روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 2 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 2 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 2   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 2 I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 31, 2012 4:09 pm

ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ


(2)


قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
ذلِكَ
الْكِتابُ
} قِيلَ: الْمَعْنَى هَذَا الْكِتَابُ.
وَ"ذلِكَ" قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى حَاضِرٍ، وَإِنْ
كَانَ مَوْضُوعًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى غَائِبٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي
الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْسِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}وَمِنْهُ قَوْلُ خُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ:



أَقُولُ لَهُ وَالرُّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنَهُ
.................. تَأَمَّلْ خُفَافًا إِنَّنِي أَنَا ذَلِكَا



أَيْ أَنَا هَذَا. فَـ "ذلِكَ"
إِشَارَةٌ إِلَى الْقُرْآنِ، مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ هَذَا، تَلْخِيصُهُ: {الم* هَذَا
الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ}. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنا
آتَيْناها إِبْراهِيمَ} و{تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}
أَيْ هَذِهِ، لَكِنَّهَا لَمَّا انْقَضَتْ صَارَتْ كَأَنَّهَا بَعُدَتْ فَقِيلَ
تِلْكَ. وَفِي الْبُخَارِيِّ "وَقَالَ مَعْمَرٌ: {
ذلِكَ الْكِتابُ}، هَذَا الْقُرْآنُ". {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}
بَيَانٌ وَدَلَالَةٌ، كَقَوْلِهِ: {ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}
هَذَا حُكْمُ اللَّهِ. وَقَدْ جَاءَ "هَذَا" بِمَعْنَى "ذَلِكَ"،
وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ: ((يَرْكَبُونَ
ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ)). أَيْ ذَلِكَ الْبَحْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.



والمعنى:
ذلك الكتاب الكامل، وهو القرآن الكريم، ليس محلاً لأنْ يرتابَ عاقلٌ أو مُنصِفٌ في
أنّه مُنزّلٌ من عندِ الله، وأنّه هدايةٌ وإرشادٌ للمتّقين الذين يجتنبون كلَّ
مكروهٍ من قولٍ أو فعلٍ حتى يصونوا أنفسَهم عمّا يَضُرُّها ويؤذيها.



وكانت الإشارة بصيغةِ
البعيد "
ذلك" لأنَّه سامي المَنزِلةِ أينما توجّهتَ إليه، فإنْ نَظرتَ إليه
ناحيةَ تراكيبِه فهو مُعجِزٌ للبُلَغاءِ، وإنْ نَظرتَ إليه من ناحيةِ مَعانيهِ فهو
فوقَ مَداركِ الحُكَماءِ، وإنْ نَظَرتَ إليه من ناحية قَصَصِه وتاريخِه فهو أصدقُ
مُحَدِّثٍ عن الماضين، وأدَقُّ محدّدٍ لتاريخِ السابقين، فلا جَرَمَ أنْ كانتْ
الإشارةُ في الآيةِ باستعمالِ اسْمِ الإشارةِ للبعيدِ لإظهارِ رِفعةِ شأنِ هذا
القرآن.



وَقِيلَ
"
ذلك":
هُوَ عَلَى بَابِهِ إِشَارَةٌ إِلَى غَائِبٍ. وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الْغَائِبِ
عَلَى أَقْوَالٍ عَشَرَةٍ، فَقِيلَ: {
ذلِكَ الْكِتابُ}
أَيِ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبْتُ عَلَى الْخَلَائِقِ بِالسَّعَادَةِ
وَالشَّقَاوَةِ وَالْأَجَلِ وَالرِّزْقِ لَا رَيْبَ فِيهِ، أَيْ لَا مُبَدِّلَ
لَهُ.



وَقِيلَ:
ذلِكَ الْكِتابُ، أَيِ الَّذِي كَتَبْتُ عَلَى نَفْسِي فِي الْأَزَلِ ((أَنَّ



رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي
كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ أَنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ
غَضَبِي)). وفِي رِوَايَةٍ: (سَبَقَتْ).



وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَانَ وَعَدَ
نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِ كِتَابًا لَا
يَمْحُوهُ الْمَاءُ، فَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْوَعْدِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ
نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا
بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ
وَأَبْتَلِي بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ
تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ)). الْحَدِيثَ.



وَقِيلَ:
الْإِشَارَةُ إِلَى مَا قَدْ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ. وَقِيلَ: إِنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} لَمْ
يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَشْرِفًا
لِإِنْجَازِ هَذَا الْوَعْدِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا أُنْزِلَ
عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ: {الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ} البقرة:1و2.
كَانَ فِيهِ مَعْنَى هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ عَلَيْكَ
بِالْمَدِينَةِ، ذَلِكَ الْكِتَابُ الَّذِي وَعَدْتُكَ أَنْ أُوحِيَهُ إِلَيْكَ
بِمَكَّةَ.



وَقِيلَ:
إِنَّ "ذلِكَ"
إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَ"الم" اسْمٌ
لِلْقُرْآنِ، وَالتَّقْدِيرُ هَذَا الْقُرْآنُ ذَلِكَ الْكِتَابُ الْمُفَسَّرُ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، يَعْنِي أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
يَشْهَدَانِ بِصِحَّتِهِ وَيَسْتَغْرِقُ مَا



فِيهِمَا وَيَزِيدُ عَلَيْهِمَا مَا
لَيْسَ فِيهِمَا.



وَقِيلَ:
إِنَّ "ذلِكَ الْكِتابُ"
إِشَارَةٌ إِلَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ كِلَيْهِمَا، وَالْمَعْنَى: "الم"
ذانك الكتابان أو مثل ذلك الْكِتَابَيْنِ، أَيْ هَذَا الْقُرْآنُ جَامِعٌ لِمَا
فِي ذَيْنِكَ الْكِتَابَيْنِ، فَعَبَّرَ بِـ "ذلِكَ" عَنِ الِاثْنَيْنِ بِشَاهِدٍ مِنَ
الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ
وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ} البقرة: 68. أَيْ عَوَانٌ بَيْنَ تَيْنِكَ:
الْفَارِضِ وَالْبِكْرِ. وَقِيلَ: إِنَّ "ذلِكَ" إِشَارَةٌ إِلَى اللَّوْحِ
الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: "ذلِكَ" إِشَارَةٌ إِلَى الْقُرْآنِ الَّذِي
فِي السَّمَاءِ لَمْ يَنْزِلْ بَعْدُ.



وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ: الْمَعْنَى هَذَا الْقُرْآنُ ذَلِكَ الْكِتَابُ الَّذِي كُنْتُمْ
تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا. وَقِيلَ: إِلَى حُرُوفِ
الْمُعْجَمِ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: "الم" الْحُرُوفُ الَّتِي
تَحَدَّيْتُكُمْ بِالنَّظْمِ مِنْهَا.



قوله: "ذلك"
فـ "
ذا" اسم إشارة، و"لـ" للبُعد، و"ك"
للخطاب، ويجوز في "
ذلك" أن يكون مبتدأً ثانياً والكتابُ خبرُه، وجملةُ "ذلك الكتاب"
خبرٌ للمبتدأ الأول "
الم"، ويجوز أن يكونَ "الم" مبتدأً و"ذلك"
خبره و"
الكتاب" صفةٌ لـ "ذلك" أو بدلٌ منه
أو عطفُ بيان، وأن يكونَ "
الم" مبتدأً و"ذلك"
مبتدأ ثان، و"
الكتاب": إما صفةٌ له أو بدلٌ منه أو عطفُ بيان له.


و{الكتابُ}
مَصْدَرٌ
مِنْ كَتَبَ يَكْتُبُ إِذَا جَمَعَ، أي المكتوبُ كما
يقال للمخلوق خَلْقٌ، ومنه الكتيبةُ من الجُنْدِ، سمِّيَتْ كذلك
لِاجْتِمَاعِهَا.
وَتَكَتَّبَتِ الْخَيْلُ صَارَتْ كَتَائِبَ. لأنّ أصلَ
الكَتْبِ ضَمُّ أديمٍ إلى أديمٍ أو جريدٍةٍ إلى جريدةٍ بالخِياطَةِ، واستُعمل بعد
ذلك في ضَمِّ الحروفِ بعضَها إلى بعضٍ بالخَطِّ.



وَالْكُتْبَةُ
(بِضَمِّ الْكَافِ): الْخُرْزَةُ، وَالْجَمْعُ كُتَبٌ. وَالْكُتْبُ: الْخُرْزُ.
قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:



وَفْرَاءُ غَرْفِيَّةٌ أَثَأَى خَوَارِزُهَا
.............. مُشَلْشِلٌ ضَيَّعَتْهُ بَيْنَهَا الْكُتَبُ



قوله:
(وَفْراءُ) أي واسعة. و(غَرْفيَّةٌ): مَدبوغَةٌ بالغُرفِ، وهو نَبْتٌ تُدبَغُ به
الجلودُ. والثأْي (بسكون الهمزة وفتحها): خُرْمُ خَرْزِ الأديم. والمُشَلْشِل:
الذي يكاد يتّصِل قَطْرُه وسَيلانُه لِتَتابُعِه.



وَالْكِتَابُ:
هُوَ خَطُّ الْكَاتِبِ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ مَجْمُوعَةً أَوْ مُتَفَرَّقَةً،
وَسُمِّيَ كِتَابًا وَإِنْ كَانَ مَكْتُوبًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:



تُؤُمِّلُ رَجْعَةً مِنِّي وَفِيهَا .....................
كِتَابٌ مِثْلَ مَا لَصِقَ الْغِرَاءُ



وَالْكِتَابُ: الْفَرْضُ وَالْحُكْمُ
وَالْقَدَرُ، قال الجعديّ:



يا ابنةَ عَمِّي كِتَابُ اللَّهِ أَخْرَجَنِي
........ عَنْكُمْ وَهَلْ أَمْنَعَنَّ اللَّهَ مَا فَعَلَا



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {لَا رَيْبَ}
نَفْيٌ عَامٌّ، وَلِذَلِكَ نُصِبَ الرَّيْبُ بِهِ. وَفِي الرَّيْبِ ثَلَاثَةُ
مَعَانٍ: أَحَدُهَا الشَّكُّ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى:



لَيْسَ
فِي الْحَقِّ يَا أُمَيْمَةُ رَيْبٌ ............ إِنَّمَا الرَّيْبُ مَا يَقُولُ
الْجَهُولُ



وَثَانِيهَا
التُّهَمَةُ، قَالَ جَمِيلٌ:



بُثَيْنَةُ
قَالَتْ: يَا جَمِيلُ أَرَبْتَنِي .............. فَقُلْتُ كِلَانَا يَا بُثَيْنُ
مُرِيبُ



وثالثها:
الحاجة، قال
كعبُ بنُ مالكٍ
الأنصاريُّ:



قَضَيْنَا
مِنْ تَهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ .................. وَخَيْبَرَ ثُمَّ أَجْمَعْنَا
السُّيُوفَا



فَكِتَابُ
اللَّهِ تَعَالَى لَا شَكٌّ فِيهِ وَلَا ارْتِيَابٌ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ فِي
ذَاتِهِ حَقٌّ وَأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ،
غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا مُحْدَثٌ، وَإِنْ وَقَعَ رَيْبٌ لِلْكُفَّارِ. وَقِيلَ:
هُوَ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ، أَيْ لَا تَرْتَابُوا، وَتَمَّ الْكَلَامُ
كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ الْكِتَابَ حَقًّا. وَتَقُولُ: رَابَنِي هَذَا الْأَمْرُ
إِذَا أَدْخَلَ عَلَيْكَ شَكًّا وَخَوْفًا. وَأَرَابَ: صَارَ ذَا رِيبَةٍ، فَهُوَ
مُرِيبٌ. وَرَابَنِي أَمْرُهُ. ورَيْبُ الدهرِ: صروفه.



و"الريبُ" في الأصل مصدرُ رابَه الأمرُ إذا حصل عنده فيه ريبة
وحقيقةُ الرِيبةِ، قلقُ النفسِ واضطرابُها، ثم استُعمِل في معنى الشكِّ مطلقاً.



وقيل إنَّ الرَيْبُ هو
الشَكُّ معَ التُهْمة، و"
لا ريبَ فيه" لا شك في أنه من
عند الله عزَّ وجلَّ وأنَّه الحقُّ والصدقُ .



و"لا"
نافية "
لا ريبَ" خبرٌ عن المبتدأ الثاني، و"ريبَ"
اسمُها، وخبرُها يجوز متعلق الجارَّ والمجرورَ "
فيه"
المحذوف وتقديره: كائنٌ، ويكون الوقف على "
ريب" حينئذ تاماً،
وقد يُحذف اسمها ويبقى خبرُها قالوا: لا عليك، أي لا بأسَ عليك، وهي واسمها في
محلِّ رفع بالابتداء.



قَوْلُهُ تَعَالَى: "فِيهِ"
الْهَاءُ فِي "
فِيهِ" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِـ "فِي
وَفِيهِ



خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، أَجْوَدُهَا: "فِيهِ هُدًى" وَيَلِيهِ "فِيهُ
هُدًى" (بِضَمِّ الْهَاءِ بِغَيْرِ وَاوٍ) وَهِيَ قِرَاءَةُ الزُّهْرِيِّ
وَسَلَّامٍ أَبِي الْمُنْذِرِ. وَيَلِيهِ "فِيهِي هُدًى" (بِإِثْبَاتِ
الْيَاءِ) وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ. وَيَجُوزُ "فِيهُو هُدًى"
(بِالْوَاوِ). وَيَجُوزُ "فِيهْ هُدًى" (مُدْغَمًا) وَارْتَفَعَ "
هُدىً"
عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ "
فِيهِ". وَالْهُدَى
فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَعْنَاهُ الرُّشْدُ وَالْبَيَانُ، أَيْ فِيهِ كَشْفٌ
لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَرُشْدٌ وَزِيَادَةُ بَيَانٍ وَهُدًى.



و"هدى"
مصدرُ هَداهُ هُدًى وهِدايَةً وهَدِيّةً كذلك، ومعناه الدَلالةُ المُوصلةُ إلى
البُغْيَةِ ، وضِدُّهُ الضَلالُ. ويجوز في: {
هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}
مبتدأٌ وخبرُه متعلَّقُ "
فيه" المحذوف وتقديره موجود، وهو
متقدِّمٌ عليه، والتقدير: لا ريبَ فيه، فيه هدىً .



وقد تقدَّم أيضًا معنى
"
الهدى"
عند قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}. و"
هُدَى" مصدرٌ على
وزن "فُعَل" ولم يَجىءْ من هذا الوزن في المصادر إلّا: سُرَىً وبُكَىً
وهُدًى ولُقَىً من"لقيتُه".



والهُدى هُدَيَانِ: هُدَى
دَلَالَةٍ، وَهُوَ الَّذِي تَقْدِرُ عَلَيْهِ الرُّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ، قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} الرعد: 7. وقال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} الشورى: 52. فَأَثْبَتَ لَهُمُ الْهُدَى الَّذِي
مَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ وَالدَّعْوَةُ وَالتَّنْبِيهُ، وَتَفَرَّدَ هُوَ
سُبْحَانَهُ بِالْهُدَى الَّذِي مَعْنَاهُ التَّأْيِيدُ وَالتَّوْفِيقُ، فَقَالَ
لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ
أَحْبَبْتَ} القصص: 56. فالهُدى على هذا يَجئ بِمَعْنَى خَلْقِ الْإِيمَانِ فِي
الْقَلْبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ}
البقرة: 5. وقوله: {وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} فاطر: 8. وَالْهُدَى: الِاهْتِدَاءُ،
وَمَعْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْإِرْشَادِ كَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ.



وَقَدْ تَرِدُ
الْهِدَايَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا إِرْشَادُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَسَالِكِ
الْجِنَانِ وَالطُّرُقِ الْمُفْضِيَةِ إِلَيْهَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
فِي صِفَةِ الْمُجَاهِدِينَ: {فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ .. }. سورة
محمّد: 5 4. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ}
الصافات: 23. مَعْنَاهُ فَاسْلُكُوهُمْ إِلَيْهَا.



والْهُدَى لَفْظٌ
مُؤَنَّثٌ عند بَعْضُ بَنِي أَسَدٍ فَتَقُولُ: هَذِهِ هُدًى حَسَنَةٌ. وَقَيلَ:
هُوَ مُذَكَّرٌ، وَلَمْ يُعْرَبْ لِأَنَّهُ مَقْصُورٌ وَالْأَلِفُ لَا
تَتَحَرَّكُ، وَيَتَعَدَّى بِحَرْفٍ وَبِغَيْرِ حَرْفٍ وَقَدْ مَضَى تفصيل ذلك فِي
"الْفَاتِحَةِ"، تَقُولُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ وللطريق،
وَالدَّارَ وَإِلَى الدَّارِ وللدّار، أَيْ عَرَّفْتُهُ. والْأُولَى لُغَةُ أَهْلِ
الْحِجَازِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}.سورة
الفاتحة، الآية:5. وَ{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا} الأعراف: 43.



وَقِيلَ: إِنَّ الْهُدَى
اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّهَارِ، لِأَنَّ النَّاسَ يَهْتَدُونَ فِيهِ
لِمَعَايِشِهِمْ وَجَمِيعِ مَآرِبِهِمْ، ومنه قول ابن مُقبل:



حَتَّى اسْتَبَنْتُ الْهُدَى وَالْبِيدُ
هَاجِمَةٌ... يَخْشَعْنَ فِي الْآلِ غُلْفًا أَوْ يُصَلِّينَا



قَوْلُهُ تَعَالَى: "لِلْمُتَّقِينَ" خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَّقِينَ بِهِدَايَتِهِ وَإِنْ
كَانَ هُدًى لِلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ تَشْرِيفًا لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ آمَنُوا
وَصَدَّقُوا بِمَا فِيهِ. فـ {
هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} أَيْ كَرَامَةٌ
لَهُمْ، يَعْنِي إِنَّمَا أَضَافَ إِلَيْهِمْ إِجْلَالًا لَهُمْ وَكَرَامَةً
لَهُمْ وَبَيَانًا لِفَضْلِهِمْ. وَأَصْلُ "
لِلْمُتَّقِينَ":
لِلْمُوتَقِيِينَ بِيَاءَيْنِ مُخَفَّفَتَيْنِ، حُذِفَتِ الْكَسْرَةُ مِنَ
الْيَاءِ الْأُولَى لِثِقَلِهَا ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ
السَّاكِنَيْنِ وَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ تَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي اجْتِمَاعِ
الْوَاوِ وَالتَّاءِ وَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي التَّاءِ فَصَارَ لِلْمُتَّقِينَ. و"
للمتقين"
جارٌّ ومجرورٌ متعلقٌ بـ "
هُدَى".


و"المُتّقون"
جمعُ متّقٍ، ومُتَّقٍ اسمُ فاعلٍ من اتّقى وأصلُه أُوتَقى ـ بوزن افتعل ـ من وقى الشيءَ وِقايةً، أي: صانه وحفِظَه ممّا
يَضُرُّه ويؤذيه.



وَالْأَصْلُ فِي
التَّقْوَى: وَقْوَى عَلَى وَزْنِ فَعْلَى فَقُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً مِنْ
وَقَيْتُهُ أَقِيِهُ أَيْ مَنَعْتُهُ، وَرَجُلٌ تَقِيٌّ أَيْ خَائِفٌ، أَصْلُهُ
وَقَى، وَكَذَلِكَ تُقَاةٌ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ وُقَاةٌ، كَمَا قَالُوا: تُجَاهَ
وَتُرَاثَ، وَالْأَصْلُ وجاه ووراث.



ويُقَالُ أنّ أَصْلَ التقوى
فِي اللُّغَةِ العربية قِلَّةُ الْكَلَامِ، حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ. وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ: ((التَّقِيُّ مُلْجَمٌ وَالْمُتَّقِي فَوْقَ الْمُؤْمِنِ وَالطَّائِعِ)).
وَ"المتقي" هُوَ الَّذِي يَتَّقِي بِصَالِحِ عَمَلِهِ وَخَالِصِ
دُعَائِهِ عَذَابَ اللَّهِ تَعَالَى، مَأْخُوذٌ مِنَ اتِّقَاءِ الْمَكْرُوهِ بِمَا
تَجْعَلُهُ حَاجِزًا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:



سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ
................ فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ



النصيف: ثوب تتجلَّلُ بِه المرأةُ فوقَ ثيابِها كلِّها، سُمّي نَصيفًا
لأنّه نَصَفَ بينَ الناسِ وبينَها فحَجَزَ أَبْصارَهم عنها. وَقَالَ آخَرُ:



فَأَلْقَتْ قِنَاعًا دُونَهُ الشَّمْسُ
وَاتَّقَتْ .... بِأَحْسَنِ مَوْصُولَيْنِ كَفٍّ وَمِعْصَمِ



وَخَرَّجَ أَبُو مُحَمَّدٍ
عَبْدُ الْغَنِيِّ الْحَافِظُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: قال يومًا لابنِ أخيه: يا
بنَ أَخِي تَرَى النَّاسَ مَا أَكْثَرَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَا خَيْرَ
فِيهِمْ إِلَّا تَائِبٌ أَوْ تقيٌّ. ثم قال: يا بن أَخِي تَرَى النَّاسَ مَا
أَكْثَرَهُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ إِلَّا عَالِمٌ أَوْ
مُتَعَلِّمٌ. وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ الْبِسْطَامِيُّ: الْمُتَّقِي مَنْ إِذَا
قَالَ قَالَ لِلَّهِ، وَمَنْ إِذَا عَمِلَ عَمِلَ لِلَّهِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ
الدَّارَانِيُّ: الْمُتَّقُونَ الَّذِينَ نَزَعَ اللَّهُ عَنْ قُلُوبِهِمْ حُبَّ
الشَّهَوَاتِ. وَقِيلَ: الْمُتَّقِي الَّذِي اتَّقَى الشِّرْكَ وَبَرِئَ مِنَ
النِّفَاقِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ
كَذَلِكَ وَهُوَ فَاسِقٌ. وَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أُبَيًّا عَنِ التَّقْوَى، فَقَالَ: هَلْ أَخَذْتَ طَرِيقًا ذَا شَوْكٍ؟ قال: نعم.
قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهِ؟ قَالَ: تَشَمَّرْتُ وَحَذِرْتُ، قَالَ: فَذَاكَ
التَّقْوَى. وَأَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى ابْنُ الْمُعْتَزِّ فَنَظَمَهُ:



خَلِّ الذُّنُوبَ صَغِيرَهَا .............................
وَكَبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَى



وَاصْنَعْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْ .....................
ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَرَى



لَا تُحَقِرَنَّ صَغِيرَةً .............................
إِنَّ الجبال من الحصى



وفي التقوى الْخَيْرُ كُلُّ
الخيرِ، وَهِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَهِيَ خَيْرُ
مَا يَسْتَفِيدُهُ الْإِنْسَانُ، كَمَا قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَقَدْ قِيلَ
لَهُ: إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقُولُونَ الشِّعْرَ وَأَنْتَ مَا حُفِظَ عَنْكَ شيءٌ،
فَقَالَ:



يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُؤْتَى مُنَاهُ .......................
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا مَا أَرَادَا



يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَمَالِي ..............
وَتَقْوَى اللَّهِ أَفْضَلُ مَا اسْتَفَادَا



وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي
سُنَنِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ



وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ((مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ
بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا
أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا



أَبَرَّتْهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا
وَمَالِهِ)).



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 208
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 225
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 11
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 29

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: