فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى
(120)
قوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} الوَسْواسُ: مِنْ أَسْماءِ الشَيْطانِ، لأَنَّ الوَسْوَسَةَ شأْنُهُ. والوَسْوَسَةُ: حَديثُ النَّفْسِ، ذَلِكَ لأَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّما يَدْخُلُ عَلَى الإِنْسانِ مِنْ طريقِ النَّفْسِ، ولا طريقَ لهُ إليْهِ سواها، فَيُقالُ: وَسْوَسَتْ إِلَيْهِ نَفْسُه وَسْوَسَةً وَوِسْواسًا ـ بِكَسْرِ الوَاوِ. وبِالْفَتْحِ: الاسْمُ مِنْها، كَ "الزَلزالِ" و "الزِلزالِ". وَهُوَ مُوَسْوِسٌ بِالْكَسْرِ، ويقالُ لِصَوْتِ الحَلْيِ في يَدِ المَرْأَةِ إِذَا حَرَّكَتْها: "وَسْواسٌ" وذلكَ لِنُعُومَةِ جَرْسِهِ الذي يَجْذِبُ الأَسْمَاعَ، وَيُغْرِي النُّفوسَ بالتَّطَلُّعِ إِلَيْهِ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
فَباتَ يُشْئِزُه ثَأْدٌ ويُسْهِرهُ تَذَوُّبُ ............. الرِّيح والوَسْواسُ والهِضَبُ
يُشْئزُهُ: يجعلُهُ غَلِيظًا، مِنْ شَئِزَ المكانُ شَأَزًا: إِذَا غَلُظَ وَارْتَفَعَ، وشَئِزَ الرَّجُلُ شَأَزًا فَهُوَ شَئِزٌ: قَلِقَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ هَمٍّ. وَالثَّأَدُ: الثَّرَى، وَالنَّدَى، وَالثَّئِيدُ: المَكانُ النَّدِيُّ. والهِضابُ، أَوِ الهِضَبِ، أَوِ الهَضَبُ: جَمْعُ هَضْبٍ: وَهِيَ جَلَبَاتُ القَطْرِ بَعْدَ القَطْرِ، وتقول أَصابتهم أُهْضوبةٌ من المطر والجمع الأَهاضِيبُ، ويَعْني بِالْوَسْواسِ هَمْسَ الصَّيَّادِ وَكَلامَهُ، وَقَالَ أَعْشَى تَمِيمٍ:
تَسْمَعُ للحَلْيِ وَسْواسًا إِذَا انْصَرَفَتْ ..... كَمَا اسْتَعَانَ بِريحٍ عِشْرِقٌ زَجِلْ
العِشْرِقُ: نَبَاتٌ لَهُ ما يُشْبِهُ ثَمَرَ الحُمُّصِ إِذَا هَبَّتْ عَلَيْهِ الريحُ وهو يابسٌ كانَ لِحفيفِها جرسًا ناعمًا، يُشْبِهَ صوتَ الحَلْيِ فَشَبَّهَ الشاعرُ بهِ صَوْتَ الحَلْيِ.
وَقالَ رُؤْبَةُ بْنُ العَجَّاجِ يَصِفُ صَيَّادًا:
وَسْوَسَ يَدْعُوا مُخْلِصًا رَبِّ الفَلَقْ ......... لَمَّا دَنَا الصَّيْدُ دَنَا مِنَ الوَهَقْ
فِي الزَّرْبِ لَوْ يَمْضُغُ شُرْبًا مَا بَصَقْ
أَيْ: إِنَّ هَذا الرَّجُلَ الذي يتحدَّثُ عنْهُ الشّاعِرُ لَمَّا أَرَادَ الصَّيْدَ وَسْوَسَ فِي نَفْسِهِ: أَيُصِيبُ سهْمُهُ صيْدَهُ أَمْ يُخْطئُهُ؟. وَقالَ الأزْهَرِيُّ: "وسْوَسَ ووَزْوَزَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ".
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ وَسْوَسَ إِلَيْهِ، وَآدَمُ كَانَ فِي الجَنَّةِ، بينما إِبْلِيسُ فَقَدْ أُخْرِجَ مِنْها؟. فالجَوابُ فيما قَالَهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَانَ يُوَسْوِسُ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، وإِلَى الجِنَّةِ بالقُوَّةِ الفَوْقيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ لَهُ. وَقَالَ أَبُوا مُسْلِمٍ الأَصْفَهَانِيُّ: بَلْ كانَ آدَمُ وَإِبْلِيسُ فِي الجَنَّةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الجَنَّةَ كانَتْ بَعْضَ جَنَّاتِ الأَرْضِ، وقالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: لَمَّا أَسْكَنَ اللهُ آدَمَ وَزَوْجَتَهُ الجَنَّةَ، وَنَهَاهُ عَنِ الشَّجَرَةِ، وَكَانَتِ شَجَرَةً غُصُونُهَا مُتَشَعِّبٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَكَانَ لَهَا ثَمَرٌ تَأْكُلُهُ الْمَلَائِكَةُ لِخُلْدِهِمْ، وَهِيَ الثَّمَرَةُ الَّتِي نَهَى اللهُ آدَمَ عَنْهَا وَزَوْجَتَهُ. فَلَمَّا أَرَادَ إِبْلِيسُ أَنْ يَسْتَزِلَّهُمَا دَخَلَ فِي جَوْفِ الْحَيَّةِ، وَكَانَتْ لِلْحَيَّةِ أَرْبَعَةُ قَوَائِمَ كَأَنَّهَا بُخْتِيَّةٌ مِنْ أَحْسَنِ دَابَّةٍ خَلَقَهَا اللهُ. فَلَمَّا دَخَلَتِ الْحَيَّةُ الْجَنَّةَ، خَرَجَ مِنْ جَوْفِهَا إِبْلِيسُ، فَأَخَذَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا آدَمَ وَزَوْجَتَهُ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى حَوَّاءَ، فَقَالَ: انْظُرِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، مَا أَطْيَبَ رِيحَهَا، وَأَطْيَبَ طَعْمَهَا، وَأَحْسَنَ لَوْنَهَا. فَأَخَذَتْ حَوَّاءُ فَأَكَلَتْ مِنْهَا، ثُمَّ ذَهَبَتْ بِهَا إِلَى آدَمَ، فَقَالَتِ: انْظُرْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، مَا أَطْيَبَ رِيحَهَا، وَأَطْيَبَ طَعْمَهَا، وَأَحْسَنَ لَوْنَهَا. فَأَكَلَ مِنْهَا آدَمُ، فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا، فَدَخَلَ آدَمُ فِي جَوْفِ الشَّجَرَةِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا هُنَا يَا رَبِّ، قَالَ: أَلَا تَخْرُجُ؟ قَالَ: أَسْتَحْيِي مِنْكَ يَا رَبُّ، قَالَ: مَلْعُونَةٌ الْأَرْضُ الَّتِي خُلِقْتَ مِنْهَا لَعْنَةً يَتَحَوَّلُ ثَمَرُهَا شَوْكًا. قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي الْأَرْضِ شَجَرَةٌ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الطَّلْحِ وَالسِّدْرِ؛ ثُمَّ قَالَ: يَا حَوَّاءُ أَنْتِ الَّتِي غَرَّرْتِ عَبْدِي، فَإِنَّكِ لَا تَحْمِلِينَ حَمْلًا إِلَّا حَمَلْتِهِ كَرْهًا، فَإِذَا أَرَدْتِ أَنْ تَضَعِيَ مَا فِي بَطْنِكَ أَشْرَفْتِ عَلَى الْمَوْتِ مِرَارًا. وَقَالَ لِلْحَيَّةِ: أَنْتِ الَّتِي دَخَلَ الْمَلْعُونُ فِي جَوْفِكِ حَتَّى غَرَّ عَبْدِي، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ لَعْنَةً تَتَحَوَّلُ قَوَائِمُكِ فِي بَطْنِكِ، وَلَا يَكُنْ لَكِ رِزْقٌ إِلَّا التُّرَابَ، أَنْتِ عَدُوَّةُ بَنِي آدَمَ وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ، حَيْثُ لَقِيتِ أَحَدًا مِنْهُمْ أَخَذْتِ بِعَقِبِهِ وَحَيْثُ لَقِيَكِ شَدَخَ رَأْسَكِ. قَالَ عُمَرُ: قِيلَ لِوَهْبٍ: وَمَا كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَأْكُلُ؟ قَالَ: يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ". أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي (نَوَادِرِ الْأُصُولِ)، وَابْنُ جَريرٍ في التَّفسيرِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِم، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَرُوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُ هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَقالَ آخَرُونَ: إِنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ قَرُبَا مِنْ بابِ الجَنَّةِ ، وَكَانَ إِبْلِيسُ وَاقِفًا مِنْ خارِجِ الجَنَّةِ عَلَى بَابِهَا فَيَقْرُبُ أَحَدُهُمَا مِنَ الآخَرِ فَتَحْصُلُ الوَسْوسَةُ هُنَاكَ. واللهُ أَعْلَمُ.
فإِنْ قِيلَ: إِنَّ آدَمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانَ يَعْرِفُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْلِيسَ مِنَ العَدَاوَةِ، فَكَيْفَ قَبِلَ قَوْلَهُ؟. فالجَوَابُ: لَقَدْ نَسِيَ، أوَلم يَقُلُ رَبُّنا في الآيةِ: 115، السَّابِقَةِ: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}.
وقالَ هُنَا: "فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ" فَعَدَّى فِعْلَ الوَسْوَسَةِ بِـ "إِلَى" لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْهَى إِلَيْهِ الْوَسْوَسَةَ، لِكَوْنِه بِمَعْنَى "ذَكَرَ لَهُ". وَيَكونُ بِمَعْنَى "لِأَجْلِهِ". فَهُوَ كَقَوْلِكَ: "حَدَّثَ لَهُ". وَقَالَ في الآيَةَ: 20، مِنْ سُورَةِ الأَعْرَافِ: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ}، فَعَدَّاهُ هُناكَ بِاللَّامِ، لِأَنَّ "وَسْوَسَ لَهُمَا" مَعْنَاهُ وَسْوَسَ لِأَجْلِهِما أَيْضًا، فهوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ الرَّاجِزِ مَسْعُودُ عَبْدُ بَنِي الحَارِثِ بْنِ حِجْرٍ الفَزَاريِّ:
أَجْرِسْ لَهَا يَا ابْنَ أَبِي كِبَاشٍ .................. فَمَا لَهَا اللَّيْلَةَ مِنْ إِنْفَاشِ
غَيْرَ السُّرَى وَسَائِقٍ نَجَّاشِ
وهذا هُوَ مَوْضُوعُ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْكُوفِيِّينَ فِي تَعَاقُبِ حُرُوفِ الْجَرِّ، وَإِتْيَانِ بَعْضِهَا مَكَانَ بَعْضٍ، هَلْ هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى التَّضْمِينِ، أَوْ لِأَنَّ الْحُرُوفَ يَأْتِي بَعْضُهَا بِمَعْنَى بَعْضٍ؟، والقولانِ مُعْتَبَرَانِ.
قولُهُ: {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} بَيَانٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْوَسْوَسَةَ كَانَتْ بِتَطْمِيعِ أَبِينا آدَمَ ـ علَيْهِ السَّلامُ، فِي أَمْرَيْنِ وتزيينِهِما لَهُ: الأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ"، أَضَافَ الشَّجَرَةَ إِلَى الْخُلْدِ، وَهُوَ الْخُلُودُ، لِأَنَّ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا صَارَ مُخَلَّدًا بِزَعْمِهِ.
وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذِهِ الشَجِرةَ فَقَالَ: ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبعِينَ، أَوْ مِئَةَ سَنَةٍ، هِيَ شَجَرَةُ الْخُلدِ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ: (2/455، برقم: 9870). وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: (برقم: 1457). والدَّارِمِيُّ: (برقم: 2842). مِنْ حديثِ أَبِي هُريرةَ ـ رَضيَ اللهُ عَنْهُ. وفي روايةٍ أُخرى عَنْهُ، عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا)). وَاقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}. أَخْرَجَهُ الحُمَيْدِيُّ: (برقم: 1131)، وأَحْمَدُ: (2/257، برقم: 7489)، والبُخاريُّ: (6/183، برقم: 4881)، وَمُسْلِمٌ: (8/144).
الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَمُلْكٍ لَا يَبْلى" أَيْ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ دَامَ مُلْكُهُ، فيكونُ قَدْ أَطْمَعَهُ بِأَمْرَيْنِ هُما: دوامُ البَقَاءِ، وَدَوَامُ المُلْكِ. والعَجَبُ لآدَمَ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، كَيْفَ لَمْ يَفْطَنْ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كانَ كَلامُ الشَّيْطانِ صَحيحًا لَأَكَلَ هوَ مِنَ الشَّجَرةِ، ما دَامَ يَعْلمَ أَنَّها شَجَرةُ الخُلْدِ وَالمُلْكِ الذي لَا يَبْلَى، فهوَ أَوْلى بِذَلِكَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ "آدَمَ" ـ عليْهِ السَّلامُ، لَمْ يكُنْ نَبِيًّا عِنْدَ وَسْوَسَةِ الشَّيْطانِ لَهُ، وَقَبِلَها. إِذْ لوكانَ نَبِيًّا لَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ قَبُولٌ لذَلِكَ الأَمْرِ مِنْ إِبليسَ اللَّعينِ. وَكانَ ناسِيًا مَا أَخْبَرَهُ رَبُّهُ مِنْ عَدَاوَةِ إِبْلِيسَ وَحَسَدِهِ لَهُ.
وفي هَذِهِ الْقِصَّةَ تَنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَافِعَ لِقَضَاءِ الله وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَأَنَّ الدَّلِيلَ وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَنِهَايَةِ الْقُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ النَّفْعُ بِهِ إِلَّا إِذَا قَضَى الله تَعَالَى ذَلِكَ وَقَدَّرَهُ.
قوْلُهُ تَعَالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} الفاءُ: للعَطْفِ والتَّعْقيبِ. و "وَسْوَسَ" فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ. و "إِلَيْهِ" إِلى: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "وَسْوَسَ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "الشَّيْطَانُ" فاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ، وَالجُمْلَةُ مَعْطُوفَة عَلَى جُمْلَةِ {فَقُلْنَا} مِنَ الآيةِ: 118، السَّابقةِ عَلَى كَوْنِهَا فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقولُ القولِ لـ "قُلْنَا" مِنَ الآيةِ: 117.
قوْلُهُ: {قَالَ} فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جَوَازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "الشَّيْطَانُ"، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ إِمَّا بَدَلٌ مِنْ جُملَةِ "وَسْوَسَ" فتَكونُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ ـ كما تقدَّمَ، وإِمَّا أَنْ تكونَ اسْتِئْنَافًا وَقَعَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ فِي وَسْوَسَتِهِ؟ فَقِيلَ: قَالَ .. إِلخَ.
قولُهُ: {يَا آدَمُ} يَا: أَدَاةُ نِداءٍ للبَعِيدِ. و "آدَمُ" مُنَادَى مُفْرَدُ العَلَمِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ في مَحَلِّ النَّصْبِ بِيَاءِ النِّداءِ، وَجُمْلَةُ النِّداءِ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القَوْلِ لِـ "قالَ".
قَوْلُهُ: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ} هَلْ: حَرْفٌ للاسْتِفْهَامِ والنُّصْحِ. و "أَدُلُّكَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جَوازًا تقديرُهُ (أَنَا) يَعُودُ عَلَى {الشَّيْطَانُ}، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على المَفْعُولِيَّةِ. و "عَلَى" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَدُلُّ"، و "شَجَرَةِ" مَجْرورةٌ بحرفِ الجَرِّ مُضافٌ، وَ "الْخُلْدِ" مَجْرُورٌ بالإِضافَةِ إِلَيْهِ. و "وَمُلْكٍ" الواوُ: حَرْفٌ للعَطْفِ، و "مُلْكٍ" مَعْطُوفٌ عَلَى "شَجَرَةِ" مجرورٌ مِثْلُهُ، وَالجُمْلَةُ الفِعلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القَوْلِ لِـ "قَالَ".
قولُهُ: {لَا يَبْلَى} لا: نافيَةٌ لا عَمَلَ لَهَا. و "يَبْلَى" فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رَفْعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلَى آخِرِهِ لِتَعَذُّرِ ظهورِها عَلى الأَلِفِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى "مُلْكٍ"، والجُمْلَةُ صِفَةٌ لِـ "مُلْكٍ" في مَحَلِّ الجَرِّ.