الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 94
رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} رَبِّ: كُرِّرَ هَذا النِّداءُ مُبَالَغَةً فِي التَّضَرُّعِ وَالابْتِهالِ إِلَيْهِ ـ سُبْحَانَهُ وتَعَالى. أَنْ لا يجعلَهُ في القومِ الظالمينَ حالَ إِهْلاكِهِمْ، وَنُزُولِ العَذابِ عَلَيْهِمْ.
وَ "الظَّالِمُينَ" هُنَا هُمُ المُشْركونَ الذينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَوَّلًا بأنْ أوردوها مواردَ الهلاكِ حينَ أَشْرَكُوا بِالهِِ ـ تَعَالى.
فقد علَّمَ الهُّ ـ تَعَالى، رَسُولهُ ـ صلَّى الهُّ عليْهِ وسلَّمَ، أَنْ يسألَهُ النَّجاةَ بالبعدِ عن المشركين الظالمينَ فلا يكونَ منهم ولا معهم ولا فيهم ولا بَيْنَهُمْ.
قولُهُ تَعَالى: {رَبِّ} نِدَاءٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وجزائِهَ، مَنْصوبٌ عَلَى النِّداءِ، وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ فَتْحَةٌ مُقدَّرَةٌ عَلَى مَا قَبْلِ ياءِ المُتَكَلِّمِ المَحْذوفةِ تَخْفيفًا، لِانْشِغالِ المَحَلِّ بِالْحَرَكةِ المُنَاسِبةِ لِلياءِ، وَهوَ مُضَافٌ، وَيَاءُ المُتَكَلِّمِ المَحذوفَةُ للتَّخْفيفِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، وُجُمْلَةُ النِّدَاءِ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، مَقُولُ القوْلِ لِـ "قُلْ".
قولُهُ: {فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ "إِنْ" الشَّرْطِيَّةِ وُجُوبًا لِكَوْنِ الجَوَابِ جُمْلَةً طَلَبِيَّةً، و "لا" دُعائِيَّةٌ جَازِمَةٌ. و "تَجْعَلْنِي" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزومٌ بِـ "لا" الدُعائِيَّةِ، وَفَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى اللهِ ـ تعالى، وَالنُّونُ للوِقَايَةِ، وَياءُ المُتَكَلِّمِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولُهُ الأَوَّلُ. و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ ظَرْفيٌّ بِمَعْنَى "مَعَ"، مُتَعَلِّقٌ بِالمَفْعُولِ الثاني لِـ "جعلَ"، وَ "الْقَوْمِ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "الظَّالِمِينَ" صِفَةٌ لِـ "القَوْمِ" مجرورةٌ مِثْلُهُ، وعلامةُ الجَرِّ الياءُ لأنَّهُ جمعُ المُذكَّرِ السَّالمُ، والنونُ عِوَضٌ مِنَ التنوينِ في الاسْمِ المُفْرَدِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إِنْ" الشَّرْطِيَّةِ عَلَى كَوْنِهَا جَوَابًا لَهَا، وَجُمْلَةُ "إِنْ" الشَّرْطِيَّةِ: فَي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القولِ لِـ "قُلْ".