الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 76
قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)
قوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي} أَيْ: شَعَرَ سَيَّدُنَا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بالحَرَجِ لِأَنَّ لَمْ يَسْتَطِعِ أَنْ يَصْبِرَ عَلى مَا يَرَى مِنْ فِعْلَ الخَضِرِ ـ عَلَيْهِما السَّلامُ، فَجَعَلَ لِصَاحِبِهِ الْعُذْرَ فِي أَنْ يفارقَهُ ويَتْرُكَ مُصَاحَبَتَهُ إِذَا بَدَرَ مِنْهُ أَيْ اعْتِرَاضٍ آخَرَ عَلَيْهِ، أَوْ قِلَّةُ صَبْرٍ مِنْهُ مَرَّةً أَخْرَى، وَذَلِكَ تَجَنُّبًا لِإِحْرَاجِهِ مَرَّةً ثالِثَةً، فَقدْ جَعَلَهُ مُوسَى في حِلٍّ مِنْ عَقْدِهِ، وَأَنْصَفَهُ مِنْ نَفْسِهِ، وذلكَ لِأَنَّ الثَّلاثَةَ آخِرُ حَدِّ القِلَّةِ وَأَوَّلَ حَدِّ الكَثْرَةِ، ولِذَلِكَ لَمْ يَجِدِ المُسَامَحَةَ بَعْدَها حَيْثُ قالَ لَهُ الخَضِرُ {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ}. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِصَّةُ أَيْضًا أَصْلًا لِلْآجَالِ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثَةٌ، وَأَيَّامُ الْمُتَلَوَّمِ ثَلَاثَةٌ.
قولُهُ: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} المَعْنَى: إنَّكَ قَدْ وَصَلْتَ إِلَى الْعُذْرِ مِنْ جِهَتِي، وبَلَغْتَ مَبْلَغًا تُعْذَرُ بِهِ فِي تَرْكِ مُصَاحَبَتِي، فَأَثْبَتَ لَهُ بُلُوغَ العُذْرِ تَخْيِيلًا، أَوِ اسْتَعَارَ الْبُلُوغَ لِتَعَيُّنِ حُصُولِ الشَّيْءِ بَعْدَ المُمَاطَلَةِ، فَقَدِ اسْتُعِيرَ "بَلَغْتَ" لِمَعْنَى (تَحَتَّمَ)، وَ (تَعَيَّنَ)، لِوُجُودِ أَسْبَابِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الاسْتِعارةِ الْمَكْنِيَّةِ. وذَلِكَ بِتَشْبِيهِ الْعُذْرِ فِي قَطْعِ الصُّحْبَةِ، بِمَكَانٍ يَنْتَهِي إِلَيْهِ السَّائِرُ.
قالَ عبدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: يُريدُ أَنَّكَ قَدْ أُعْذِرْتَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَقَدْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّي لَا أَسْتَطِيعُ مَعَكَ صَبْرًا) "زادُ المَسيرِ مِنْ عُلومِ التَفْسِيرِ" لِأَبي الفَرَجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الجَوْزِيِّ: (5/175). وَقَالَ أَهْلُ المَعَانِي: هَذَا إِقْرَارٌ مِنْ مُوسَى بِأَنَّ الخَضِرَ قَدْ قَدَّمَ إِلَيْهِ مَا يُوجِبَ العُذْرَ عِنْدَهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَنَكَرَ. "إِعْرَابُ القُرْآنِ" لأَبي جَعْفَرٍ النَّحَّاسِ: (2/286). ورُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَلَا هَذِهِ الآيَةَ فَقَالَ: ((يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا)). الحديثُ سَبَقَ تَخْريجُهُ في أَوَّلِ القِصَّةِ عند تفسير الآيةِ: 69، مِنْ حديثِ سعيدِ بْنِ جبيرٍ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ، عنْ أُبيِّ بْنِ كعبٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
قوْلُهُ تَعَالى: {قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها} قَالَ: فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ عَلَى الفَتْحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا "مُوسَى" عَلَيْهِ السَّلامُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإِعرابِ. و "إِنْ" حَرْفُ شَرْطٍ جَازِمٌ. و "سَأَلْتُكَ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفْعٍ متحرِّكٍ هو تاءُ الفاعِلِ، فِي مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إنْ" الشَّرْطِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا، وتاءُ الفاعِلِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محَلِّ رَفعِ فاعِلِهِ، وكافُ الخِطابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولٌ بِهِ. و "عَنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "سَأَلَ"، وَهُوَ فِي مَحَلِّ المَفْعولِ الثاني، و "شَيْءٍ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "بَعْدَهَا" منصوبٌ على الظَرْفيَّةِ الزمانيَّةِ، متعلِّقٌ بِصِفَةٍ لِـ "شَيْءٍ" وهُوَ مُضافٌ، وَ "هَا" ضَميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في محلِّ الجرِّ بالإِضافَةِ إِلَيْهِ.
قوْلُهُ: {فَلا تُصاحِبْنِي} فَلَا: الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ "إِنْ" الشَّرْطِيَّةِ وُجُوبًا لِكَوْنِ جَوابِها جُمْلَةً طَلَبِيَّةً، و "لا" نَاهِيَةٌ جَازِمَةٌ. و "تُصَاحِبْنِي" تُصَاحِبْ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِـ "لا" النَّاهِيَةِ، وَالنُّونُ: للوِقَايَةِ، والياءُ: ضميرُ المتكلِّمِ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ بالمَفْعُوليَّةِ، وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذِهِ، فِي مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إِنْ" الشَّرْطِيَّةِ عَلَى كَوْنِهَا جَوابًا لَهَا، وَجُمْلَةُ "إِنْ" الشَّرْطِيَّةِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بـ "قالَ" على أَنَّها مَقولُ قولٍ لَهَا.
قولُهُ: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} قَدْ: حَرْفٌ للتَّحْقِيقِ. وَ "بَلَغْتَ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هوَ تاءُ الفاعِلِ، وتَاءُ الفاعِلِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ رَفعِ فَاعِلِهِ. و و "مِنْ" حرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "بَلَغْتَ"، أَوْ بِمَحْذوفِ حَالٍ مِنْ "عُذْرًا"، وَ "لدُنِّي" اسْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، وهُوَ مُضَافٌ، والنُّونُ الثانيَّةُ للوقايةِ، والياءُ: ضميرُ المُتَكَلِّمِ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. وَ "عُذْرًا" مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بِـ "قَالَ" على أَنَّها مَقُولُ قولٍ لَهَا.
قَرَأَ الجُمْهورُ: {فَلَا تُصَاحِبْنِي} مِنَ المُفَاعَلَةِ. وقَرَأَ عِيسَى الأَعْرَجُ: "فَلَا تَصْحَبَنِّي" بِفَتْحِ التَّاءِ والحاءِ والباءِ وتَشْديدِ النُّونِ. مِنَ الفِعْلِ الثُّلاثيِّ: (صَحِبَ)، (يَصْحَبُ). وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: (تُصْحِبْنِي) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، وَرَوَاهَا سَهْلٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ فَلَا تَتْرُكُنِي أَصْحَبُكَ. وَهيَ قِراءةُ أُبَيِّ بْنُ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِنْ الفِعْلِ (أَصْحَبَ)، (يُصْحِبُ)، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، والتَقْديرُ: فَلَا تُصْحِبْنِي نَفْسَكَ. وَأَظْهَرَ أُبَيٌّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، المَفْعُولَ فَقَرَأَ أَيْضًا: "فَلا تُصْحِبْنِي عِلْمَكَ". واللهُ أَعْلَمُ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: {مِنْ لَدُنِّي} بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَكْسُورَةً، وَهِيَ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّم، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَعْنِي أَنَّ فِيهَا سَنَدًا خَاصًّا مَرْوِيًّا عَنِ النِّبيِّ ـ عَلَيْهِ صَلاةُ اللهِ وَسَلامُهُ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو بَكْرٍ عنْ عاصِمٍ، وَأَبُو جَعْفَر: "مِنْ لَدُنِي" بِدَالٍ مَضْمومةٍ ونُونٍ مَكْسُورَةٍ خَفِيفَةٍ، وحُذِفِ نُونِ الْوِقَايَةِ للتَخْفِيفِ، وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ "لُدْنِي" بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ، قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: وَهِيَ غَلَطٌ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا التَّغْلِيطُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ، فَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ الْعَرَبِيَّةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ. فَأَلْزَموا الدَّالَ الضَّمَّةَ مَنْبَهَةً عَلى الأَصْلِ. وَقِيلَ لا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي (مِنِّي) و (عَنِّي) فيُقالُ: (مِنِي) وَ (عَنِي)، لِأَنَّ (لَدُنْ) أَثْقَلُ منْ (منْ) و (عَنْ)، فَلذلكِ كَانَ التَّخْفِيفُ فِيهَا دُونَهُمَا مَقْبُولًا. إِلَّا أَنَّ شَاعِرًا شَذَّ فَحَذَفَهَا مِنْ "عَنْ" وَ "مِنْ" فَقَالَ:
أَيُّها السَّائِلُ عنهم وعِنِيْ ................. لَسْتُ مِنْ قَيْسٍ وَلَا قَيْسٌ مِنِيْ
قالَ البَغْدادِيُّ في خِزَانَةِ الأَدَبِ: (5/381): وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ شَيْءٌ لِأَنَّا لَمْ نَعْرِفْ لَهُ قَائِلًا، وَلَا نَظِيرًا، لِاجْتِمَاعِ الْحَذْفِ فِي الحَرْفَيْنِ. وَلذَلِكَ نَسَبَهُ أَبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الحافِظِ مُحَمَّدِ بنِ الجُزْرِيِّ المعروفُ بابْنِ النَّاظِمِ إِلَى بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ وَلَمْ يَنْسِبْهُ إِلَى الْعَرَبِ. وَفِي (التُّحْفَةِ) لابْنِ مَالِكٍ: لَمْ يَجِئِ الْحَذْفُ إِلَّا فِي بَيْتٍ لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ. وقدْ مَنَعَ سِيبَوَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قائلًا: لَا يَجوزُ أَنْ تَأْتيَ بـ "لَدُنْ" مَعَ يَاءِ المُتَكَلِّمِ دُونَ نُونِ وِقَايَةٍ. لكِنَّ هَذِهِ القِرَاءَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لا يُقالُ: إِنَّ هَذِهِ النُّونَ نُونُ الوِقَايَةِ، وَإِنَّما اتَّصلَتْ بِـ "لَدُ" الَّتي هِيَ لُغَةٌ فِي "لَدُنْ" حَتَّى يَتَوَافَقَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ مَعَ هَذِهِ القِرَاءَةِ؟ فإِنَّ الجَوَابَ: إِنَّ ذَلِكَ لا يَصِحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوَّلُهُما: أَنَّهُ إِنَّما جِيءَ بِنُونَ الوِقايَةِ لِتَقِيَ الكَلِمَةَ منَ الكَسْرَ مُحَافَظَةً عَلَى سُكُونِهَا. وَلا يُسَكِّنُونَ دُونَ نُونٍ؛ لِأَنَّ الدَّالَ مَضْمَومَةٌ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى النُّونِ. وَثَانِيهما: أَنَّ سِيبَوَيْهِ يَمْنَعُ أَنْ يُقالَ: "لَدُنِي" بِالْتَخْفِيفِ. وَلَكِنَّ هَذِهِ القِراءَةَ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكونَ النُّونُ فِيها أَصْلِيَّةً، وَأَنْ تَكونَ للوِقايَةِ، عَلى أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى "لَدْ" السَّاكِنَةِ الدَّالِ، وهي لُغَةً فِي "لَدُنْ" فَالْتَقَى سَاكِنَانِ. فَكُسِرَتْ نُونُ الوِقَايَةِ عَلَى أَصْلِها. وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ النُّونَ أَصْلِيَّةٌ فَالسُّكونُ تَخْفيفٌ كَتَسْكِينِ ضَادِ "عَضُدٍ" فيقالُ "عَضْدٌ" وما في هذا البابِ. وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ "لَدْنِي" أَيْضًا بِسُكُونِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ، وَلَكِنَّهُ أَشَمَّ الدَّالَ الضَّمَّ لِيُنَبِّهَ عَلَى الأَصْلِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ القُرَّاءُ في هَذا الإِشْمامِ، فقالَ بعضُهُم: هوَ إِشَارَةٌ بِالشِّفَاهِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ كَالإِشْمَامِ الذي فِي الوَقْفِ، وَهوَ المَعْرُوفُ. وقالَ آخَرونَ: هوَ إِشَارَةٌ للْحَرَكَةِ المُدْرَكةِ بِالحِسِّ فهُوَ كَالْرَّوْمِ فِي المَعْنَى، أَيْ: أَنَّهُ إِتْيانٌ بِبَعْضِ الحَرَكَةِ. كَمَا تَقَدَّمَ بيانُهُ في الكلامِ عَلَى الآيَةِ: 11، مِنْ سُورةِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ إِذْ قالوا لِأَبِيهم: {يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا}.
قَرَأَ الجُمهورُ: {عُذْرًا} بِضَمَّةٍ فَسُكونٍ، وَقَرَأَ عِيسَى، وَأَبُو عَمْرٍو ـ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: "عُذُرًا" بِضَمَّتَيْنِ. ورويَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَيْضًا أَنَّهُ قَرَأَ "عُذْرِيَ" مُضَافًا لِياءِ المُتَكَلِّمِ، وَحَكَى أَبو عُمَرٍ الدَّانِيُّ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، رَوَى عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُذْرِيَ" بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَاءٍ بَعْدَهَا.