عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 76 الأحد ديسمبر 23, 2012 10:05 am | |
| بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
(76) قولُه تعالى: {بلى} ردٌّ من اللهُ تَعَالَى عَلَيهمْ ونقضٌ لِما ادعوه من أنه ليس عليهم في الأميين سبيل فقال سبحانه: بَلَى عَلَيكُمْ فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ، وَعَلَيكُمُ الوَفَاءُ بِعُقُودِكُم المُؤَجَّلَةِ، وَأدَاءُ الأَمَانَاتِ لأَصْحَابِهَا، فَعَلَى أَهْلِ الكِتَابِ أنْ يُوفُوا بِعَهْدِهِمْ، وَأنْ يَتَّقُوا مَحَارِمَ اللهِ، وَيَتَّبِعُوا طَاعَتَهُ وَشَرْعَهُ، وهذا تأكيد لبيان كَذِبهم على الله تعالى، وبَلى هنا معناها. إثباتُ ما نفوه لأنها تجيء في القول لإثبات المَنْفِيِّ، لقد نَفَوا أنَّه ليس عليهم في الأمِّيين سبيلٌ، فقالَ سبحانَه بلْ عليكم فيهم سبيلٌ، وأنتم مُعذَّبون بما تُجْرِمون في شأنِهم، ومُثابون إنْ أَوفيتم لهم بِعهدِهم وآمنتم، وقد علَّلَ سبحانَه ذلك الحكمَ العادلَ بقضيَّةٍ دينيَّةٍ عامَّة ثابتةٍ، وهي قولُه سبحانه: "بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ". وإن معنى هذا النصِّ السامي أنَّ الذي يَنالُ محبَّةَ اللهِ تعالى ورضاه، لابُدَّ أنْ يَتحقَّقَ فيه وصفان:أوَّلُهُما الوَفاءُ بالعهدِ، فكلُّ ما يَلتَزِمُه مِن عهودٍ، سواءً أَكان مَوضوعُها أمرًا مادِّيًا كأداءِ الأماناتِ أو كان الموضوعُ أمرًا معنويًّا كالقِيامِ بحقٍّ مِن الحقوق يستوجب الوفاء به رضا الله سبحانه، وكلُّ غدرٍ يكون فيه إبعاد عن رضوانِ اللهِ ومحبتِهِ سبحانَه وتعالى.وقوله تعالى: {بلى} جوابٌ لقولهم "ليس" وإيجابٌ لِما نَفَوْهُ، وقد تقدَّمَ القولُ في نَظيرِه، و"مَنْ" شرطيَّةٌ أو مَوصولةٌ، والرابطُ مِن الجُملةِ الجزائيَّةِ أو الخبريَّةِ هو العُمومُ في المُتَّقين، وعندَ مَنْ يرى الربطَ بقيامِ الظاهرِ مقامَ المُضمَرِ يقولُ ذلك هنا ، وقيل: الجزاءُ أو الخَبَرُ محذوفٌ تقديرُه: يُحِبُّه الله، ودَلَّ على هذا المحذوفِ قولُه: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} وفيه تكلُّفٌ لا حاجةَ إليه.و{بِعَهْدِهِ} يَجوزُ أَنْ يَكونَ المصدرُ مُضافًا لِفاعِلِه على أَنَّ الضَميرَ يعودُ على "مَنْ"، أو إلى مفعوله على أنَّه يعود على "الله"، ويَجوزُ أنْ يكونَ المصدرُ مُضافاً للفاعل وإنْ كان الضميرُ للهِ تعالى، وإلى المَفعولِ وإنْ كان الضميرُ لِـ "مَنْ"، ومعناه واضحٌ إذا تُؤُمِّل. | |
|