روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 83

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  83 Jb12915568671



الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  83 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 83   الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  83 I_icon_minitimeالأحد أبريل 28, 2019 8:43 pm

وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُوسًا
(83)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ} أَيْ: وإذا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنْسانِ بِالصَّحَةِ والأَمْنِ والنِّعَمَ المُخْتَلِفَةِ، فَنَزَعْنَا عَنْهُ مُوجِباتِ الخَوْفِ، وأَرْخَيْنَا لَهُ حَبْلَ الإِمْهَالِ، وهَيَّأْنَا لَهُ أَسْبَابَ الرَّفاهِيَةِ. وَقَالَ المُفَسِّرونَ: وهَذَا الإِنْعَامُ: سَعَةُ الرِّزْقِ، وكَشْفُ البَلاءِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ النِّعَمَ الْكَامِلَةَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الفاتحةِ: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} الْآيَةَ: 7. وَقَولِهِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ: {فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ} الآيةَ: 69. وَالتَّعْرِيفُ فِي "الإِنْسَانِ" هُنَا لِلْجِنْسِ، وَيُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ، وَهُوَ اسْتِغْرَاقٌ عُرْفِيٌّ، أَيْ أَكْثَرُ أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ كُفَّارٌ، وَأَكْثَرَ الْعَرَبِ مُشْرِكُونَ. فَالْمَعْنَى: إِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَعْرَضُوا وَإِذَا مَسَّهُمُ الشَّرُّ يَئِسُوا. وَهَذَا في مُقَابِلِ حَالِ أَهْلِ الْإِيمَانِ، الَّذِينَ كَانَ الْقُرْآنُ شِفَاءً لِأَنْفُسِهِمْ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ مِنْ شِيَمِهِمْ، وَالصَّبْرُ عَلَى الضُّرِّ مِنْ خُلُقِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: الإِنْسَانُ هَهُنَا: هوَ الكَافِرُ، وَالمُرَادُ بِهِ هُوَ الوَلِيدُ بِنُ المُغِيرَةِ.
قولُهُ: {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجانِبِهِ} أَيْ: أَعْرَضَ عَنْ شُكْرِ رَبِّهِ المَنَّانِ، واسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ دَواعِي العِصْيانِ، وتَبَاعَدَ عَنْ بِسَاطِ الإِذْعانِ، واعْتَرَتْهُ مَجَاهِلُ النِّسْيَانِ، وَيُقَالُ إِعْرَاضُهُ في هَذَا المَوْضُوعِ نِسْيَانُهُ، وَرُؤْيَتُهُ أَنَّ مَا هوَ فِيهِ مِنْ فَضْلٍ هوَ مِنْهُ لا مِنَ الحَقِّ ـ تَبَارَكَ وتَعَالَى، وَتَوَهُّمُهُ أَنَّ مَا بِهِ مِنْ النِّعَمِ فَبِاسْتِحْقاقِ طاعَةٍ أَخْلَصَ فِيهَا، أَوْ شِدَّةٍ قاسَاهَا. وهَذَا فِي التَّحْقِيقِ شِرْكٌ لأَنَّ نِعْمَتَهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، عَلَى عَبْدِهِ، هِيَ بِمَحْضِ جُودِهِ وكرَمِهِ وفَضْلِهِ، مُقدَّرةٌ مُخصَّصَةٌ في سابِقِ عِلْمِهِ، ولَيْسَتْ مُتَعَلِّقةً بِعِلَّةٍ، أَوْ مُتَوَقِّفَةً على عَمَلٍ يقومُ بِهِ العَبْدُ، أَوْ واجِبٍ يُؤَدِّيهِ، فإنَّ عَطَاءَهُ تَعَالَى وأَفْعَالَهُ مُنَزَّهَةٌ عَنِ العِلَّةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ اللهِ كَأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ، مُسْتَبِدٌّ بِنَفْسِهِ.
وَالْإِعْرَاضُ: الصَّدُّ، وَضِدُّ الْإِقْبَالِ. كَما في قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} الآيَةَ: 63، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} الآيَةَ: 68.
وَالنَّأْيُ: الْبُعْدُ، كَما في قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} الآية: 26. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَنَأَى بِجَانِبِهِ" قَالَ: تَبَاعَدَ مِنَّا.
وَالْجَانِبُ، والْجَنْبُ: هُوَ الْجِهَةُ مِنَ الْجَسَدِ الَّتِي فِيهَا الْيَدُ، وَهُمَا جَانِبَانِ: يَمِينٌ وَيَسَارٌ.
وَ "نَأَى بِجَانِبِهِ" تَأْكِيدٌ لِلْإِعْرَاضِ، لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنِ الشَّيْءِ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُرْضَ وَجْهِهِ. وَالنَّأْيُ بِالْجَانِبِ: أَنْ يَلْوِيَ عَنْهُ عِطْفَهُ، وَيُوَلِّيَهُ ظَهْرَهُ، وَأَرَادَ الِاسْتِكْبَارَ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ الْمُسْتَكْبِرِينَ. وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: "بِجانِبِهِ" لِلْمُصَاحَبَةِ، أَيْ بَعُدَ مُصَاحِبًا لِجَانِبِهِ، أَيْ مُبْعِدًا جَانِبَهُ. وَالْبُعْدُ بِالْجَانِبِ تَمْثِيلُ الْإِجْفَالِ مِنَ الشَّيْءِ، ومن ذلكَ قَوْلُ الشاعرِ الفارسِ عَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ:
وَكَأَنَّمَا يَنْأَى بِجَانِبِ دُفِّهَا الْــ ............ ــوَحْشِيِّ مِنْ هَزَجِ الْعَشِيِّ مُؤَوَّمِ
فَالْمُفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَ "نَأَى بِجانِبِهِ" صَدَّ عَنِ الْعِبَادَةِ وَالشُّكْرِ. وَهَذَا غَيْرُ الْمُفَادِ مِنْ مَعْنَى "أَعْرَضَ" فَلَيْسَ تَأْكِيدًا لَهُ، فَالْمَعْنَى: أَعْرَضَ وَتَبَاعَدَ. وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ "أَعْرَضَ وَنَأَى" لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ عَلَيْهِ، مِنْ قَوْلِهِ: "أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ"، أَيْ أَعْرَضَ عَنَّا، وَأَجْفَلَ مِنَّا، أَيْ مِنْ عِبَادَتِنَا، وَأَمْرِنَا، وَنَهْيِنَا.
وَقَدْ أَوْضَحَ ـ جَلَّ وَعَلَا، هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ العَزيزِ، كَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ هُودٍ: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} الآيَتَانِ: (9 و 10)، وَكقَوْلِهِ فِي آخَرِ سورةِ فُصِّلَتْ: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} الآيات: (49 ـ 51)، وَقَوْلِهِ فِي الآية: 33، مِنْ سُورَةِ الرُّومِ: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}، وَقَوْلِهِ منْهَا أَيْضًا: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} الآية: (36)، وَكقَوْلِهِ فِي الآيةِ: 12، مِنْ سُورَةِ يُونُسَ: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ}، وَكقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الزُّمَرِ: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ للهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} الْآيَةَ: 8، وَقَوْلِهِ مِنْهَا أَيْضًا: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} الآية: 49، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قولُهُ: {وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُوسًا} أَيْ: وإِذَا نَزَلَ بِهِ الفَقْرُ البَلاءُ كانَ يَؤُوسًا أَيْ: قَنُوطًا شَديدَ اليَأْسِ، لا يَرْجُو فَضْلَ اللهِ. فالْيَئُوسُ: شَدِيدُ الْيَأْسِ، أَيِ الْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "كَانَ يَؤوسًا" قَالَ: قَنُوطًا.
والآيةُ بَيَانٌ للسَّبَبِ النَّفْسَانِيِّ الَّذِي يُوقِعُ الْعُقَلَاءَ فِي مَهْوَاةِ هَذَا الْحِرْمَانِ، وَذَلِكَ بَعْدَ الِاشْتِغَالِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ نِعْمَة هَوِيَهَا وَأُولِعَ بِهَا، وَهِيَ نِعْمَةٌ تَتَقَاصَرُ عَنْ أَوْجِ تِلْكَ النِّعَمِ الَّتِي حُرِمَ مِنْهَا، لَوْلَا الْهَوَى الَّذِي عُلِّقَ بِهَا وَالْغُرُورُ الَّذِي أَرَاهُ إِيَّاهَا قُصَارَى الْمَطْلُوبِ، وَمَا هِيَ إِلَّا إِلَى زَوَالٍ قَرِيبٍ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى منْ سُورَةِ المُزَّمِّلِ: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} الآيَةَ: 11، وَقَوْلُهُ منْ سُورَةِ آلِ عِمْرَان: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاَعٌ قَلِيلٌ} الآيَتَانِ: (196 و 197). فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَضْمُونُهَا مَقْصُودٌ بِذَاتِهِ اسْتُفِيدَ بَيَانُهَا بِوُقُوعِهَا عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا. فقد بَيَّنَ ـ جَلَّ وَعَلَا، فِيهَا أَنَّهُ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالرِّزْقِ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَنَأَى بِجَانِبِهِ، أَيْ تَبَاعَدَ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، فَلَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ، وَلَمْ يَجْتَنِبْ نَهْيَهُ. وَقَدِ اسْتَثْنَى اللهُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ فِي الآية:11، مِنْ سُورَةِ هُودٍ: (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
قولُهُ تَعَالَى: {وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ} الواوُ: عاطِفَةٌ، و "إِذا" ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ خافضٌ لِشَرْطِهِ متعلِّقٌ بجوابِهِ. و "أَنْعَمْنا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ مُتَحَرِّكٍ هوَ "نَا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ جَلَّ وَعَزَّ، و "نا" التَعْظِيمِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفْعِ فاعِلُهُ. وَ "عَلَى" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَنْعَمْنا"، وَ "الْإِنْسانِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ فِي مَحَلِّ الخَفْضِ بإضافَةِ "إِذَا" إِلَيْها عَلَى كَوْنِها فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا.
قولُهُ: {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجانِبِهِ} أَعْرَضَ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "الْإِنْسانِ". و "وَنَأَى" الواوُ: للعطفِ، و "نَأَى" فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ عَلى الفَتْحِ المُقَدَّرِ عَلَى آخِرِهِ لِتَعَذُّرِ ظُهُورِهِ عَلَى الأَلِفِ، معطوفٌ عَلى "أَعْرَضَ" وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "الْإِنْسانِ". وجُمْلَةُ "أَعْرَضَ" جَوَابُ "إِذا" لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ، وجُمْلَةُ "إذا" مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قوْلِهِ: "وَنُنَزِّلُ" مِنَ الآيَةِ: 82، التي قَبْلَها عَلَى كَوْنِها مُسْتَأْنَفَةً لا محلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ.
قولُهُ: {وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ} الوَاوُ: حرفُ عَطْفٍ، وَ "إِذا" تقدَّمَ إعرابُها. و "مَسَّهُ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ. والهَاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصِبِ مَفْعولٌ بِهِ. و "الشَّرُّ" فِاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الخَفْضِ بِإِضَافَةِ "إذا" إِلَيْهَا، عَلَى كَوْنِهَا فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا.
قوْلُهُ: {كانَ يَؤُسًا} كانَ: فِعْلٌ مَاضٍ نَاقِصٌ مبنيٌّ عَلَى الفَتْحِ، واسْمُهُ ضَميرٌ مسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "الإِنْسَانِ". و "يَؤُسًا" خَبَرُ "كانَ" منصوبٌ بِها، وَجُمْلَةُ "كَانَ" جَوَابُ "إذا"، وَجُمْلَةُ "إذا" مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "إِذا" الأُولَى فلا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: {وَنَأى} بِهَمْزَةٍ بَعْدَ النُّونِ وَأَلِفٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ "وَنَاءَ" بِأَلِفٍ بَعْدَ النُّونِ ثُمَّ هَمْزَةٍ. وَهَذَا مِنَ الْقَلْبِ الْمَكَانِيِّ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ يَتَطَلَّبُونَ تَخْفِيفَ الْهَمْزَةِ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ حَرْفٍ صَحِيحٍ وَبَعْدَهَا مَدَّةٌ فَيَقْلِبُونَ الْمَدَّةَ قَبْلَ الْهَمْزَةِ لِأَنَّ وُقُوعَهَا بَعْدَ الْمَدِّ أَخَفُّ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: "رَاءَ" فِي "رَأَى"، وَقَوْلُهُمْ: "آرَامٌ" فِي "أَرْآمٍ"، جَمْعُ "رِئْمٍ"، وَقِيلَ: "نَاءَ" فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِمَعْنَى ثَقُلَ، أَيْ عَنِ الشُّكْرِ، أَيْ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى منْ سُورَةِ الأَعْرافِ: {وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} الْآيةَ: 176. وَقَرَأَ الكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ عَنْ سَلِيمٍ عَنْ حَمْزَةَ: "وَنَاءَ" بِإمَالَةِ النُّونِ وَالهَمْزَةِ. وَرَوَى خَلَّادُ عَنْ سَلِيمٍ: "نَئِيَ" بِفَتْحِ النُّونِ، وَكَسْرِ الهَمْزَةِ، والمَعْنَى: تَبَاعَدَ عَنِ القِيامِ بِحُقوقِ النِّعَمِ، وَقِيلَ المعنى: تَعَظَّمَ وَتَكَبَّرَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 83
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 7
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 21
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33/ 4
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 46
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 63

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: