روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 133

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 133 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 133 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 133   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 133 I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 22, 2014 4:47 am

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ
(133)
قولُهُ ـ تعالى جَدُّهُ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} فَعَاقَبَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَرَائِمِهِمْ بِأَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ الفَيَضَانَاتِ النَّاجِمَةَ عَنِ الأَمْطَارِ الغَزِيرَةِ. و"الطوفان" مِنَ الطوافِ، وهو ما طافَ بهم وغَشِيَ أَماكِنَهم وحروثَهم مِنْ مَطَرٍ أو سَيْلٍ، وقيلَ: إنَّه في الأصلِ مصدرٌ ك "نُقصان"، وهو اسْمٌ لكلِّ شَيْءٍ حادِثٍ يُحيطُ بالجهاتِ، ويَعُمُّ كالماءِ الكثيرِ والقَتْلِ الذَريعِ والموتِ الجارِفِ، وقد اشتُهِرَ في طَوَفانِ الماءِ.
وقد أَرْسَلَ اللهُ عليهم السماءَ حتى كادوا يَهْلَكونَ، وبيوتُ بني إسرائيل وبيوتُ القِبْطِ مُشْتَبِكَةٌ، فامتلأتْ بيوتُ القِبْطِ ماءً حتى قاموا في الماءِ إلى تَراقيهم، فمن جَلَسَ غَرِقَ، ولم تَدْخُلْ بُيوتَ بَني إسرائيلَ قطرةٌ، وفاضَ الماءُ على وجْهِ أَرْضِهم، ورَكَدَ فمَنَعَهم مِنَ الحَرْثِ والبِناءِ والتَصَرُّفِ، ودامَ عليهم سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
قولُهُ: {وَالْجَرَادَ} الجرادُ: هو المخلوق المعروفُ والمُصنَّفُ عندَ عُلَماءِ الحيوانِ في الحشَراتِ، واحدُهُ جَرادةٌ، سميَ بذلك لجَرْدِهِ ما على الأرضِ، وهو جُنْدٌ مِنْ جُنودِ الله تعالى يُسَلِّطُهُ على مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، فقد أَخْرَجَ أَبو دَاوُود، وابْنُ ماجةَ، والطَبرانيُّ، وغيرُهُم، عن أبي زُهَيرٍ النُمَيريِّ مَرْفوعاً النَهْيَ عَنْ مُقاتَلَتِهِ مُعَلَّلاً بما ذُكِرَ. وأخرَجَ أبو نُعَيْمٍ في الحليَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: قالَ لي ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: مكتوبٌ على الجَرادَةِ بالسُريانيَّةِ: إني أَنَا اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنَا وَحْدي لا شريكَ لي، الجَرادُ جُنْدٌ مِنْ جُندي أُسَلِّطُهُ على مَنْ أَشاءُ مِنْ عِبادي. وأخرج أبو الشيخ في العَظَمَةِ عنْ سعيدٍ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ: لما خَلَقَ اللهُ آدمَ فَضَلَ مِنْ طِينَتِهِ شيءٌ فخَلَقَ منها الجرادَ. وزُعِمَ أَنَّهُ مخلوقٌ مَنْ ذُنوبِ ابْنِ آدَمَ. وذَكَرَ البَيْهقِيُّ أَنَّ ذلك إنْ صَحَّ فإنَّهُ مُرادٌ بِهِ إذا لم يَتَعَرَّضْ لإفْسادِ المزارِعِ، فإذا تَعَرَّضَ لَهُ جازَ دَفْعُهُ بما يَقَعُ بِهِ الدَّفْعُ مَنَ القِتالِ والقَتْلِ، أوْ أَريدَ بها الإشارةُ إلى تَعَذُّرِ مُقاوَمَتِهِ بذلك.
والجمهورُ متَّفقون على أَنَّهُ يجوزُ قَتْلُ الحَيَّةِ والعَقْرَبِ لأنهما يُؤذيان الناسَ، فكذلك الجَرادُ. لما روى ابْنُ ماجةَ عن جابرٍ وأَنَسٍ بْنِ مالكٍ ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ النبيَّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ كان إذا دَعا على الجَرادِ قال: ((اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبارَهُ، واقْتُلْ صِغارَهُ، وأَفْسِدْ بَيْضَهُ، واقْطَعْ دابِرَهُ، وخُذْ بأَفْواهِهِ عَنْ مَعايِشِنا وأَرْزاقِنا، إنَّكَ سميعُ الدُّعاءِ)). قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَدْعو على جُنْدٍ مِنْ أَجْنادِ اللهِ بِقَطْعِ دابِرِهِ؟ قال: ((إنَّ الجَرادَ نَثْرَةُ الحوتِ في البَحْرِ".
روى محمَّدٌ بْنُ المُنْكَدِرِ عَنْ جابِرٍ بْنِ عبدِ اللهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ يقول: ((إنَّ اللهَ تَعالى خَلَقَ أَلْفَ أُمَّةٍ سِتُّمِئةٍ مِنْها في البَحْرِ وأَرْبَعُمِئةٍ في البَرِّ، وإنَّ أَوَّلَ هَلاكِ هذِهِ الأُمَمِ الجَرادُ، فإذا هَلَكَتِ الجَرادُ تَتابَعَتِ الأَمَمُ مِثْلَ نِظامِ السِلْكِ إذا انْقَطَعَ". ذَكَرَهُ الحكيم التِرْمِذِيُّ في "نوادرِ الأُصولِ" وقالَ: وإنَّما صارَ الجَرادُ أَوَّلَ هذِه الأُمَمِ هَلاكاً لأنَّه خُلِقَ مِنْ الطِينَةِ التي فَضَلَتْ مِنْ طِينَةِ آدَمَ. وإنَّما تَهْلِكُ الأُمَمُ لهَلاكِ الآدَميّينَ لأنها مُسَخَّرَةٌ لهم.
وأَخْرَجَ أَبو داوودَ عَنْ سُلَيْمانَ قالَ: سُئِلَ رسولُ اللهَ ـ صَلى الله عليه وسلَّم ـ عنِ الجَرادِ فقال: ((أَكْثَرُ جُنودِ اللهِ تَعالى لا آكُلُهُ ولا أُحَرِّمُه)). ولذلك لم يختلِفْ العُلَماءُ في جوازِ أَكْلِهِ على الجملة، فقد ثَبَتَ في صحيح مُسلِمٍ عنْ عبد اللهِ بْنِ أَبي أَوْفى ـ رضي اللهُ عنه ـ قال: غَزَوْنا مَعَ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ سَبْعَ غَزَواتٍ كُنَّا نَأْكُلُ الجَرادَ مَعَه.
وقد بَعَثَ اللهُ الجرادَ على قومِ فِرْعَونَ فأكَلَتْ عامَّةَ زُروعِهم وثمارهم، ثمَّ أَكَلَتْ كلَّ شيءٍ حتى الأبوابَ وسُقوفَ البُيوتِ والثِيابَ، ولم يَدْخُلْ بُيُوتَ بَني إسرائيلَ مِنْها شيءٌ، ففزِعوا إلى مُوسى ـ عليه السلامُ ـ ووعدوهُ التَوبَةَ، فخرجِ موسى إلى الفَضاءِ فأَشارَ بِعَصاهُ نحو المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، فرَجَعَ الجَرادُ إلى النواحي التي جاء منها، فكُشِفَ عَنْهم فقالوا: ما نحن بتاركي دينِنا، فأقاموا شهراً، فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ القُمَّل.
قولُه: {وَالْقُمَّلَ} هُوَ السُّوسُ الذِي يَأْكُلُ الحُبُوبَ، وروى ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: "وَالْقُمَّلَ"، قَالَ: الْجَرَادُ الذِّي لَيْسَ لَهُ أَجْنِحَةٌ، وَهُوَ الدُّبَى. وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، مِثْلُ ذَلِكَ.  وروى ابْنُ أبي حاتمٍ أيضاً بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما قولَهُ: (فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقُمَّلَ: وَهُوَ هَذَا السُّوسُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحِنْطَةِ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ بِالْحِنْطَةِ عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ إِلَى الرَّحَى، فَلا يَرُدُّ مِنْهَا بِثَلاثَةِ أَقْفِزَةٍ، قَالُوا: يَا موسى، ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفُ عَنَّا هَذَا الْقُمَّلَ، فَنُرْسِلُ مَعَكَ بني إسرائيلَ، فَدَعَا رَبَّهُ، فَكَشَفَ عَنْهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُرْسِلُوا مَعَهُ بني إسرائيل".
وعن سعيدٍ بْنِ جُبيرٍ: هو السُوسُ، فأكلَ ما أَبْقاهُ الجَرادُ، ولحَسَ الأرضَ، وكان يَدْخُلُ بين ثَوْبِ أَحَدِهم وبينَ جِلْدِهِ فَيَمصُّهُ، وكانَ يَأْكُلُ أَحَدُهُمْ طَعاماً فيَمتلئُ قمْلاً، وكان يُخْرِجُ أَحَدُهم عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ إلى الرَّحى فلا يَرُدُّ مِنْها إلاَّ يَسيراً.
وعن سعيدٍ بْنِ جُبيرٍ، أَنَّهُ كان إلى جَنْبِهِمْ كَثَيبٌ أَعْفَرُ، فضَرَبَهُ مُوسى بِعَصاهُ فَصارَ قَمْلاً، فأَخَذَتْ في أَبْشارِهم وأَشْعارِهم وأَشْفارِ عُيُونهم وحَواجِبِهم، ولَزِمَ جُلودَهم كأنَّهُ الجُدَرِيُّ، فصاحُوا وصَرَخُوا وفَزِعُوا إلى مُوسَى فَرُفِعَ عَنهم، فقالوا: قدْ تحقَّقْنا الآنَ أَنَّكَ سَاحرٌ، وعِزَّةِ فِرْعونَ لا نُصَدِّقُكَ أَبَداً، فأَرْسَلَ اللهُ عليهم بَعْدَ شَهْرٍ الضَفادِعَ.
قولُهُ: {وَالضَّفَادِعَ} ابْتَلاَهُمْ اللهُ بِها فأََخَذَتْ تَمْلأُ بُيُوتَهُمْ وَتُزْعِجُهُمْ، روى ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: "فَبَيْنَا موسى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ ـ جَالِسٌ عِنْدَ فرعون، إِذْ سَمِعَ نَقِيقَ ضِفْدَعٍ مِنْ نَهَرٍ، قَالَ: فَقَالَ: يَا فرعون، مَا تَلْقَى أَنْتَ وَقَوْمُكَ مِنْ هَذَا الضِّفْدَعِ؟ قَالَ: وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ هَذَا الضِّفْدَعِ، فَمَا أَمْسَوْا حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَجْلِسُ إِلَى ذَقْنِهِ فِي الضَّفَادِعِ، وَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ وَثَبَ ضِفْدَعٌ فِي فِيهِ، وَمَا مِنْ آنِيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَهِيَ مُمْتَلِئَةٌ مِنَ الضَّفَادِعِ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفُ عَنَّا هَذِهِ الضَّفَادِعَ فَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنُرْسِلُ مَعَكَ بَني إسْرائيلَ، قَالَ: فَدَعَا رَبَهُ، فَكَشَفَ عَنْهُمُ الضَّفَادِعَ". قَالَ: ولَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَشَدُّ عَلَى آلِ فرعون مِنَ الضَّفَادِعِ، كَانَتْ تَأْتِي الْقُدُورَ وَهِيَ تَغْلِي مِنَ اللَّحْمَانِ، فَتُلْقِي أَنْفُسَهَا فِيهَا، فَأَثَابَهَا اللهُ بَرْدَ الْمَاءِ وَالثَّرَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَاءِ".
وروى ابْنُ أبي حاتمٍ كذلك بسندِه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بنِ العاص ـ رضي اللهُ عنهما قال: "لا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ، فَإِنَّهَا لَمَّا أُرْسِلَتْ عَلَى بني إسرائيل، انْطَلَقَ ضِفْدَعٌ مِنْهَا، فَوَقَعَ فِي تَنُّورٍ فِيهِ نَارٌ طَلَبَتْ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ اللهِ، فَأَبْدَلَهُنَّ اللهُ أَبْرَدَ شَيْءٍ تَعْلَمُهُ الْمَاءَ، وَجَعَلَ نَقِيقُهُنَّ التَّسْبِيحَ".
وأخرجَ الإمامُ أحمدٌ، وأَبو داوودَ، والنَّسائيُّ عَنْ عبدِ الرّحمنِ بْنِ عُثمانٍ التَيمِيِّ. أَنَّ طَبيباً ذَكَرَ ضفدعاً في دواءٍ عندَ رَسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنَهى رسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَنْ قَتْلِهِ.
قولُهُ: {وَالدَّمَ} ثُمَّ ابْتَلاَهُمْ بِالدَّمِ، فَخَالَطَ طَعَامَهُمْ وَشَرَابَهُمْ، وَقَِيلَ إِنَّهُ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ النَّزِيفَ الدَّمُوِيَّ الذِي يَنْجُمُ عَنْ أَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ ابْتُلُوا بِهَا. فقد روى ابْنُ أَبي حاتمٍ بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنه ـ قال: "فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَصَارَتْ أَنْهَارُهُمْ دَمًا، وَصَارَتْ آبَارُهُمْ دَمًا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى فرعون، وَمَا يَجِدُونَ مِنْ عِظْمِ الدَّمِ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ قَدْ سَحَرَكُمْ، فَقَالُوا: وَلَيْسَ نَجْدُ مِنْ مَائِنَا شَيْئًا فِي إِنَاءٍ وَلا بِئْرٍ وَلا نَهَرٍ، إِلاِّ وَنَجِدُ فِيهِ طَعْمَ الدَّمِ الْعَبِيطِ، قَالَ فرعون: يَا موسى، ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفُ عَنَّا الدَّمَ، فَكُشِفَ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَفُوا". وعَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: "سَالَ النِّيلُ دَمًا، فَكَانَ الإِسْرَائِيلِيُّ يَسْتَقِي مَاءً طَيِّبًا وَيَسْتَقِي الْفِرْعَوْنِيُّ دَمًا، وَيَشْتَرِكَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، فَيَكُونُ مَا يَلِي الإِسْرَائِيلِيَّ مَاءً طَيِّبًا، وَمَا يَلِي الْفِرْعَوْنِيَّ دَمًا". وَعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: "ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ، تَحَوَّلَ ذَلِكَ الْمَاءُ دَمًا". وعن زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ قال: "وَأَمَّا الدَّمُ، فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الرُّعَافَ". نتيجة انحباسه فيسبِّبُ ارتفاعاً في الضغطِ فيَنْفَجِرُ وقد يُسَبِّبُ شَلَلاً، وربّما كان البولَ الدَمَوِيَّ بِسَبَبِ المرض المعروف اليوم بالبِلهارسيا ونحوها.
قولُهُ: {آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ} وَكَانَتْ تِلْكَ كُلُّهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ عَلَى صِدْقِ رِسَالَةِ مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وسمى الله هاته "آيَاتٍ" لأنها دَلائلُ على صِدْقِ نبيِّه موسى لاقترانها بالتحدي، ولأنها إِذْ كَانَ تَوَعَّدَهُمْ بِوُقُوعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَقَبْلَ وُقُوعِها، وُصِفَتْ بأنها "مُفصّلاتٍ" لِتَكُونَ دَلاَلَةً عَلَى صِدْقِهِ لاَ تَحْتَمِلُ تَأْويلاً، وحقيقةُ  الفَصْلِ التَفْرِقَةُ بين شيئين بحيْثُ لا يختَلِطُ أَحَدُهُما بالآخرِ، ويُسْتَعارُ الفَصْلُ لإزالَةِ اللَّبْسِ والاخْتِلاطِ في المعاني.
قال نَوْفُ الشَّامِيُّ: "مَكَثَ موسى فِي آلِ فِرْعَوْنَ بَعْدَ مَا غُلِبَتِ السَّحَرَةُ عِشْرِينَ سَنَةً، يُرِيَهُمُ الآيَاتِ الْجَرَادَ، وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ، فَأَبوا أَنْ يُ سْلِمُوا.
وأخرجَ الإمام أحمد في الزُهْدِ وابْنُ أبي حاتمٍ في تفسيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "وَكَانَتْ آيَاتٌ مُفَصَّلاتٌ بَعْضُهَا عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ لِتَكُونَ للهِ الْحِجَّةُ عَلَيْهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ، فَأَغْرَقَهُمُ اللهُ فِي الْيَمِّ".
وأَخرَجَ ابنُ المنذرِ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ في قولِهِ تعالى: "آيات مفصلات" قال: يَتْبَعُ بعضُها بعضاً، تمكُثُ فيهم سَبْتاً إلى سَبْتٍ، ثمَّ تُرْفَعُ عنهم شَهْراً.
وأخرج ابْنُ أَبي حاتمٍ عن سَعيدٍ بْنِ جُبيرٍ قالَ: كان بين كلِّ آيتين مِنْ هذه الآياتِ ثلاثون يوماً.
وأَخرَجَ ابْنُ أبي حاتمٍ أيضاً عنْ زيْدِ بنِ أَسْلَمَ قال: كانت الآياتُ التَسْعُ في تَسْعِ سِنينَ، في كلِّ سَنَةٍ آيةٌ.
قولُهُ: {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ} الاستكبارُ: شِدَّةُ التَكَبُّرِ، دلَّتْ على ذلك السينُ والتاءُ، أيْ: عَدُّ أَنْفُسِهِم كُبَراء، أيْ تَعَاظُمُهُم عنِ التَصَديقِ بموسى، الإِيمَانِ بِهذه الآياتِ المُفصَّلاتِ لِعُتُّوِّهِمْ وَرُسُوخِهِمْ فِي الإِجْرَامِ، وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ صِدْقَ رِسَالَتِهِ، وَصِحَّةَ قَوْلِهِ.
قوله تعالى: {فأرسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ} الفاءُ في "فأرسلْنا" للتفريعِ فرَّعت إصابتَهم بهذِهِ المَصائِبِ على عُتُوِّهم عن أمر ربهم وعِنادهم لنبيِّهم موسى ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ و "أرْسلنا": حقيقته توجيه رسول أو رسالة فيعدى إلى المفعول الثاني ب "إلى"، ويُضَمَّنُ مَعنى الإرْسالِ مِنْ فوق، فيُعدى إلى المفعولِ الثاني ب "على"، قال تعالى في سورة الفيل: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ} الآية:3. وقال في سورة الذاريات: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} الآية:41. فحرفُ "على" دَلَّ على أَنَّ جملةَ أَرْسَلْنا مُفَرَّعَةٌ تَفريعَ العِقابِ لا تَفْريعَ زِيادةِ الآياتِ. "الطوفان" قيل هو مَصْدَرٌ كالنُّقْصان والرُّجْحان، وقيل هو اسْمُ جِنْسٍ كقَمْحٍ وقَمْحَةْ، وشَعيرْ وشَعيرة. وواحدتُهُ في القياس طُوْفانة، وأَنْشد:
غَيَّرَ الجِدَّةَ من آياتها ....................... خُرُقُ الريحِ وطوفانُ المَطَرْ
والطُّوفان: الماء الكثير قال العجَّاجُ:
حتَّى إذا ما يَوْمُها تَصَبْصَبا ................. وعَمَّ طُوفانُ الظلامِ الأَثْأَبا
شبَّه ظلامَ الليل بالماء الذي يغشى الأمكنة. وقال أبو النجم:
ومَدَّ طوفانٌ مبيدٌ مَدَدا .................... شهراً شآبيبَ وشهراً بَرَدا
وقيل: الطُّوفان من كلِّ شيءٍ ما كان كثيراً محيطاً مُطْبقاً بالجماعة من كل جهة كالماء الكثير والقتل الذريع والموت الجارف. وقد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالموتِ تارةً وبأمرٍ من الله تارة، وتَلا قولَهُ تعالى في سورة القلم: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ} الآية: 19.
قولُه: {والجرادَ} جمعُ جَرادة، الذَّكَرُ والأنثى فيه سواء. قال أهل اللغة: وهو مشتق من الجَرْد، قالوا: والاشتقاق في أسماء الأجناس قليلٌ جداً، يقال: أرض جَرْداء أي: مَلْساء، وثوب جَرْد: إذا ذهبَ زِئْبَرُه.
قولُه: {والقُمَّلَ} قيل هي: القِرْدان، وقيل: دوابُّ تشبهها أصغرَ منها. وقيل: هي السُّوس الذي يخرج من الحنطة. وقيل: نوعٌ مِنَ الجَرادِ أَصغرُ منه. وقيل: الحِمْنان الواحدة حِمْنانة، نوعٌ مِنَ القِرْدان. وقيل: هو القُمَّل المعروف الذي يكون في بدن الإِنسان وثيابه. ويؤيد هذا قراءةُ الحَسَنِ "والقَمْل" بفتح القافِ وسُكونِ الميمِ فيَكونُ فيه لُغتان: القُمَّلُ كقراءة العامة، والقَمْل كقراءةِ الحسن البصري. وقيل: القمل: البراغيث. وقيل: الجِعلان.
قولُه: {والضفادعَ} جمع ضِفْدَع بزنة دِرْهم، ويجوزُ كسرُ دالِهِ فيَصير بِزِنَةِ زِبْرِج وقد تُبْدَلُ عينُ جمعه ياءً كقولِ خلفٍ الأحمر:
ومَنْهَلٍ ليس له حَوازِق ........................ ولِضفادي جَمِّه نقانِقُ
وشَذَّ جمعُه أيضاً على ضِفْدَعان، والضِّفدعُ مؤنَّثٌ وليسَ بمُذَكَّرٍ. فعلى هذا يُفَرَّق بين مذكَّرِهِ ومُؤنَّثِهِ بالوَصْفِ. فيقالُ: ضِفْدَعٌ ذَكَرٌ وضِفْدَعٌ أُنثى، كما قلنا ذلك في المتلبِّس بتاءِ التأنيث نحو: حمامةٍ وجَرادةٍ ونملةٍ.
وقولُهُ: {آياتٍ مفصَّلاتٍ} آياتٍ: نَصْبٌ على الحالِ مِنْ تلك الأشياءِ، أيْ: أَرْسَلْنا عليهم هذه الأشياءَ حالَ كونِها علاماتٍ مميَّزاً بَعضُها مِنْ بعضٍ. و "مُفَصَّلاتٍ" صفةٌ لـ "آيَاتٍ"، فيكون مراداً مِنْ هذه الصفةِ معنى الفَصْل المجازِيِّ وهوَ إزالةُ اللَّبْسِ، لأنَّ ذلك هو الأنْسَبُ بالآياتِ والدلائلِ، أيْ: هي آياتٌ لا شُبْهَةَ فيها. وقيل: المرادُ أَنها مفصولٌ بَعضُها عَنْ بَعْضٍ في الزَمانِ، أيْ لم تحدُثْ كلُّها في وَقْتٍ واحدٍ، بلْ حَدَثَ بعضُها بعدَ بعضٍ، وعلى هذا فصيغَةُ التفعيل "مفصّلات" للدلالة على تَراخي المدَّة بين الواحدةِ والأُخرى، وعليه فقد كان العذابُ أَشَدَّ وأَطْوَلَ زَمَناً. فيكون "مفصلات" حالاً ثانيةً مِنَ الطُوفانِ، والجَرادِ، والقمَّلِ، والدم. وليس صفةً لـ "آيات".
قولُه: {فَاسْتَكْبَرُوا} فاستكبروا: الفاءُ هنا هي للتفريعِ والتَرَتُّبِ،
أيْ: فَتَفَرَّعَ على إرسالِ الطُوفانِ، وما بعدَهُ اسْتِكْبارُهم، كما تَفَرَّعَ على أَخْذِهم بالسِنينَ غُرورُهم بأنَّ ذلك مِنْ شُؤْمِ مُوسى ومَنْ مَعَه.
وقولُه: {وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ} هذه الجملةُ معطوفة على جملةِ "فَاسْتَكْبَرُوا"، فالمعنى: فاستكبروا عن الاعتراف بدلالة تلك الآيات وأجرموا، وإنما صيغ الخبر عن إجرامهم بصيغة الجُملةِ الاسمية للدَّلالةِ على ثباتِ وَصْفِ الإجرامِ فيهم، وتمكُّنِه مِنهم، ورسوخه فيهم مِنْ قبلِ حدوثِ الاستكبار، وفي ذلك تنبيه على أن وصف الإجرام الراسخ فيهم هو علة للاستكبار الصادر منهم، فـ "كان" دالَّةٌ على استمرارِ الخبرِ وهو وَصْفُ الإجْرام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 133
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 7
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 23
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 37
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 52
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 62

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: