روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284 I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 26, 2012 1:59 pm

لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)
قولُه تعالى: {للَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِى الأرض} مِنَ الأمورِ الداخلةِ في حقيقتِهِما والخارِجَةِ عنهما كيف كانت أي كلُّها مُلكٌ له ـ تعالى ومُختصَّةٌ بِه، فَلَهُ أنْ يُلْزِمَ مَنْ شاء مِن مَملوكاتِه بما شاءَ مِن تَكليفاتِه، وليس لأَحَدٍ أنْ يَقولَ المالُ مالي أتصرَّفُ به كيف شئتُ، ومِن الناسِ مَن جَعلَ هذه الجملة كالدّليلِ لِما قبلَها {وَإِن تُبْدُواْ} أيْ تُظهِروا للنّاسِ {مَا فِي أَنفُسِكُمْ} أيْ ما حَصَلَ فيها حُصولاً أَصلِيًّا بحيثُ يُوجِبُ اتِّصافَها به، كالمَلَكات الرديئةِ والأخلاقِ الذّميمة كالحَسَدِ والكِبْرِ والعُجْبِ والكُفران وكِتْمانِ الشَّهادَةِ {أَوْ تُخْفُوهْ} بأنْ لا تُظْهِروهُ.
{يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ} أيْ يُجازيكمْ بِهِ يومَ القِيامَةِ.
وتقديمُ الجارِّ والمَجرورِ على الفاعِلِ للاعتِناءِ به، وأمَّا تقديمُ الإبْداء على الإخْفاءِ على عكسِ ما في قولِه تعالى: {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي أَنفُسَكُمْ أَوِ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ الله} فلمّا قِيلَ: إنَّ المُعَلَّقَ بما في أنفسِهم هنا المُحاسَبةُ والأصل فيها الأعمال الباديَةُ، وأمّا العِلمُ فتعلُّقُه بها كتعلُّقِه بالأعمال الخافيَة ولا يَختَلِفُ الحالُ عليه تعالى بينَ الأَشياءِ البارِزَةِ والكامِنَةِ.
{والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} تذييلٌ مقرِّرٌ لمَضمون ما قبلَه فإنَّ كمالَ قدرتِه تعالى على جميعِ الأشياءِ مُوجِبٌ لقُدرتِه على ما ذُكِرَ مِن المُحاسَبَةِ وما فَرَّعَ عليه من المَغفِرةِ والتَّعذيب، وفي الآيةِ دليلٌ لأهلِ السُنَّةِ في نَفْيِ وُجوبِ التَّعذيبِ حيثُ عُلِّقَ بالمَشيئةِ واحتمالُ أنَّ تلك المَشيئةَ واجبةٌ كَمَنْ يَشاءُ صلاةَ الفرضِ فإنَّه لا يَقتضي عدمَ الوُجوبِ خلافَ الظاهر.
وقد اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} عَلَى أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَأَنَّهُ بَقِيَ هَذَا التَّكْلِيفُ حَوْلًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ الْفَرَجَ بِقَوْلِهِ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَغَيْرِهِمْ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ "وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ" قال: دخل قلوبهم منها شيءٌ لم يدخل قلوبَهم من شيءٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا)). قَالَ: فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لَا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا} قَالَ: ((قَدْ فَعَلْتُ)) {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا} قَالَ: ((قَدْ فَعَلْتُ)) {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} قَالَ: ((قَدْ فَعَلْتُ)): فِي رِوَايَةٍ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ ثُمَّ أَنْزَلَ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ: إِنَّهَا مُحْكَمَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَهِيَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ الَّتِي نَهَى عَنْ كَتْمِهَا، ثُمَّ أَعْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْكَاتِمَ لَهَا الْمُخْفِي مَا فِي نَفْسِهِ مُحَاسَبٌ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْآيَةَ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى النُّفُوسِ مِنَ الشكِّ واليقين، وقاله مُجَاهِدٌ أَيْضًا. الرَّابِعُ: أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ عَامَّةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَاللَّهُ مُحَاسِبٌ خَلْقَهُ عَلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ وَعَلَى مَا لَمْ يَعْمَلُوهُ مِمَّا ثَبَتَ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَضْمَرُوهُ وَنَوَوْهُ وَأَرَادُوهُ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَأْخُذُ بِهِ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ، وَأُدْخِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ما يشبه هذا. روى عن على بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تُنْسَخْ، وَلَكِنْ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ يَقُولُ: "إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِمَا أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ" فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيُخْبِرُهُمْ ثُمَّ يَغْفِرُ لَهُمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّكِّ وَالرَّيْبِ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا أَخْفَوْهُ مِنَ التَّكْذِيبِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ} وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} مِنَ الشَّكِّ وَالنِّفَاقِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يُعْلِمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا كَانَ يُسِرُّهُ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ. وَفِي الْخَبَرِ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا يَوْمٌ تُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ وَتُخْرَجُ الضَّمَائِرُ وَأَنَّ كُتَّابِي لَمْ يَكْتُبُوا إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَأَنَا الْمُطَّلِعُ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْبَرُوهُ وَلَا كَتَبُوهُ فَأَنَا أُخْبِرُكُمْ بِذَلِكَ وَأُحَاسِبُكُمْ عَلَيْهِ فَأَغْفِرُ لِمَنْ أَشَاءُ وَأُعَذِّبُ مَنْ أَشَاءُ). فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُعَذِّبُ الْكَافِرِينَ، وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ)). فَإِنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا، مِثْلَ الطَّلَاقِ وَالْعتاقِ وَالْبَيْعِ الَّتِي لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ، وَالَّذِي ذُكِرَ فِي الْآيَةِ فِيمَا يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَقَالَ آخَرُونَ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْعَذَابَ الَّذِي يَكُونُ جَزَاءً لِمَا خَطَرَ فِي النُّفُوسِ وَصَحِبَهُ الْفِكْرُ إِنَّمَا هُوَ بِمَصَائِبِ الدُّنْيَا وَآلَامِهَا وَسَائِرِ مَكَارِهِهَا. ثُمَّ أُسْنِدَ عَنْ سيدتنا عَائِشَةَ رضي الله عنها نَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى، وَرَجَّحَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وهُوَ الصَّوَابُ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: "وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ" مَعْنَاهُ مِمَّا هُوَ فِي وُسْعِكُمْ وَتَحْتَ كَسْبِكُمْ، وَذَلِكَ اسْتِصْحَابُ الْمُعْتَقَدِ وَالْفِكْرِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّفْظُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَدْخُلَ فِيهِ الْخَوَاطِرُ أَشْفَقَ الصَّحَابَةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيَّنَ اللَّهُ لَهُمْ مَا أَرَادَ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى، وَخَصَّصَهَا وَنَصَّ عَلَى حُكْمِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَالْخَوَاطِرُ لَيْسَتْ هِيَ وَلَا دَفْعُهَا فِي الْوُسْعِ، بَلْ هِيَ أَمْرٌ غَالِبٌ وَلَيْسَتْ مِمَّا يُكْتَسَبُ، فَكَانَ فِي هَذَا الْبَيَانِ فَرَجُهُمْ وَكَشْفُ كُرَبِهِمْ، وَبَاقِي الْآيَةِ مُحْكَمَةٌ لَا نَسْخَ فِيهَا: وَمِمَّا يَدْفَعُ أَمْرَ النَّسْخِ أَنَّ الْآيَةَ خَبَرٌ وَالْأَخْبَارُ لَا يَدْخُلُهَا النَّسْخُ، فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى تَقْدِيرِ النَّسْخِ فَإِنَّمَا يَتَرَتَّبُ لَهُ فِي الْحُكْمِ الَّذِي لَحِقَ الصَّحَابَةَ حِينَ فَزِعُوا مِنَ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لهم: ((قولوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا)) يجئ مِنْهُ الْأَمْرُ بِأَنْ يَثْبُتُوا عَلَى هَذَا وَيَلْتَزِمُوهُ وَيَنْتَظِرُوا لُطْفَ اللَّهِ فِي الْغُفْرَانِ. فَإِذَا قُرِّرَ هَذَا الْحُكْمُ فَصَحِيحٌ وُقُوعُ النَّسْخِ فِيهِ، وَتُشْبِهُ الْآيَةُ حِينَئِذٍ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} فَهَذَا لَفْظُهُ الْخَبَرُ وَلَكِنْ مَعْنَاهُ الْتَزِمُوا هَذَا وَاثْبُتُوا عَلَيْهِ وَاصْبِرُوا بِحَسْبِهِ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْجِهَادِ مَنْسُوخَةٌ بِصَبْرِ الْمِئَةِ لِلْمِئَتَيْنِ. وهذه الآيةُ أشبهُ شيء بِهَا. وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ وَتَقْيِيدٌ، تَقْدِيرُهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ، وَعَلَى هَذَا فَلَا نَسْخَ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ وَأَشْبَهُ بِالظَّاهِرِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا عَامَّةٌ، ثُمَّ أُدْخِلَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّجْوَى، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((يُدْنَى الْمُؤْمِنُ يَوْمَ القيامةِ مِن ربِّه عزَّ وجلَّ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقْرِرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ قَالَ فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ)).
قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ} قرأَ ابْنُ عامرٍ وعاصمٌ برفعِ "يغفرُ" و"يعذبُ"، والباقون مِنَ السَّبعةِ بالجَزْمِ. وقرأَ ابنُ عبَّاسُ والأعرجُ وأبو حَيَوَةَ: "فيغفرَ" بالنَّصبِ.
فأمَّا الرَّفعُ فيَجوزُ أَنْ يكونَ رفعُه على الاستئنافِ، وفيه احتمالان، أحدُهما: أنْ يكونَ خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ أي: فهو يغفرُ. والثاني: أنَّ هذه جملةٌ فِعليَّةٌ من فعلٍ وفاعلٍ عُطِفَتْ على ما قبلها. وأمَّا الجَزْمُ فلِلعَطْفِ على الجَزاءِ المَجزوم.
وأمَّا النصبُ فبإضمارِ "أَنْ" وتكونُ هي وما في حَيِّزها بتأويلِ مصدرٍ معطوفٍ على المَصدَرِ المُتوهَّمِ مِنَ الفِعلِ قبلَ ذلك تقديرُه: تكنْ محاسَبَةٌ فغُفرانٌ أوعذابٌ. وقد رُوي قولُ النابغة بالأوْجُهِ الثلاثة وهو:
فإنْ يَهْلِكْ أبو قابوسَ يَهْلِكْ ................ ربيعُ الناسِ والبلدُ الحرامُ
ونأخذْ بعدَه بذِنابِ عيشٍ .................. أَجَبَّ الظَّهْرِ ليْسَ لَه سَنامُ
بِجَزْمِ "نأخذ" عطفاً على "يَهْلِك ربيع" ونصبهِ ورفعِه، على ما ذُكِرَ في "فَيَغفِرْ" وهذه قاعدةٌ مطردةٌ: وهي أنَّه إذا وَقَعَ بعدَ جَزاءِ الشرطِ فِعْلٌ بعد فاءٍ أو واوٍ جازَ فيه هذه الأوجُهُ الثلاثةُ، وإن توسَّطَ بين الشرطِ والجزاءِ جاز جزمُه ونصبُه وامتنع رفعُه نحو: إن تأتني فَتَزُرْني أو فتزورَني، أو وتزرْني أو وتزورَني.
وقرأَ الجَعفيُّ وطَلحةُ بنُ مصرف وخلّادٍ: "يَغْفِرْ" بإسقاطِ الفاء، وهي كذلك في مُصحَفِ عبد الله، وهي بدلٌ من الجوابِ كقولِه تعالى: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العذاب} الفرقان: 68 ـ 69. وهي على البَدَلِ من "يُحاسِبْكم" تفسيراً للمُحاسبة. ومعنى هذا البدلِ التفصيلُ لجملة الحساب لأنَّ التفصيلَ أوضحُ من المفصَّلِ، فهو جارٍ مجرى بَدَلِ البعضِ من الكلِ أو بدلِ الاشتمال، كقولك: ضربتُ زيداً رأسَه، وأحببتُ زيداً عقلَه، وهذا البدلُ واقعٌ في الأفعالِ وقوعَه في الأسماءِ لحاجةِ القبيليْن إلى البيان.
وقرأَ أبو عَمْرٍو بإدْغامِ الرّاءِ في اللّامِ والباقون بإظهارها. وأَظهَرَ الباءَ قبلَ الميمِ هنا ابن كثيرٍ بخلافٍ عنه، وورشٌ عن نافع، والباقون بالإِدغم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة، الآية: 284
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية : 217
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية:232
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 20
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 261

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: