وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
(40)
قولُهُ ـ تبارك وتعالى {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ} وَإِنِ أعرضوا عن دعوة الله ورسولِه لهم للإيمان وترك الصدِّ عن سبيل الله، ولم ينتهوا عَنْ كُفْرِهِم وإيذائهم لكم، واسْتَمَرُّوا عَلَى مخِالفِتهم وَمُحَارَبَتِهِمْ إِيَّاُكْم فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَكُمْ وَنَاصِرُكُمْ عَلَى أَعْدَائِهِ وَأَعْدَائِكُمْ، فثِقُوا بِهِ ولا تُبالُوا بمعاداتِهم.
قولُهُ: { نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} وَهُوَ نِعْمَ المَوْلَى فلا يضيع من تولاّهُ، وَنِعْمَ النَّاصِرُ، فَأيْقِنُوا بِنَصْرِ اللهِ لَكُمْ، ولا يَغْلَبُ مَنْ ناصِرُهُ الله، وَهُوَ مُتَوَلِّي أُمُورِكُمْ، فَلاَ تُبَالُوا بِهِمْ، وَلاَ تَخْشَوْهُمْ.: وهذا مِنْ بابِ تأديبٌ مِنْهُ سُبحانَهُ لأهلِ بَدْرٍ وهدايةٌ لهم إلى فَنَاءِ الأَفعالِ حَيْثُ سَلَبَ الفِعلَ عَنْهُمْ بالكُلِّيَّةِ.
قولُه تعالى: {فاعلموا أنَّ اللهَ مولاكم} يجوزُ أن يكون "مولاكم" خبر "أنَّ" و "نِعْم المولى" جملةٌ مُسْتَقِلَّةٌ سِيْقَتْ للمَدْحِ، وهو الأظهرُ، ويجوزُ أَنْ تَكونَ بَدَلاً مِنَ "الله" والجملةُ المَدْحِيَّةُ خَبرٌ لِ "أن" والمَخْصوصُ بالمدْحِ محذوفٌ أَيْ: نِعْم المولَى اللهُ، أَوْ رَبُّكم. المصدر "أن الله مولاكم" سدَّ مَسَدَّ مَفْعُوليْ "اعلموا".
قولُهُ: {نعم المولى} المولى: رفعٌ ب "نعم" لأنَّها فعلٌ، والدليلُ على أَنَّها فعلٌ قولُ العربِ نِعْمَتْ فأَثْبَتُوا التاءَ. وكذا {ونعم النصير}. وجملةُ "نعم المولى" مُسْتَأْنَفَةٌ، والمخصوص بالمدح محذوفٌ أَيْ: الله.
تمَّ بحمده تعالى ومنَّتِه وعظيم فَضله على عبدِه الجزءُ التاسِعُ مِنْ الموسوعة القرآنية فيض العليم، بتاريخ: 18/ربيع الثاني/ 1436 لهجرة سيدنا محمد ـ صلى اللهُ عليه وسلم، الموافق: 7/2/ 2015م. ويليه الجزء العاشرُ بمشيئته سبحانَه وفيضِ مَدَدِهِ.