روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 61

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 61 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 61 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 61   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 61 I_icon_minitimeالخميس أبريل 23, 2015 4:52 am

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)

قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} وَمِنَ المُنَافِقِينَ قَوْمٌ يُؤْذًُونَ رَسُولَ اللهِ ـ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، بِالكَلاَمِ فِيهِ، وقولُهُ: "يُؤْذُونَ" لَفْظٌ عامٌّ يَعُمُّ أَنْواعَ إيذَائهم لَهُ، ثمَّ خصَّ بعدَ ذلكِ قولَهم: "هُوَ أُذُنٌ"، وقد رُوِيَ أَنَّ قائلَ هَذِهِ المَقالَةَ هو نَبْتَلُ بْنُ الحارثِ، وكانَ مِنْ مَرَدَةِ المُنافقين، وفيهِ قالَ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الشَّيْطَانِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى نَبْتَلِ بْنِ الحَارِثِ)). وكانَ ثائرَ الرَأْسِ، مُنْتَفِشَ الشَّعْرِ، أَحمرَ العَيْنَيْنِ، أَسْفَعَ الخَدَّيْن، مُشَوَّهاً. وأَسْفَع مِنَ السُفْعَةِ بضَمِّ السينِ: وهو سَوادٌ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ.
قولُهُ: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} هُوَ أُذُنٌ: أيّْ يَسْمَعُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَكلُّ مَنْ قَالَ لَهُ شَيْئاً صَدَّقَهُ، وَمَنْ حَدَّثَهُ بِشَيْءٍ صَدَّقَهُ، فَإِذَا جِئْنَا وَحَدَّثْنَاهُ وَحَلَفْنَا لَهُ صَدَّقَنَا. و "الأُذْنُ" الرَجُلُ الذي يُصَدِّقُ كلَّ ما يَسْمَعُ، ويَقْبَلُ قَوْلَ كُلِّ أَحَدٍ، سُمِّيَ بالجارِحَةِ التي هي آلةُ السَّماعِ كأَنَّ جُمْلَتَهُ أُذُنٌ سامِعَةٌ ونَظيرُهُ قولُهم للرَبيئَةِ، أَيْ طَليعة الجيش، التي تَستطلِعُ أَخبارَ العدوِّ وأَحوالَهُ: عَينٌ. من ذلك قولُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَيُّها القلبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ ....................... إنَّ همّي مِنْ سماعٍ وأُذُنْ
الددنُ: اللهْوُ. وقد وصفوا به الذَكَرَ والأنْثى والواحدَ والجمعَ. فيُقالُ: رَجُلٌ أُذُنٌ، وامرأة أذن ورجالٌ ونِساءٌ أُذُنٌ، فلا يُثنّى ولا يُجْمَعُ. إنَّما سمّوهُ باسْمِ العُضْوِ تَهْويلاً وتَشْنيعاً، فهو مجازٌ مُرْسَلٌ أُطْلِقَ فيهِ الجَزْعُ على الكُلِّ مُبالَغةً لِفَرْطِ اسْتِماعِهِ، كما سمِّيَ الجاسوسُ عَيْناً.
وقيل: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ قولهم: أَذِنَ إِلَى شَيْءٍ؛ إِذا اسْتَمَعَ؛ ومِنْهُ قولُ الشاعرِ قَعْنَب بْنُ أُمِّ صاحِبٍ:
إنْ يَسْمَعوا رِيبَةً طاروا بها فَرَحاً ....... مني وما سَمِعُوا من صالحٍ دَفَنُوا
صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْراً ذُكِرْتُ بِه ...... وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا
فإنَّ معنى الآيةِ: ومِنْ هؤلاءِ المنافقين قومٌ يُؤذونَ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، فيَقولونَ عَنْهُ أَنَّهُ كَثيرُ السَماعِ والتَصْديقِ لِكُلِّ ما يُقالُ لَهُ بِدونِ تَمْييزٍ بَينَ الحَقِّ والباطِلِ.
وقيلَ هو مِنْ بابِ إطْلاقِ الجُزْءِ على الكُلِّ للمبالَغَةِ، كَقَوْلِ الشيخ شرفِ الدين ابْنِ الفارِضِ ـ رحمه اللهُ:
إذا ما بَدَتْ لَيْلى فُكُلِّي أَعْيُنٌ ........... وإنْ هِيَ ناجَتْني فَكُلِّي مَسامِعُ
قوْلُهُ: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} هو رَدٌّ عليهم بما يُخْرِسُ أَلْسِنَتَهم، ويَكْبِتُ أَنْفُسَهم، فهوَ مِنْ إضافَةِ المَوْصوفِ إلى الصِفَةِ للمُبالَغَةِ في الجَوْدَةِ والصَلاحِ، كقولِهم: فُلانٌ رَجُلُ صِدقٍ. أي: قَدْ بَلَغَ النِهايَةَ في الصِدْقِ والاسْتِقامَةِ. كأنَّهُ قيلَ: نَعَمْ هُوَ أُذُنٌ ولكنْ نِعْمَ الأُذُنُ. فهُوَ أُذُنُ خَيْرٍ يَعْرِفُ الصَّادِقَ مِنَ الكَاذِبِ، وَلاَ يَقْبَلُ مِمَّا يَسْمَعُ إِلاَّ مَا يَعُدُّه حَقّاًُ، وَفِيهِ مَصْلَحَةُ الخَلْقِ، وَلَيْسَ هُوَ بِأُذُنٍ فِي سَمَاعِ البَاطِلِ وَالكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ. ويَجوزُ أَنْ تَكونَ الإِضافةُ فيه على مَعنى "في"، أي: هوَ أُذُنٌ في الخيرِ والحقِّ، وليسَ بِأُذُنٍ في غيرِ ذَلِكَ مِنْ وُجوهِ الباطِلِ والشَرِّ.
وهذه الجملةُ الكريمةِ مِنْ أَسمى أَساليبِ الرَدِّ على المُرْجِفينَ الفاسِقينَ وأَحكَمِها، لأنَّهُ سبحانه، صدَّقَهم في كونِهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهَ وسلَّمَ، أُذُناً، ولكن بما هُوَ مَدْحٌ لَهُ، ولا شيءَ أَبْلَغُ من هذا الوجه في الرَدِّ عليهم، لأنَّه أطْمعَهم بالمَوافَقَةِ على ادِّعائهم ثمَّ نَقَضَ طَمَعَهم بالحسم، وأَعقبَهم في تَنَقُّصِهِ باليأَسِ منه.
قولُهُ: {يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} تَفْسيرٌ وتَوْضيحٌ لِكَوْنِهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أُذُن خَيرٍ لهم لا أُذُنُ شَرٍّ عَلَيْهم. فإِنَّهُ يُؤْمِنُ بِاللهِ، وَيُصَدِّقُ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَثِقُ بِدِينِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ، إذ أَنَّ مِنْ مظاهر كونِهِ  أُذُنَ خيرٍ، أنَّه "يؤمن بالله" إيماناً حَقًّاً ليَس فيه شَيءٌ مِنَ الخداعِ أو الرِياءِ، أَوْ غيرِ ذلك، و "يُؤْمِنُ للمُؤمِنين" أيْ: يُصَدِّقُهم فيما يَقولونَهُ مِنْ أَقوالٍ تُوافِقُ الشَرْعَ لأَنهم أَصْحابُهُ الذين أَطاعوه، واتَّبَعوا النُورَ الذي أُنْزِلَ مَعَهُ، فهم أَهْلٌ للقبولِ والتصديقِ دونَ غيرِهم. ولما كانَتْ أَخبارُ المُنافِقينَ تَصِلُ إِلى النبيِّ ـ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ، تارةً بإِخبارِ الله تعالى لَهُ، وتارةً بإِخبارِ المؤمنينَ، وهُمْ عُدولٌ، ناسَبَ اتِّصالُ قولِهِ سبحانَهُ: "يُؤْمِنُ بالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ" بما قَبْلَهُ، فيكونُ التَصديقُ هُنا خاصًّا بهذِهِ القَضيَّةِ، وإِنْ كانَ ظاهرُ اللفْظِ عامًّا؛ إِذْ مِنَ المعلومِ أَنَّهُ ـ صَلَّى الله علَيْهِ وسَلَّمَ، لم يَزَلْ مُصَدِّقاً باللهِ.
قولُه: {وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} وَهُوَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا، كما قالَ في حقِّهِ: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} الآية: 128. من هذه السورة، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الكَافِرِينَ كما قال تعالى في سورة النساء: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} الآية: 41.
قولُهُ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ بِالقَوْلِ أَوْ بِالعَمَلِ، قَدْ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً فِي الآخِرَةِ. وإيرادُهُ ـ عليْهِ الصَلاةُ والسَلامُ بعنوانِ الرِسالةِ مُضافاً إلى الاسْمِ الجَليلِ لِغايَةِ التَعظيمِ والتَنْبيهِ على أَنَّ أَذِيَّتَهُ راجعةٌ إلى جنابِهِ ـ عزَّ وجَلَّ، مُوجِبَةٌ لِكمالِ سُخْطِه وغَضَبه.
أَخْرَجَ ابْنُ إسْحقَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ: "كَانَ نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ يَأْتِي رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ فَيَسْتَمِعُ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْقُلُ حَدِيثَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِ:  "وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ".
وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ السُّدِّيِّ، قولَه: "وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنُ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمَنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ". قَالَ: "اجْتَمَعَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِيهِمْ: جِلاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ صَامِتٍ، وَمَخْشِيُّ بْنُ حِمْيَرٍ، وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَأَرَادُوا أَنْ يَقَعُوا فِي النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَالُوا: إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَبْلُغَ مُحَمَّدًا فَيَقَعُ بِكُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ نَحْلِفُ لَهُ فَيُصَدِّقُنَا، وَعِنْدَهُمْ غُلامٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُدْعَى عَامِرُ بْنُ قَيْسٍ فَحَقَّرُوهُ فَتَكَلَّمُوا، وَقَالُوا: لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنْ الْحَمِيرِ، فَسَمِعَهَا الْغُلامُ فَغَضِبَ، وَقَالَ: وَاللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَصَادِقٌ، وَإِنَّكُمْ لَشَرٌ مِنَ الْحَمِيرِ، ثُمَّ ذَهَبَ فَبَلَّغْهَا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَاهُمْ، فَحَلَفُوا بِاللهِ إِنَّ عَامِرًا لَكَاذِبٌ، وَحَلَفَ عَامِرُ إِنَّهُمْ لَكَذِبَةٌ فَصَدَّقَهُمُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَامِرٌ: اللَّهُمَّ لا تُفَرِّقَ بَيْنَنَا حَتَّى تَبَيَّنَ صِدْقُ الصَّادِقَ مِنْ كَذَبِ الْكَاذِبِ، وَقَدْ كَانَ مَخْشِيُّ بْنُ حِمْيَرٍ، قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ: وَيْحَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُنَافِقِينَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرَى أَنَّا شَرَّ خَلْقِ اللهِ وَخَلِيقَتِهِ، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي قُدِّمْتُ فَجُلِدْتُ مِئَةَ جَلْدَةٍ، وَأَنَّهُ لا يَنْزِلُ فِينَا شَيْءٌ يَفْضَحُنَا فَعِنْدَ ذَلِكَ، قَالُوا: وَاللهِ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا، وَقَالُوا: "هُوَ أُذُنٌ".
قولُهُ تَعالى: {أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ} أُذُنُ: خبرُ لمبْتَدَأٍ محذوفٍ، تقديره:
هو، أيْ: قلْ هُوَ أُذُنُ خَيرٍ. وهو مضافٌ، و "خيرٍ" مضافٌ إليه، والخبرُ هو متعلَّقُ "لكم"، وجُوِّزَ، أنْ يكونَ "خيرٌ" بالرَفْعِ على أنَّه صِفِةٌ لِ "أُذُنُ". وجُوِزَ أَنْ يَكونَ "أَذُن" صِفَةً مُشَبَّهَةٍ مِنْ أَذِنَ يَأْذَنُ إذْناً، إذا اسْتَمَعَ، وأَنْشَدوا لقَعْنَبَ:
إنْ يَسْمَعوا رِيبَةً طاروا بها فَرَحاً ...... مِنّي، وما سمِعوا مِنْ صالحٍ دَفَنوا
صُمٌّ إذا سمِعوا خَيراً ذُكِرْتُ بِهِ ......... وإنْ ذُكِرْتُ بِشَرٍّ عِنْدَهم أَذِنُوا
وعلى هذا هُوَ صِفَةٌ بمَعْنى سميعٌ ولا تَجَوُّزَ فيهِ
وجملةُ "يؤمن" خبرٌ ثانٍ للمُقَدَّرِ، فيكونَ خبراً بعد خبرٍ. و "خير" يجوزُ أَنْ تَكونَ وَصْفاً مِنْ غيرِ تَفضيلٍ، أَيْ: أُذُنُ ذو خيرٍ لَكم، ويَجوزُ أََنْ تَكونَ على بابها من التَفْضِيلِ، أَيْ: أَكْثَرُ خيرٍ لكم. وجَوَّزَ أبو الفَضْلِ الرازي صاحبُ "اللوامح" أَنْ يَكونَ "أُذُن" مُبْتَدَأً و "خير" خبرُها، وجازَ الابْتِداءُ هُنا بالنَكِرَةِ لأنها مَوْصوفةٌ تَقديراً، أَيْ: أُذُنٌ لا يُؤاخِذُكم خَيرٌ لَكم مِنْ أُذُنٍ يُؤاخِذُكُمْ.
و يقالُ: أَذِنَ يَأْذَنُ فهو "أُذُن" عَلى وزن "فُعُل" كأُنُف، قالَ القاضي عُمَرُ بْنُ أَبي بَكْرٍ المَوْصِلِيِّ:
وقد صِرْتَ أُذْناً للوُشاةِ سَميعةً .. يَنالُونَ مِنْ عِرْضي ولو شئتَ ما نَالوا
قولُهُ: {وَرَحْمَةٌ}، هُوَ عَطْفٌ على "يُؤْمِنُ"؛ و "يُؤْمِنُ" في محلِّ رَفْعٍ صفةً لِ "أُذُن" والتَقديرُ: أُذُنٌ مُؤْمِنٌ ورَحمةٌ. ويجوزُ "ورحمةٍ" بالجَرِّ نَسَقاً على "خيرٍ" المخفوضِ بإضافةِ "أُذُن" إليه. وعلى هذا فالجملة معترضةٌ بين المتعاطفين تَقديرُهُ: أُذُنُ خيرٍ ورحمةٍ. ويجوزُ "ورحمةً" نَصْباً عَلى أَنَّهُ مَفْعولٌ مِنْ أَجلِهِ، والمُعَلِّلُ محذوفٌ، أَيْ: يَأْذَنُ لكم رَحمةً بِكُم، فحُذِفَ لدَلالَةِ قولِهِ: "قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ".
والباءُ في "يؤمن بالله" واللامُ في "ويؤمن للمؤمنين" مُعَدِّيتان قد تقدَّم الكلامُ عليهما. وقالَ الزَمخْشَرِيُّ: قَصَدَ التصديقَ باللهِ الذي هُوَ نقيضُ الكُفْرِ فَعَدَّى بالباءِ، وقَصَدَ الاسْتِماعَ للمؤمنين، وأَنْ يُسَلِّم لهم ما يقولون فعَدَّى باللام، أَلا تَرى إلى قولِهِ في سورة يوسُف: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} الآية: 17. ما أَنابهُ عَنِ الباءِ، ونحوِهِ: {فَمَا آمَنَ لموسى} سورة يونس، الآية: 83. و {أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} سورة الشعراء، الآية: 111. و {آمَنتُمْ لَهُ} الشعراءُ الآية: 49. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هما زائدتان، والمعنى: يُصَدِّقُ اللهَ ويُصَدِّقُ المؤمنين. وهذا قولٌ مَرْدودٌ، ويَدُلُّ على عَدَمِ الزِيادَةِ تَغايُرُ الحَرْفِ الزائدِ، فلَوْ لم يُقْصَدْ معنىً مُسْتَقِلٌّ لَمَا غايَرَ بين الحَرْفينِ، وقالَ المبرِّدُ: هيَ مُتَعَلِّقَةٌ بمَصدَرٍ مُقدَّرٍ مِنَ الفِعْلِ كأنَّهُ قالَ: وإيمانُهُ للمُؤمنينَ. وقيلَ: يُقالُ: آمَنْتُ لَكَ بمَعنى صَدَّقْتُكَ، ومِنْهُ قولُهُ تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا} وهذِه اللامُ في ضِمْنِها "ما" فالمعنى: ويصدِّق للمؤمنين بما يُخبرونَه به. وقالَ أَبو البَقاءِ: واللامُ في "للمؤمنين" زائدةٌ دَخَلَتْ لتفرِّقَ بين "يؤمن" بمعنى يُصَدِّق، وبين يُؤمنُ بمعنى يُثْبِتُ الإِيمان.
قرأَ الجمهورُ: {خيرٍ} على الجَرِّ بإِضافةِ "أذنُ" إليها كما تقدَّمَ. وقرأَ الحَسَنُ ومجاهدٌ وزيدُ بْنُ عَلِيٍّ وأبو بكرٍ عَنْ عاصِمٍ "أُذُنٌ" بالتنوين، "خيرٌ" بالرَفْعِ على أَنَّها وَصْفٌ لِ "أُذُن".
وقرَأَ الجمهورُ: {ورحمةٌ}، رَفعاً نَسَقاً على "أُذُنٌ"، فيمن رَفَعَ "رَحمة". وقرأَ حمزةُ والأعمش: "ورحمةٍ" بالجَرِّ نَسَقاً على "خيرٍ" المخفوضةِ بإضافةِ "أَذُن" إليه. وقرأَ ابْنُ أَبي عَبْلَةَ: "ورحمةً" نصباً على أنَّهُ مفعولٌ مِنْ أَجْلِهِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 61
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 8
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 25
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 40 (2)
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 55
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 71

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: