روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  33 / 2 Jb12915568671



الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  33 / 2 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 2   الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  33 / 2 I_icon_minitimeالأحد فبراير 24, 2019 3:16 pm

قَالَ الشنقيطيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي رُجْحَانُهُ بِالدَّلِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ هُوَ الْمُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَلَوْ أَرَادَ الدِّيَةَ وَامْتَنَعَ الْجَانِي فَلَهُ إِجْبَارُهُ عَلَى دَفْعِهَا، لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ، وَدَلَالَةِ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ في الآيَةِ: 195، مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، ويقولُ مِنْ سورةِ النِّسَاء: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} الآيةَ: 29. وَمِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ إِهْلَاكَ نَفْسِهِ لِيَصونَ مالَهُ لِوَارِثِهِ: أَنَّ الشَّارِعَ يَمْنَعُهُ مِنْ هَذَا التَّصَرُّفِ الزَّائِغِ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ، وَيُجْبِرُهُ عَلَى صَوْنِ دَمِهِ بِمَالِهِ. وَمَا احْتَجَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: أَعْطِنِي كَذَا عَلَى أَلَّا أَقْتُلَكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي الدِّيَةَ الْمُقَرَّرَةَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، لِنَصِّ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَعْطِنِي كَذَا غَيْرَ الدِّيَةِ لَمْ يُجْبَرْ، لِأَنَّهُ طَلَبٌ غَيْرُ الشَّيْءِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: الْأُولَى: الْعَمْدُ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ السُّلْطَانُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَالثَّانِيَةُ: شِبْهُ الْعَمْدِ. وَالثَّالِثَةُ: الْخَطَأُ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ ـ رضِي اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. وَنَقَلَهُ فِي الْمُغْنِي عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ، وقَتَادَةَ وَحَمَّادٍ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَالثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
وَخَالَفَ الْجُمْهُورَ مَالِكٌ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فَقَالَ: الْقَتْلُ لَهُ حَالَتَانِ فَقَطْ. الْأُولَى: الْعَمْدُ، وَالثَّانِيَةُ الْخَطَأُ. وَمَا يُسَمِّيهِ غَيْرُهُ شِبْهُ الْعَمْدِ جَعَلَهُ مِنَ الْعَمْدِ. وَاسْتَدَلَّ ـ رَحِمَهُ اللهُ، بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَاسِطَةً بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، بَلْ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، كَقَوْلِهِ مِنْ سورةِ النِساءِ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} الْآيَةَ: 92، ثُمَّ قَالَ بعدها فِي الْعَمْدِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} الْآيَةَ: 93، فَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَاسِطَةً، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى منْ سُورةِ الأحزاب: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} الْآيَةَ: 5، فَلَمْ يَجْعَلْ فِيهَا بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ وَاسِطَةً وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ.
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ وَاسِطَةً بَيْنَ الْخَطَأِ الْمَحْضِ، وَالْعَمْدِ الْمَحْضِ، تُسَمَّى خَطَأَ شِبْهِ عَمْدٍ بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا هُوَ عَيْنُ الْوَاقِعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لِأَنَّ مَنْ ضَرَبَ بِعَصًا صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، وَهُوَ قَاصِدٌ لِلضَّرْبِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْمَضْرُوبَ لَا يَقْتُلُهُ ذَلِكَ الضَّرْبُ، فَفِعْلُهُ هَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ مِنْ جِهَةِ قَصْدِهِ أَصْلَ الضَّرْبِ وَهُوَ خَطَأٌ فِي الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَقْصِدُ الْقَتْلَ، بَلْ وَقَعَ الْقَتْلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ إِيَّاهُ.
وَالثَّانِي: حَدِيثٌ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ ـ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ مُسدِّدًا قالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ، فَكَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ))، إِلَى هَا هُنَا حَفِظْتُهُ عَنْ مُسَدَّدٍ، ثُمَّ اتَّفَقَا: ((أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُذْكَرُ وَتُدْعَى مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ أَوْ سَدَانَةِ الْبَيْتِ)) ـ ثُمَّ قَالَ: ((أَلَا إِنَّ دِيَةِ الْخَطَأِ شِبْهَ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِئَةً مِنَ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا))، وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَتَمُّ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ مَعْنَاهُ. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَعْنَاهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ الْفَتْحِ ـ أَوْ قالَ: فَتْحِ مَكَّةَ، عَلَى دَرَجَةِ الْبَيْتِ أَوِ الْكَعْبَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمِثْلُ حَدِيثِ خَالِدٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ نَحْوَهُ، وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ عَلَى أَيُّوبَ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ فِيهِ، وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ عَلَى خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فِيهِ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَرَكْنَا لَفْظَ كَلَامِهِ لِطُولِهِ. وَقالَ ابْنُ مَاجَهْ ـ رَحِمَهُ اللهُ، فِي سُنَنِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثْنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِئَةٌ مِنَ الْإِبِلِ: أَرْبَعُونَ مِنْهَا خِلْفَةٌ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا)). حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، سَمِعَهُ مِنَ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الْخَطَأِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِئَةٌ مِنَ الْإِبِلِ: مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا)). وَسَاقَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي فِي إِسْنَادِهَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ السُّكَّرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمُزَنِيَّ يَوْمًا، وَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ شِبْهِ الْعَمْدِ، فَقَالَ السَّائِلُ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَ الْقَتْلَ فِي كِتَابِهِ صِفَتَيْنِ: عَمْدًا وَخَطَأً، فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ؟ وَلِمَ قُلْتُمْ شِبْهَ الْعَمْدِ؟ فَاحْتَجَّ الْمُزَنِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ مُنَاظِرُهُ: أَتَحْتَجُّ بِعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ؟ فَسَكَتَ الْمُزَنِيُّ فَقُلْتُ لِمُنَاظِرِهِ: قَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. فَقَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ غَيْرُ عَلِيٍّ؟ قُلْتُ: رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ. قَالَ لِي: فَمَنْ عُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ؟ فَقُلْتُ: عُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ مَعَ جَلَالَتِهِ. فَقَالَ لِلْمُزَنِيِّ: أَنْتَ تُنَاظِرُ أَوْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فَهُوَ يُنَاظِرُ. لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنِّي، ثُمَّ أَتَكَلَّمُ أَنَا. ثُمَّ شَرَعَ الْبَيْهَقِيُّ يَسُوقُ طُرُقَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. قَالَ الشنقيطيُّ: لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْأَسَانِيدِ أَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهْمٌ، وَآفَتُهَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ. وَالْمَعْرُوفُ: أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا جَاءَ صَحِيحًا مَنْ وَجْهٍ لَا يُعَلُّ بِإِتْيَانِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ صَحِيحٍ، وَالْقِصَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي مُنَاظَرَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ لِلْعِرَاقِيِّ الَّذِي نَاظَرَ الْمُزَنِيَّ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ. فإِذَا عَرَفْتَ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي حَالَاتِ الْقَتْلِ: هَلْ هِيَ ثَلَاثٌ، أَوِ اثْنَتَانِ؟ وَعَرَفْتَ حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ فَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِي الدَّلِيلُ رُجْحَانَهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهَا ثَلَاثُ حَالَاتٍ: عَمْدٌ مَحْضٌ، وَخَطَأٌ مَحْضٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ، لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا أَثْبَتَ شَيْئًا سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ، فَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ زِيَادَةُ أَمْرٍ سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ، وَذَلِكَ لَا إِشْكَالَ فِيهِ عَلَى الْجَارِي عَلَى أُصُولِ الْأَئِمَّةِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي أُصُولِهِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، وَأَنَّ الْمُتَوَاتِرَ لَا يُنْسَخُ بِالْآحَادِ. وَلَكِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وَافَقَ الْجُمْهُورَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، خِلَافًا لِمَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ حَالَاتِ الْقَتْلِ ثَلَاثٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْعَمْدَ الْمَحْضَ فِيهِ الْقِصَاصُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا حُكْمَ الْعَفْوِ فِيهِ. وَالْخَطَأُ شِبْهُ الْعَمْدِ. وَالْخَطَأُ الْمَحْضُ فِيهِمَا الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَسْنَانِ الدِّيَةِ فِيهِمَا، وَسَنُبَيِّنُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، مَقَادِيرَ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ، إِذَا وَقَعَ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَسْنَانِهَا فِيهِمَا، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهَا تَكُونُ أَرْبَاعًا: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً. وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي.
وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَزَيْدٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَالْمُغِيرَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِي الدَّلِيلُ رُجْحَانَهُ. لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ: مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا))، وَبَعْضُ طُرُقِهِ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي بَيَانِ السِّتِّينَ الَّتِي لَمَّ يَتَعَرَّضُ لَهَا هَذَا الْحَدِيثُ: (بَابُ صِفَةِ السِّتِّينَ الَّتِي مَعَ الْأَرْبَعِينَ) ثُمَّ سَاقَ أَسَانِيدَهُ عَنْ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم، فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ عَنْهُ، أَنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً. وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي مُسْتَدِلًّا لِهَذَا الْقَوْلِ: وَدَلِيلُهُ هُوَ مَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنَّ شَاءُوا قَتَلُوهُ، وَإِنَّ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خِلْفَةً، وَمَا صُولِحُوا فَهُوَ لَهُمْ))، وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ الْقَتْلِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. انتهى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، الَّذِي قَدَّمْنَا. ثُمَّ قَالَ مُسْتَدِلًّا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ: وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: "كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْبَاعًا: خَمْسًا وَعِشْرِينَ جَذَعَةً، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ حِقَّةً، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ" وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً. وَقَدْ قَدَّمْنَا: أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ، وِديَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَفِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أميرِ المؤمنينَ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: فِي شِبْهِ الْعَمْدِ أَثْلَاثٌ: ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ ثَنْيَةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا، وَكُلُّهَا خِلْفَةٌ.
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَيْضًا: أَنَّهَا أَرْبَاعٌ: رُبْعٌ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَرُبْعٌ حِقَاقٌ، وَرُبْعٌ جِذَاعٌ، وَرُبْعٌ ثَنْيَةٌ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا، هَذَا حَاصِلُ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ وَأَرْجَحُهَا: مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ كَوْنِهَا ثَلَاثَةً حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا.
وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ، فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ سَاقَ الْأَقْوَالَ الْمَذْكُورَةَ مَا نَصُّهُ: قَدِ اخْتَلَفُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ، وَقَوْلُ مَنْ يُوَافِقُ سُنَّةَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ إِذَا عَفَا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ: إِنَّمَا هِيَ فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ إِجْمَاعًا، وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهَا حَالَةٌ غَيْرُ مُنَجَّمَةٍ فِي سِنِينَ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: بِتَنْجِيمِهَا.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ الْعَمْدَ لَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ مُقَرَّرَةٌ أَصْلًا، بَلِ الْوَاجِبُ فِيهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَانِي وَأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَهُوَ حَالٌ عِنْدَهُ. أَمَّا الدِّيَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فَهِيَ مُنَجَّمَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، يُدْفَعُ ثُلُثُهَا فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ مِنَ السِّنِينَ الثَّلَاثِ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ السَّنَةَ مِنْ حِينِ وُجُوبِ الدِّيَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: ابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالدِّيَةِ، وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ: أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْحَقُّ.
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي مَالِ الْجَانِي لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِقَصْدِهِ الضَّرْبَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتْلَ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، اه مِنْ "الْمُغْنِي" لِابْنِ قُدَامَةَ. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ، لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا مَالِكٌ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فَلَا يَقُولُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَصْلًا، فَهُوَ عِنْدَهُ عَمْدٌ مَحْضٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ فَهُوَ أَخْمَاسٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَاتَّفَقَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى السِّنِّ وَالصِّنْفِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَامِسِ، أَمَّا الْأَرْبَعُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقِ الْأَكْثَرِ فَهِيَ عِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ. وَأَمَّا الْخَامِسُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: هُوَ عِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ ذَكَرًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم، وَاسْتَدَلَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، الْوَارِدِ بِذَلِكَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فِي دِيَةِ الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ ذَكَرًا ))، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللهِ. انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَضَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دِيَةَ الْخَطَأِ عِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرِينَ ابْنَ مَخَاضٍ ذُكُورًا، وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ جَذَعَةً، وَعِشْرِينَ حِقَّةً. وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ، ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فِي دِيَةِ الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورًا))، وَنَحْوُ هَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنْ فِيهِ: وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ بَدَلَ (بَنِي مَخَاضٍ). وَقَالَ الْحَافِظُ فِي "بُلُوغِ الْمَرَامِ": إِنَّ إِسْنَادَهُ أَقْوَى مِنْ إِسْنَادِ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ: وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ أَصَحُّ مِنَ الْمَرْفُوعِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فِي هَذَا الْخَامِسِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَهُوَ أَنَّهُ عِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا، مَعَ عِشْرِينَ جَذَعَةً، وَعِشْرِينَ حَقَّةً، وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ. وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَرَبِيعَةُ. كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي "الْمُغْنِي"، وَقَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم جميعًا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَى الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ بِمِئَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ. وَلَيْسَ فِي أَسْنَانِ الصَّدَقَةِ ابْنُ مَخَاضٍ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الرَّفَّاءُ الْبَغْدَادِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَعِيسَى بْنُ مِينَا، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا الَّذِي يُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ، وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، فِي مَشْيَخَةٍ جُلَّةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَأَخَذْنَا بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ رَأْيًا، وَكَانُوا يَقُولُونَ: الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ خَمْسَةُ أَخْمَاسٍ: فَخُمْسٌ جِذَاعٌ، وَخُمْسٌ حِقَاقٌ، وَخُمْسٌ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَخُمْسٌ بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَخُمْسٌ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورٍ، وَالسِّنُّ فِي كُلِّ جُرْحٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ خَمْسَةُ أَخْمَاسٍ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْهَقِيِّ رَحِمَهُ اللهُ. قَالَ الشنقيطيُّ: جَعَلَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصِّنْفَ الْخَامِسَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمَخَاضِ الذُّكُورِ لَا مِنْ أَبْنَاءِ اللَّبُونِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَرْفُوعِ الْمُصَرِّحِ بِقَضَاءِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِذَلِكَ. قَالَ: وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ أَوْلَى مِنَ الْأَخْذِ بِغَيْرِهِ مِنَ الرَّأْيِ. وَسَنَدُ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ صَالِحُونَ لِلِاحْتِجَاجِ، إِلَّا الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ فَإِنَّ فِيهِ كَلَامًا كَثِيرًا وَاخْتِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوَثِّقُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُضَعِّفُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ تَضْعِيفُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ. وَقَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ: صَدُوقٌ كَثِيرُ الْخَطَأِ وَالتَّدْلِيسِ. وحَجَّاجٌ الْمَذْكُورُ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَأَعَلَّ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْحَدِيثَ بِالْوَقْفِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالُوا: رَفْعُهُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَأٌ، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى ذَلِكَ قَرِيبًا. أَمَّا وَجْهُ صَلَاحِيَّةِ بَقِيَّةِ رِجَالِ السُّنَنِ، فَالطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنْ سَنَدِهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مُسَدَّدٌ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ سَعِيدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ وَهُوَ صَدُوقٌ.
وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ الْعَبْدِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ، فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَحْدَهُ مَقَالٌ. وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ. وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ عِنْدَهُمَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ الْمَذْكُورُ. وَالطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ عِنْدَهُمَا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَالطَّبَقَةُ الْخَامِسَةُ عِنْدَهُمَا خَشْفُ بْنُ مَالِكٍ الطَّائِيُّ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَالطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالطَّبَقَةُ الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ الْجُعْفِيُّ الْهِسِنْجَانِيُّ الرَّازِيُّ، وَهُوَ مَقْبُولٌ. وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَهُ الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ الرَّيِّ وَهُوَ صَدُوقٌ، رُبَّمَا خَالَفَ. وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ عِنْدَهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ إِلَى آخِرِ السَّنَدِ الْمَذْكُورِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْحَدِيثَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ مِنْ جِهَتَيْنِ: الْأَوْلَى مِنْ قِبَلِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ، وَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَالثَّانِيَةُ إِعْلَالُهُ بِالْوَقْفِ، وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَى الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ. وَلَيْسَ فِي أَسْنَانِ الصَّدَقَةِ ابْنُ مَخَاضٍ يُقَالُ فِيهِ: إِنَّ الَّذِي قُتِلَ فِي خَيْبَرَ قُتِلَ عَمْدًا، وَكَلَامُنَا فِي الْخَطَأِ. وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ يَجْعَلُ أَبْنَاءَ اللَّبُونِ بَدَلَ أَبْنَاءِ الْمَخَاضِ رِوَايَةَ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَرْفُوعَةَ الَّتِي قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِنَّ سَنَدَهَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبْنَاءِ الْمَخَاضِ، وَكَثْرَةِ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
وَفِي دِيَةِ الْخَطَأِ لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالٌ أُخَرُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، وَاسْتَدَلُّوا لَهَا بِأَحَادِيثَ أُخْرَى انْظُرْهَا فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيِّ" وَغَيْرِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَا شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَمَانِمِئَةِ دِينَارٍ، أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ ـ رَرضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِئَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِئَتَيْ حُلَّةٍ، وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "قَضَى فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِئَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِئَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِئَتَيْ حُلَّةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْقَمْحِ شَيْئًا لَمْ يَحْفَظْهُ مُحَمَّدٌ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 13
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 26
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 36/ 1
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 53
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 69

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: