الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 50
وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)
قوْلُهُ ـ تَعَالَى شأْنُهُ: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} أَيْ: وَجَعلنا خَلْقَ عيسَ بْنِ مريمَ ـ علَيْهِما السَّلامُ، بالكَيْفِيَّةِ التَّي خَلَقَهُ بِهَا مُخالِفًا لِسُنَّتِهِ ـ تعالى، في الخلقِ آيَةً للنَّاسِ ومُعْجِزَةً خرقَ بها العادةَ والناموسَ الذي وَضَعَهُ، لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ هُوَ ـ تَباركتْ أَسْماؤهُ، الخالقُ، وليَسَ هما الزَّوْجانِ الذَّكَرُ وَالأُنْثَى. فخلَقَ سيِّدَنا عيسَى ـ علَيْهِ السَّلامُ، مِنْ أُمٍّ بلا أَبٍ.
و "أُمَّهُ" إِدْمَاجٌ لِتَسْفِيهِ أَحلامِ الْيَهُودِ، وَنقضِ دعواهُمْ حينَ رَمَوْا مَرْيَمَ ـ عَلَيْهَا السَّلَامُ، بالفُحْشِ، وَجَعَلُوا مِنْ هَذِهِ الآيةِ مَطْعَنًا وَمَغْمَزًا فِي هذا المَوْلُودِ المُعْجِزَةِ وَأُمِّهِ.
وَجَعْلُهُ "آيَةً" أَيْ: دَلَالَةً عَلَى قُدْرَتِهِ ـ سُبْحانَهَ وَتَعَالى، وَعِبْرَةً لِيُعْتَبَرَ بِهَا، وَيُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى العِلْمِ بِحَقِيقَةِ تَوْحِيدِهِ ـ جَلَّ وَعَلَا، وَعَظيمِ قُدْرَتِهِ.
وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ لِأَنَّ المَعْنَى فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةُ. فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ـ عليهِما السَّلامُ، أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ ـ بَعْدَ أَنْ كَلَّمَهُمْ طِفْلًا، حَتَّى بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الْغِلْمانُ، ثُمَّ أَنْطَقَهُ اللهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْبَيَانِ، فَلَمَّا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أَسْلَمَتْهُ أُمُّهُ إِلَى رَجُلٍ يُعَلِّمُهُ كَمَا يُعَلِّمُ الغِلْمَانَ، فَلَا يُعَلِّمُهُ شَيْئًا إِلَّا بَدَرَهُ عِيسَى إِلَى عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُعَلِمَّهُ إِيَّاهُ، فَعَلَّمَهُ: (أَبَا جَادٍ)، فَقَالَ عِيسَى: مَا أَبُو جَادٍ؟ قَالَ الْمُعَلِّمُ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ عِيسَى: كَيْفَ تُعَلِّمُنِي مَا لَا تَدْرِي؟ فَقَالَ الْمُعَلِّمُ: إِذًا فَعَلِّمْني. فَقَالَ لَهُ عِيسَى: فَقُمْ مِنْ مَجْلِسِكَ، فَقَامَ. فَجَلَسَ عِيسَى مَجْلِسَهُ، فَقَالَ: سَلْنِي. فَقَالَ الْمُعَلِّمُ: مَا أَبُو جَاد؟ فَقَالَ عِيسَى: أَلِفُ آلَاءِ اللهِ، باءُ بَهَاءِ اللهِ، جِيمُ بَهْجَةِ اللهِ وَجَمَالُهُ. فَعَجِبَ الْمُعَلِّمُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ فَسَّرَ (أَبَا جاد) عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَكَانَ عِيسَى يَرَى الْعَجَائِبَ فِي صِبَاهُ إِلْهَامًا مِنَ اللهِ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي الْيَهُودِ، وَتَرَعْرَعَ عِيسَى، فَهَمَّتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَخَافَتْ أُمَّهُ عَلَيْهِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهَا: أَنْ تَنْطَلِقَ بِهِ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ، فَذَلِك قَوْلُهُ ـ تَعَالَى: "وَجَعَلنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً".
فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: أَلَا قَالَ آيَتَانِ، وَهُمَا آيَتَانِ، فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ آيَةً لِأَنَّ عِيسَى مِنْ آدَمَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَبٍ، لَمْ يُشَارِكْهَا فِي عِيسَى أَحَدٌ، فَصَارَ (آيَةً وَاحِدَةً). وَالآيَةُ هُنَا هِيَ الوِلَادَةُ مِنْ أُمٍّ دُونَ أَبٍ، وَلِذَلِكَ فالآيَةُ فَيهِا وَاحِدَةٌ. وَلَوْ قِيلَ آيَتَيْنِ لَجَازَ؛ لِأَنَّهمُا قَدْ كانَ في كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى عَلَى الإْطِلَاقِ، مِنْ أَنَّها وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ رَجُلٍ زوجٍ، وَكَانَ هُوَ رُوحًا مِنَ اللهِ أَلْقَاهُ إِلَى مَرْيَمَ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي أَحَدٍ قَطُّ. انظُرْ: "مَعَاني القُرْآنِ وإعْرابُهُ لَأَبي إِسْحاقٍ الزَّجَّاجِ: (4/14). وَتَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ: (18/25).
فَإِنَّ سَيِّدَنا عِيسَى ـ عَليْهِ السَّلامُ، لَمَّا كَانَتْ آيَتُهُ الْعُظْمَى فِي ذَاتِهِ، وَكَيْفِيَّةِ تَكْوِينِهِ، كَانَ الِاهْتِمَامُ بِذِكْرِ هَذِهِ الآيةِ العَظيمَةِ هُنَا، وَلَمْ تُذْكَرْ فيها رِسَالَتُهُ لِأَنَّ مُعْجِزَةَ خَلْقِهِ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ.
وَقدْ نَكَّرَ "آيَةً" لِتَعْظِيمِهَا، فَهِيَ آيَةٌ تَحْتَوِي في مطاويها آيَاتٍ يَدُلُّ مَجْمُوعُهَا عَلَى صِدْقِ سَيِّدِنا عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ فِيما أُرْسِلَ بِهِ.
قَوْلُهُ: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} الْإِيوَاءُ: الجَعْلُ في مَأْوَى، أَيْ: في مَسْكَنٍ يسكُنُ فيهِ فيجدُ الراحَةَ والحِمَايَةَ مِنَ المَخاطِرِ، كَما قَالَ ابْنُ نُوحٍ: {سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ} الآيَةَ: 43، وذلكَ حِينَ دَعَاهُ أَبوهُ للرُّكوبِ مَعَهُ في السَّفينةِ كَيْلَا يَهْلِكَ غَرَقًا. وَكَمَا قَالَ في الآيَةِ: 80، مِنْ نفسِ السُّورةِ، حَاكِيًا قَوْلَ نَبِيِّهِ لُوطٍ ـ علَيْهِ السَّلامُ، لمَّا أَتَاهُ قومُهُ يُريدونَ فِعْلَ الفَاحِشَةِ بِضُيُوفِهِ: {قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} لِيَحتمي بِهِ مِنْ شُرورِهِم.
والضَّميرُ في "آوَيْناهما" راجِعٌ لسيِّدِنا عيسَى وأُمِّهِ مَرْيمَ ـ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قالَ: المُرادُ بِـ "وَآوَيْنَاهُما" هُمَا عِيسَى وَأُمُّهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِي الله عَنْهُ، أَنَّهُ قال: "وَآوَيْناهُمُا" قَالَ: عِيسَى وَأُمَّهُ ـ علَيْهِما الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، حِينَ أَوَيَا إِلَى الغُوطَةِ وَمَا حَوْلَهَا.
وَالرُّبْوَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ: الْمُرْتَفَعُ مِنَ الْأَرْضِ. مِنْ "رَبَأَ" كَمَنَعَ: إِذا صَارَ رَبيئَةً لَهُمْ عَلَى شَرَفٍ مُرْتَفِعِ، أَيْ: صار طَلِيعَةً لهم، وَلَا يَكونُ ذلكَ إِلَّا عَلَى جَبَلٍ أَوْ شَرَفٍ يَنْظُرُ مِنْهُ. وَ: رَبَأَ فُلانٌ عَلى شَرَفٍ، إِذَا عَلَا وَارْتَفَعَ لِيَنْظُرَ لِلْقَوْمِ حتى لا يَدْهَمَهم عَدُوٌّ ويُفاجِئهم. وَرَبَأَ رَفَعَ، فَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقالُ: رَبَأْتُ المَرْبَأَةَ، وَأَرْبَأْتُها، أَي: عَلَوْتُها وَرَبَأْتُ بِكَ أَرْفَعَ الأَمْرِ: رَفَعْتُكَ، وَ: إِنِّي لأَرْبَأُ بِكَ عَنْ كَذا أَي: أَرْفَعُكَ عَنْهُ وَلَا أَرْضَاهُ لَكَ، وَرَبَأَتِ الأَرضُ: رَبَتْ وَارْتَفَعَتْ، قالَ الزَّجَّاجُ: ذَلِكَ لِأَنَّ النَّبْتَ إِذَا هَمَّ أَنْ يَظْهَرَ ارْتَفَعَتْ لَهُ الأَرْضُ. وَرَبَأَ المَالَ: حَفِظَهُ وَأَصَلَحَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
ولا أَرْبَأُ المَالَ مِنْ حُبِّهِ .......................... وَلَا الفَخَارِ وَلَا لِلْبَخَلْ
وَلَكِنْ لِحَقٍّ إِذَا بَابَنِي ........................ وَإِكْرَامِ ضَيْفٍ إِذَا مَا نَزَلْ
و "رَبَأَ" أَيْضًا: أَذْهَبَ، وَرَبَأَ لَهُ جَمَعَ لهُ مِنْ كُلِّ طَعَامٍ وَلَبَنٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهِ. وَ "رَبَأَ" إِذَا تَثَاقَلَ في مِشْيَتِهِ يُقالُ: جَاءَ يَرْبَأُ في مِشْيَتِهِ، أَيْ يَتَثَاقَلُ فيها. وَرَبَأَ عَلى جَبَلٍ: أَشْرَفَ لِيَنْظُرَ، كَ "ارْتَبَأَ" و "أَرْبَأَ" قَالَ غَيْلانُ الرَّبَعِيُّ:
قدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ فَوْقَ الأَصْوَا ............. مُرْتَبِئاتٍ فَوْقَ أَعْلَى العَلْيَا
ويقال: ما عَرَفْتُ فلاناً حتَّى أَرْبَأَ لي أَي أَشرفَ. ورابَأْتُهُ: حَذِرْتُه أيْضًا، أَيْ: خفتُهُ، واتَّقَيْتُهُ قَالَ البَعيثُ المُجَاشِعي خِدَاشُ بْنُ بِشْرِ بْنِ خَالِدٍ، أَبُو زَيْدٍ التَّمِيمِيُّ:
فرابَأْتُ واسْتَتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْتُهُ ...... إلى عَظَماتٍ مَنْعُها الجَارَ مُحْكَمُ
و "رابأْتُهُ": رَاقَبْتُهُ، وَحَارَسْتُهُ، كَ "أَرْبَأَهُ"، وَ "رَبَأَهُ" و "ارْتَبَأَهُ" إِذَا رَقَبَه. وَ "المِرْباءُ" كَ "مِحْرابٍ"، وَ "المَربأُ" عَلَى وزْنِ "مَفْعَلٍ"، و "المَرْبَأَةُ" بِزِيادَةِ الهاءِ، وَ "المُرْتَبَأُ" المَرْقَبَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ للمَكانِ الَّذي يَقِفُ فِيهِ البازيُّ: "مَرْبَأَةٌ". وقد خفَّف الرَّاجِزُ هَمْزَهَا فَقَالَ:
بَاتَ على مَرْبَاتِهِ مُقَيَّدَا
وقالَ بَعْضُهُمْ: مَرْبَأَةُ البازِيِّ: مَنارَةٌ يَرْبَأُ عَلَيْهَا. والمِرْباءُ ـ بالمَدِّ والكَسْرِ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ: المِرْقاةُ، قالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّها صَقْعَاءُ في مِرْبَائِها
ورَبَّأَهُ تَرْبِئَةً: أَذْهَبَهُ كَرَبَأَه مخفَّفًا كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَدُلُّ هذا التركيب عَلَى الزِّيادَةِ وَالنَّمَاءِ. وَرَبَأَ فِي الأَمْرِ: نَظَرَ فِيهِ وَفَكَّرَ.
وَالرَّبيئَةُ: هسَ الطَّليعَةُ، وتُجَمَعُ عَلى: رَبايا. وَيَجُوزُ فِي الرَّاءِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ.
وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْإِيوَاءِ وَحْيُ اللهِ لِمَرْيَمَ أَنْ تَنْفَرِدَ بِرَبْوَةٍ حِينَ اقْتَرَبَ مَخَاضُهَا لِتَلِدَ عِيسَى فِي مُنْعَزَلٍ مِنَ النَّاسِ حِفْظًا لَهُ مِنْ أَذَاهُمْ.
وَقدِ اخْتَلَفَ العلماءُ والمُفَسِّرونَ في مَا هُوَ المَقْصُودُ بِهَذِهِ الرَّبْوةِ، أَيْنَ هِيَ وأَيْنَ تقعُ:
فقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: هِيَ دِمَشْقُ. رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ": (1/193 ـ 194)، والثَّعْلَبِيُّ في تفسيرِهِ "الكَشْفُ وَالبَيَانُ عَنْ معاني القرآنِ": (3/61 ب ـ 62 أ). وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ. رَوَاهُ عنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنعانيُّ في "تَفْسِيرِهِ": (2/45)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ: (12/191)، والطَّبَرِيُّ في تفسيرِهِ: (18/26)، وَابْنُ عَسَاكِرَ في "تَاريخِ دِمَشْقَ": (1/194 ـ 195)، وَذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي "الدُّرُّ المنثورُ في التفسيرِ بالمأثورِ": (6/101)، وَنَسَبَهُ أَيْضًا لِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَابِنِ أَبِي حاتمٍ، والطَّبَرانِيِّ. وَذَكَرَهُ المَاوَرْدِيُّ فِي تفسيرِهِ "النُّكَتُ وَالعُيُونُ": (4/56). عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وقالَهُ مُقَاتِلُ بْنُ سليمانُ في تَفْسيرِه: (2/31 أ). وَذَكَرَهُ أَبو جعفرٍ النَّحَّاسُ فِي "مَعَانِي القُرْآنِ وإعرابُهُ" (4/462)، مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُما، بِلَفْظِ: نُبِّئْتُ أَنَّها دِمَشْقُ.
وَأَخْرَجَ وَكِيعٌ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ فِي فَضَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُما، فِي قَوْله: "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ ومَعِينٍ"، قَالَ: أُنْبِئْنَا بِأَنَّهَا دِمَشْقُ.
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن سَلامٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، فِي قَوْله: "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ"، قَالَ: هِيَ دِمَشْقُ
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ يَزِيدِ بْنِ سَخْبَرَةَ الصَّحَابِيَّ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: دِمَشْقُ هِيَ الرَّبْوَةُ الْمُبَارَكَةُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ"، قَالَ: هِيَ دِمَشْقُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ: {وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين} قَالَ: هِيَ أَرْضٌ ذَاتُ أَشْجَارٍ وَأَنْهارٍ، يَعْنِي أَرْضَ دِمَشْقَ. وَفِي لَفْظٍ، قَالَ: ذَاتُ ثِمَارٍ وَكَثْرَةِ مَاءٍ، هِيَ دِمَشْقُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهً تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ ومَعِينٍ"، قَالَ: (أَتَدْرُونَ أَيْنَ هِيَ؟) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((هِيَ بِالشَّامِ، بِأَرْض يُقَالُ لَهَا الغُوطَةُ، مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ هِيَ خَيْرُ مُدُنِ الشَّامِ)).
وَقريبٌ مِنْ هَذَا مَا قالَهُ الحَسَنُ البَصْريًّ وَالضَّحَّاكُ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: بِأَنَّها غُوطَةُ دِمَشْقَ. رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَاريخِ دِمَشْقَ": (1/197) عَنِ الحَسَنِ. وَذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ: (3/62 أ)، عَنِ الضَّحَّاكِ.
وَقالتْ جماعةٌ هِيَ مِصْرُ، فقد أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ ومَعِينٍ"، قَالَ: يَعْنِي أَرْضَ مِصْرَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "وَآوَيْنَاهُما إِلَى رَبْوَةٍ" قَالَ: هِيَ مِصْرُ
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "وَآوَيْنَاهُما إِلَى رَبْوَةٍ" قَالَ: وَلَيْسَ الرُّبَى إِلَّا بِمصْر، وَالْمَاء حِينَ يُرْسَلُ يَكُونُ الرُّبَى عَلَيْهَا الْقُرَى، لَوْلَا الرُّبَى لَغَرِقَتْ تِلْكَ الْقُرَى.
وَقريبٌ منهُ ما أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "وَآوَيْنَاهُما إِلَى رَبْوَةٍ" قَالَ: هِيَ الْإسْكَنْدَريَّةُ.
وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عنْهُ: يُريدُ بَيْتَ المَقْدِسِ. ذَكَرَهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطاء: تفسيرُ البَغَوِيَّ: (5/419)، وتفسيرُ ابْنِ الجَوْزِيَّ: (5/476). وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ فيما رَوَاهُ عنهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنعانيُّ في "تَفسيرِهِ": (2/45)، وَالطَّبَرِيُّ في التفسيرِ: (18/27)، وَابْنُ عَسَاكِرَ في "تاريخُ دِمَشْقَ": (1/201)، وَذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي "الدُّرُّ المنثورُ": (6/100)، وَعَزَاهُ أَيْضًا لِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَكَعْبٍ وَقالَ: هُوَ أَقْرَبُ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ.
وَقريبٌ مِنْ هذا ما أَخْرَجَهُ ابْنُ جَريرٍ الطَّبريُ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي (المُعْجَمِ الْأَوْسَطِ)، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((الرَّمْلَةُ الرَّبْوَةُ)).
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "وَآوَيْنَاهُما إِلَى رَبْوَةٍ"، قَالَ: هِيَ الرَّمْلَةُ فِي فِلَسْطِينَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عِنْهُ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، مَرْفُوعًا.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ السَّكنِ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ ـ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الْأَقْرَعِ بْنِ شُفِيٍّ العَكِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَرَضٍ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: لَا أَحْسَبُ إِلَّا أَنِّي مَيِّتٌ مِنْ مَرَضِي. قَالَ: ((كَلَّا لَتَبْقَيَنَّ، وَلَتُهَاجِرَنَّ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ الشَّامِ، وَتَمُوتُ وَتُدْفَنُ بِالرَّبْوَةِ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ))، فَمَاتَ فِي خلَافَةِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَدُفِنَ بِالرَّمْلَةِ.
وَالْقَرَارُ: هُوَ الْمُكْثُ فِي الْمَكَانِ، أَيْ هِيَ صَالِحَةٌ لِأَنْ تَكُونَ قَرَارًا للإنْسانِ ومُسْتَقَرًّا، فَقَدْ أُضِيفَتِ الرَّبْوَةُ إِلَى الْمَعْنَى الْحَاصِلِ فِيهَا لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَذَلِكَ بِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ النَّخِيلِ الْمُثْمِرِ، فَتَكُونُ فِي ظِلِّهِ، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى طَلَبِ قُوتِهَا. وَالْمَعِينُ: وَصْفٌ جَرَى عَلَى مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ مَاءٌ مَعِينٌ، لِدَلَالَةِ الْوَصْفِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سورةِ الحاقَّةِ: {إِنَّا لمَّا طغى الماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ} الآية: 11.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ قَتَادَةَ رَضِي اللهُ تعالى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: "ذَاتِ قَرَارٍ" ذَاتِ ثَمَرٍ كَثِيرٍ. وَ "مَعِينٍ" مَاءٍ جَارٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمَا، أنَّهُ قال: "وَآوَيْنَاهُما إِلَى رَبْوَةٍ" الْآيَةَ، قَالَ: الرَّبْوَةُ: المُسْتَوَى، والمَعِينُ المَاءُ الْجَارِي، وَهُوَ النَّهْرُ الَّذِي قَالَ اللهُ فيهِ: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} الْآيَةَ: 24، مِنْ سورةِ مَرْيَم.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْن الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قالَ: "وَآوَيْنَاهُما إِلَى رَبْوَةٍ" قَالَ: هِيَ الْمَكَان الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرْضِ، وَهِيَ أَحْسَنُ مَا يَكونُ فِيهِ النَّبَاتُ، و "ذَات قَرَار" ذَاتِ خِصْبٍ، وَ "مَعِينٍ" مَاءٍ ظَاهِرٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ، أَنَّهُ قالَ: "رَبْوَةٍ": مُسْتَوِيَةٍ، و: "ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ"، قَالَ: مَاءٍ جَارٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي الْآيَةِ قَالَ: الرَّبْوَةُ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، وَهُوَ الِبَيْتُ الْمُقَدَّسُ، والمَعِينُ: المَاءُ الظَّاهِرُ.
فَالمَعينُ ـ إِذًا: هُوَ الْمَاءُ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا} الآياتِ: (24 ـ 26).
وقالوا: إنَّ المِيمَ في "مَعينٍ" زَائدةٌ، فإنَّ أَصْلَهُ "مَعْيُوْن" أَيْ: مُبْصَرٌ بالعَيْنِ، فأُعِلَّ إِعْلالَ "مَبيعٍ" وَبَابِهِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ "كَبَدْتُهُ" أَيْ: ضَرَبْتُ كَبِدَهُ، وَرَأَسْتُهُ، أَيْ: أَصَبْتُ رَأْسَهُ، وَعِنْتُهُ أَيْ: أَدْرَكْتُهُ بِعَيْنِي. وَلِذَلِكَ أَدْخَلَهُ الخَلِيلُ بْنُ أحمدٍ الفراهيدِيُّ في مَادَّةِ (ع ي ن).
وقيلَ: إِنَّها أَصْلِيَّةٌ، ووَزْنُهُ "فَعِيلٌ" مُشْتَقٌّ مِنَ المَعْنِ. وَاخْتُلِفَ في معنى المَعْنِ، فَقِيلَ: هُوَ الشَّيْءُ القَلِيلُ، وَمِنْهُ "المَاعُون".
وَقِيلَ: هُوَ مِنْ مَعَنَ الشَّيْءُ مَعَانَةً، إذا كَثُرَ. ومنْهُ قولُ جَريرِ:
إنَّ الذين غَدَوْا بِلُبِّكَ غَادَرُوا ................ وَشَلًا بِعَيْنِكَ لَا يَزَالُ مَعِينًا
وَقالَ الرَّاغِبُ الأصْفَهانيُّ: وَهُوَ مِنْ مَعَنَ المَاءُ: جرى. وَسُمَّيَ مَجَارِي المَاءِ مُعْنَانٌ. وَأَمْعَنَ الفَرَسُ: تَبَاعَدَ في عَدْوِهِ، وَأَمْعَنَ بِحَقِّي ذَهَبَ بِهِ، وَفُلانٌ مَعَنٌ في حاجَتِهِ. يَعْنِي سَريعًا فيها. وكلُّ هَذا رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الجَرْيِ وَالسُّرْعَةِ. واللهُ أَعلمُ.
وَفي هَذِهِ الآيةِ الكريمةِ تَنْوِيهٌ بِسَيِّدِنا ـ عِيسَى وأُمِّهِ مَرْيَمَ ـ عَلَيْهِمَا السَّلامُ، بِأَنَّهُمَا مَحَلُّ عِنَايَتِهِ ـ تَباركَ وتَعَالَى، وَأَنَّهُما مَظْهَرُ قُدْرَتِهِ ـ عزَّ وجَلَّ، وَلُطْفِهِ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} الواوُ: للعَطْفِ، و "جَعَلْنَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفْعٍ متحَرِّكٍ هو "نا" المُعَظِّمِ نفسَهَ ـ سُبْحانَهُ، و "نا" التعظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ. و "ابْنَ" مَفْعُولُهُ الأوَّلُ منصوبٌ بِهِ، مُضافٌ. و "مريمَ" مجرورٌ بالإضافةِ إلَيْهِ، وعلامةُ جَرِّهِ الفتحةُ نيابةً عَنِ الكَسرةِ لأنَّهُ ممنوعٌ مِنَ الصَّرفِ بالعلميَّةِ والعُجمةِ. وَ "وَأُمَّهُ" الواوُ: للعَطْفِ، و "أُمَّهُ" مَعْطُوفٌ عَلَى "ابْنَ" مَنْصُوبٌ مِثْلَهُ مُضافٌ، والهاءُ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. و "آيَةً" مَفْعُولُهُ الثاني منْصوبٌ بِهِ. وَالْجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ {أَرْسَلْنَا} مِنَ الآيةِ التي قبلها فليسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الإعراب.
قولُهُ: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} الوَاوُ: للعَطْفِ، و "آوَيْنَاهُمَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفْعٍ متحَرِّكٍ هو "نا" المُعَظِّمِ نفسَهَ ـ سُبْحانَهُ، و "نا" التعظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ. و "هما" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على المَفْعُوليَّةِ. و "إِلَى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "آوَيْنَا"، و "رَبْوَةٍ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "ذَاتِ" صِفَةٌ لِـ "رَبْوَةٍ" مَجْرورَةٌ مِثْلُها، وهوَ مُضافٌ. و "قَرَارٍ" مَجْرورٌ بالإضافَةِ إِلَيْهِ. و "وَمَعِينٍ" الواوُ: حرفُ عَطْفٍ، و "مَعِينٍ" مَعْطُوفٌ عَلَى "قَرَارٍ" مَجْرُورٌ مِثْلُهُ. وَالْجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "جَعَلْنَا" عَلى كَوْنِها لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الإِعْرَابِ.