"، وعلى هذين الوجهين فغيرَ الإِسلامِ هو المفعولُ به ليبتَغِ.وقوله: {وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ الخاسرين} كقولِهِ: {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} البقرة: 130 في الإِعراب وسيأتي ما بينَهما في المعنى. وقيل: "أل" معرفةٌ لا موصولةٌ فلم يمنعْ من تعلُّق ما قبلها. بما بعدها، وهذه الجملة يجوزُ أَنْ لا يكونَ لها محلٌّ لاستئنافها، ويجوزُ أن تكونَ في محل جزم نسقاً على جواب الشرط وهو "فلن يُقْبل"، ويكون قد ترتَّب على ابتغاء غير الإسلام ديناً عدمُ القبول والخسران. | |
|