روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 12

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 12 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 12 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 12   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 12 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 18, 2015 2:37 am

وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ
(12)
قولُهُ ـ تعالى جَدُّه: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} هذه حالةٌ أخرى مِنْ أَحْوالِ الإذْنِ المُتَقَدِّم في قولِهِ تَعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} سورةُ التوبة، الآية: 5. ففي هذِهِ الحالةِ يجِبُ قِتالُهم ذَبًّا عَنْ حُرْمَةِ الدِّينِ، وقَمْعاً لِشَرِّهم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَرَّدوا عليه. فالأمْرُ، هُنا: للوُجوبِ. فإِذا نَكَثَ هَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ، الذِينَ عَاهَدْتُمُوهُمْ، عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهَمْ (أَيْمَانَهُمْ).
ونَكَثَ الغَزْلَ وَالحَبْلَ أَيْ: حَلَّ خُيُوطَهُ التِي تَألَّفَ مِنْهَا وَأَرْجَعَهَا إِلَى أَصْلِهَا. فنَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ: نَقَضُوا عُهُودَهُمْ المُؤَكَّدَةَ بِالأيْمَانِ. وهو قولُ الأَكْثرين بِأَنَّ المُرادَ نَكْثُهم لِعَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقيلَ المُرادُ حملُ العَهْدِ على الإسْلامِ بعدَ الإيمان، فيَكونُ المُرادُ رِدَّتُهم بعدَ الإيمانِ، ولذلكَ قَرَأَ بعضُهم {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمانَهم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} والأوَّلُ أَوْلى للقِراءَةِ المَشْهورَةِ، ولأنَّ الآيةَ وَرَدتْ في سياقِ الحديثِ عن ناقضي العَهْدِ فقد صنَّفهم اللهُ تعالى صِنْفين، وقدْ مَيَّزَ في الآيةِ السابقةِ مَنْ تابَ مِنْهم فلمْ يَبْقَ إلاَّ مَنْ نَقَضَ العَهْدَ. وأَخْرَجَ ابْنُ أبي حاتمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، في قولِهِ تعالى: "وإنْ نَكَثُوا أَيمانَهم مِنْ بَعْدِ عَهْدِهم"، يَقولُ اللهُ سبحانَهُ لِنَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم: وإنْ نَكَثوا العَهدَ الذي بَيْنَكَ وبَيْنَهم فقاتلوهم إنَّهم أَئِمَّةُ الكُفْرِ.
قولُهُ: {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ} أَيْ: قَدَحُوا في دِينِكُمْ، وَعَابُوهُ، وَانْتَقَصُوهُ، فَقَاتِلُوا الكُفَّارَ بأَسْرِهم، لأنَّهُمْ لاَ عُهُودَ لَهُمْ وَلاَ مَوَاثِيقَ، إلاَّ أَنَّهُ خَصَّ بالذِكْرِ زُعَمَاءَ الكُفْرِ وَأَئِمَّتَهُ مِنْهم، والسادةَ، لأنَّهم هُمُ الذين يُحَرِّضُونَ الأَتْباعَ على هذِهِ الأَعْمالِ الباطِلَةِ. فقدْ وَضَعَ أَئمَّةَ الكُفْرِ مَوْضِعَ الضَميرِ؛ للدَلالَةِ على أَنَّهم صاروا بِذلكَ ذَوِي الرِئاسَةِ والتَقَدُّمِ في الكُفْرِ، فهُمْ أَحَقُّ بالقَتْلِ. وهذا ما يُفِيدُهُ التَخْصِيصُ.
وَمما فهمَ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ قَتْلُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وَمَنْ طَعَنَ فِي دِينِ الإِسْلاَمِ أَيّاً كانَ بما في ذلك المعاهدين وأهلِ الذمَّةِ، لأنَّ عملهم هذا يعتبرُ خرقاً للمُعاهدةِ، فَلَيْسَ مِنْ بُنُودِ أيِّ عَهْدِ ما يَسْمَحُ بِذلك. وقالَ الزَجَّاجُ: هذه الآيةُ تُوجِبُ قَتْلَ الذُميِّ إذا أَظْهَرَ الطَعْنَ في الإسْلامِ، لأنَّ عهدَهُ مَشْروطٌ بِأَنْ لا يَطْعَنَ، فإنْ طَعَنَ فقدْ نَكَثَ ونَقَضَ عَهْدَهم. والمشهورُ مِنْ مَذْهَبِ مالكٍ ـ رَضَِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ: إذا فَعَلَ الذُمِيُّ شيئاً مِنْ ذلك مِثلَ تَكذيبِ الشريعةِ وسَبِّ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، ونحوَهُ قُتِلَ، وبِهِ قالَ الإمامُ أَحمدٌ، وهوَ مَذْهَبُ الشافعيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما. رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قالَ في مجْلِسِ عَلِيٍّ ـ كرَّمَ اللهُ وجهَهُ: ما قُتِلَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ إلاَّ غَدْراً، فأَمَرَ أَميرُ المُؤمنينَ عَلِيٌّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ. ومِثْلُ هَذا يُقْتَلُ ولا يُسْتَتابُ إنْ نَسَبَ الغَدْرَ للنَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، أوْ سَبَّهُ، وهو الذي فهِمَهُ أبو الحسنِ عَليٌّ رُضْوانُ اللهِ عليه، مِنْ ذاك القائلِ، وقولُهُ هذا زَنْدَقَةٌ. وليس فكراً يطرحُ ويُنَاقَشُ في مسائلَ إيمانية، فأَمَّالو أَنَّهُ نَسَبَهُ للمُباشِرينَ لِلقَتْلِ بحيثُ يَقولُ: إنَّهمْ أَمَّنوهُ ثمَّ غَدَروه لَكَانَتْ هذِهِ النِسْبَةُ كَذِباً مَحْضاً منه عليهم، فإنَّهُ ليسَ في كَلامِهم مَعَ ابْنِ الأَشْرَفِ ما يَدُلُّ عَلى أَنَّهم أَمَّنُوهُ، ولا صَرَّحوا لَهُ بِذَلِكَ، ولَو فَعلوا ذلك لما كانَ أَماناً، لأنَّ النَبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، إنَّما وَجَّهَهم لِقَتْلِهِ لا لِتَأْمِينِهِ، فاسْتَدْرَجوهُ إلى أَنْ ابْتَعَدُوا بِهِ عَنْ مَنازِلِهِ، ثمَّ نَفَّذوا فيه أَمْرَ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسلّمَ، كما تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّتِهِ. وعلى هذا فيَكونُ في قَتْلِ مَنْ نَسَبَ ذلك لهم نَظَرٌ وتَرَدُّدٌ. أَمَّا  إذا صَرَّحَ بأَنَّ الرَسُولَ قدْ غَدَرَ أَوْ أَمَرَ بالغَدْرِ أَوْ رَضِيَ بِهِ فإنَّهُ يُقْتَلُ. وإذا قُلْنا لا يُقْتَلُ، فلا بُدَّ مِنْ تَنْكيلِ ذلك القائلِ وعُقوبَتِهِ بالسِجْنِ، والضَرْبِ الشَديدِ والإهانَةِ العَظيمَةِ. وقدْ قِيلَ إذا كَفَرَ الذميُّ وأَعْلَنَ بما هُوَ مَعْهودٌ مِنْ مُعْتَقَدِهِ وكُفْرِهِ، أُدِّبَ على الإعْلانِ وتُرِكَ، وإذا كَفَرَ بما لَيْسَ مِنْ مَعهودِ كُفْرِهِ كالسَبِّ ونحوِهِ قُتِلَ، وقالَ أَبو حَنيفةَ ـ رضي اللهُ عنه: إنَّهُ يُسْتَتابُ. واخْتُلِفَ إذا سَبَّ الذُمِّيُّ النَبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، ثمَّ أَسْلَمَ تَقِيَّةَ القَتْلِ فالمَشْهورُ أَنْ يُتْرَكَ، لقولِهِ ـ صَلَّى الله عليهِ وسَلَّمَ: ((الإسلامُ يَجُبُّ ما قَبْلَهَ)). وقالَ بَعْضُهم بأَنَّه يُقْتَلُ ولا يَكونُ أَحْسَنَ حالاً مِنَ المُسْلِمِ. أَخْرَجَ عبدُ الرَزاقِ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ عَنْ قَتادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ تعالى: "أَئِمَّةَ الكُفْرِ" قالَ هم: أَبو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ، وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وعُتْبَةُ بْنُ رَبيعَةَ، وأَبو جَهْلِ عَمْرُو بْنُ هِشامٍ، وسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وهُمُ الذين نَكَثُوا عَهْدَ اللهِ تَعالى وَهمّوا بِإخْراجِ الرَسولِ مِنْ مَكَّةَ. وهذا النقلُ عنه ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعيدٌ عَنِ الصَوابِ لأَنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ بَعدَ بَدْرٍ بِكَثيرٍ، فإنّ مِنْ هؤلاءِ مَنْ قتلَ في بدرٍ، إلاَّ إذا كانَ المُرادُ ضَرْبَ المثالِ بهؤلاءِ، والأَصْوَبُ في هَذا أَنْ يُقالَ إنَّهُ لا يَعنى بها مُعَيَّناً، وإنَّما وَقَعَ الأَمْرُ بِقِتالِ أَئِمَّةِ الناكِثينَ بالعُهودِ مِنْ الكَفَرَةِ إلى يومِ القيامَةِ دونَ تَعيينٍ، واقْتَضَتْ حالُ الكُفَّارِ العَرَبِ ومُحارِبيّ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، أَنْ تَكونَ الإشارَةُ إليهم أَوَّلاً بِقَوْلِهِ: "أئمة الكُفْرِ" لأنَّ الذي يَتَوَلّى قِتالَ النَبيِّ والدَفْعَ في صَدْرِ شَريعَتِهِ هُوَ إمامُ كُلِّ مَنْ يَكْفُرُ بها إلى يومِ القيامَةِ، ثمَّ تَأْتي في كُلِّ جِيلٍ مِنَ الكُفَّارِ أَئِمَّةٌ خاصَّةٌ بهم. فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ حُذيفَةَ بْنِ اليَمانِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهم ذَكَروا عِنْدَهُ هَذِهِ الآيَةَ فقالَ: ما قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ. وأَخْرَجَ أَبو الشَيْخِ عَنِ الحَسَنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "فقاتلوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ" قالَ: الدَيْلَمَ، أَوْ الفُرْسَ والرُومَ. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وهْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ: "فقاتلوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ" قال: كُنَّا عِندَ حُذَيْفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فقال: ما بَقِيَ مِنْ أَصْحابِ هذِهِ الآيَةِ إلاَّ ثَلاثَةٌ ولا مِنَ المُنافقينَ إلاَّ أَرْبَعَةٌ. فقالَ أعْرابيٌّ: إنَّكم أَصْحابَ محمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، تُخْبِرُونَنا بِأُمورٍ لا نَدْرِي ما هِيَ، فما بالُ هَؤلاءِ الذينَ يَبْقُرونَ بُيُوتَنا ويَسْرِقونَ أَعْلاقَنا؟! قالَ: أُولئكَ الفُسَّاقُ، أَجَلْ لمْ يَبْقَ مِنْهم إلاَّ أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهُم شَيْخٌ كَبيرٌ لوْ شَرِبَ الماءَ البارِدَ لما وَجَدَ بَرْدَهُ. وأَخْرِجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَحمنِ بْنِ جُبيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. أَنَّهُ كانَ في عَهْدِ أَبي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في الناسِ حينَ وجَّهَهم إلى الشامِ، فقالَ: إِنَّكم سَتَجِدونَ قوماً محلوقةً رُؤوسُهم فاضْرِبوا مَقاعِدَ الشَيْطانِ مِنْهم بالسُيُوفِ، فوَ الله لئِنْ أَقْتُلَ رَجُلاً مِنْهم أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَ سَبعينَ مِنْ غيرِهم، وذَلِكَ بأَنَّ اللهَ تَعالى يقولُ "قاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ".
قولُهُ: {لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ عَنِ الكُفْرِ إِنْ قَاتَلتُمُوهُمْ. أَيْ: لِيَكُنْ غَرَضُكم في مُقاتَلَتِهم أَنْ يَنْتَهوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ، كما هِيَ طَريقَةُ أَهْلِ الإخْلاصِ، وليسَ القِتالُ بِقَصْدِ إيذاءٍ، أَوْ مُقابَلَةِ عَداوَةٍ.
قولُهُ تَعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا} جُمْلةٌ مَعْطُوفَةٌ على جُمْلَةِ: {فَإِنْ تَابُوا}، مِنَ الآيَةِ السابِقَةِ.
وقولُهُ: {إِنَّهم لا أَيمانَ لهم} جملةٌ حاليَّةٌ مِنْ  قولِهِ قبلَ ذلك: "أَئِمَّةَ الكُفْرِ".
وقولُهُ: {لَعَلَّهُمْ يَنْتَهونَ} جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. ويجوزُ أَنْ تَكونَ تَعْليلاً لجُمْلَةِ: "فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ".
وقولُهُ: {أَئِمَّةَ} وزْنُهُ "أَفْعِلة"؛ لأنها جمعُ إمَامٍ، كَ "سِوارٍ" وأَسْوِرَةٍ، والأَصْلُ "أَأْمِمَة"، فالتَقى مِيمانِ، فأُريدَ إدْغامُهُما، فنُقِلَتْ حَرَكةُ الميمِ الأُولى للساكِنِ قبلَها، وهُوَ الهَمْزَةُ الثانِيَةُ، فأَدَّى ذَلِكَ إلى اجْتِماعِ همْزَتَينِ ثانِيَتُهُما مَكْسُورَةٌ: والنَحْويُّون البَصْرِيُّون يُوجِبون إبدالَ الثانيةِ ياءً، في مثلِ هذه الحالة، وغيرُهم يُحَقِّقُ، أَوْ يُسَهِّلُ بَيْنَ بَيْنَ. ومَنْ أَدْخَلَ الأَلِفَ فلِلْخِفَّةِ حتى يُفَرِّقَ بينَ الهَمْزَتَيْنِ، والأَحْسَنُ حِينَئِذٍ أَنْ يكونَ ذَلِكَ في التَحْقيقِ كَما قَرَأَ هِشامٌ. وأَمَّا ما رَواهُ أَبو حَيَّان الأَنْدلُسِيُّ عَنْ نافعٍ مِنْ المَدِّ، مَعَ نَقْلِهِ عنُهُ أَنَّه يُصَرِّحُ بالياءِ، فلِلْمُبالَغَةِ في الخِفَّةِ.
وقرَأَ نافعٌ، وابْنُ كَثيرٍ، وأَبو عَمْرٍو: "أَئِمَّة" بهمْزَتينِ ثانِيَتُهُما مُسَهَّلَةٌ بَيْنَ بَيْنَ، ولا أَلِفَ بَيْنَهُما.
وقرأَ الكُوفِيُّونَ، وابْنُ ذَكْوانٍ، عَنِ ابْنِ عامِرٍ بِتَخْفيفِهِما مِنْ غيرِ إِدْخالِ أَلِفٍ بَيْنَهُما، وقَرَأَ هِشامٌ كذلكِ، إلاَّ أَنَّهُ أَدْخَلَ بينَهُما أَلِفاً، هذا هو المشهورُ بين القُرَّاءِ السَبْعَةِ.
ونَقَلَ الشيخُ أبو حيَّان عَنْ نافعٍ ومَنْ مَعَهُ، أَنَّهم يُبْدِلون الثانيةَ ياءً صريحةً، وأَنَّهُ قد نُقِلَ عَنْ نافعٍ المدُّ بَيْنَهما، أَيْ بَينَ الهَمْزَةِ والياءِ.
فأمَّا قِراءَةُ التَحْقيقِ وبَيْنَ بَيْنَ، فقدْ ضَعَّفَها جَمَاعةٌ مِنَ النَحْويّين كأَبي عَلِيٍّ الفارِسِيِّ وتابِعيهِ، ومِنَ القرَّاءِ أَيْضاً مَنْ ضَعَّفَ التَحقيقَ مَعَ رِوايَتِه لَهُ، وقِراءتِهِ بِهِ لأَصْحابِهِ. ومِنْهُم مَنْ أَنْكرَ التَسْهيلَ بينَ بينَ، فَلم يُقْرَأْ بِهِ أَصْحابُ التَخْفِيفِ، وقَرؤوا بِياءٍ خَفيفَةِ الكَسْرِ، وقدْ نَصُّوا على ذَلِكَ في كُتُبِهم.
وأَمَّا القِراءَةُ بالياءِ فهي التي ارْتَضاها الفارسيُّ وهؤلاءِ الجماعةُ، لأنَّ النُطقَ بالهَمْزتينِ في كلِمَةٍ واحِدَةٍ ثَقيلٌ، وهَمْزَةُ بَيْنَ بَيْنَ بِزِنَةِ المُخَفَّفةِ. وجَعَلَ الزَمخْشَريُّ القراءةَ بصريحِ الياءِ لَحْناً، وتحقيقَ الهَمْزَتَيْنِ غيرَ مَقْبولٍ عِنْدَ البَصْريّين، قال: فإنْ قُلْتَ: كَيْفَ لَفْظُ "أَئِمَّةِ"؟ قُلْتُ: بهمزةٍ بعدَها همزةٌ بَيْنَ بَيْنَ، أَيْ: بَيْنَ مَخْرَجِ الهَمْزَةِ والياءِ، وتحقيقُ الهمزتَيْنِ قِراءَةٌ مَشْهورَةٌ، وإنْ لم تَكنْ مَقْبُولَةً عِنْدَ البَصْرِيّين. وأَمَّا التَصريحُ بالياءِ فلا يَجوزُ أَنْ تَكونَ، ومَنْ قَرَأَ بها فهو لاحِنٌ مُحَرِّفٌ.
وردَّ عَلَيْهِ الشَيُخُ أبو حيّان فقالَ: وذلِكَ دَأْبُهُ في تَلْحينِ المَقْرِئينَ، وكَيْفَ تَكونُ لَحْناً، وقدْ قَرَأَ بها رَأْسُ النُحاةِ البَصْريّين، أَبو عَمْرٍو بْنُ العَلاءِ، وقارِئُ أَهْلِ مَكَّةَ ابْنُ كَثيرٍ، وقارِئُ أَهْلِ المَدينَةِ نافعٌ؟.
ورَدَّ أَبو البَقاءِ قِراءَةَ التَسْهيلِ بينَ بينَ فقالَ: ولا يَجوزُ هُنا أَنْ تُجْعَلَ بينَ بينَ، كما جُعِلَتْ همزةُ "أَئِذا"؛ لأَنَّ الكَسْرَةَ هُنا مَنْقولةٌ، وهناكَ أَصْلِيَّةٌ، ولَوْ خُفِّفَتِ الهَمْزَةُ الثانِيَةُ هُنا عَلى القِياسِ لَقُلِبَتْ أَلِفاً لانْفِتَاحِ ما قَبْلها، ولكنْ تُرِكَ لِتَتَحَرَّكَ بِحَركةِ الميمِ في الأَصْلِ.
وقولُهُ "مَنْقولةٌ" لا يُفيدُ لأنَّ النَقْلَ هُنا لازِمٌ، فهو كالأَصْلِ. وقولُهُ: وَلَوْ خُفِّفَتْ على القياسِ ... إلى آخِرِهِ. لا يُفيدُ أَيضاً لأنَّ الاعْتبارَ بالإِدْغامِ سابقٌ على الاعْتِبارِ بِتَخْفيفِ الهَمْزَةِ.
وقَرَأَ الجُمْهورُ: {لاَ أَيْمَانَ} بالفَتْحِ، وهُوُ جمعُ يَمينٍ. وهذا مُناسِبٌ للنَكْثِ، وَقَدْ أُجْمِعَ على فَتْحِ الثانِيَةِ. ومَعنى نَفْيِ الأَيمانِ عَنِ الكُفَّارِ، أَنَّهم لا يُوفون بها، وإنْ صَدَرَتْ منهم وَثَبَتَتْ. وهو كما قالَ الشاعرُ:
وإنْ حَلَفَتْ لا تَنْقُضُ الدهرَ عَهْدَها ..... فليس لِمَخْضُوبِ البَنانِ يَمينُ
وبذلِكَ قالَ الشافعِيُّ، فيمينُ الكافرِ عِنْدَه يمينٌ شَرْعِيَّةٌ. وحَمَلَهُ أَبو حَنيفَةَ على حَقيقَتِهِ فقالَ: بأَنَّ يَمينَ الكافِرِ لا تَكونُ يَميناً شَرْعيّةً.
وقَرَأَ ابْنُ عامِرٍ: "لا إيمانَ لهم" بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وهوَ مَصْدَرُ آمَنَ
يُؤْمِنُ إيماناً. وهل هو من الأمان؟ وفي معناه حِينَئِذٍ وَجْهانِ أَحَدُهما: أَنَّهم لا يُؤْمنونَ في أَنْفُسِهم أَيْ: لا يُعْطَوْنَ أَماناً بَعْدَ نُكْثِهم وطَعْنِهم، ولا سبيلَ إلى ذلك.
والثاني: الإِخبارُ بأَنَّهم لا يُوفون لأَحَدٍ بِعَهْدٍ يَعْقِدونَهُ لَهُ. أَوْ أنَّ المعنى مِنَ التَصديقِ أَيْ: إنَّهم لا إسْلامَ لهم. واخْتَارَ مَكِّيّ التأويلَ الأَوَّلِ لِما فيهِ مِنْ تجديدِ فائدةٍ لم يَتَقَدَّمْ لها ذِكْرٌ؛ لأنَّ وَصْفَهم بالكُفْرِ وعَدَمِ الإِيمانِ قَدْ سَبَقَ وعُرِفَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 12
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 2
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 19
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 35
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 66
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 81

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: