وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ
(36)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أَيْ: وإِذا رَآكَ المُسْتَهْزِئونَ مِنَ الكَفَرةِ والمُشْرِكينَ، وَهُمُ المَذْكورونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} الآيةَ: 95، مِنْ سُورةِ الحِجْرِ. قالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما. وَهُمْ خَمْسَةٌ: الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ. وَالعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، والأَسْوَدُ بْنُ المُطَّلِبِ، وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثُ ـ قالَهُ عامَّةُ المُفسِّرينَ، فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ جِبْريلَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، حَتَّى قُتِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِآفَةٍ، وَكَفَى نَبِيَّهُ شُرُرَهُمْ. لَكِنَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقالَ: هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مُسْتَهْزِئٍ. واللهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} المَعْنَى أَنَّهُمْ كانوا يَجْعَلُونَهُ مُسْتَهْزَأً بِهِ، أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ. وَهَذا إِخْبَارٌ مِنَ اللهِ ـ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بأَنَّ المُشْركينَ يهزؤونَ بِهِ، فالخِطابُ لَهُ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، والمُرادُ إِعْلامُ المُؤمنينَ بِمَا كانَ يُعانيهِ رَسولُهُ في سَبِيلِ تَبْلِيغِ هَذَا الدِّينِ، وَإِلَّا فإِنَّهُ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمُ كانَ يَسْمَعُ ويعلَمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ. فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَبي سُفْيَانَ وَأَبي جَهْلٍ، وَهُمَا يَتَحَدَّثانِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو جَهْلٍ ضَحِكَ وَقَالَ لِأَبي سُفْيَانَ: هَذَا نَبِيُّ بَنِي عَبْدِ مَنَاف. فَغَضِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: مَا تُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ لِبَنِي عَبْدِ مَنَاف نَبِيٌّ!. فَسَمِعَهَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَ إِلَى أَبي جَهْلٍ، فَوَقَعَ بِهِ، وَخَوَّفَهُ، وَقَالَ: مَا أَرَاكَ مُنْتَهِيًا حَتَّى يُصِيبَكَ مَا أَصَابَ عَمَّكَ. وَقَالَ لِأَبي سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكَ لَمْ تَقُلْ مَا قُلْتَ إِلَّا حَمِيَّةً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "وَإِذَا رَآكَ الَّذينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذونَكَ إِلَّا هُزُوًا" الْآيَةَ. وقدْ جاءَ هَذَا الإخبارُ بالمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ.
وَقَدْ كانَ هَذا دأْبُ المُشْرِكِينَ المُعَادِينَ للهِ ورُسُلِهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، ومَعَ كُلِّ نَبِيٍّ أَرْسَلَهُ اللهُ ـ تَعَالَى، لِقَولِهِ فِي الآيَةِ: 106، مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ: {وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}. وقالَ أَيْضًا مِنْ سُورَةِ الأَنَعام: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} الآيَةَ: 112، وَقَالَ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} الآيَةَ: 31، مِنْ سورةِ الفُرْقَان.
وَالهُزْءُ والهُزوءُ مَصْدَرٌ مِنْ هَزَأَ بِهِ ومِنْهُ، إِذَا سَخِرَ مِنْهُ وَجَعَلَهُ سُخْرِيَةٍ لِلَّهوِ والعَبَثِ وَالتَّفَكُّهِ. يُقالُ: هَزِئَ مِنْهُ، وَهَزِئَ بِهِ، وَاسْتَهْزَأْ، إِذَا سَخِرَ مِنْهُ، وَهَزَأَ بِهِ وتَهَزَّأْ أَيْضًا، هُزْءًا وَمَهْزَأَةً. وَرَجُلٌ هُزْءَةٌ، يُهْزَأُ بِهِ، والهُزَأَةُ: الذي يَهْزَأُ بالنَّاسِ. قالَ ـ تَعَالى، في صِفَةِ المُنافقينَ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} الآيتانِ: (14 و 15) مِنْ سُورةِ البَقَرَةِ.
قولُهُ: {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} الِاسْتِفْهَامُ بالهمزةِ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي التَّعْجِيبِ مِنْ أَمْرِ سيِّدِنا رسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ "هَذا" مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّحْقِيرِ والتقليلِ مِنْ شَأْنِهِ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، بِقَرِينَةِ اسْتِهْزَاءِهم بِهِ. وَجُمْلَةُ "أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ" أَي: أَهَذا الذي يَعيبُ أَصنامَكُمْ التي اتَّخَذْتموها لكمْ آلِهَةً تعبُدونَها مِنْ دونِ اللهِ ـ تَبَارَكَ وتَعَالَى.
وهذِهِ الِجُمْلَةِ مُبَيِّنَةٌ للجُمْلَةِ التي قبلَها، أَيْ: جُمْلَة: "إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا"، فَهِيَ فِي مَعْنَى قَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ "إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا" لِأَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ إنَّما يَكُونُ بِالْكَلَامِ. وَقَدِ انْحَصَرَ اتِّخَاذُهُمْ إِيَّاهُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ ـ عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، دُونَ أَنْ يَكونَ مَعَهُ حَدِيثٌ آخَر عَنْهُ أَوْ عَنْ دينِهِ الذي جاءَهُمْ بِهِ وَرِسَالَتِهِ، أَو أَيِّ شَأْنٍ آخَر.
وَمَعْنَى يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ: أَيْ يَذْكُرُهُمْ بِالسُّوءِ، بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ مَا يَذْكُرُ بِهِ آلِهَتَهُمْ هُوَ مِمَّا يَسُوءُهُمْ، فَإِنَّ الذِّكْرَ قدْ يَكُونُ بِخَيْرٍ، وَقدْ يكونُ بِشَرٍّ، وَبما أَنَّهُ لَمْ يقيَّدْ هُنَا بِقَيْدٍ صَريحٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، لذلكَ فإنَّهُ يُحالُ إِلَى الْقَرِينَةِ، ومِنَ الواضِحِ هنا أَنَّها قرينَةُ سُوءٍ وَشَرٍّ. وهذا كقَوْلِهِ في الْآيَةِ: 60، مِنْ هَذِهِ السُّورةِ المُباركةِ: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ}. وَبما أَنَّ كَلَامُهُمْ هَذَا هوَ آتٍ في سياقِ الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ، فَلِذَلِكَ أَعْقَبَهُ اللهُ بِجُمْلَةِ الْحَالِ وَهِيَ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كَافِرُونَ.
قوْلُهُ: {وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} الرَّحْمَنُ: مِنْ أَسْماءِ اللهِ الحُسْنَى، وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ العرَبِ مِنْ قَبْلُ، لِذَلِكَ تَعَجَّبُوا مِنْهُ، وَسَأَلُوا عَنْهُ حِينَ أُمِروا بالسُّجودِ لَهُ، قَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الفُرْقان: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَن} الآيةَ: 60. والْأَظْهَرُ أَنَّ المُرَادَ "بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ" هُنَا الْقُرْآنُ، ونِسْبَتُهُ لَهُ تَعْنِيِ الذِّكْرَ الْوَارِدَ مِنْهُ. و "هُمْ كَافِرُونَ" أَيْ: مُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ آيَةً دَالَّةً عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِذَلِكَ قالُوا: {فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ}، كَمَا تَقَدَّمَ في الآيةِ: 5، مِنْ هَذِهِ السُّورةِ المُباركةِ. وَأَيْضًا فَهُمْ كافْرونَ بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ.
أَيْ أَنَّهُمْ يَغْضَبُونَ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ آلِهَتُهُمْ بِمَا هُوَ كَشْفٌ لِكُنْهِهَا الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ فِي حَالِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ الَّذِي هُوَ الْحَقِيقُ بِأَنْ يَذْكُرُوهُ. فَالْذِّكْرُ مَسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ ـ تَعَالَى، وَتَمْجِيدِهِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ أَيْضًا. وَالْمُنَاسَبَةُ الِانْتِقَالُ مِنْ ذِكْرٍ إِلَى ذِكْرٍ.
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ} الواوُ: اسْتِئْنافِيَّةٌ. و "إِذَا" ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ، مُتَضَمِّنٌ معنى الشَّرْطِ، خافضٌ لِشَرْطِهِ مُتَعَلِّقٌ بِجَوابِهِ. وَ "رَآكَ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفتْحِ المُقَدَّرِ عَلَى آخِرِهِ، لِتَعَذُّرِ ظُهُورِهِ عَلَى الأَلِفِ، وَكَافُ الخِطابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولٌ بِهِ لِأَنَّ الرُّؤيةَ هُنَا بَصَرِيَّةٌ. وَ "الَّذِينَ" اسْمٌ مَوْصولٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفَاعِلِيَّةِ، والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بإِضَافَةِ "إِذَا" إِلَيْهَا عَلَى كَوْنِهَا فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا.
قولُهُ: {كفروا} فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضَّمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجَماعَةِ، وواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ للتَّفريقِ، والجُمْلَةُ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصولِ "الذينَ" لا محلَّ لهَا مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} إِنْ: نَافِيَةٌ بمعنى "لا" النَّافِيَةِ. و "يَتَّخِذُونَكَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخِرِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الأَفْعالِ الخَمْسَةِ، وَوَاوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ على كونِهِ مَفْعُولًا أَوَّلَ لِـ "اتَّخَذَ"، وَ "إِلَّا" أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ مُفَرَّغٍ (للحَصْرِ). وَ "هُزُوًا" مَفْعُولُ الثَّاني منصوبٌ بِهِ، وَذَلِكَ إِمَّا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَإِمَّا عَلَى الوَصْفِ بِالْمَصْدَرِ مُبَالَغَةً، وَإِمَّا عَلَى وُقُوعِهِ مَوْقِعَ اسْمِ المَفْعُولِ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ جَوَابُ "إِذَا"، لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ. وَقيلَ جَوَابُ "إِذَا" مَحْذُوفٌ، وَهُوَ القَوْلُ الذي قَدْ حَكَى بِهِ الجُمْلَةَ الاسْتِفْهَامِيَّةَ فِي قَوْلِهِ: "أَهَذَا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ" إِذِ التَّقْديرُ: وَإِذَا رَآكَ الذينَ كَفَرُوا يَقُولُونَ: أَهَذَا الَّذي .. . وَتَكونُ الجُمْلَةُ المَنْفِيَّةُ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ الشَّرْطِ وَبَيْنَ جَوَابِهِ المُقَدَّرِ. وجُمْلَةُ "إِذَا" مِنْ شرطِها وجَوابِها مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {أَهَذَا الَّذِي} أَهَذَا: الهَمْزَةُ: للاسْتِفْهَامِ السُّخْرِيِّ التَّعَجُّبِيِّ. و "هذا" الهاءُ: للتَّنْبيهِ، و "ذَا" اسْمُ إشارةٍ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ. و "الَّذِي" اسْمٌ مَوصولٌ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَجَلِّ الرَّفعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ المُبْتَدَأِ. وَهَذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، مَقُولُ القولِ لِقَوْلٍ مَحْذوفٍ، والتقديرُ: حَالَةَ كَوْنِهِمْ قَائِلِينَ: أَهَذَا الذَي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ.
قولُهُ: {يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} يَذْكُرُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تَقْديرُهُ (هُوَ) يَعُودُ عَلَى الاسْمِ المَوْصُولِ. وَ "آلِهَتَكُمْ" مَفْعُولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والميمُ علامةُ جمعِ المُذَكَّرِ. وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصُولِ "الذي" لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قَوْلُهُ: {وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} الواوُ: حالِيَّةٌ، وَ "هُمْ" ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ. و "بِذِكْرِ" الباءُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "كَافِرُونَ"، وَ "ذِكْرِ" مَجْرورٌ بِحِرْفِ الجَرِّ، مُضافٌ، و "الرَّحْمَنِ" اسْمٌ للجلالةِ مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ. "هُمْ" تَأْكِيدٌ للضَّميرِ الأَوَّلِ. و "كَافِرُونَ" خَبَرُ المُبْتَدَأِ مرفوعٌ، وعلامةُ رَفعِهِ الواوُ لأنَّهُ جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ، والنونُ عِوَضٌ مِنَ التنوينِ في الاسْمِ المُفردِ، والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الحَالِ مِنْ فَاعِلِ "يَتَّخِذُونَكَ"، أَوْ مِنْ فَاعِلِ القَوْلِ المُقَدَّرِ.