الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 36
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)
قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} جاءَتْ هَذهِ الآيةُ الكَريمَةُ بَيَانًا لِجُمْلَةِ {يَعِدُكُمْ} مِنَ الآيَةِ الَّتي قَبْلَها، فَلِذَلِكَ كانتْ مُنْفَصِلَةً عَنْها وَلَمْ تُعْطَفْ علَيْها. وَمَعْنَى "هيْهاتَ" بَعُدَ الأَمْرُ حَتَّى امْتَنَعَ، وكُرِّر للتوكيدِ، فليسَتِ المسألةُ من التنازعِ. فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهُما، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ" قَالَ: بَعِيدٌ بَعِيدٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ قال: "هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدونَ" أَيْ: تَبَاعَدَ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ يَعْنِي الْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ "صَهْ" و "مَهْ"، إِلَّا أَنَّ الغالِبَ عَلَيْهِما الأَمْرُ وَالنَّهْيُ، و "هيهاتَ" مُسْتَعْمَلٌ في الخَبَرِ، كَ "شَتَّانَ" مَا بَيْنَ كذا وكَذا، أَيْ: بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا. وهَذَا هُوَ مَعْنَى مَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ في كِتَابِهِ "الإِيضاحُ العَضُدِيُّ" صَ: 191. فَإِنَّهً ذَكَرَ أَيْضًا ـ فِي (باب: الأَسْمَاءِ الَّتي سُمِّيَتْ بِهَا الأَفْعَال)، (رُوَيْدَ) بِمَعْنَى: "أَرْوِدْ" أَيْ: "أَمْهِلْ"، وَ "إِيهِ" بِمَعْنَى: "هاتِ حَدِّثْ"، وَ "صَهْ"، و "مَهْ" بِمَعْنَى: أُسْكُتْ.
وَأَكْثَرُ مَا تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ المُفْرَدَةُ مُكَرَّرَةً مَرَّتَيْنِ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وقدْ تُكَرَّرُ ثَلَاثَ مَراتٍ فِي قَوْلٍ جَريرِ بْنِ عَطِيَّةَ:
فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْعَقِيقُ وَأَهْلُهُ ........... وَهَيْهَاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُحَاوِلُهُ
وَفي قَوْلِ حُمَيْدٍ الْأَرْقَطِ:
هَيْهَاتِ مَنْ مُصَبَّحُهَا هَيْهَاتِ ............. هَيْهَاتِ حَجَرٌ مِنْ صُنَيْبِعَاتِ
ثُمَّ اخْتُلِفَ فِيهَا أَهِيَ فِعْلٌ أَمِ اسْمٌ، فَجُمْهُورُ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّهَا اسْمُ
فِعْلٍ مَاضٍ، ولذلكَ فَإنَّ مَا يَلِيها يكونُ فَاعِلَها.
وَقِيلَ: هِيَ اسْمٌ لِلْبُعْدِ، أَيْ: مَصْدَرٌ جَامِدٌ، بِدَلِيلِ عَطْفِ الفِعْلِ عَلَيْهِ. وَهو ما اخْتَارَهُ أَبُو إسْحاقٍ الزَّجَّاجُ في تَفسيرِهِ (مَعَانِي القُرْآنِ وَإِعْرَابُهُ): (4/13). وَقَدْ خَطَّأهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: غَلِطَ الزَّجَّاجُ، وَاسْتَهْوَاهُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ".
وَقالَ أَبو العبَّاسِ الْمُبَرِّدُ: "هَيْهَاتَ" ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ، وَنُسِبَ هَذا إِلَى أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ أَيضًا.
قَالَ ابْنُ جِنِّي: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ يَقُولُ فِي هَيْهَاتَ: أَنَا أُفْتِي مَرَّةً بِكَوْنِهَا اسْمًا سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ مِثْلَ: (صَهٍ) وَ (مَهْ)، وَأُفْتِي مَرَّةً بِكَوْنِهَا ظَرْفًا، عَلَى قَدْرِ مَا يَحْضُرُنِي فِي الْحَالِ.
وَفِي "هَيْهاتَ" لُغَاتٌ كَثِيرَةٌ وَأَفْصَحُهَا أَنَّهَا بِهَاءَيْنِ وَتَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فَتْحَةَ بِنَاءٍ، وَأَنَّ تَاءَهَا تَثْبُتُ فِي الْوَقْفِ، وَقِيلَ: يُوقف عَلَيْهَا هَاءً، وَأَنَّهَا لَا تُنَوَّنُ تَنْوِينَ التَنْكِيرِ.
وَقَدْ وَرَدَ مَا بَعْدَ (هَيْهَاتَ) مَجْرُورًا بِاللَّامِ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الكَريمةِ، وَوَرَدَ مَجْرُورًا بِـ (مِنْ) فِي بَيْتِ الشَّاعِرِ الرَّاجِزِ حُمَيْدٍ الْأَرْقَطِ، فإِنَّهُ قَالَ:
هَيْهَاتِ مَنْ مُصَبَّحُهَا هَيْهَاتِ ............. هَيْهَاتِ حَجَرٌ مِنْ صُنَيْبِعَاتِ
وقدْ تَقَدَّمَ. وَوَرَدَ أَيْضًا مَرْفُوعًا كَمَا فِي قَوْلِ جَرِيرٍ المُتَقَدِّمِ:
فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْعَقِيقُ وَأَهْلُهُ ........... وَهَيْهَاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُحَاوِلُهُ
فَالَّذِي يَتَّضِحُ فِي اسْتِعْمَالِ (هَيْهَاتَ) أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا بَعْدَهَا أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا عَلَى تَأْوِيلِ (هَيْهَاتَ) فِعْلًا مَاضيًا، مِنَ الْبُعْدِ، كَمَا فِي بَيْتِ جَرِيرٍ، وَأَنَّ الْأَفْصَحَ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مَجْرُورًا بِاللَّامِ فَيَكُونُ جَرُّه عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ فَاعِلِ اسْمِ الْفِعْلِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَسْبِقُ (هَيْهَاتَ) مِنَ الْكَلَامِ، لِأَنَّهَا ـ في الغالِبِ، لَا تَقَعُ إِلَّا بَعْدَ كَلَامٍ، وَتُجْعَلُ اللَّامُ لِلتَّبْيِينِ، أَيْ لإِيضَاحِ الْمُرَادِ مِنَ الْفَاعِلِ، فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ إِجْمَالٌ، ثُمَّ تَفْصِيلٌ يُفِيدُ تَقْوِيَةَ الْخَبَرِ. وَهَذِهِ اللَّامُ تَرْجِعُ إِلَى لَامِ التَّعْلِيلِ. وَإِذَا وَرَدَ مَا بَعْدَهَا مَجْرُورًا بِـ (مِنْ) فَتكونُ (مِنْ) بِمَعْنَى (عَنْ)، أَيْ: بَعُدَ عَنْهُ، أَوْ بُعْدًا عَنْهُ. عَلَى أَنَّهُ يجوز أَنْ تُؤَوَّلَ مَرَّةً بِالْفِعْلِ ـ وَهُوَ الْغَالِبُ، وَمَرَّةً بِالْمَصْدَرِ، فَتَكُونُ اسْمُ مَصْدَرٍ مَبْنِيًّا إِمَّا عَلَى الفتْحِ ـ كما هي قراءةُ الجُمهورِ، أَوْ عَلَى الكسِرِ، وهي قراءةٌ مُعْتبرةٌ أَيْضًا، وهو اسْمٌ جَامِدٌ غَيْرُ مُشْتَقٍّ. وَيَكُونُ الْإِخْبَارُ بِهَا كَالْإِخْبَارِ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي فسَّرَ بِهِ الزَّجَّاجُ هَذِهِ الْآيَةَ الكَريمةَ.
وَ "تُوعَدُونَ" جَاءَ هُنَا فِعْلًا مُضارعًا مِنْ (أَوْعَدَ) أَوْ (توَعَّدَ) فلانٌ فلانًا إِذا حَذَّرَهُ وَهَدَّدَهُ، وَجَاءَ قَبْلَهُ في الآيةِ قبلَها فِعْلُ {أَيَعِدُكُمْ}، وَهُوَ مِنْ (وَعَدَ)، مَعَ أَنَّ الْمَوْعُودَ بِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ: رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ فِي حَالِ وُجُودِهِمْ على قيدِ الحَيَاةِ في حياتِهِمُ الدُنْيَا، فَجُعِلَ وَعْدًا، وَالثَّانِي رَاجِعٌ إِلَى حَالَتِهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ والفناءِ وَالِانْعِدَامِ، فَنَاسَبَ أَنْ يكونَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْوَعِيدِ. وَالأَحْسَنُ أَنْ نَقُولَ: عَبَّرَ مَرَّةً بِالْوَعْدِ، وَمَرَّةً بِالْوَعِيدِ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِبَاكِ، فَإِنَّ إِعْلَامَهُمْ بِالْبَعْثِ مُشْتَمِلٌ عَلَى وَعْدٍ بِالْخَيْرِ ـ إِنْ هم آمَنُوا وَصَدَقُوا، وَعَلَى وَعِيدٍ بالعَذَابِ والعِقابِ ـ إِنْ هُمْ كَفَروا وكَذَبُوا، فَقدْ ذُكِرَ الْفِعْلَانِ عَلَى التَّوْزِيعِ إِيجَازًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا} هَيْهاتَ: اسْمُ فِعْلٍ مَاضٍ قاصرٍ بِمَعْنَى بَعُدَ، مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ. يَرْفَعُ الفاعِلَ، وَ "هَيْهَاتَ" تَكْريرٌ لِلْأَوَّلِ وتَأْكِيدٌ لَهُ، تَأْكِيدًا لَفْظِيًّا. وَقَدْ جَاءَ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ في قَوْلِ جَريرٍ أَيْضًا:
هَيْهَاتَ مَنْزِلُنَا بِنَعْفِ سُوَيْقَةٍ ................... كانت مُبَارَكَةً على الأَيَّامِ
وقوِلِ مالكِ بْنِ خالدٍ الهُذَلِيِّ:
هيهاتَ ناسٌ مِنْ أُناسٍ ديارُهُمْ ............. دُقاقٌ ودارُ الآخرين الأَوَائِنُ
وقولِ رُؤْبَةَ بْنِ العَجَّاجِ:
يَرْمِي بِأَنْقاضِ السُّرَى أَرْجُاؤُهُ ............... هَيْهَاتَ مِنْ مُنْخَرِقٍ هَيْهاؤه
قالَ أَبو عَلِيٍّ القَيْسِيُّ في كِتابهِ: "إِيضاحُ أَبْيَاتِ الإِيضَاحَ" في معرضِ شَرحِهِ لِهَذِهِ الأَبْياتِ: وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِكَ: بَعُدَ بُعْدُهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ بَنَى مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ "فَعْلالًا"، فَجَاءَ بِهِ مَجِيءَ "القَلْقَالِ"، و "الزَّلْزالِ". وَالْأَلِفُ في "هَيْهَاتَ" غَيْرُ الأَلِفِ فِي "هَيْهَاؤُهُ"، فَهِي فِي "هَيْهَاتَ" لَامُ الفِعْلِ الثانِيَةُ، كَقَافِ الحَقْحَقَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ فِي "هَيْهَاؤُهُ" أَلْفُ الفَعْلَالِ الزَّائِدَةُ. وَ "لِمَا" اللَّامُ: زَائِدَةٌ فِي الفَاعِلِ. وَ "مَا" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فاعِلٌ بِـ "هَيْهَاتَ"؛ وَالْمَعْنَى: بَعُدَ مَا تُوعَدُونَهُ فالعائدُ محذوفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ "مَا" مَصْدَرِيَّةً، أَيْ: لِوَعْدِكم، فَيَكُونُ المَصْدَرُ المُؤَوَّلُ هُوَ الفاعِلَ. وَقَدْ جَاءَ هُنَا مَا ظَاهِرُهُ الفاعِلُ مَجْرُورًا باللامِ: فَمْنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ عَلَى ظاهِرِهِ، وَقالَ: "مَا تُوعَدونَ" فَاعِلٌ بِهِ، وَزِيْدتْ اللامُ فيهِ، وَالتَّقْديرُ: بَعُدَ بَعُدَ مَا تُوْعَدُونَ. وهَذا القولُ ضَعِيفٌ، إِذْ لَمْ يُعْهَدْ زِيادَتُها فِي الفَاعِلِ أَبَدًا. ومِنْهُمْ مَنْ جَعَل الفاعِلَ مُضْمَرًا لِدَلَالَةِ الكَلامِ عَلَيْهِ، وَقَدَّرَهُ أَبُو البقاءِ العُكْبُريُّ بِـ: هَيْهَاتَ التَّصْديقُ، أَوِ الصِّحَّةُ لِمَا تُوْعَدون. وَغيرُهُ قدَّرَهُ بـ : بَعُدَ إِخْراجُكم، وَقالَ: "لِمَا تُوْعدون" للبَيَانِ، وَقَالَ أَبُو القاسِمِ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِبَيَانِ المُسْتَبْعَدِ، مَا هُوَ، وذلكَ بَعْدَ التَّصْويبِ بِكَلِمَةِ الاسْتِبْعَادِ، كَمَا جاءَتِ اللامُ في قَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورةِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {هَيْتَ لَكَ} الآيةَ: 23. لِبَيَانِ المُهَيَّتِ بِهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ أَبو إسْحاقَ: "البُعْدُ لِمَا تُوعَدونَ" فَجَعَلَهُ مُبْتَدَأً، والجارُّ بَعْدَهُ هُوَ خَبَرُهُ. قالَ الزَّمَخْشَريُّ: فإنْ قلتَ: مَا تُوعَدُون هُوَ المُسْتَبْعَدُ، وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَرْتَفِعَ بـ "هَيْهَاتَ" كَمَا ارْتَفَعَ بِقَوْلِ جَريرِ بْنِ عطِيَّةَ المُتَقَدِّم في مبحَثِ التَّفْسيرِ:
فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْعَقِيقُ وَأَهْلُهُ ........... وَهَيْهَاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُحَاوِلُهُ
فَمَا هَذِهِ اللَّامُ؟ قُلْتُ: قَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَفْسِيرِهِ: البُعْدُ لِما تُوْعَدون، أَوْ بُعْدٌ لِمَا تُوْعَدونَ، وهذا عنْدَ مَنْ نَوَّنَهُ فَنَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ المَصْدَرِ.
قالَ الشَّيْخُ الأنْدَلُسَيُّ أَبو حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ "البَحْرِ المُحيطُ": وقَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: فَمَنْ نَوَّنَهُ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ المَصْدَرِ، لَيْسَ بِوَاضِحٍ، لِأَنِّهُمْ قَدْ نَوَّنوا أَسْمَاءَ الأَفْعَالِ، وَلَاَ نَقولُ: إِنَّهَا إِذَا نُوِّنَتْ تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ المَصَادِرِ. قالَ السَّمينُ الحلبيُّ في تفسيرِهِ "الدُّرُ المَصونُ": الزَّمَخْشَرِيُّ لَمْ يَقُلْ كَذَا، إِنَّما قَالَ فِيمَنْ نَوَّنَ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ المَصْدَرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: (أَوْ بُعْدٌ)، فَالْتَّنْوينُ عِلَّةٌ لِتَقْدِيرِهِ إِيَّاهُ نَكِرَةً، لَا لِكَوْنِهِ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ المَصْدَرِ؛ فَإِنَّ أَسْمَاءَ الأَفْعَالِ ـ مَا نُوِّنِ مِنْهَا، نَكِرَةٌ، وَمَا لَمْ يُنَوَّنْ، مَعْرِفَةٌ، نَحْوَ: "صَهْ" وَ "صَهٍ"، تَقْديرُ الأَوَّلِ بِالسُّكوتِ، وَالثّانِي بِسُكوتِ "مَا".
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: طَوْرًا تَلِي الفَاعِلَ دُونَ لَامٍ، تَقُولُ: هَيْهَاتَ مَجِيءُ زَيْدٍ، أَيْ: بَعُدَ، وَأَحْيَانًا يَكونُ الفاعِلُ مَحْذوفًا عِنْدَ اللَّامِ كَهَذِهِ الآيَةِ، وَالتَّقْديرُ: بَعُدَ الوُجُودُ لِمَا تُوْعَدُونَ، وَلَمْ يَسْتَجْوِزْهُ الشَّيْخُ أَبو حَيَّانَ الأندَلُسِيُّ في "البحْرُ المُحيطُ".
ومِنْ حَيْثُ قَوْلُهُ "حُذِفَ الفاعِلُ"، وَالفاعِلُ لَا يُحْذَفُ، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّ فِيه حَذْفُ المَصْدَرِ وَهُوَ الوُجُودُ، وَإِبْقَاءُ مَعْمُولِهِ وَهُوَ "لِمَا تُوعدون". والجُمْلَةُ الفعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القولِ لِـ {قَالَ}.
قولُهُ: {تُوعَدُون} فِعْلٌ مُضَارِعٌ مُغَيَّرُ الصِّيغَةِ، مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ (أَوْ للمَجْهُولِ)، مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ فِي آخِرِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، ووَاوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ فَاعِلِهِ، وَالْجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةٌ لِـ "مَا" الْمَوْصُولَةِ، لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ، وَالْعائِدُ مَحْذوفٌ، والتَّقْديرُ: مَا تُوعَدونَهُ. وَإِذا أَعرَبْنَا "مَا" مَصْدَرِيَّةً، فَالْمَصْدَرُ المُؤَوَّلُ مِنْهَا، هو الفاعِلُ بِـ "هَيْهَاتَ".
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: {هَيْهَاتَ} بالبِنَاءِ عَلَى الفَتْحِ مِنْ غَيْرِ تَنْوينٍ، وبُنِيَ إِمَّا لُوقُوعِهِ مَوْقِعَ المَبْنِيِّ أَوْ لِشِبْهِهِ بِالْحَرْفِ. وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الحِجَازِ وَبِهَا قَرَأَ العامَّةُ. وَفِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ لُغَاتٌ كَثيرَةٌ تَزيدُ عَلَى الأَرْبَعِينَ، نَذْكُرُ هُنَا المَشْهُورَ منْهَا ومَا قُرِئ بِهِ:
ـ "هَيْهاتًا" بِتَنْوينِ الْفَتْحِ، وَبِهَا قَرَأَ أَبُو عَمْروِ بْنُ العلاءِ في رِوَايةِ هَارونَ عَنْه. وَنَسَبَهَا ابْنُ عَطِيَّةَ لِخَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ أَيْضًا.
ـ "هَيْهاتٌ" بِتَنْوينِ الضَّمِّ، وَقَرَأَ بِهَا الأَحْمَرُ وأَبُو حَيَوَةَ.
ـ "هَيْهاتُ" بِالضَّمِّ مِنْ غَيْرِ تَنْوينٍ، وَتُرْوَى عَنْ أَبِي حَيَوَةَ أَيْضًا، فإنَّ فِيهَا وَجْهَينِ مَرْوِيَّيْنِ عنْهُ، وقد وافَقَهُ أَبُو السَّمَّالِ فِي الأُولى دُونَ الثَّانِيَةِ.
ـ "هَيْهاتٍ" بِتَنْوينِ الكِسْرِ، وَبِهَا قَرَأَ عِيْسَى، وَخَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ.
ـ "هَيْهَاتِ" بِالْكَسْرِ مِنْ غَيْرِ تَنْوينٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبْي جَعْفَرٍ، وشَيْبَةَ، وَتُرْوَى عَنْ عَيسَى أَيْضًا، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ وَأَسَدٍ.
ـ "هَيْهاتْ" بِإِسْكانِ التَّاءِ، وَبِهَا قَرَأَ عِيْسى ـ أَيْضًا، وَخَارِجَةُ عَنْ أَبي
عَمْرٍو وَالأَعْرَج.
ـ "هَيْهاهْ" بِالْهَاءِ آخِرًا وَصْلًا وَوَقْفًا.
ـ "أَيْهَاتَ" بِإِبْدَالِ الهَاءِ هَمْزَةً مَعَ فَتْحِ التَاءِ، وَبِهَاتَيْنِ الأَخيرتينِ قَرَأَ بَعْضُ القُرَّاءِ فِيمَا نَقَلَهُ العُكْبُرِيُّ أَبُو البَقَاءِ. ولم يَتَوَاتَرْ مِنْ هَذِهِ القراءاتِ التِّسْعِ الَّتي قُرِئَ بِهِنَّ، غَيْرُ الأُولَى.
وَيَجُوزُ إِبْدَالُ الهَمْزَةِ مِنَ الهَاءِ الأُولَى فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَبِذَلِكَ يَكْتَمِلُ سَتُ عَشْرَةَ لُغَةً.
ـ "إِيهَانَ" بِالنُّونِ آخِرًا، وَ "أَيْهَى" بالْأَلِفِ آخَرًا.
فَمَنْ فَتَحَ التَّاءَ مِنْهُم فَهِيَ عِنْدَهُ اسْمُ مُفْرَدٍ. وَمَنْ كَسَرَهَا فَهِيَ عِنْدَهُ جَمْعُ تَأْنِيثٍ ك "زَيْنباتٍ" و "هِنِداتٍ"، وَيُعْزَى هَذَا لِسِيبَوَيْهِ، لِأَنَّهُ قَالَ: "هِيَ مِثْلُ بَيْضاتٍ". فَقد نُسِبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ جَمْعٌ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إِنَّ مُفْرَدُهَا "هَيْهَةٌ" مِثْلُ "بَيْضَةٍ". وَلَيْسَ قولُهُم هذا بِشَيْءٍ، بَلْ مُفْرَدُهَا "هَيْهَاتَ". وَقَالُوا: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيها: "هَيْهَيَاتَ" بِقَلْبِ أَلِفَ "هَيْهَاتَ" يَاءً ـ عَلَى الأصْلِ، وَذَلِكَ لِزِيادَتِهَا عَلَى الأَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ، نَحْوَ: "مَلْهَيَاتٍ" و "مَغْوَيَاتٍ" و "مَرْمَيَاتٍ"؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَنَاتِ الأَرْبَعَةِ المُضَعَّفَةِ مِنَ اليَاءِ، فهيَ مِنْ بابِ "حاحَيْت" و "صِيصِيَة". وَأَصْلُهَا بِوَزْنِ "القَلْقَلَةِ" و "الحَقْحَقَةِ"، فَانْقَلَبَتِ الياءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَتْ "هَيْهاة" ك "السَّلْقَاةِ" و "الجَعْباةِ"، وَإِنْ كَانَتِ اليَاءُ الَّتي انْقَلَبَتْ عَنْهَا أَلِفُ "سَلْقَاةٍ" وَ "جَعْبَاةٍ" زَائِدَةً أَصْلًا. وَكذلكَ ياءُ "هَيْهَيَةٍ"، فَلَمَّا جُمِعَتْ كانَ قِياسُها عَلَى قَوْلِهِمْ "أَرْطَياتٍ" وَ "عَلْقَياتٍ" أَنْ يَقولوا فِيهَا "هَيْهَيَات"، إِلَّا أَنَّهُمْ حَذَفُوا الأَلِفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لَمَّا كَانَتْ فِي آخِرِ اسْمٍ مَبْنِيٍّ، كَمَا حَذَفُوهَا فِي "ذَانِ" و "اللَّتانِ"، وَ "تان" لِيَفْصِلُوا بَيْنَ الأَلِفَاتِ فِي أَوَاخِرِ المَبْنِيَّةِ، وَالأَلِفَاتِ فِي أَوَاخِرِ الْمُتَمَكِّنَةِ، وَعَلَى هَذَا حَذَفُوهَا فِي "أُوْلاتِ" وَ "ذواتِ" لِتُخالِفَ يَاءَ "حَصَيَاتٍ" وَ "نَوَياتٍ".
ومَنْ فَتَحَ تَاءَ "هَيْهَات" فَحَقُّهُ أَنْ يَكْتُبَهَا هَاءً، لِأَنَّهَا فِي مُفْرَدٍ ك "تَمْرَةٍ" و "نَوَاةٍ". وَمَنْ كَسَرَهَا فَحَقُّه أَنْ يَكْتُبَهَا تَاءً، لِأَنَّهَا فِي جَمْعٍ كَ "هِنْدَاتٍ". وَكَذَلِكَ حُكْمُ الوَقْفِ سَوَاءٌ.
وَلَا الْتَفَاتَ إِلَى لُغَةِ "كَيْفَ الإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاهْ" وَلَا لُغَةِ "هَذِهِ ثَمَرَتْ" لِقِلَّتِهَا. وَقَدْ رُسِمَتْ فِي المُصْحَفِ بِالْهَاءِ.
ثمَّ اخْتَلَفَ القُرَّاءُ فِي الوَقْفِ عَلَيْهَا: فَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ بالتَّاءِ، وهمُ الجُمْهورُ، وَمِنْهم مَنِ اتَّبَعَ الرَّسْمَ فَوَقَفَ بالهَاءِ، وَهُمَا الكِسَائِيُّ وَالبَزِيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ. وَكانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكونَ الوَقْفُ عَلَيْهَا بالهَاءِ هوَ الأَكْثَرَ لِوَجْهَيْنِ اثَنَيْنِ، أَمَّا الأَوَّلُ: فهُوَ مُوَافَقَةُ الرَّسْمِ. وَأَمَّا الثَّاني: فهوَ لأَنَّهُم قالوا: المَفْتُوحُ اسْمٌ مُفْرَدٌ أَصْلَهُ "هَيْهَيَةٌ" مِنْ مُضاعَفِ الرُّباعِيَّ كَ "زَلْزَلَةٍ" وَ "قَلْقَلَةٍ". وَقَدْ تَقَدَّمَ: أَنَّ المُفرَدَ يُوقَفُ عَلَى تَاءِ تَأْنِيثِهِ بالهَاءِ. واللهُ ـ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وأَمَّا التَّنْوينُ فَهُوَ عَلَى قاعِدَةِ تَنْوينِ أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ، فإِنَّ دُخُولَهُ دَالٌّ عَلَى التَّنْكِيرِ، وَخُرُوجَهُ دالٌّ عَلى التَّعْريفِ.
قالَ أَبو علِيٍّ القَيْسِيُّ: مَنْ نَوَّنَ اعْتَقَدَ تَنْكِيرَهَا، وَتَصَوَّرَ مَعْنَى المَصْدَرِ النَّكِرَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بُعْدًا بُعْدًا. ومَنْ لَمْ يُنَوِّنْ اعْتَقَدَ تَعْريفَها، وتَصَوَّر مَعْنَى المَصْدَرِ الْمَعْرِفَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: البُعْدَ البُعْدَ، فَجَعَلَ التَّنْوينَ دَلِيلَ التَّنْكيرِ، وَعَدَمَهُ دَلِيلَ التَّعْريفِ.
وَلَا يُوجَدُ تَنْوينُ التَّنْكِيرِ إِلَّا فِي نَوْعَيْنِ: أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ وَأَسْماءِ الأَصْوَاتِ نَحْوَ: سِيبَوَيْهِ وَسيبَوَيْهٍ، وَلَيْس بِقَيَاسٍ: بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ أَنْ تُنَوِّنَ مِنْهَا مَا شِئْتَ، بَلْ مَا سُمِعَ تَنْوينُهُ اعَتُقِدَ تَنْكِيرُهُ.
والذي يُقالُ فِي القِراءاتِ المُتَقَدِّمَةِ: إِنَّ مَنْ نَوَّنَ جَعَلَهُ للتَّنْكيرِ ـ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَن لَّمْ يُنَوِّنْ جَعَلَ عَدَمَ التَّنْوينِ للتَّعْريفِ.
وَمَنْ فَتَحَ فَإِنَّما فعَلَ ذَلِكَ لِلْخِفَّةِ وَلِلإِتْبَاعِ، وَمَنْ كَسَرَ فَعَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
وَمَنْ ضَمَّ فَتَشْبِيهًا بِـ "قَبْلُ" و "بَعْدُ"، وَمَنْ سَكَّنَ فَلِأَنَّ أَصْلَ البِنَاءِ هُوَ السُّكونُ.
وَمَنْ وَقَفَ بِالتَاءِ فَعَلَى الأَصْلِ سَواءً كُسِرَتِ التّاءُ أَوْ فُتِحَتْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَمَنْ وَقَفَ بِالْهَاءِ، فَاتِّبَاعًا للرَّسْمِ.
وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ تَغْيِيرِ اللُّغاتِ، وَإِنْ كَانَ المَنْقُولُ مِنْ مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ مَا تَقَدَّم. وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُعَلَّلَ القِراءاتُ المُتَقَدِّمَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِيمَنْ ضَمَّ وَنَوَّنَ: إِنَّهُ اسْمٌ مُعَرَّبٌ مُسْتَقِلٌ مَرْفُوعٌ بالابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ "لِمَا تُوْعَدونَ" أَيْ: البُعْدُ لِوَعْدِكُمْ، كَمَا تَقُولُ: النُّجْحُ لِسَعْيِكَ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي "اللَّوَامِحِ": فَأَمَّا مَنْ رَفَعَ وَنَوَّنَ احْتَمَلَ أَنْ يَكونَا اسْمَيْنِ مُتَمَكِّنَيْنِ مَرْفُوعَيْنِ بِالِابْتِداءِ خَبَرُهُما مِنْ حُرُوفِ الجَرِّ بِمَعْنَى: البُعْدُ لِمَا تُوعَدونَ. وَالتَّكْرارُ للتَّأْكيدِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَا اسْمًا لِلْفِعْلِ. والضَّمُّ للبِنَاءِ مِثْلُ قولِهم فِي زَجْرِ الإِبِلِ "حَوْبُ"، لِكِنَّهُ نَوَّنَهُ نَكِرَةً.
قالَ السَّمينُ: وَكَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ عَطِيَّةَ وَلِأَبي الفَضْلِ أَنْ يَجْعَلَاهُ اسْمًا أَيْضًا فِي حالَةِ النَّصْبِ مَعَ التَّنْوينِ، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الفِعْلِ.
قرأَ الجُمْهورُ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوْعَدونَ}، وَقَرَأَ ابْنُ أَبي عَبْلَةَ "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَا تُوْعدون" مِنْ غَيْرِ لَامِ جَرٍّ. وَهِيَ وَاضِحَةٌ مُؤَيِّدَةٌ لِمَنِ ادَّعى زِيَادَتَهَا فِي قِرَاءَةِ العامَّةِ.