روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 108

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 108 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 108 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 108   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 108 I_icon_minitimeالجمعة مايو 22, 2015 7:51 am

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ
(108)
قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} أَمْرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، بِأَنْ لاَ يَقُومَ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ أبداً، لأن البانين له قد كانوا خادَعوهُ فقالوا: بَنَيْنا مَسْجِداً للضَروراتِ والسَّيْلِ الحائلِ بَيْنَنا وبينَ قَومِنا، فَنُريدُ أَنْ تُصَلِّي فَيهِ وتَدْعُو لنا بالبَرَكَةِ، فهَمَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بالمَشْيِ مَعْهُم إلى ذَلِكَ، فنَزَلَ عليه قولُهُ تعالى: "لا تَقُمْ فيهِ أَبَداً" فامتنعَ وأمرَ بهدمه وحرقِه كما تقدَّمَ في تفسير الآية السابقة. وقد رُوِيَ أَنَّهُ كانَ بعد ذلك لا يَمُرُّ بالطَريقِ التي كان المسجدُ فيها.
قولُهُ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} قد تَضَافَرَتِ الرواياتُ عَنِ ابْنِ عَباسٍ وفِرْقَةٍ مِنَ الصَحابَةِ والتابِعينَ رضيَ اللهُ عنهم أجمعين، على أَنَّهُ مسجدُ قُباء، وهو أليقُ بالمناسبةِ، لأنَّ السياقَ هو الحديث عنه. لكنَّه لا نَظَرَ مع الحديث فقد أَسْنَدَ الطَبريُّ عَنٍ أَبي سَعيدٍ الخدريِّ أَنَّه قالَ: اخْتَلَفَ رَجُلٌ مِنْ بَني خِدْرَةَ ورَجُلٌ مِنْ بَني عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فقالَ الخِدْرِيُّ: هُوَ مَسْجِدُ الرَسُولِ، وقالَ الآخَرُ: هُوَ مَسْجِدُ قُباءَ، فأَتَيا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، فَسأَلاهُ، فقالَ: ((هُوَ مَسْجِدِي هَذا)) وروى مسلمٌ مثلَ ذلك، وفي هذا أَيْضاً أَخبارٌ عَنْ عُمَرَ ابْنِ الخطّابِ، وأَبي سَعيدٍ الخِدْرِيِّ، وزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، وأُبيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَهْل بْنِ سَعْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهم، أَنَّهُ المَسْجِدُ النبويُّ بالمَدينةِ المنوَّرةِ، وقيل: إنَّ الحديثَ كان في خُصوصِ مَسْجِدِ النَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وجاءَ رَدّاً على اخْتِلافِ الرجُلينِ في المَسْجِدِ المَعْنيِّ بها، فأَرادَ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَنْ يُبَيِّنَ لَهم أَنَّ الآيَةَ لَيْسَتْ خاصَّةً بِمَسْجِدِ قُباء وإنَّما هِيَ عامَّةٌ في كُلِّ مَسْجِدٍ أُسِّسَ على التَقْوَى، وأَنَّ العِبْرَةَ بِعُمومِ اللَّفْظِ لا بِخُصوصِ السَبَبِ، كَما هُوَ مَعْلومٌ في الأُصولِ. وعَلَيْهِ، فالآيَةُ إذاً قد اشْتَمَلَتْ وتَشْتَمِلُ على كُلِّ مَسْجِدٍ أَيْنَما كانَ إذا كانَ أَساسُهُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ بِنائِهِ على التَقْوَى، ويَشْهَدُ لِذلِكَ سِياقُ الآيَةِ بِالنِسْبَةِ إلى ما قَبْلَها وما بَعْدَها. وبهذا يكون السَبَبُ في نُزولِ الآيَةِ هُوَ المُقارَنَةُ بَين مَبْدَأَيْنِ مُتَغايِرَيْنِ، وأَنَّ الأَوَّلِيَّةَ في الآيَةِ أَوَّلِيَّةٌ نِسْبِيَّةٌ، أَيْ بالنِسْبَةِ لِكُلِّ مَسْجِدٍ في أَوَّلِ يومِ بِنائهِ، وإنْ كانَ الظاهرُ فيها أَوَّلِيَّةٌ زَمانِيَّةٌ خاصَّةً وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ وَصَلَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، المدينةَ نَزَلَ بِقُباء. وتَظَلُّ هَذِهِ المقارنَةُ في الآيَةِ مَوْجودَةٌ إلى ما شاءَ اللهُ في كُلِّ زَمانٍ ومَكانٍ، كَما قدَّمْنا. واللهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} حَثٌّ من الله تعالى لنبيِّهِ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم، عَلَى الصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِ قِبَاءٍ الذِي أُسِّسَ بُنْيَانُهُ عَلَى التَّقْوَى وَهِيَ طَاعَةُ اللهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ، وَجَمْعُ كَلِمَةِ المُؤْمِنِينَ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الحَدِيثِ: ((صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِ قِبَاءٍ كَعُمْرَةٍ)). السنن الكبرى للبيهقي: (5/248) عَنْ أُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ الأَنْصَارِيَّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، والمستدركُ للحاكِمِ وصحَّحهُ، وابْنُ ماجةَ وغيرُهم، ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِي مَتْنِهِ: ((مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ فَصَلَّى فِيهِ كَانَتْ كَعُمْرَةٍ)).
قولُهُ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} إِنَّ مَسْجِدَ قبَاءٍ فِيهِ رِجَالٌ يَعْمُرُونَهُ بِإِقَامَةِ الصَّلاَةِ، وَذِكْرِ اللهِ، وَتَسْبِيحِهِ؟، وَيُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا بِذَلِكَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالآثَامِ. وَيُثْنِي اللهُ تَعَالَى عَلَى الأَنْصَارِ فِي تَطَهُّرِهِمْ، وَفِي عِنَايَتِهِمْ بِنَظَافَةِ أَبْدَانِهِمْ، فقد أَخْرَجَ أَبو دَاوودَ، والتِرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَةَ وأَبو الشَيْخِ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ أَبي هُريرَةَ ـ رضي اللهُ عنه، عَنِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، قال: ((نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أَهْلِ قُباء  كانوا يَسْتَنْجُونَ بالماءِ، فنَزَلَتْ فيهم هذِهِ الآيةُ)). وأَخْرَجَ الطَبرانيُّ، وأبو الشَيخِ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، قالَ: لما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ: "فيهِ رجالٌ يحبّونّ أّنْ يَتَطَهّروا" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، إلى عُوَيمِ بْنِ ساعِدَةَ، قال: ((ما هذا الطُهُورُ الذي أَثْنى اللهُ عَلَيْكُم؟ فقالوا: يا رَسُولَ اللهَِ ما خَرَجَ مِنَّا رَجُلٌ ولا امْرَأَةٌ مِنَ الغائطِ إلاَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، أَوْ قالَ: مِقْعَدَتَهُ. فقالَ النَبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ: هُوَ هَذا)). وأَخْرَجَ أَحمدُ، وابْنُ خُزَيمَةَ، والطَبرانيُّ، والحاكمُ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ عُوَيمَ بْنِ ساعدةٍ الأَنْصارِيِّ، أَنَّ النَبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَتاهُمْ في مَسْجِدِ قُباء فقالَ: إنَّ اللهُ قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ الثَناءَ في الطُهُورِ في قِصَّةِ مَسْجِدِكم، فما هذا الطُهُورُ الذي تَطَهَّرونَ بِهِ؟ قالوا: واللهِ يا رَسُولَ اللهِ ما نَعْلَمُ شَيْئاً إلاَّ أَنَّهُ كانَ لَنا جِيران مِنَ اليَهودِ، فكانوا يَغْسِلونَ أَدْبارَهم مِنَ الغائطِ فَغَسَلْنا كَما غَسَلوا.
فقد كانَ الناسُ في الغالِبِ يومئذٍ يَتَجَمَّرونَ بالحجارةِ، وكان الأَنْصارُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، يَتَطَّهَّرونَ بالماءِ أحياناً، ويجمَعونَ بينَ الماءِ والحَجَرِ. ويَتَطَهَّرونَ مِنَ الجَنابَةِ، فَلا يَنامُونَ عَلَيْها، كما يتطهَّرون مِنَ المعاصي والخِصالِ المَذْمُومَةِ، طَلَباً لِمَرْضَاتِ اللهِ تَعالى. لما أَخْرَجَ ابْنُ ماجَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ وابْنُ الجارودِ في المُنْتَقى، والدارَ قُطْني، والحاكمُ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وابْنُ عَساكِر، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ نافعٍ قال: حدَّثنا أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ هَذِهِ الآيةَ لمَّا نَزَلَتْ: "فِيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أَنْ يَتَطَهَّروا واللهُ يُحَبُّ المَطَّهِّرين" قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ خَيْرًا، فَمَا طُهُورُكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهَلْ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ؟ قَالُوا: لا غَيْرَ أَنَّ أَحَدُنَا إِذَا خَرَجَ إِلَى الْغَائِطِ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ، قَالَ: هُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ)).
قولُهُ تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} لَمَسْجِدٌ: اللامُ هي لامُ الابْتِداءِ، كما هِيَ في قَولِكَ: لَمُحَمَّدٌ أَحْسَنُ الناسِ خُلُقاً، فهي للتأْكيدِ. أَوْ هي جَوابُ قَسَمٍ محذوفٍ، و "مَسْجِدٌ" على التقديرين مبتدأ، و "أحقُّ" خبرُهُ، ولَيْسَتْ "أَحَقُّ" التَفْضيلِ بَلْ هي بمَعْنى حَقيقٌ، إذْ لا مُفاضَلَةَ بينَ المَسْجِدَيْن، وجملةُ "أُسِّس" في محل رفعٍ نعتاً لَهُ، والقائمُ مِقامَ الفاعلِ هو ضميرُ المَسْجِدِ على حَذْفِ مُضافٍ، أَيْ: أُسِّسَ بُنْيانُهُ من أوَّلِ يومٍ على التقوى. و "مِنْ أَوَّلِ" مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وبِهِ اسْتَدَلَّ الكُوفِيُّونَ على أَنَ "مِنْ" تَكون لابْتِداءِ الغايَةِ في الزَمانِ، واسْتَدَلُّوا أَيْضاً بِقَوِلِ النابغةُ الذُّبياني يمدحُ الملك الغسّانيَّ عَمْراً بْنَ الحارثِ الأَعْرَجِ:
تُخُيِّرْن مِنْ أزمانِ يومِ حَليمةٍ ........ إلى اليومِ قد جُرِّبْنَ كُلَّ التَجاربِ
وقولِ الحُصَينِ بْنِ الحمام:
مِنَ الصُّبْحِ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ لا تَرَى ... مِنَ القَوْمِ إلاَّ خارجيًّا مُسَوَّما
وتَأَوَّلَهُ البَصْرِيّونَ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أَيْ: مِنْ تَأْسيسِ أَوَّلِ يَوْمٍ، ومِنْ طُلوعِ الصُبْحِ، ومِنْ مَجيءِ أَزْمانِ يَوْمٍ. وقالَ أَبو البَقاءِ: وهذا ضعيفٌ، لأنَّ التَأْسِيسَ المُقَدَّرَ لَيْسَ بِمَكانٍ حَتّى تَكونَ "مِنْ" لابْتِداءِ غايَتِهِ. ويَدُلُّ عَلى جَوازِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى في سورة الروم: {للهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} الآية: 4. وهُوَ كَثيرٌ في القُرآنِ وغيرِهِ، وإنَّما فَرَّ البَصْرِيّونَ مِنْ كونِها لابْتِداءِ الغايَةِ في الزَمانِ، ولَيْسَ في هذِهِ العِبارَةِ ما يَقْتَضي أَنَّها لا تَكونُ إلاَّ لابْتِداءِ الغايَةِ في المَكانِ حَتّى يُرَدَّ عَلَيْهِم بما ذُكِر، والخلافُ في هذِهِ المسألةِ قَوِيٌّ، ولأبي عَليٍّ فيها كلامٌ طَويلٌ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويَحْسُنُ عِنْدي أَنْ يُسْتَغْنى عَنْ تَقديرٍ، وأَنْ تَكونَ "مِنْ" تَجُرُّ لَفْظَةَ "أوّل" لأنّها بمعنى البَداءَةِ، كأَنَّهُ قالَ: مِنْ مُبْتَدَأِ الأَيَّامِ، وقَدْ حُكِيَ لي هَذا الذي اخْتَرْتُهُ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ النَحْوِ. و "أَنْ تَقومَ" أي: بِأَنْ تَقومَ، والتاءُ لخطابِ الرَسولِ ـ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَّلامُ، والجارُّ والمجْرورُ "فيهِ" مُتَعَلِّقٌ بِهِ.
قولُهُ: {فِِيهِ رِجَالٌ} يَجوزُ أَنْ يَكونَ "فِيهِ" صِفَةً ل "مَسْجِدٌ"، و "رجالٌ" فاعلٌ، ويجوزُ أَنْ يَكونَ حالاً مِنَ الهاءِ في "فيه"، و "رجالٌ" فاعلٌ بِهِ أِيْضاً، وهذانِ أَوْلى مِنْ حَيْثُ إنَّ الوَصْفَ بالمُفْرَدِ أَصْلٌ، والجارُّ قَريبٌ مِنَ المُفْرَدِ. ويجوزُ أَنْ يَكونَ "فيه" خَبراً مُقَدَّماً، و "رجال" مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. وفي هذِه الجُمْلَةِ أَيْضاً ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُها: الوَصْفُ، وثانيها: الحالُ على ما تَقَدَّمَ، وثالِثُها: الاسْتِئْنافُ.
وقولُهُ: {يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّروا} يُحِبُّونَ: هذِهِ الجُمْلَةُ في محَلِّ رَفْعٍ صِفَةً لِ "رِجالٌ"، و "أَنْ يَتَطَهَّروا" في محلِّ نَصْبِ مَفْعولٍ بِهِ لِ "يحبّون".
قرأ الجمهورُ: {فيه} الأولى والثانيةَ بكسرِ الهاءِ, وقَرَأَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ زَيْدٍ "فيهِ" الأولى بِكَسْرِ الهاءِ، والثانيةَ بِضَمِّها وهُوَ الأَصْلُ، فجَمَعَ بِذَلك بَين اللُّغَتَينِ، وفيهِ أَيضاً رَفْعُ تَوَهُّمِ التَوْكِيدِ، ورَفْعُ تَوَهُّمِِ أَنَّ "رجالٌ" مَرْفوعٌ بِ "تَقومَ".
وقرأَ جمهورُ القُرَّاءِ: {فيه رجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّروا} بَإظهارِ حَرْفِ التاءِ، وقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، والأَعْمَشُ: "يَطَّهَّرُوا" فأدْغَموا التاءَ بالطّاءِ.
وقرأَ الجمهورُ: {المُطَّهِّرين} فأَدْغَموا التاءَ بالطاءِ، وقرأَ عَليُّ بْنُ أَبي طالِبٍ ـ رضي اللهُ عنه: "المُتَطَهِّرينَ" بالإِظْهارِ، عَكْسَ قِراءاتِ الجُمهورِ في اللفْظَتَين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 108
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة الآية: 9
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 26
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 41
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 56
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 72

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: