خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)
{خالدين فِيهَا} أي في اللعنة ، وهو يؤكد ما تفيده اسميّة الجملة من الثبات ، ويجوز إرجاعُ الضمير إلى النار ، والإضمار قبل الذكر يدل على حضورها في الذهن المشعر بالاعتناء المفضي إلى التفخيم والتهويل ، وقيل: إنّ اللعنَ يدلّ عليها استقرارُ الطردِ عن الرحمة يستلزم الخلود في النار خارجاً وذهناً ، والموت على الكفر وإن استلزم ذلك خارجاً لكنه لا يستلزمه ذهناً فلا يدل عليه ، و {خالدين} على كلا التقديرين في المرجع حال مقارن لاستقرار اللعنة لا كما قيل: إنه على الثاني حال مقدرة .
{ لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب } بيانٌ لكثرة عذابهم من حيث الكيف إثر بيان كثرته من حيث الكم .
{وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} عطف على ما قبله جار فيه ما جرى فيه ، وإيثار الجملة الاسمية لإفادة دوام النفي واستمراره ، والفعل إما من الإنظار بمعنى التأخير أي لا يمهلون عن العذاب ولا يؤخرون عنه ساعة . وإما من النظر بمعنى الانتظار أي لا ينتظرون ليعتذروا ، وإما من النظر بمعنى الرؤية أي لا ينظر الله تعالى إليهم نظر رحمة والنظر بهذا المعنى يتعدى بنفسه أيضاً كما في «الأساس» فيصاغ منه المجهول .
قوله تعالى: {خَالِدِينَ} : حالٌ من الضمير في "عليهم" ، وقوله: "لا يُخَفَّفُ" فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها: أن يكونَ مستأنفاً . الثاني: أن يكونَ حالاً من الضمير في "خالدين" فيكونَ حالان متداخلان . الثالث: أن يكونَ حالاً ثانيةً من الضميرِ في "عليهم" ، وذلك عند مَنْ يُجيز تعدُّدَ الحالِ .