روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة يونس الآية: 90

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 90 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة يونس الآية: 90 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة يونس الآية: 90   فيض العليم .... سورة يونس الآية: 90 I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 10, 2015 12:58 pm

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
(90)
قولُهُ ـ جلَّ جلالُهُ: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ} وجاوزنا: أي قطعنا بهم البحر، أي أقطعناهم البحر بمعنى جعلناهم قاطعين البحر. ومجاوزتهم البحر تقتضي خوضهم فيه، وذلك أن الله جعل لهم طرائق في البحر يمرون منها. يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ خُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَرَجُوا بِدُونِ إِذْنِ فِرْعَوْنَ اشْتَدَّ حَنَقُهُ عَلَيْهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى المَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَجْمَعُونَ لَهُ الجُيُوشَ مِنْ أَقَالِيمِ مَمْلَكَتِهِ، روي أن بني إسرائيل الذين جاوزوا البحر كانوا ستَّ مئةِ أَلْفٍ، وكان يعقوبُ قد استقرَّ أَوَّلاً بمصرَ في نَيِّفٍ على السَبْعينَ أَلْفاً مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فتَناسلوا حتى بلغوا وقتَ موسى هذا العددَ المذكورَ. ورُويَ أنَّ فرعون كان في ثمانِ مئةِ أَلْفِ أَدْهَمٍ مِنْ الخيلِ. ورُوِيَ أنَّهم كانوا أَقَلَّ مِنْ ذلكَ. وهذه أخبارٌ ضعيفةٌ كُلُّها، والذي تفيدُهُ آياتُ القرآنِ الكريمِ أَنَّ بني إسرائيلَ كانَ لهم جمعٌ غفيرٌ إنَّما هو قليلٌ بالنسبةِ إلى قومِ فِرْعَوْنَ المُتَّبِعينَ له. فَرَكِبوا وركِبَ فرعونُ وَرَاءَهُمْ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَجُيُوشٍ كَثِيفَةْ، فَلَحِقُوا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَهُمْ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمْعَانِ، قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: إِنَّهُمْ لنا مُدْرِكُونَ. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: لاَ. وَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بَعَصَاكَ البَحْرَ، فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ، وَمَرَّ مُوسَى وَقَوْمُهُ بَيْنَ طَرَفَيِّ المَاءِ.
أخرج ابْنُ أبي حاتم عن سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: "فَدُفِعَ إِلَى الْبَحْرِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَخَافَةَ أَنْ يَضْرِبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ، وَهُوَ غَافِلٌ، فَيَصِيرُ عَاصِيًا لَهُ، فَلَمَّا ترَاءَى الْجَمْعَانِ وَتَقَارَبَا، قَالَ قَوْمُ مُوسَى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، افْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ فَإِنَّكَ لَمْ تَكْذِبْ، قَالَ: وَعَدَنِي إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى الْبَحْرِ أَنْ يُفَرَّقَ لِي حَتَّى أُجَاوِزَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَصَا فَضَرَبَ الْبَحْرَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ، وَكَمَا وُعِدَ، فَلَمَّا جَازَ أَصْحَابُ مُوسَى كُلُّهُمْ، ودَخَلَ أَصْحَابُ فِرْعَوْنَ كُلُّهُمْ الْتَقَى الْبَحْرُ عَلَيْهِمْ كَمَا أُمِرَ".
قولُهُ: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا} فأَتْبَعَهُمْ: بمعنى لحِقَهم. يُقالُ: تَبِعَهُ فَأَتْبَعَهُ إذا سارَ خلفَه فَأَدْرَكَهُ. ومنْهُ قولُهُ تَعالى في سورة الصافَّاتِ: {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} الآية: 10. وقيلَ: أَتْبَعَ مُرادفٌ ل "تبع". وقولُهُ: "بَغْياً" أي: طلَباً للاسْتِعلاءِ بغيرِ حَقٍّ، مِنَ "البَغْيِ" أي: الظلمِ، مصْدَرِ بَغى. و "عَدْواً" مِنَ العَدْوِ: مصدَرِ "عَدا". أيْ: تجاوَزَ الحَدَّ في الظُلْمِ، وهو مَسُوقٌ لِتَأْكيدِ البَغْيِ. وإنَّما عُطِفَ لما فيهِ مِنْ زيادةِ المعنى في الظُلْمِ باعتبارِ اشْتِقاقِ فِعْلِ عَدَا. والْعَدْوُ وَالْعُلُوُّ وَالْعُتُوُّ فِي كِتَابِ اللهِ تَجَبُّرٌ.
أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ بَنُو إسرائيلَ مِنَ المَاءِ مِنَ الطَّرَفِ الآخَرِ للبَحْرِ، كان فِرْعَوْنُ قد وَصَلَ هو وَجُنُودُهُ إِلَى حَافَةِ البَحْرِ، فَاقْتَحَمَ المَمَرَّ وَرَاءَهُمْ، وأخرج ابْنُ أبي حاتمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: "وَخَرَجَ مُوسَى فِي سِتِّ مِئَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا لا يُعَدُّونَ لِصِغَرِهِ وَلا ابْنِ سِتِّينَ لِكِبَرِهِ، وَإِنَّمَا عُدُّوا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ سِوَى الذُّرِّيَّةِ، وَتَبِعَهُمْ فِرْعَوْنُ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَامَانُ فِي أَلْفِ أَلْفٍ وَسَبْعِ مِئَةِ أَلْفِ حِصَانٍ لَيْسَ فِيهَا ماذِيَانَةٌ". الماذيانةُ: الفرس الأنثى التي تشتهي الفحلَ، فيسيلُ من فرجها سائلٌ يشمُّه الفحلُ فينزو عليها.
قولُهُ: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَمِيعاً فِي البَحْرِ أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ المَاءَ فَأَغْرَقَهُمْ جَمِيعاً. أخرجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: "حُدِّثْتُ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَقْبَلَ فِرْعَوْنُ وَهُوَ عَلَى حِصَانٍ لَهُ مِنَ الْخَيْلِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَفِيرِ الْبَحْرِ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى حَالِهِ، فَهَابَ الْحِصَانُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَعَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ أُنْثَى وَديقٍ فَفَرَّ بِهَا مِنْهُ فَشَمَّهَا الْفَحْلُ، فَلَمَّا شَمَّهَا قَدِمَهَا، فَتَقَدَّمَ مَعَهَا الْحِصَانُ عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ فَلَمَّا رَأَى جُنْدُ فِرْعَوْنَ قَدْ دَخَلَ، دَخَلُوا مَعَهُ، قَالَ: وَجِبْرِيلُ أَمَامَهُ يَتْبَعُهُ فِرْعَوْنُ، وَمِيكَائِيلُ عَلَى فَرَسٍ مِنْ خَلْفِ الْقَوْمِ يَشْحَذُهُمْ عَلَى فَرَسِهِ، ذَاكَ يَقُولُ: الْحَقُوا بِصَاحِبِكُمْ حَتَّى إِذَا فَصَلَ جِبْرِيلُ مِنَ الْبَحْرِ لَيْسَ أَمَامَهُ أَحَدٌ وَقَفَ مِيكَائِيلُ عَلَى النَّاحِيَةِ الأُخْرَى لَيْسَ خَلْفَهُ أَحَدٌ أُطْبَقَ عَلَيْهِمُ الْبَحْرَ". والفرسُ الوديقُ هي المستعدَّةُ للضِرابِ.
و "أَدْرَكَهُ" من الإدراك: وهو اللَحاقُ. وهو يؤذن بأنَّ الغَرَقَ دَنا مِنْهُ تَدريجيّاً بهولِ البَحْرِ ومُصارَعَتِهِ المَوْجَ، وهوَ يَأْمَلُ النَجاةَ مِنْهُ، وأَنَهُ لم يَظْهَرِ الإيمانُ حتى آيَسَ مِنَ النَجاةِ وأَيْقَنَ بالهلاك، وذَلِكَ لِتَصَلُّبِهِ في الكُفْرِ. وفي تَركيبِ الجُمْلَةِ إيجازٌ، لأنها قامَتْ مَقامَ خمسِ جُمَلٍ، هي:
1 ـ جملةٌ تُفيدُ أَنَّ فِرْعَوْنَ حاوَلَ اللَّحاقَ بِبَني إِسْرائيلَ إلى أَقْصى أَحوالِ الإمْكانِ والطَمَعِ في اللَّحاقِ.
2 ـ وجملةٌ تُفيدُ أَنَّهُ لم يَلْحَقْهم.
وهاتانِ الجُملتانِ مُسْتَفادَتانِ مِنْ "حتى"، وهما مِنَّةٌ منه تعالى على بَني إسْرائيلَ.
3 ـ وجملةٌ تُفيدُ أَنَّهُ غَمَرَهُ الماءُ فَغَرِقَ، وهذِهِ مُسْتَفادَةٌ مِنْ قولِهِ: "أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ" وهي عقوبةٌ لَهُ وكَرامَةٌ لِمُوسى ـ علَيْهِ السَّلامُ.
4 ـ وجملةٌ تُفيدُ أَنَّهُ لم يَسَعْهُ إلاَّ الإيمانُ باللهِ لأَنَّهُ قَهَرَتْهُ أَدِلَّةُ الإيمان. وهذِهِ مُسْتَفادَةٌ مِنْ رَبْطِ جملَةِ إيمانِهِ بالظَرْفِ في قولِهِ: "إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ". وهذِه مَنْقَبَةٌ للإيمانِ وأَنَّ الحَقَّ يَغْلُبُ الباطِلَ في النِهايَةِ.
5 ـ وجملةٌ تُفيدُ أَنَّهُ ما آمَنَ حتى آيَسَ مِنَ النَجاةِ لِتَصَلُّبِهِ في الكُفْرِ، ومَعَ ذَلِكَ غَلَبَهُ اللهُ. وهذِهِ مَوْعِظَةٌ للكافرينَ، وعِزَّةٌ للهِ تَعالى.
قولُهُ: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ } وَلَمَّا غَشِيَ المَوْجُ فِرْعَوْنَ، وَشَعَرَ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ، وَأنَّهُ لاَ مُنْقِذَ لَهُ، قَالَ إِنَّهُ آمَنَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، الذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَفِي ذَلِكَ اسْتِجَابَةً لِدَعْوَةِ مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، أَنْ يَشُدَّ عَلَى قَلْبِ فِرْعَوْنَ فَلاَ يُؤْمِنْ حَتَّى يَرَى العَذَابَ الأَلِيمَ. وقال: "آمَنْتُ" لأنَّ إتِباعَهُ بَني إِسْرائيلَ كانَ مُنْدَفِعاً إِلَيْهِ بِدافِعِ حِنْقِهِ عَلَيْهم لأجْلِ الدينِ الذي جاءَ بِهِ رَسُولُهم لِيُخْرِجَهم مِنْ أَرْضِهِ، فكانتْ غايَتُهُ إيمانُهُ بحَقِّهم. ولِذلِكَ قالَ: "الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ" لِيُفيدَ مَعَ اعْتِرافِهِ باللهِ تَصْويبُهُ لِبَني إِسْرائيلَ فيما هُدوا إِلَيْهِ، فجَعَلَ الصِلَةَ طَريقاً لمَعْرِفَتِهِ باللهِ، ولِعَدَمِ عِلْمِهِ بالصِفاتِ المُخْتَصَّةِ باللهِ إلاَّ ما تَضَمَّنَتْهُ الصِلَةُ إذْ لمْ يَتَبَصَّرْ في دَعْوَةِ موسى تمامَ التَبَصُّرِ، ولِذلِكَ احْتاجَ أَنْ يَزيدَ: "وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" لأنَّهُ كانَ يَسْمَعُ مِنْ موسى دَعْوَتَهُ لأنْ يَكونَ مُسْلِما فَنَطَقَ بما كانَ يَسْمَعُهُ وجَعَلَ نَفْسَهُ مِنْ زُمْرَةِ الذين يَحِقُّ عَلَيْهم ذَلِكَ الوَصْفُ، ولِذلِكَ لم يَقُلْ: أَسْلَمْتُ، بَلْ قالَ أَنَا مِنَ المُسْلِمين، أَيْ يَلْزَمُني ما الْتَزَموهُ. فجاءَ بإيمانِهِ مجُملاً لِضِيقِ الوِقْتِ عَنِ التَفْصيلِ ولِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ تَفْصيلَهُ.
أخرجَ ابْنُ أبي حاتمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَمَّا أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَوْنَ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ: "آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ" قَالَ: فَخَافَ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنْ تَسْبِقَ رَحْمَةُ اللهِ فِيهِ غَضَبَهُ، فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْحَالَ بِجَنَاحَيْهِ فَيَضْرِبُ بِهِ وَجْهِهِ فَيَرْفُسَهُ". وحالُ البَحْرِ: الطِينُ الأَسْوَدُ الذي يَكونُ في أَرْضِهِ.
وأخَرَجَ أحمدُ، والتِرْمِذِيُ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبي حاتمٍ، والطَبَرانيُّ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَمَّا أَغْرَقَ اللهُ آلَ فِرْعَوْنَ، قَالَ:  "آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ". قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخِذٌ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيِّ فِرْعَوْنَ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ". وأَخْرَج الطَيالِسِيُّ، والتِرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وابْنُ حِبَّانٍ، وأَبو الشَيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما مِثْلَهُ. وأَخْرَجَ الإمامُ أَحمدُ بْنُ حَنْبَلٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، عَنِ النَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: أَنَّ جِبْريلَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، قال: لوْ رَأَيْتَني وأَنَا آخِذٌ مِنْ حالِ البَحْرِ فَأَدُسُّهُ في فِيِهِ حتى لا يُتَابِعَ الدُعاءَ لِما أَعْلَمُ مِنْ فَضْلِ رَحمَةِ اللهِ.
وأَخْرَجَ الطَبَرانيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عَنِ النَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، قال: قالَ لي جِبْريلُ: ما كانَ عَلى الأَرْضِ شَيْءٌ أَبْغَضَ إليَّ مِنْ فِرْعَوْنَ، فلما آمَنَ جَعَلْتُ أحْشُو فاهُ حمأَةً وأَنَا أَغُطُّهُ خَشْيَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَحمَةُ.
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط عن أبي بكر الصديق ـ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أخبرت أنَّ فرعونَ كان أَثرَماً. والأثرمُ مَنْ سقطت ثنيَّتُهُ.
قولُهُ تَعالى: {وَجَاوَزْنَا ببني إسرائيلَ البحرَ} وَجَاوَزْنَا: الواوُ استئنافيَّةٌ، و "جاوزنا" فعلٌ ماضٍ وفاعلُهُ ضميرُ العَظَمَةِ "نا"، و "بِبَنِي" الباءُ للتَعدِيَةِ والجرَِّ، والجارٌّ والمجرورٌ متعلق ب "جاوَزْنَا"، و "بني" مضافٌ، و "إِسْرَائِيلَ" مضافٌ إِلَيْهِ، و "الْبَحْر" مَنْصوبٌ عَلى المفعوليَّةِ أَو الظَرْفِيَّةِ، والجملةُ اسْتِئْنَافَيةٌ، أَوِ الواوُ للعَطْفِ واَّلجملةُ معطوفة على جملة: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} من الآية: 87. من هذه السورة المباركةِ، عَطْفَ الغَرَضِ على التَمْهيدِ.
قولُهُ: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ} فَأَتْبَعَهُمْ: والفاء: عاطفة، و "أَتْبعَهم" فعلٌ ماضٍ والهاءُ مفعولُهُ، والميمُ للجمع المذكّر، وفاعلُهُ: "فرعونُ"، و "وَجُنُودُهُ" الواوُ: هي العاطفةُ، و "جنودُ" مَعْطوفٌ على "فِرْعَوْنُ" وهو مضافٌ، والهاءُ في محلِّ جرٍّ بإضافةِ "جنودُ" إليها، والميم للجمع المذكَّر، والجملة معطوفة على جملة: "جاوزنا".
قولُهُ: {بَغْيًا وَعَدْوًا} مفعولانِ لأَجْلِه؛ أَيْ: لأَجْلِ البَغْيِ والعَدْوِ، وشُروطُ النَّصبِ مُتَوَفِّرَةٌ، ويجوزُ أَنْ يَكونا مَصْدَرَيْنِ في مَوْضِعِ الحالِ؛ أيْ: باغينَ وعادينَ.
قولُهُ: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} حَتَّى: حرفُ جَرٍّ وغايَةٍ، و "إِذَا" الفُجائيَّةُ ظَرْفٌ لِما يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَمانِ، و "أَدْرَكَهُ" فعلٌ ومَفُعُولُهُ، و "الْغَرَقُ" فاعلُهُ، والجملَةُ في محَلِّ الخَفْضِ بإضافَةِ "إِذَا" إلَيْها كونَها فعْلَ شَرطٍ لها، والظَرْفُ مُتَعَلِّقٌ بالجوابِ الآتي بعدَها.
قولُهُ: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} قَالَ: فعلٌ ماضٍ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مستترٌ فيه تقديرُهُ "هو" يَعودُ على "فرعون"، والجملةُ جوابُ "إِذَا" لا محلَّ لها مِنَ الإِعْرابِ، وجملةُ: "إِذَا" مِنْ فِعلِ شَرْطِها وجَوابها في محَلِّ الجَرِّ بِ "حَتَّى" تَقْديرُهُ: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، إلى قولِهِ: آمَنْتُ وقْتَ إِدْراكِ الغَرَقِ إِيَّاهُ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بِ "أتبع". و "آمَنْتُ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السكون لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ، وتاءُ الفاعِلِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والجملةُ في محَلِ النَصْبِ بِ "قَالَ". و "أَنَّهُ" أنَّ: حرفٌ نَاصِبٌ ناسخٌ والهاءُ ضميرٌ متَّلٌ في محلِّ نصبِ اسمِهِ، و "لا" نَافيَةٌ تَعْمَلُ عَمَلَ "إنَّ". "إِلَهَ" اسمُ "لا" منصوبٌ بها، وخبرُها محذوفٌ تقديرُهُ مَوْجُودٌ. و "إِلاَّ" أَداةُ اسْتِثْناءٍ مُفَرَّغٍ، و "الَّذِي" اسْمٌ مَوْصولٌ في محَلِّ الرَّفْعِ بَدَلاً مِنَ الضَميرِ المُسْتَكِنِّ في خَبَرِ "لا" المحذوفِ، وجملَةُ: "لا" في محَلِ الرَّفْعِ خبراً ل "أنّ" وجملةُ "أنّ" المَفتوحَةِ في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مجرورٍ بِحَرْفِ جَرٍّ محذوفٍ، والتَقديرُ: آمَنْتُ بِعَدَمِ وُجودِ إِلَهٍ، إلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ، الجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ ب: "آمَنَتْ" وقراءةُ كَسْرِ همزَةِ "إنَّ" على تَقْديرِ القَوْلِ؛ أَيْ: قائلاً. و "آمَنَتْ" فِعْلٌ ماضٍ والتاءُ للتأنيثِ، و "بِهِ" جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ ب "آمن"، و "بَنُو" فاعِلُهُ مرفوعٌ به وعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وهو مضافٌ، و "إِسْرَائِيلَ" مُضافٌ إِليْهِ، والجملةُ صِلَةُ المَوْصُولِ "الذي".
قولُهُ: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الواوُ: للعَطْفِ، و "أنا" مُبْتَدَأٌ. و "مِنَ الْمُسْلِمِينَ}: جارٌّ ومجرورٌ، خبرُهُ والجُمْلَةُ الاسمِيَةُ في محلِّ النَصْبِ، عطفاً على جملَةِ "آمَنَتْ" على كونِها منصوبةً بالقولِ ل "قَالَ".
قرأ العامَّةُ: {وَجَاوَزْنَا}، مخفَّفةً بِأَلِفٍ، وقرأَ الحَسَنُ بِنُ أبي الحَسَنِ "وجوَّزْنا" بِشَدِّ الواوِ وطَرْحِ الأَلِفِ، قالَ ابْنُ عَطيَّةَ: (ويُشْبِهُ عِنْدي أَنْ يَكونَ "جاوزْنا" كُتِبَ في بعضِ المَصاحِفِ بِغيرِ أَلِفٍ). و "جَوَّزْنا" مِنْ أَجازَ المكانَ وجاوَزَهُ وجَوَّزَهُ، إذا تجاوَزَهُ إلى غيرِهِ وتعدَّاهُ، وليس مِنْ فعلِ "جَوَّزَ" الذي في بَيْتِ الشاعرِ الجاهليِّ الأَعْشَى بْنُ ثَعلبةَ، يَريدُ العُهودَ والحِلْفَ:
وإذا تُجَوِّزُها حِبَالُ قَبيلَةٍ ............ أَخَذْتَ مِنَ الأُخرى إِلَيْكَ حِبالَها
لأنَّه لو كانَ مِنْهُ لَكانَ حَقُّهُ أَنْ يُقالَ: وجَوَّزْنا بني إِسْرائيلَ في البَحْرِ كَما قالَ الأعشى أيضاً:
وَلا بُدّ مِنْ جَارٍ يُجِيزُ سَبِيلَهَا، ........ كما جَوَّز السَّكَّيَّ في الباب فَيْتَقُ
يعني أَنَّ "فَعَّلَ" بمعنى: "فاعَلَ" و "أَفْعَل"، وليس التَضعيفُ للتَعْدِيَةِ، إذْ لو كان كذلك لَتَعدَّى بِنَفْسِهِ، كما هو في البَيْتِ المُشارِ إِلَيْهِ دونَ الباءِ.
قرَأَ العامَّةُ: {فَأَتْبَعَهُمُ} وَقَرَأَ الحَسَنُ "فاتَّبَعَهُم" بالتشديد، وقد تقدَمَ الفَرْقُ.
قرأَ الجمهورُ: {بَغْياً وَعَدْواً} وقرَأَ نافعٌ وابْنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو والكوفِيُّونَ وجماعَةٌ "عُدْواً" بضمِّ أوَّلِه، على مثالِ غَزا غُزَّاً، وقرأَ الحَسَنُ وقتادة: "وعُدُوَّاً" بضم العين والدال المشددة، على مثال علا علوّاً.
قرأَ العامَّةُ: {آمَنتُ أَنَّهُ} بفتحِ همزةِ "أَنَّ" على أَنها في محلِّ نَصْبٍ على المفعولِ بِهِ أَيْ: آمَنْتُ تَوحيدَ، لأنَّه بمعنى صدَّقْتُ. أو أَنَّها في موضع نصبٍ بعد إِسقاط الجارِّ، أَي: لأنَّهُ. أو أَنَّها في محلِّ جَرٍّ بِذَلك الجارِّ وقد عَرَفْتَ ما فيه مِنَ الخلاف. وقرأَ الأَخَوانِ (حمزةُ والكِسائيُّ) وخَلَفٌ بِكَسْرِ همزةِ "إنَّ" على أَنَّها اسْتِئْنافُ إِخْبارٍ، فلِذلِكَ كُسِرتْ لِوُقوعِها ابْتِداءَ كلام. أوْ على إِضْمارِ القولِ، أَيْ: فقال: إِنَّه، ويكونُ هذا القولُ مُفَسِّراً لِقَوْلِ فرعونَ "آمَنْتُ". ويجوزُ أَنْ تَكونَ هذِهِ الجُمْلةُ بَدَلاً مِنْ قولِهِ: "آمَنْتُ"، وإِبْدالُ الجُمْلَةِ الاسمِيَّةِ مِنَ الفِعْلِيَّةِ جائزٌ لأَنَّها في مَعْناها، وحِينَئِذٍ تَكونُ مَكْسُورَةً لأنَّها مَحْكيَّةٌ بِ "قالَ" وهذا الظاهرُ. ويجوزُ أَنَّ "آمَنَتُ" ضُمِّنَ مَعنى القوْلِ لأَنَّهُ قولٌ. وقد كَرَّرَ فرعونُ المَعْنى الواحِدَ ثلاثَ مَرَّاتٍ في ثلاثِ عِباراتٍ حِرْصاً على القَبولِ. يَعْني أَنَّهُ قال: "آمنتُ"، فهَذِهِ مَرَّةٌ، وقالَ: "أَنَّهُ لا إله إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ" فهذِهِ ثانيةٌ، وقال: "وَأَنَاْ مِنَ المسلمين" فهذِهِ ثالثةٌ، والمعنى واحدٌ. وهذا جُنُوحٌ مِنْهُ إلى الاسْتِئْنافِ في "إنَّهُ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 90
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يونس، الآية: 8
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 24
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 40
» فيض العليم ... سورة يونس، الآية: 56
» فيض العليم ... سورة يونس، الآية: 72

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: