روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 11

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 11 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 11 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 11   فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 11 I_icon_minitimeالجمعة يناير 23, 2015 5:04 am

إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (11)
قولُه ـ تعالى شأنُه: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} أَيْ: اذْكُروا حين غشيكمُ النُعاسُ قُبَيْلَ القِتالِ، حتى تَأْمَن نفوسكم وتَرتاحَ مِنَ الخوفِ الشديدِ الذي كانَ طاغياً مِنَ العدوِّ. لكثرةِ عددِهِ وعُدَدِهِ. فالخائفُ خوفاً شديداً على نفسِهِ وأَهْلِهِ يجافيه النومُ ويوافيه القلقُ والاضطرابُ، فإذا نام أَمِنَ واطمأنَّ، فصار حصولُ النومِ لهم في وَقْتِ الخوفِ الشديدِ دليلاً على زَوالِ الخوفِ وحُصُولِ الأمْنِ. ولم يكن نوماً عميقاً يسمح للعدوِّ بأنْ يأخذهم على غِرَّةٍ مِنْهم بَلْ كانَ نَوماً خفيفاً فيه استرخاءٌ وراحةٌ بحيث يَنْتَبِهوا لِحَرَكَةِ عدوِّهم إذا أَرَادَ مُباغَتَتَهم، يدلُّ على ذلك ما رواه البخاريُّ في المغازي بِسَنَدِهِ عَنْ قَتادةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبي طَلْحَةَ، رَضِيَ اللهُ عنه، قالَ: كُنْتُ فيمن تَغَشَّاهُ النُعاسُ يَومَ أُحُدٍ، حتى سَقَطَ سَيْفي مِنْ يَدِي مِراراً، يَسْقُطُ وآخُذُهُ، ويَسْقُطُ وآخُذُهُ. قال ابنُ كثيرٍ في تفسيره معقباً على ذلك: (فقد أَصابهم (النعاسُ) يَومَ أُحُدٍ، وأَمْرُ ذلك مَشْهورٌ جِدّاً، وأَمَّا يَومَ بَدْرٍ في هذه الآيةِ الشريفةِ إنَّما هي في سِياقِ قَصَّةِ بَدْرٍ، وهي دَالةٌ على وُقوعِ ذَلِكَ أَيْضاً وكأَنَّ ذلك كان سَجِيَّةً للمُؤمنين عِنْدَ شِدَّةِ البأْسِ لِتَكونَ قُلوبُهم آمنةً مُطْمَئِنَّةً بِنَصْرِ اللهِ. وهذا مِنْ فَضْلِ اللهِ ورَحمَتِهِ بهم ونِعَمِهِ عليهم). فلولا حُصُولُ هذا النُعاسِ وحُصولُ الاسْتِراحةِ حتى تَمَكَّنوا في اليَومِ الثاني مِنَ القِتالِ لمَا تمَّ الظَفَرُ. وقد غَشِيَهم هذا النُعاسُ، أيْ جميعاً دُفعةً واحدةً مَعَ كَثٍرَتِهم، إلاَّ رَسُولَ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم وصاحبِ الصِدِّيقِ الذين باتا يُصَلِّيانِ لله ويدعوانِهِ. فقد جاء في الصحيحين أنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ، لمَّا كانَ يَومُ بَدْرٍ في العَريشِ مَعَ الصِدِّيقِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهما يَدْعُوانِ، أَخَذَتْ رَسُولَ اللهِ سِنَةٌ مِنَ النَوْمِ، ثمَّ اسْتَيْقَظَ مُتَبَسِّماً فقال: ((أَبْشِرْ يا أَبَا بَكْرٍ، هذا جِبريلُ على ثَناياهُ النَّقْعُ)). ثمَّ خَرَجَ مِنْ بابِ العَريشِ، وهُوَ يَتْلُو قَوْلَهُ تَعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} سورة القمر، الآية: 45.وعَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ما كان فينا فارِسٌ يَومَ بَدْرٍ غيرُ المِقدادِ، ولَقَدْ رَأَيتُنا وما فينا إلاَّ نائِمٌ إلاَّ رَسُولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم، يُصَلِّي تحتَ شَجَرَةٍ ويَبْكي حتى أَصْبَحَ). مُسْند أَبي يَعلى: (1/242). ورواهُ الإمامُ أحمد في مسنده: (1/125). وفي حصولِ النُعاسِ للجَمْعِ العَظيمِ في الخوفِ الشديدِ أَمْرٌ مُعجزٌ خارقٌ للعادةِ. وهذه منه سبحانَه، نِعْمَةٌ عَظيمَةٌ أَنْعَمَ اللهُ بها على المُؤْمِنِينَ، وفي ذلك تَقْوِيَةٌ لهم مِنْ رَبِّهم على لقاء عدوِّهم. قالَ ابْنُ مَسْعودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: النُعاسُ عِنْدَ حُضورِ القِتالِ عَلامَةُ أَمْنٍ مِنَ العدو. والنُعاسُ أَوَّلُ النومِ قبلَ أَنْ يَثْقُلَ. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ قَتادَةَ أَنَّ النُعاسَ في الرَأْسِ والنَوْمَ في القَلْبِ، ولَعَلَّ مُرادَهُ الثِقَلُ والخِفَّةُ وإلاَّ فَلا مَعْنى لَهُ، والفِعْلُ منه "نَعَسَ" ك "مَنَعَ" فهو ناعِسٌ ونَعْسانٌ.
قولُه: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} هي نعمةٌ أخرى أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ بِأَنْ أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ فَمَلأَ المُسْلِمُونَ أَوْعِيَتَهُمْ، وَشَرِبُوا وَتَطَهَّرُوا، واغتسلوا من الجنابة لأنَّ مِنْهُم مَنِ احْتَلَمَ خلالَ غَفْوَتِهِ، فَارْتَاحَتْ نُفُوسُهُمْ ونَشَطَتْ أَجْسامُهم. فقَدْ مُطِروا ليلاً حتى جَرى الوادي، فاتَّخَذوا الحياضَ على عُدْوَتِهِ، وَسَقَوا دوابَّهم ومَوشيهم التي كانَتْ مَعَهم، وتَوَضَّؤوا، وتَلَبَّدَ الرَمْلُ الذي بَيْنَهم وبَينَ عَدوِّهم. لأنَّ الرملَ إذا كانَ جافّاً مار تحت الأقدام فلم تثبتْ عليه، وغاصَتْ فيه الأَرْجُلُ وعَلا مِنْهُ الغُبارُ حاجباً الرؤيةَ ومثيراً الانزعاج. أَخْرَجَ ابْنُ أبي حاتمٍ في تَفسيرِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: "وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ"، (الْمَطَرَ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ النُّعَاسِ، فَأَطْفَأَ بِالْمَطَرِ الْغُبَارَ، وَالْتَبَدَتْ بِهِ الأَرْضُ، وَطَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَثَبَتَتْ بِهِ أَقْدَامُهُمْ". وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْوُ ذَلِكَ).
قولُهُ: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} وبذلك أَذْهَبَ اللهُ عَنْهم وَسْوَسَةَ الشيطانِ وَتَخْوِيفَهُ إِيَّاهُمْ من عدوِّهم، فخلصهم من القلق والاضطرابِ ومَلأَ نُفوسَهم بالطُمأنينَةِ. وهذا ضروريٌّ جدّاً للإنسانِ حتى يفكِّر بطريقة صحيحة ويستعمل قوته ومهارته في القتالِ ويُعمِل َفِكرَهُ، في كيفية التغلُّب على المصاعب ويحقق النصرَ عليه فإنَّ الخوف والاضطرابَ النفسيَّ من أهم أسبابِ الهزيمة. فقد جاءَ عنِ ابْنِ عبّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، قال: (نَزَلَ النَبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم، (حينَ سارَ إلى بَدْرٍ) والمُسْلِمونَ بَيْنَهُمْ وبَينَ الماءِ رَمْلَةٌ دَعْصَةٌ، (الرملُ المجتمع) وأَصابَ المسلمين ضَعْفٌ شَديدٌ، وأَلْقى الشَيْطانُ في قلوبِهِمُ الغَيْظَ، يُوسْوِسُ بَيْنَهم: تَزْعمونَ أَنَّكم أَوْلِياءُ اللهِ تَعالى وفيكم رَسُولُهُ، وقدْ غَلَبَكمُ المُشْرِكونَ على الماءِ، وأَنْتُمْ تُصَلُّونَ مُجْنِبينَ! فَأَمْطَرَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَطَراً شَديداً، فَشَرِبَ المُسلمونَ وتَطَهَّروا، وأَذْهَبَ اللهُ عنهم رِجْزَ الشَيْطانِ..)، وقيل بأنَّ المقصود برجزِ الشيطان أَثَرُ الاحْتِلامِ وهو أَوْلى مِنْ حملِ "ويُذْهِبَ عنكم رِجْزَ الشَيْطانِ" على إزالَةِ الوَسْوَسَةِ، وذلك لأنَّ تأثيرَ الماءِ في إزالَةِ العَيْنِ عَنْ العُضْوِ تَأْثيرٌ حَقيقيٌّ أَمَّا تأثيرُهُ في إزالَةِ الوَسْوَسَةِ عَنِ القَلْبِ فَتَأْثيرٌ مجازِيٌّ، وحمْلُ اللّفْظِ على الحَقيقةِ أَوْلى مِنْ حملِهِ على المجازِ، فإذا حمَلْنا الآيةَ على هذا الوَجْهِ لَزِمَ القَطْعُ بِأَنَّ السائلَ المنويَّ هو رِجْزُ الشيطان، وذلك يُوجِبُ الحُكْمَ بنجاستِهِ مُطْلَقاً لقوله تعالى في سورة المدَّثر: {والرُجْزَ فاهْجُرْ} الآية: 5.
قولُهُ: { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} لِيَشُدَّ بَعْضَ قُلوبِكُم إلى بِعضٍ، ويوحّدها ويجمعها عليه تعالى وَيُقَوِّيها بِاليَقِينِ وَالصَّبْرِ، وهذا سببٌ قويٌّ من أسباب النصر والغَلَبةِ. وكلُّ مَنْ صَبرَ عَلى أَمْرٍ، قيل بأَنّه رَبَطَ قَلْبَه عَليهِ، كأنَّه حَبَسَ قَلْبَهُ عَنْ أَنْ يَضْطَرِبَ، ولذلك يُقالُ: فلان رابِطُ الجأشِ، أيْ حابِسٌ نفسَهُ عَنِ الاسْتِسْلامِ لمَشاعِرِ الخوفِ والانهيارِ أمامَ المخاطر. وهي منْ صفاةِ ذوي الإيمان الراسخ باللهِ تعالى، فمن كانَ مؤمناً مُوقِناً بأنَّ أَمْرَهُ بيدِ مولاهُ القوي القادر على كلِّ شيءٍ، وأنّه ما كان لِيُصيبَهُ لم يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وكُلُّ ذلك بِقَضاءِ اللهِ وقَدَرِهِ، وفي كُلٍّ خيرٌ، لا بُدَّ أَنْ يَكونَ ثابِتَ الجَنانِ رابطَ الجأشِ مَهْما تُحِطْ بِهِ المَخاطِرُ.
قولُهُ: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} فقد كَانَ بَيْنَ مَوَاقِعِهِمْ وَمَوَاقِعِ المُشْرِكِينَ أَرْضٌ رَمْلِيَّةٌ، فَلَمَّا نَزَلَ المَطَرُ ثَبَتَ رَمْلُها تَحْتَ أَقْدَامِهم، فَكَانَ ذَلِكَ عَوْناً لِلْمُسْلِمِينَ فِي المَعْرَكَةِ، فَقَدِروا عَلى المَشْيِ عَلَيْه كيف أَرادوا، ولولا هذا المَطرُ لما قَدِروا على الحَرَكَةِ النَشِطَةِ بحُرِيَّةٍ سيما وأنهم مشاةٌ لا خيلَ لهم تحملهم ولا رواحلَ، فقد كان فيهم فارسان فقط كما تَقَدَّمَ بيانُه وأَمّا الباقي فقد كانوا مشاةً،
فقد أخرجَ ابْنُ أبي حاتمٍ بسندِه عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ـ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: (بَعَثَ اللهُ السَّمَاءَ وَكَانَ الْوَادِي دَهْسًا، وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ مِنْهَا مَا لَبَدَ الأَرْضَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمُ الْمَسِيرَ، وَأَصَابَ قُرَيْشٌ مَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَرْتَحِلُوا مَعَهُ".  
وهذا هو التَثْبيتُ الحِسِيُّ الماديُّ، كما كانََ في النِعَمِ التي تَقَدَّمَ ذِكرُها ثباتٌ مَعْنَوِيُّ، وهُو ثَباتُ القُلوبِ، الذي قوّتِهُ تلك الأسبابُ ومكَّنتْهِ بالاطمئنانِ إلى تأييدِ الله ومعونتِهِ. فَقَدْ أَوْجَبَ رَبْطُ قُلوبِهم ثَباتَ أَقْدامِهم، لأنَّ مَنْ كان قلبُه ضَعيفاً خوّافاً فَرَّ أمامَ المَخاوِفِ والمَخاطِرِ، ولم يَقِفْ ولم تَثْبُتْ قَدَماهُ. بينما كانت حال عدوِّهم بخلافِ ذلك لأنَّ الأرضَ التي كانوا عليها كانتْ طِينيَّةً، فلما نَزَلَ المطرُ عَليها عَظُمَ وحْلُها وصَعُبَتِ الحَرَكةُ عَليْها، الأمرُ الذي أثّر على معنوياتهم، وثَبّطَ هممَهم، وحملهم على الفرارِ من ساحة القتال.
قولُهُ تعالى: {إذْ يُغَشِّيكمُ النُعاسَ أَمَنةً مِنْهُ} إذْ: هي بَدَلٌ مِنْ "إذ" في قولِه تَعالى قبل آياتٍ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ} الآية: 7. السابِقة. وهي عند الزمخشريِّ البدلُ الثاني، لأنَّهُ كان قد اعتبرها في {إذ تَسْتغيثون} بَدَلاً  أَيضاً وقد وافَقَه على هَذا الإعراب كلٌّ مِنِ ابْنِ عَطِيَّةَ وأَبي البَقاءِ.
ويجوزُ أَنْ يكونَ "إذ" مَنصوباً بالنَصْرِ. وقدْ ضَعَّفَ الشَيْخُ أبو حيّان الأندلسيُّ هذا الوَجْهَ بثلاثةِ أَوْجُهٍ هي:
1 ـ أَنَّ فيه إعْمالَ المَصْدرِ المَقْرونِ بِأَلْ، قالَ: وفيهِ خِلافٌ: فقد ذَهَبَ الكُوفِيُّون إلى أَنَّهُ لا يَعْمل.
2 ـ لأنَّ فيهِ فَصْلٌ بَيْنَ المَصْدَرِ ومَعْمولِهِ بالخَبَرِ وهُو قَولُه: {إلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ}، فلو قُلتَ: ضَرْبُ زَيْدٍ شَديدٌ عَمْراً. لم يَجُزْ.
3 ـ لأَنَّهُ أعْمَلَ ما قَبْلَ "إلا" فيما بَعْدَها ولَيْسَ هذا أَحَدَ الوجوه الثلاثةِ الجائزِ ذلك فيها، حيث لا يَعمَلُ ما قبلَها فيما بَعدَها إلاَّ أَنْ يَكونَ مُسْتَثْنًى أوْ مَسْتَثْنىً مِنْهُ أوْ صِفَةً لَهُ.
وقد جَوَّزَ الكِسائيَّ والأَخْفَشَ إعْمالَ ما قبلَ "إلا" فيما بعدَها مطلقاً. وأحسن هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرها الشيخُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنِ المَوْصُولِ قبلَ تمامِ صِلَته.
ويجوزُ أنْ يكونَ هذا الناصبُ مَعْنى الفِعْلِ في قولِه تعالى قبل ذلك: {مِنْ عِندِ الله} أو في {مَا جَعَلَهُ الله} الآيَة التي قبلها.
ويجوزُ عند الحُوفيِّ أَنْ يَكونَ الناصبُ فعلاً مضمراً قَدَّرَه بِ "اذكر" وتبعه في ذلك الزمخشري.
وقد ضَعَّفَ الشيخُ أَنْ يَكونَ هذا الناصبُ هو مَعْنى الفِعْلِ في قولِه تعالى: {مِنْ عِندِ الله} فقالَ بأنَّه يَلْزم مِنْه أَنْ يَكون اسْتِقْرارُ النَصْرِ مُقيَّداً بهذا الظرفِ، والنصرُ مِنْ عِنْدِ اللهِ لا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ.
والصحيحُ أنَّه لا يَضْعُفُ بِهِ لأنَّ المرادَ بهذا النَصْرَ نُصْرٌ خاصٌّ، وهذا النَصْرُ الخاصُّ كان مُقَيَّداً بِذلكَ الظَرْفِ.
وضعَّفَ كذلك أن يكون الناصبُ معنى الفعلِ في قوله تعالى: {ما جعلَهُ اللهُ} نظراً لطُولِ الفَصْلِ، وأن يكون مَعمولاً لما قبلَ "إلا".
وقال الطَبَرِيُّ: إنَّ ناصبَ "إذ" هو قولُهُ: {ولتطمئنَّ به}. وقالَ أبو البقاء بأَنَّ "إذ" منصوبٌ بما دلَّ عليه قولُهُ تعالى: {عزيزٌ حكيمٌ" ونحا قبله إلى هذا الوجه ابنُ عَطِيَّةَ.
قوله: {أَمَنَةً} نُصِبَ على أَنَّهُ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مُقُدَّرٍ بِ: فَأَمِنْتُم أَمَنةً. أو لأنَّ "أمنةً" واقعةٌ مَوْقعَ الحال: مِنَ الفاعِلِ، فإنْ كانَ هذا الفاعلُ هو "النعاس" كما هي قراءةُ ابن كثير وأبي عَمرٍ فِنِسْبَةُ الأَمَنَةِ إليْهِ مجازٌ، وإنْ كانَ الفاعلُ هو ضمير الباريَ تَعالى كما قرأ الباقون، فالنِسْبَةُ حَقِيقةٌ.  
ويجوز أن يكون "أمنةً" منصوب على موقع الحالِ مِنَ المَفْعولِ على المبالغةِ أيْ: جَعْلهم نَفْسَ الأَمَنَةِ.
ويجوزُ أن يكون نَصْبُ "أمَنةً" على حَذْفِ مُضافٍ أيْ: ذَوي أَمَنَةِ.
ويجوز أنْ يكون نصبُ "أمنةً" على أَنَّهُ مَفعولٌ مِنْ أَجْلِهِ وذلك على قراءة من جعل التَغْشِيَّةَ أو الإِغْشاءَ مِنَ الله تعالى، والأَمَنةَ منه أيضاً، كما سيأتي، فقدِ اتَّحدَ الفاعلُ فصحَّ النَصْبُ على المَفعولِ لَهُ.
وأمَّا على قراءةِ ابن كثير وأبي عَمْرو ففاعِلُ "يَغشى" هو النعاسُ، وفاعلُ "الأَمَنَةِ" هو الباري تعالى، ومع اختلافِ الفاعلِ يمتنعُ النصبُ على المفعولِ لهُ (على المشهور) وفيه خلافٌ، اللهم إلاَّ أن يُتَجَوَّزَ بِتَجَوُّزٍ. وقدْ أَوْضحَ ذلك الزَمخشريُّ فقالَ: و "أَمَنَةً" مفعولٌ لَه. فإنْ قلتَ: أَمَا وَجَبَ أَنْ يَكونَ فاعلُ الفعلِ المُعَلَّلِ والعلَّةِ واحداً؟ قلتُ: بَلى ولكن لمَّا كان مَعنى "يَغْشاكم النعاسُ" تَنْعَسونَ انْتَصَبَ "أَمَنةً" على معنى: أَنَّ النعاسَ والأَمَنَةَ لهم، والمعنى إذْ تَنْعَسُون أَمْناً. ثم قالَ: فإنْ قلتَ: هل يجوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ على أَنَّ الأمنةَ للنُعاسِ الذي هُو يَغْشاكم أَيْ: يَغْشاكم النُعاسُ لأَمَنَةٍ، على أَنَّ إسنادَ الأَمْنِ إلى النُعاس إسْنادٌ مَجازيٌّ وهو لأصحابِ النُّعاس على الحَقيقةِ، أَوْ على أنه أتاكم في وقت كان مِنْ حق النعاس في ذلك الوقت المَخُوف أنْ لا يُقَدَّمَ على غِشيانِكم، وإنما غَشَّاكم أمنةً حاصِلةً لَهُ مِنَ اللهِ لولاها لم يَغْشَكم، على طريقةِ التَمثيلِ والتَخْييلِ. قلتُ: لا تبعُدُ فَصاحَةُ القرآنِ عنْ مِثْلِهِ، ولَهُ فيه نَظائرُ، وَقَدْ أَلمَّ بِهِ الشاعرُ حين قالَ:
يَهاب النَّوْمُ أن يَغْشى عيوناً ................... تهابُكَ فهْوَ نَفَّارٌ شَرودُ
وقولُهُ: {مِنْهُ} في محلِّ نَصْبٍ صَفَةً لِ "أَمَنَة"، والضميرُ في "مِنْهُ" يجوزُ أَنْ يَعودَ على الباري تَعالى، ويجوزُ أَنْ يَعودَ على النُعاسِ بالمجازِ
المَذْكورِ آنِفاً.
قولُهُ: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} و: حرفُ عطفٍ، "ينزلُ" معطوفٌ على: "يغشيكم"، "عليكم" جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ ب: "ينزِل"،  و "مِنَ السَماءِ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بحالٍ مِنْ المفعولِ بِهِ "ماءً". أيْ: (ويُنَزِّلُ عليكم ماءً كائناً مِنَ السماء). و "ليطهركم" اللامُ للتعليل، و "يطهِّرَ" مضارعٌ مَنْصوبٌ بِ: "أنْ" مُضْمَرَةٍ، والمَصْدَرُ المُؤَوَّلُ منها ومِنْ مَنصوبها في محلِّ جَرٍّ باللامِ مُتَعلِّقٌ بِ "يُنَزِّل". و "ولِيربط" الواو حرف عطفٍ و "لِيربِطَ" مَعْطوفٌ على "لِيُطهرَ" والمَصْدَرُ المؤوَّلُ من "أنْ" المضمرة والفعل الذي بعدها متعلق بما تعلق به "ليطهِّر" أي: للتَطهير وللرَبْط.
قولُهُ: {ويُذْهِبَ} هَذِهِ الجُمْلةُ معطوفةٌ عَطفَ نَسَقٍ على جملةِ: "ليطهِّركم" ولها مثلُ ما تقدم من إعرابها.
قرأ الجمهورُ: {يغشِّكمُ النُعاسَ} بِتَشْديدِ الشين مِنْ "غَشَّى" بالتَشديدِ. ونَصْبِ "النُعاس"، على المفعوليةِ والفاعلُ ضَميرٌ مستترٌ يعودُ على اللهِ تعالى. وقَرَأَ ابْنُ كَثيرٍ وأِبُو عَمْرِو: "يَغْشاكم النعاسُ" مِنْ غَشِي يَغْشَى، ورَفَعَا "النُعاسَ" على الفاعليَّةِ. وقرأَ نافِع: "يُغْشِيكم" بضمِّ الياءِ وكَسْرِ الشينِ خَفيفَةً مِنْ "أغْشَى"، ونَصَبَ "النعاسَ" على المَفعوليَّةِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ يعودُ على الله سبحانه. وأَغْشَى وغَشَّى لُغَتانِ.
وقرأَ الجمهورُ: {أَمَنَةً} بالتحريكِ نَظيرَ حَيِيَ حياةً، وقرأَ ابْنُ مُحَيْصِن والنخَعيُّ ويحيى بْنُ يَعْمُر "أَمْنَةً" بِسُكونِ المِيمِ نَظيرَ رَحِمَ رَحْمَةً.
وقرأَ العامَّة: {مَاءً لِّيُطَهِّرَكُمْ} بمدِّ "ماءً". وقرَأَ الشعبي: "ما ليطهركم" بألفٍ مقصورة، وفيها تخريجان أظهرهما وهو الذي ذَكَرَهُ ابْنُ جِني وغيره أَنَّ "ما" بمعنى الذي، و "ليطهِّرَكم" صِلَتُها، وقال بَعضُهم: تقديرُهُ: الذي هُوَ لِيُطَهِّرَكم، فقدَّرَ الجارَّ خبَراً لمبتدأ محذوفٍ، والجُملةُ صلةٌ ل "ما". وقد رَدَّ الشَيْخُ أبو حيّان هذين التَخْريجين بِأَنَّ لامَ "كي" لا تَقَعُ صِلَةً. والثاني: أنَّ "ما" هو "ماء" بالمَدِّ، ولكنَّ العَرَبَ قَدْ حَذَفَتْ همزتَهُ فقالوا: "شَرِبْتُ ماً" بميم مُنَوَّنَةٍ، وهذا لا نَظيرَ لَهْ إذْ لا يَجوزُ أَنْ يُنْهَك اسْمٌ مُعْرَبٌ بالحَذفِ حتى يَبْقى على حَرْفٍ واحِدٍ. وعلى هذا فيَجوزُ أَنْ يَكونَ قَصَرَها، وإنما لم يُنَوِّنْهُ إجراءً للوَصْلِ مُجْرى الوَقْفِ. ثمَّ يًحْتَمَلُ أنْ تَكونَ هَذِهِ الألفُ عينَ الكَلِمَةِ وأَنَّ الهمزةَ محذوفةٌ وهذِهِ الأَلِفُ بَدَلٌ مِنَ الواوِ التي في "مَوَهَ" في الأَصْلِ، ويَجوزُ أَنْ تَكونَ المُبْدَلَةَ مِنَ التَنْوينِ وأَجرى الوصلَ مُجْرى الوقفِ. والأوَّلُ أَوْلَى لأنهم يُراعون في الوقفِ أن لا يتركوا الموقوفَ عليْهِ على حَرْفٍ واحِدٍ نحوَ "مُرٍ" اسْمُ فاعلٍ مِنْ أَرًى يُري.
وقرأَ  الجمهورُ: {ويُذهب} وقرأَ عيسى بنُ عمر: "ويُذْهِبْ" بسكون الباء، وهو تخفيف سمَّاهُ الشيخُ جَزْماً.
وقرأَ العامة: {رِجز} بِكَسْرِ الرِاءِ والزِايِ.
وقرأَ ابْنُ مُحَيْصِن: "رُجز"، بضَمِّ الراءِ، وقرأ ابْنُ أَبي عَبْلَةَ "رجس" بالسين. وقدْ تَقَدَّمَ الكلامُ على كلِّ واحدٍ منها. في سورة الأعراف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 11
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 15
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 31
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 47
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 63
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: