روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 21, 2012 8:36 pm

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ
وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(44)


قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} هَذَا استفهامٌ معناهُ التَّوْبِيخِ وَالْمُرَادُ فِي قَوْلِ
أَهْلِ التَّأْوِيلِ عُلَمَاءُ الْيَهُودِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يَهُودُ
الْمَدِينَةِ يَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لِصِهْرِهِ وَلِذِي قَرَابَتِهِ وَلِمَنْ
بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَضَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اثْبُتْ عَلَى الَّذِي أَنْتَ
عَلَيْهِ وَمَا يَأْمُرُكَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ يُرِيدُونَ مُحَمَّدًا ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنَّ أَمْرَهُ حَقٌّ، فَكَانُوا يَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِذَلِكَ وَلَا يَفْعَلُونَهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: كَانَ
الْأَحْبَارُ يَأْمُرُونَ مُقَلِّدِيهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ بِاتِّبَاعِ
التَّوْرَاةِ وَكَانُوا يُخَالِفُونَهَا فِي جَحْدِهِمْ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ كَانَ الْأَحْبَارُ يحضون في
طَاعَةِ اللَّهِ وَكَانُوا هُمْ يُوَاقِعُونَ الْمَعَاصِيَ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ
كَانُوا يَحُضُّونَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَبْخَلُونَ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَاتِ الْمَعْنَى أَتُطَالِبُونَ النَّاسَ
بِحَقَائِقِ الْمَعَانِي وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ عَنْ ظَوَاهِرِ رُسُومِهَا!



وفِي شِدَّةِ عَذَابِ مَنْ
هَذِهِ صِفَتُهُ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ



بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ عَلَى نَاسٍ تُقْرَضُ
شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قَالَ هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا يَأْمُرُونَ النَّاسَ
بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا
يَعْقِلُونَ)). رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا
كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ
فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ
وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ. وَالْأَقْتَابُ: الْأَمْعَاءُ
وَاحِدُهَا قِتْبٌ. وَمَعْنَى "فَتَنْدَلِقُ": فَتَخْرُجُ بِسُرْعَةٍ.
فَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَأَلْفَاظُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ
مَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْمَعْرُوفِ وَبِالْمُنْكَرِ وَبِوُجُوبِ الْقِيَامِ
بِوَظِيفَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَشَدُّ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْهُ وَإِنَّمَا
ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَهِينِ بِحُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالمُسْتَخِفِّ
بِأَحْكَامِهِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ)). أَخْرَجَهُ ابْنُ
مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ.



والتَّوْبِيخَ فِي
الْآيَةِ بِسَبَبِ تَرْكِ فِعْلِ الْبِرِّ لَا بِسَبَبِ الْأَمْرِ بِالْبِرِّ
وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ قَوْمًا كَانُوا يَأْمُرُونَ
بِأَعْمَالِ الْبِرِّ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا ووَبَّخَهُمْ بِهِ تَوْبِيخًا
يُتْلَى عَلَى طُولِ الدَّهْرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: "
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ" الْآيَةَ. وَقَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ فَأَحْسَنَ:


إِنَّ قَوْمًا يَأْمُرُونَا ....................................
بِالَّذِي لَا يَفْعَلُونَا



لَمَجَانِينٌ وَإِنْ هُمْ ................................
لَمْ يَكُونُوا يُصْرَعُونَا



وَقَالَ أَبُو
الْعَتَاهِيَةِ:



وَصَفْتَ التُّقَى حَتَّى كَأَنَّكَ ذُو
تُقًى .... وَرِيحُ الْخَطَايَا مِنْ ثيابك تسطع



وَقَالَ أَبُو عَمْرِو
بْنِ مَطَرٍ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عُثْمَانَ الْحِيرِيِّ الزَّاهِدِ فَخَرَجَ
وَقَعَدَ عَلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ يَقْعُدُ عَلَيْهِ لِلتَّذْكِيرِ،
فَسَكَتَ حَتَّى طَالَ سُكُوتُهُ، فَنَادَاهُ رَجُلٌ كَانَ يُعْرَفُ بِأَبِي
الْعَبَّاسِ: تَرَى أَنْ تَقُولَ فِي سُكُوتِكَ شَيْئًا؟ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:



وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ
بِالتُّقَى .......... طَبِيبٌ يُدَاوِي وَالطَّبِيبُ مَرِيضُ



قَالَ: فَارْتَفَعَتِ
الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ وَالضَّجِيجِ.



قَالَ إِبْرَاهِيمُ
النَّخَعِيُّ: إِنِّي لَأَكْرَهُ الْقَصَصَ لِثَلَاثِ آيَاتٍ، قَوْلِهِ تَعَالَى: "
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ" الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}
الصف: 2، وَقَوْلِهِ: {وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ}
هود: 88. وَقَالَ الجَمّازُ وهو بن أخت الشاعر سَلْم بْن عَمْرٍو:



مَا أَقْبَحَ التَّزْهِيدَ مِنْ وَاعِظٍ .....................
يُزَهِّدُ النَّاسَ وَلَا يَزْهَدُ



لَوْ كَانَ فِي تَزْهِيدِهِ صَادِقًا ..............
أَضْحَى وَأَمْسَى بَيْتُهُ الْمَسْجِدُ



إِنْ رَفَضَ الدُّنْيَا فَمَا بَالُهُ .....................
يَسْتَمْنِحُ النَّاسَ وَيَسْتَرْفِدُ



وَالرِّزْقُ مَقْسُومٌ عَلَى مَنْ تَرَى ..................
يَنَالُهُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ



وَقَالَ الْحَسَنُ لِمُطّرِفِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: عِظْ أَصْحَابَكَ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَقُولَ مَا
لَا أَفْعَلُ، قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ! وَأَيُّنَا يَفْعَلُ مَا يَقُولُ!
وَيَوَدُّ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِهَذَا، فَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدٌ
بِمَعْرُوفٍ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ. وكانْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ:
لَوْ كَانَ الْمَرْءُ لَا يَأْمُرُ
بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ حتّى لا يكون فيه شيءٌ، ما أمر
أَحَدٌ
بِمَعْرُوفٍ وَلَا نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ. قَالَ مَالِكٌ: وَصَدَقَ، مَنْ ذَا
الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شي!.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
بِالْبِرِّ} الْبِرُّ هُنَا الطَّاعَةُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَالْبِرُّ:
الصِّدْقُ. وَالْبِرُّ: وَلَدُ الثَّعْلَبِ. وَالْبِرُّ: سَوْقُ الْغَنَمِ، وَمِنْهُ
قَوْلُهُمْ: "لَا يَعْرِفُ هِرًّا مِنْ بِرٍّ" أَيْ لَا يَعْرِفُ
دُعَاءَ الْغَنَمِ مِنْ سَوْقِهَا. فَهُوَ مُشْتَرَكٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:



لا هُمَّ ربِّ إنَّ بَكْراً دونَكا ....................
يَبَرُّكَ الناسُ ويَفْجُرونَكا
أَرَادَ
بِقَوْلِهِ: "يَبَرُّكَ النَّاسُ": أَيْ يُطِيعُونَكَ. وَيُقَالُ: إِنَّ
الْبِرَّ الْفُؤَادُ فِي قَوْلِهِ:



أَكُونُ مَكَانَ الْبِرِّ مِنْهُ وَدُونَهُ .................
وَأَجْعَلُ مَالِي دُونَهُ وَأُوَامِرُهُ



وَالْبُرُّ (بِضَمِّ الْبَاءِ)
مَعْرُوفٌ، وَ(بِفَتْحِهَا) الْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ، وَمِنْهُ وَلَدٌ بَرٌّ
وَبَارٌّ، أَيْ يُعَظِّمُ وَالِدَيْهِ وَيُكْرِمُهُمَا.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} أَيْ تَتْرُكُونَ. وَالنِّسْيَانُ (بِكَسْرِ النُّونِ) يَكُونُ
بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَفِي قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ
فَنَسِيَهُمْ} التوبة: 67، وقوله: {فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ} الأنعام:
44، وقوله: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} البقرة: 237. وَيَكُونُ خِلَافَ
الذِّكْرِ وَالْحِفْظِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: ((نَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ)).
وَسَيَأْتِي. يُقَالُ: رَجُلٌ نَسْيَانٌ (بِفَتْحِ النُّونِ): كَثِيرُ
النِّسْيَانِ لِلشَّيْءِ. وَقَدْ نَسِيتُ الشَّيْءَ نِسْيَانًا، وَلَا تَقُلْ
نَسَيَانًا (بِالتَّحْرِيكِ)، لِأَنَّ النَّسَيَانَ إِنَّمَا هُوَ تَثْنِيَةُ
نَسَا الْعِرْقِ. وَأَنْفُسُ: جَمْعُ نَفْسٍ، جَمْعُ قِلَّةٍ. وَالنَّفْسُ:
الرُّوحُ، يُقَالُ: خَرَجَتْ نَفْسُهُ، قَالَ أَبُو خِرَاشٍ:



نَجَا سَالِمٌ وَالنَّفْسُ مِنْهُ بِشِدْقِهِ
........ وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرًا



أَيْ بِجَفْنِ سَيْفٍ
وَمِئْزَرٍ. وَمِنَ الدليل في أَنَّ النَّفْسَ الرُّوحُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} الزمر: 42. يُرِيدُ الْأَرْوَاحَ فِي
قَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ التأويل على ما يأتي. وذلك بَيِّنٌ فِي قَوْلِ
بِلَالٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
شِهَابٍ: أَخَذَ بِنَفْسِي يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ.
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: ((إِنَّ
اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ
هَذَا)). رَوَاهُمَا مَالِكٌ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ بِهِ. وَالنَّفْسُ
أَيْضًا الدَّمُ يُقَالُ سَالَتْ نَفْسُهُ قَالَ السموأل:



تسيل على حد السيوف نُفُوسُنَا .....
وَلَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ



وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ
النَّخَعِيُّ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ
إِذَا مَاتَ فِيهِ. وَالنَّفْسُ أَيْضًا الْجَسَدُ قَالَ الشَّاعِرُ أوسُ بنُ حِجْرٍ
يُحرِّضُ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ على بَني حَنيفةَ وهُم قَتَلةُ أبيهِ المُنذرِ بنِ
ماءِ السماء:



نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلُوا
............... أَبْيَاتَهُمْ تَامُورَ نَفْسِ الْمُنْذِرِ



التَّامُورُ: الدَّمُ.


قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ} تَوْبِيخٌ عَظِيمٌ لِمَنْ فَهِمَ. "وتَتْلُونَ":
تَقْرَءُونَ. "
الْكِتابَ": التَّوْرَاةَ. وَكَذَا مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ كَانَ
مِثْلَهُمْ وَأَصْلُ التِّلَاوَةِ الِاتِّبَاعُ وَلِذَلِكَ اسْتُعْمِلَ فِي
الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ يُتْبِعُ بَعْضَ الْكَلَامِ بِبَعْضٍ فِي حُرُوفِهِ حَتَّى
يَأْتِيَ عَلَى نَسَقِهِ يُقَالُ: تَلَوْتُهُ إِذَا تَبِعْتُهُ تُلُوًّا
وَتَلَوْتُ الْقُرْآنَ تِلَاوَةً. وَتَلَوْتُ الرَّجُلَ تُلُوًّا إِذَا
خَذَلْتُهُ. وَالتَّلِيَّةُ وَالتُّلَاوَةُ (بِضَمِّ التَّاءِ): الْبَقِيَّةُ
يُقَالُ: تَلِيَتْ لِي مِنْ حَقِّي تُلَاوَةٌ وَتَلِيَّةٌ أَيْ بَقِيَتْ.
وَأَتْلَيْتُ: أَبْقَيْتُ. وَتَتَلَّيْتُ حَقِّي إِذَا تَتَبَّعْتُهُ حَتَّى
تَسْتَوْفِيَهُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: تَلَّى الرَّجُلُ إِذَا كَانَ بِآخِرِ رمق.



قوله تعالى: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أَيْ أَفَلَا تَمْنَعُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ مُوَاقَعَةِ هَذِهِ
الْحَالِ الْمُرْدِيَةِ لَكُمْ. وَالْعَقْلُ: الْمَنْعُ وَمِنْهُ عِقَالُ
الْبَعِيرِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ الْحَرَكَةِ وَمِنْهُ الْعَقْلُ لِلدِّيَةِ
لِأَنَّهُ يَمْنَعُ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ عَنْ قَتْلِ الْجَانِي وَمِنْهُ
اعْتِقَالُ الْبَطْنِ وَاللِّسَانِ وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْحِصْنِ: مَعْقِلٌ.
وَالْعَقْلُ. نَقِيضُ الْجَهْلِ وَالْعَقْلُ ثَوْبٌ أَحْمَرُ تَتَّخِذُهُ نِسَاءُ
الْعَرَبِ تُغَشِّي بِهِ الْهَوَادِجُ قَالَ عَلْقَمَةُ:



عَقْلًا وَرَقْمًا تَكَادُ الطَّيْرُ
تَخْطَفُهُ ......... كَأَنَّهُ مِنْ دَمِ الْأَجْوَافِ مَدْمُومُ



الْمَدْمُومُ
(بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ) الْأَحْمَرُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَالْمَدْمُومُ
الْمُمْتَلِئُ شَحْمًا مِنَ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ وَيُقَالُ: هُمَا ضَرْبَانِ
مِنَ الْبُرُودِ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَالْعَقْلُ مِنْ شِيَاتِ الثِّيَابِ مَا
كَانَ نَقْشُهُ طُولًا وَمَا كَانَ نَقْشُهُ مُسْتَدِيرًا فَهُوَ الرَّقْمُ. وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: الْعَاقِلُ مَنْ عَمِلَ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَمَنْ لَمْ
يَعْمَلْ فَهُوَ جَاهِلٌ.



اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ
الْعَقْلَ كَائِنٌ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَلَا مَعْدُومٍ لِأَنَّهُ لو كان
معدومًا لما اختصّ بالإنصاف بِهِ بَعْضُ الذَّوَاتِ دُونَ بَعْضٍ وَإِذَا ثَبَتَ
وُجُودُهُ فَيَسْتَحِيلُ الْقَوْلُ بِقِدَمِهِ، إِذِ الدَّلِيلُ قَدْ قَامَ عَلَى
أَنْ لَا قَدِيمَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي هَذِهِ
السُّورَةِ وَغَيْرِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ صَارَتِ
الْفَلَاسِفَةُ إِلَى أَنَّ الْعَقْلَ قَدِيمٌ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ صَارَ إِلَى
أَنَّهُ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ فِي الْبَدَنِ يَنْبَثُّ شُعَاعُهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ
السِّرَاجِ فِي الْبَيْتِ يَفْصِلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ. وَمِنْهُمْ
مَنْ قَالَ إِنَّهُ جَوْهَرٌ بَسِيطٌ أَيْ غَيْرُ مُرَكَّبٍ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا
فِي مَحَلِّهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: مَحَلَّهُ الدِّمَاغُ لِأَنَّ
الدِّمَاغَ مَحَلُّ الْحِسِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مَحَلَّهُ الْقَلْبُ
لِأَنَّ الْقَلْبَ مَعْدِنُ الْحَيَاةِ وَمَادَّةُ الْحَوَاسِّ. وَهَذَا الْقَوْلُ
فِي الْعَقْلِ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْجَوَاهِرَ
مُتَمَاثِلَةٌ فَلَوْ كَانَ جَوْهَرٌ عَقْلًا لَكَانَ كُلُّ جَوْهَرٍ عَقْلًا.
وَقِيلَ: إِنَّ الْعَقْلَ هُوَ الْمُدْرِكُ لِلْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ
مِنْ حَقَائِقِ الْمَعَانِي. وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبُ مِمَّا
قَبْلَهُ فَيَبْعُدُ عَنِ الصَّوَابِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِدْرَاكَ مِنْ صِفَاتِ
الْحَيِّ وَالْعَقْلُ عَرَضٌ يَسْتَحِيلُ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ
يَكُونَ مُلْتَذًّا وَمُشْتَهِيًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الأشعري
والأستاذ أبو إسحاق الاسفراييني وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَقْلُ
هُوَ الْعِلْمُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ عَقَلْتُ وَمَا عَلِمْتُ أَوْ
عَلِمْتُ وَمَا عَقَلْتُ. وَحُكِي عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا الْعَقْلُ آلَةُ التَّمْيِيزِ. وَحُكِيَ عَنِ
الْمُحَاسِبِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْعَقْلُ أَنْوَارٌ وَبَصَائِرُ ثُمَّ رَتَّبَ
هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَحَمَلَهَا عَلَى مَحَامِلَ فَقَالَ وَالْأَوْلَى أَلَّا
يَصِحَّ هَذَا النَّقْلُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَا عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ فَإِنَّ
الْآلَةَ إِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْآلَةِ الْمُثْبَتَةِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي
الْأَعْرَاضِ مَجَازٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ قُوَّةٌ فَإِنَّهُ لَا
يُعْقَلُ مِنَ الْقُوَّةِ إِلَّا الْقُدْرَةُ وَالْقَلَانِسِيُّ أَطْلَقَ مَا
أَطْلَقَهُ تَوَسُّعًا فِي الْعِبَارَاتِ وَكَذَلِكَ الْمُحَاسِبِيُّ. وَالْعَقْلُ
لَيْسَ بِصُورَةٍ وَلَا نُورٍ وَلَكِنْ تُسْتَفَادُ بِهِ الْأَنْوَارُ
وَالْبَصَائِرُ وَسَيَأْتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ بَيَانُ فَائِدَتِهِ فِي آيَةِ
التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ الله تعالى.



قولُه تعالى: {أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر} الهمزةُ
للإِنكارِ والتوبيخِ أو للتَّعجُّبِ مِنْ حالِهم. و"أَمَرَ" يتعدَّى لاثنين أحدُهما بنفسِه
والآخرُ بحرفِ الجرِّ، وقد يُحْذَفُ، وقد جَمَع الشاعرُ عمرو بن معد يكرب بين
الأَمرين في قوله:



أَمَرْتُكَ الخيرَ فافْعَلْ ما أَمِرتَ به .......
فَقَدْ تَرَكْتُكَ ذا مالٍ وذا نَشَبِ



فالناسَ مفعولٌ أولُ، وبالبِرِّ مفعولٌ
ثان.



قوله: {وَتَنْسَوْن} داخلٌ في حَيِّز الإِنكار، وأصلُ
تَنْسَوْن: تَنْسَيُون، فأُعِلَّ بحَذْفِ الياءِ سُكونها، وقد تقدَّم في {اشتروا }. البقرة: 16،
فوزنُه تَفْعون.



قوله: {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكتاب}. مبتدأٌ وخبرٌ في
محلِّ نصبٍ على الحال، العاملُ فيها "تَنْسَوْن". وأَصل تَتْلُون: تَتْلُوون بواوين فاستُثْقِلتِ
الضمَّةُ على الواوِ الأولى فحُذِفَتْ، فالتقى ساكنان، فحُذِفَتْ فوزنُه: تَفْعُون.



قوله: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} الهمزةُ للإِنكارِ أيضاً،
وهي في نيَّةِ التأخير عن الفاءِ لأنَّها حرفُ عَطْفٍ، وكذا تتقدَّم أيضاً على
الواوِ وثم نحو: {أَوَلاَ يَعْلَمُونَ}. البقرة: 77. {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ}. يونس:
51، والنيَّةُ بها التأخيرُ، وما عدا ذلك من حروفِ العطف فلا تتقدَّمُ عليه تقول:
ما قامَ زيدٌ بل أَقْعَدَ؟ هذا مذهبُ الجمهورِ. وزعم الزمخشري أنَّ الهمزةَ في مَوْضِعِها
غيرُ مَنْوِيٍّ بها التأخيرُ، ويُقَدِّرَ قبل الفاءِ والواوِ وثم فعلاً عُطِفَ
عليه ما بعده، فيُقَدِّرُ هنا: أتغْفَلون فَلاَ تَعْقلون، وكذا: {أَفَلَمْ
يَرَوْاْ}. سبأ: 9. أي: أَعَمُوا فلم يَرَوْا. ومفعولُ "تَعْقِلون" غيرُ مُرادٍ،
لأنَّ المَعنى: أَفَلا يَكونُ منكم عَقْلٌ. وقيل: تقديرهُ: أَفَلا تَعْقِلون
قُبْحَ ما ارتكبتم مِنْ ذلك.



والعَقْلُ: الإِدراكُ المانعُ من الخطأ،
وأصلُه المَنْعُ،
ولا
مَحَلَّ لهذه الجملةِ من الإعرابِ لاستِئْنافِها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية : 217
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية:232
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 20
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 261
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 263

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: