الموسوعة القرآني
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 87
سَيَقُولُونَ لهِِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {سَيَقُولُونَ لهِل} سَبَقَ أَنْ أخَبرَ الحقُّ تباركَ وتَعَالَى، أَنَّ المُشْركينَ سَيُجِيبونَ بـ "لهِْ" أَوْ "الهُّ" عَنِ سُؤالِ النَّبِيِّ ـ صلَّى الهُل عَلَيْهِ وسلَّمَ، الذي أُمِرَ أَنْ يوجِّهَهُ لَهُمْ عَمَّنْ هُوَ خَالِقُ اللأَرضِ، ومَا فيها وَمَنْ عَلَيْهَا، وَمَنْ هُوَ مَالِكُ ذَلِكَ كُلِّهِ والمُتَصَرِّفُ فِيهِ، وقدْ كانَ، وهنا أَيْضًا يخْبِرُنا ـ وهو العليمُ الخبيرُ، بأَنَّهُمْ سيجيبونَ الجوابَ نَفسَهُ، عَنِ السُّولِ المذكورِ في الآيةِ التي قبل هَذِهِ عَمَّنَ خلقَ السماواتِ ومَنْ هو رَبُّ العَرشِ العظِيمِ، لأنَّهُ ليسَ لهم أنْ يجيبوا غيرَهُ فما مِنْ أحَدٍ يستطيعُ أَنْ يدعي ذلكَ لنفسِهِ أوْ لِغَيْرِهِ.
قولُهُ: {قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} أَيْ: قُلْ ـ يارَسُولَ الهِم، لأولئكَ المُشْركينَ: طَالَما أَنَّكم تعترفونَ بأنَّ الهَل وَحْدَهُ هوَ خالقُ السماواتِ ومالكُها والمُتَّصَرِف فيها، وهو رَبُّ العرشِ الذي هوَ رمزُ المُلكِ والسُّلطةِ والسَّيطرَةِ على الوجودِ كُلِّهِ، وإذًا فَأَمْركم إليهِ وهوَ المُتصَرِّفُ بِكُلِّ صعيرِةٍ وكبيرةٍ، أَليسَ جَديرًا بكم أَنْ تَخْشَوْهُ وتَبْتَعِدُوا عَنْ كلِّ ما يُغضِبُهُ ويُعَرِّضُكم لشديدِ انْتِقامِهِ وأليمِ عذابِهِ.
قولُهُ تَعَالى: {سَيَقُولُونَ}: السِّينُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَنِ، و "يقولونَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ، مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الَّناصِبِ والجازِمِ، وَعَلامَةُ رَفعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وَوَاوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بِالْفاعِليَّةِ. والجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لِلإِخْبَارِ مِنَ اللهِ ـ تَعَالى، عَمَّا يَكونُ مِنْ جوابِهِمْ قبْلَ وُقُوعِهِ، لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {للهِ} حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذوفٍ، وَالتَّقْديرُ: هِيَ كائِنَةٌ للهِ ـ تَعَالَى وعَزَّ، وَهَذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القَوْلِ لِـ "سيقُولونَ".
قولُه: {قُلْ} فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {أَفَلَا تَتَّقُونَ} أَفَلَا: الهَمْزَةُ: لِلِاسْتِفْهامِ التَّوْبِيخِيِّ، دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذوفٍ، وَالفَاءُ: للعَطْفِ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ، وَالْجُمْلَةُ المَحْذوفَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القولِ لِـ "قُلْ". وَالتَّقْديرُ: أَتَقُولونَ ذَلِكَ وَتُنْكِرُونَ البَعْثَ. وَ "لا" نَافِيَّةٌ. وَ "تَتَّقونَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ، مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الَّناصِبِ والجازِمِ، وَعَلامَةُ رَفعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وَوَاوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بِالْفاعِليَّةِ. والجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تَلْكَ الجُمْلَةِ المَحْذوفَةِ عَلَى كَوْنِها فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولَ "قُلْ".