روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 73

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 73 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 73 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 73   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 73 I_icon_minitimeالإثنين مايو 12, 2014 8:20 am

وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ
(73)
قولُه ـ تباركت أَسْماؤُهُ: {وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً} أيْ: أَرْسَلْنا إلى قومِ ثَمودَ أخاهم في النَسَبِ صالحاً، كما أُرْسَلْنا إلى عادٍ أَخاهمُ هوداً، وقدْ جَرَتْ عادةُ اللهِ أَنْ يُرْسِلَ إلى كُلِّ أمَّةٍ واحداً منهم، من أعلاهم حسباً، وأوسطهم نسباً، يعرفهم ويعرفونه، وكذلك كان نبيُّنا محمد ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم ـ حيث قال عنه مولاه: {هو الذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم} سورة الجمعة، الآية: 2. وقال: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} سورة آل عمران، الآية: 164. وقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} سورة التوبة، الآية: 128. وسُمِّيَتْ ثمودُ بهذا الاسمِ نِسْبَةً إلى ثَمُودَ بْنِ عَادٍ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ. وَهُوَ أَخُو جَدِيَسَ، وَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ، فَخَالَفُوا أَمْرَ اللهِ وَعَبَدُوا غَيْرَهُ، وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ. فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ صَالِحًا نَبِيًّا، وَهُوَ صَالِحُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ آسِفِ بْنِ كَاشِحَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَاذِرِ بْنِ ثَمُودَ. وَكَانُوا قَوْمًا عَرَبًا. وَكَانَ صَالِحٌ مِنْ أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا وَأَفْضَلِهِمْ حَسَبًا، وكانَ بَيْنَهُ وبينَ هُودٍ مئةُ سَنَةٍ، وعاش مئتيْن وثمانينَ سَنَةً حسَبَ بعض الرواياتِ، دَعَا قومَهُ فيها إِلَى اللهِ تَعَالَى، حَتَّى شَمِطَ "ابْيَضَّتْ لِحْيَتُهُ، أو خالطَ سوادَ شعرِهِ بياضٌ" وَلَم يَتَّبِعُهُ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ. ونَقَلَ النَوَوِيُّ أَنَّهُ أَقامَ فيهم عِشرين سَنَةً، وماتَ بِمَكَّةَ وهوَ ابْنُ ثَمانٍ وخَمسين سَنَةً. وَكَانَتْ مَسَاكِنُ ثَمُودَ الْحِجْرَ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَهُمْ مِنْ وَلَدِ سَامَ بْنِ نُوحٍ.
وروى الإمامُ أحمدٌ ـ رضي اللهُ عنه ـ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالنَّاسِ عَلَى تَبُوكَ، نَزَلَ بِهِمُ الْحِجْرَ عِنْدَ بُيُوتِ ثَمُودَ، فَاسْتَسْقَى النَّاسُ مِنَ الْآبَارِ الَّتِي كَانَتْ تَشْرَبُ مِنْهَا ثَمُودُ، فَعَجَنُوا مِنْهَا وَنَصَبُوا مِنْهَا الْقُدُورَ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَهْرَقُوا الْقُدُورَ، وَعَلَفُوا العجينَ الإبلَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ بِهِمْ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ عَلَى الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَشْرَبُ مِنْهَا النَّاقَةُ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ عُذِّبُوا وَقَالَ: ((إِنِّي أَخْشَى أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ)). وقال في روايةٍ أخرى أنّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المعذَّبين إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مثلُ مَا أَصَابَهُمْ)). وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ مُخَرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْه.
قولُهُ: {قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} هذا ما أَمَرَ بِهِ نَبِيُّ اللهِ صالحٌ ـ عليه السلامُ ـ قومَهُ، وهو مضمون جميعِ الرسالاتِ السماويةِ التي جاء بها المرسلون ـ عليهمُ الصلاةُ والسلامُ ـ من ربهم ـ جلَّ وعلا ـ فقد تعددتِ الرسالاتُ مِنْ حيثُ الشَرائِعِ، لكنّها توحّدت في التوحيدِ؛ فالشَرائعُ، التي هي العباداتُ، مُخْتَلِفَةٌ، ولكنَّ الكُلَّ مأمورون بالتَوحيدِ على وَجْهٍ واحدٍ. وثَمودُ مِنَ الثَّمْدِ، وهو الماءُ القليلُ. قال النّابِغَةُ:
واحْكُمْ كحكم فتاة الحي إذ نظرَتْ ....... إلى حَمامٍ شِراعٍ واردِ الثَّمَدِ
قولُهُ: {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أيْ أَنَّ رَبَّكم ـ جَلَّ جلالُهُ ـ قَدْ أَراكُمْ وأَرْسَلَ لَكمْ مُعْجِزَةً بياناً لِعظيم قُدْرَتِهِ، وبُرْهاناً على صِحَّةِ ما أَنْقُلُهُ لَكم عَنْهُ ـ سُبْحانَهُ ـ ودَليلاً على صِدْقِ ما يُوحى بِهِ إليَّ أَنَّه مِنْهُ ـ تباركت أسماؤه ـ وقال "من ربِّكم" مسنِداً الأمرَ لله تعالى وأنَّه مِنْه ـ سبحانَه ـ وليس لصالح فيه شيءٌ، ومذكِّراً لهم بأن الذي أنزلَ هذه الآيةَ هو ربُّهم المُتَفَضِلُ عليهم بِنِعْمَتَيِ الإيجادِ والإمْدادِ بكلِّ ما يجدونه من نعم لا تُعَدُّ ولا تحصى. 
قولُهُ:{هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} قال نبيُّ اللهِ صالحٌ ـ عليه السلامُ ـ لقومِهِ، "هذه ناقةُ اللهِ" فأضافها إلى الذاتِ العلية تعظيماً لهذه اللآيةِ المعجزة التي خلقها اللهُ تعالى على غير ما اعتاد الناسُ أنْ يَرَوْهُ من الأسبابِ، وَأُضِيفَتِ النَّاقَةُ إِلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى جِهَةِ إِضَافَةِ الْخَلْقِ إِلَى الْخَالِقِ. وَفِيهِ مَعْنَى التَّشْرِيفِ وَالتَّخْصِيصِ. فقد أَخْرَجَ لَهُمُ النَّاقَةَ حِينَ سَأَلُوهُ مِنْ حَجَرٍ صَلْدٍ، فَكَانَ لَهَا يَوْمٌ تَشْرَبُ فِيهِ مَاءَ الْوَادِي كُلَّهُ، وَتَسْقِيهِمْ مِثْلَهُ لَبَنًا لَمْ يُشْرَبْ قَطُّ أَلَذَّ وأحلى منه. وكانَ بقدْرِ حاجَتِهم ـ على كَثْرَتِهم ـ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}. سورة الشعراء، الآية: 155. وقال في سورة القمر: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} الآية:28.
روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ ـ رضي اللهُ عنه ـ عَنْ جَابِرٍ بنِ عبد اللهِ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالْحِجْرِ قَالَ: ((لَا تَسْأَلُوا الْآيَاتِ، فَقَدْ سَأَلَهَا قَوْمُ صَالِحٍ فَكَانَتْ ـ يَعْنِي النَّاقَةَ ـ تَرِدُ مِنْ هَذَا الفَجِّ، وتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَعَقَرُوهَا، وَكَانَتْ تَشْرَبُ مَاءَهُمْ يَوْمًا وَيَشْرَبُونَ لَبَنَهَا يَوْمًا، فَعَقَرُوهَا، فَأَخَذَتْهُمْ صَيْحَةٌ، أَهْمَدَ الله مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مِنْهُمْ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا كَانَ فِي حَرَمِ اللهِ)). فَقَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أَبُو رِغال. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ)). المسند (3/296) وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وذلك أَنَّ نبيَّ اللهِ صالحاً ـ عليه السلامُ ـ لمّا لَمْ يَسْتَجِبْ لِدَعْوَتِهِ إلاَّ نَفَرٌ مِنَ المُسْتَضْعَفين مِنْ قومِهِ حَذَّرَهم وأَنْذَرَهم، فسَأَلوهُ آيةً تَكونُ مِصداقاً لِقَوْلِهِ فقال: أَيَّةُ آيةٍ تُريدون؟ قالوا تَخْرُجُ مَعَنا إلى عيدِنا ـ يومٌ مَعلومٌ لَهم مِنَ السَنَةِ ـ فتدعو إلهَكَ وندعو آلِهَتَنا، فإنْ اسْتُجيبَ لَكَ اتَّبَعْناكَ، وإنِ اسْتُجيبَ لَنا اتَّبَعْتَنا، فقالَ صالحٌ: نعم، فخَرَجَ مَعَهم ودَعَوْا أوثانَهم، وسَأَلوها الاسْتِجابَةَ، فلم تُجِبْهُم إلى سُؤْلِهم، فافْتُضِحوا. ثمَّ قالَ سَيِّدُهم واسْمُهُ جَنْدَعُ ابْنُ عَمْرٍو ـ على ما قيل ـ وأشار إلى صَخْرَةٍ مُنْفَرِدةٍ فى ناحيةِ الجَبَلِ يُقالُ لَها الكاتبة، أخْرِجْ لَنا مِنْ هذِه الصَخْرَةِ ناقةً على خِلقةِ الجَمَلِ، فى الجَسامَةِ وغِلْظَةِ العِظامِ والقَوائِمِ، شَبيهةً بالبُخْتِيِّ، جوفاءَ وَبْراءَ عَشْراءَ، فإنْ فَعَلْتَ صَدَّقناك وأجَبْناك. فأخَذَ عليهِم صالحٌ مَواثيقَهم، لئن فعلتُ ذلك لَتُؤْمِنُنَّ ولَتُصَدِّقُنَّ، قالوا: نَعَم. فصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ودَعا رَبَّهُ فتَمَخَّضَتِ الصَخْرةُ تَمَخُّضَ النَتوجِ بِوَلَدِها، فانْصَدَعَتْ عَنْ ناقةٍ عَشْراءَ جَوفاءَ وَبْراءَ، كما وَصَفوا تماماً، وهُمْ يَنْظُرونَ. ثمَّ نَتَجَتْ وَلَداً مِثْلَها في العِظَمِ، فآمَنَ رَئِيسُ الْقَوْمِ وَهُوَ: "جُندَع بْنُ عَمْرٍو" وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَأَرَادَ بَقِيَّةُ أَشْرَافِ ثَمُودَ أَنْ يُؤْمِنُوا فَصَدَّهُمْ "ذُؤاب بْنُ عَمْرِو بْنِ لَبِيدٍ" "وَالْحُبَابُ" صَاحِبُ أَوْثَانِهِمْ، وَرَبَابُ بْنُ صَمْعَرَ بْنِ جَلْهَسَ، وكان لـ "جندع بْنِ عَمْرٍو" ابْنُ عَمٍّ يُقَالُ لَهُ: "شِهَابُ بْنُ خَلِيفَةَ بْنِ مُحَلَّاةَ بْنِ لَبِيدِ بْنِ حَرَاسٍ"، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ ثَمُودَ وَأَفَاضِلِهَا، فَأَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ أَيْضًا فَنَهَاهُ أُولَئِكَ الرَّهْطُ، فَأَطَاعَهُمْ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ مُؤْمِنِي ثَمُودَ، يُقَالُ لَهُ مِهُوَسُ بْنُ عَنْمَةَ بْنِ الدُّمَيْلِ، رَحِمَهُ اللهُ:
وَكَانَتْ عُصْبةٌ مِنْ آلِ عَمْرو ................ إِلَى دِينِ النَّبِيِّ دَعَوا شِهَابا
عَزيزَ ثَمُودَ كُلَّهمُ جَمِيعًا .................. فَهَمّ بِأَنْ يُجِيبَ فَلَوْ أَجَابَا
لأصبحَ صالحٌ فِينَا عَزيزًا ................... وَمَا عَدَلوا بِصَاحِبِهِمْ ذُؤابا
وَلَكِنَّ الغُوَاةَ مِنِ آلِ حُجْرٍ .................... تَوَلَّوْا بَعْدَ رُشْدهم ذِئَابَا
فَمَكَثَتِ النَّاقَةُ مَعَ وَلَدِها في أرضِ ثَمُودَ، تَرْعى الشَجَرَ، وَتَشْرَبُ الماءَ، فقالَ لهم صالحٌ عند ذلك: "قد جاءتكم بيِّنَةٌ مِنْ ربِّكم" أي آيةٌ ومُعْجِزَةٌ ظاهرةٌ وشاهدةٌ بِنُبُوَّتي. وليس هذا الكلامُ مِنْهُ ـ عليْهِ السّلامُ ـ أوَّلَ ما خاطَبَهم إثْرَ دَعْوَتِه لهم إلى التَوحيدِ، بَلْ إنَّما قالَهُ بَعدَ ما نَصَحَهم وذَكَّرَهم بِنِعَمِ اللهِ، فلم يَقبَلوا نُصحَه وكَذَّبوهُ. وقال: "آية لكم" فخَصَّهم بِذلك لأنَّهم هُمُ السائلوها، أوِ المتفعون بِها مِن بَيْن سائرِ النَّاسِ لَوْ أنّهم أَطَاعوا نبيّهم.
قولُهُ: {فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ} أَيْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ رِزْقُهَا وَمَئُونَتُهَا. كما ليس لكم أنْ تمنعوها من أنْ تأكلَ ما تشاء. فكانت تسرح في بعض تلك الأوديةِ تَرِدُ مِنْ فَجّ وَتَصْدُرُ مِنْ غَيْرِهِ لِيَسَعَهَا؛ لأنَّها كانتْ تَتَضَلَّعُ عَنِ الْمَاءِ، وَكَانَتْ خَلْقًا هَائِلًا وَمَنْظَرًا رَائِعًا، إِذَا مَرَّتْ بِأَنْعَامِهِمْ نَفَرَتْ مِنْهَا.
قولُهُ: {وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} لأنَهم لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمْ الأَمْرُ ضاقوا بالناقةِ، وَاشْتَدَّ تَكْذِيبُهُمْ لِصَالِحٍ النَّبِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَزَمُوا عَلَى قَتْلِهَا، لِيَسْتَأْثِرُوا بِالْمَاءِ كُلَّ يَوْمٍ، فحذرهم ـ عليه السلامُ ـ من ذلك، وبأنَّ فيه هلاكَهم. لأنَّهُمُ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى قَتْلِهَا، كما قَالَ قَتَادَةُ ـ رضي اللهُ عنه ـ بَأَنَّ الَّذِي قَتَلَ النَّاقَةَ طَافَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، أَنَّهُمْ رَاضُونَ بِقَتْلِهَا حَتَّى عَلَى النِّسَاءِ فِي خُدُورِهِنَّ، وَعَلَى الصِّبْيَانِ أَيْضًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ من قولِهِ تَعَالَى في سورة الشمس: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} الآية:14. وَقَالَ في سورةِ الإسراء: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} الآية:59. وَقَالَ في الآية 77 من هذه السورة: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} فَأَسْنَدَ ذَلِكَ عَلَى مَجْمُوعِ الْقَبِيلَةِ، فَدَلَّ عَلَى رِضَا جَمِيعِهِمْ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللهُ، وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ فِي سَبَبِ قَتْلِ النَّاقَةِ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا: "عُنَيْزَةُ ابْنَةُ غَنْمِ بْنِ مِجْلِز" وَتُكَنَّى أُمَّ غَنَمْ كَانَتْ عَجُوزًا كَافِرَةً، وَكَانَتْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِصَالِحٍ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ وَكَانَتْ لَهَا بَنَاتٌ حِسَانٌ وَمَالٌ جَزِيلٌ، وَكَانَ زَوْجُهَا ذُؤاب بْنُ عَمْرٍو أَحَدَ رُؤَسَاءِ ثَمُودَ، وَامْرَأَةً أُخْرَى يُقَالُ لَهَا: "صُدُوفُ بِنْتُ الْمُحَيَّا بْنِ دَهْرِ  بْنِ الْمُحَيَّا" ذَاتِ حَسَبٍ وَمَالٍ وَجِمَالٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ مِنْ ثَمُودَ، فَفَارَقَتْهُ، فَكَانَتَا تَجْعَلَانِ لِمَنِ الْتَزَمَ لَهُمَا بِقَتْلِ النَّاقَةِ، فَدَعَتْ "صُدُوفُ" رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: "الْحُبَابُ" وَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا إِنْ هُوَ عَقَرَ النَّاقَةَ، فَأَبَى عَلَيْهَا. فَدَعَتِ ابْنَ عَمٍّ لَهَا يُقَالُ لَهُ: "مِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجِ بْنِ الْمُحَيَّا"، فَأَجَابَهَا إِلَى ذَلِكَ  وَدَعَتْ "عُنَيْزَةُ بِنْتُ غَنْمٍ" قِدَارَ بْنَ سَالِفِ بْنَ جُنْدَع، وَكَانَ رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ قَصِيرًا، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ وَلَدَ زَنْيَةٍ، وَقَالَتْ لَهُ: أُعْطِيكَ أَيَّ بَنَاتِي شئتَ عَلَى أَنْ تَعْقِرَ النَّاقَةَ! فَعِنْدَ ذَلِكَ، انْطَلَقَ "قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ" "وَمِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجٍ"، فَاسْتَفَزَّا غُواةً مِنْ ثَمُودَ، فَاتَّبَعَهُمَا سَبْعَةُ نَفَرٍ، فَصَارُوا تِسْعَةَ رَهْطٍ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى فيهم: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} سورةُ النَّمْلِ:48. وَكَانُوا رُؤَسَاءَ فِي قَوْمِهِمْ، فَاسْتَمَالُوا الْقَبِيلَةَ الْكَافِرَةَ بِكَمَالِهَا، فَطَاوَعَتْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَانْطَلَقُوا فَرَصَدُوا النَّاقَةَ حِينَ صَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ، وَقَدْ كَمَنَ لَهَا "قِدَارٌ" فِي أَصْلِ صَخْرَةٍ عَلَى طَرِيقِهَا، وَكَمَنَ لَهَا "مِصْدَعٌ" فِي أَصْلِ أُخْرَى، فَمَرَّتْ عَلَى "مِصْدَعٍ" فَرَمَاهَا بِسَهْمٍ، فَانْتَظَمَ بِهِ عضَلَة سَاقِهَا وَخَرَجَتْ "أُمُّ غَنَمْ عُنَيْزَةُ"، وَأَمَرَتِ ابْنَتَهَا وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، فَسَفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا لِقِدَارٍ وَذَمَّرَتْهُ فَشَدَّ عَلَى النَّاقَةِ بِالسَّيْفِ، فكَسَفَ عُرْقُوبَهَا، فَخَرَّتْ سَاقِطَةً إِلَى الْأَرْضِ، وَرَغَتْ رَغاة وَاحِدَةً تُحَذِّرُ سَقْبَها، ثُمَّ طَعَنَ فِي لَبَّتها فَنَحَرَهَا، وَانْطَلَقَ سَقْبَها  ـ فَصِيلُهَا ـ حَتَّى أَتَى جَبَلًا مَنِيعًا، فَصَعَدَ أَعْلَى صَخْرَةٍ فِيهِ وَرَغَا فقال: يَا رَبِّ أَيْنَ أُمِّي؟ وَيُقَالُ: إِنَّهُ رَغَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَإِنَّهُ دَخَلَ فِي صَخْرَةٍ فَغَابَ فِيهَا، وَيُقَالُ: بَلِ اتَّبَعُوهُ فَعَقَرُوهُ مَعَ أُمِّهِ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ وَفَرَغُوا مِنْ عَقْرِ النَّاقَةِ، بَلَغَ الْخَبَرُ صَالِحًا ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ فَجَاءَهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ، فَلَمَّا رَأَى النَّاقَةَ بَكَى وَقَالَ: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} سورة هُودٍ، الآية:65. وَكَانَ قَتْلُهُمُ النَّاقَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَلَمَّا أَمْسَى أُولَئِكَ التِّسْعَةُ الرَّهْطُ عَزَمُوا عَلَى قَتْلِ صَالِحٍ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ قال تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ. وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا}. سورة النمل، الْآيَات: 49 ـ 52. فَلَمَّا جَاءُوا مِنَ اللَّيْلِ لِيَفْتِكُوا بِهِ، أَرْسَلَ اللهُ، عَلَيْهِمْ حِجَارَةً فرضَختهم سَلَفًا وَتَعْجِيلًا قَبْلَ قَوْمِهِمْ، وَأَصْبَحَ ثَمُودُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ النَّظرة، وَوُجُوهُهُمْ مُصْفَرَّةٌ كَمَا وَعَدَهُمْ نبيُّهم صَالِحٌ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ وَأَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّأْجِيلِ، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَوُجُوهُهُمْ مُحَمَّرَةٌ، وَأَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الْمَتَاعِ، وَهُوَ يَوْمُ السَّبْتِ، وَوُجُوهُهُمْ مُسَوَّدَةٌ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا مِنْ يَوْمِ الْأَحَدِ وَقَدْ تحَنَّطوا وَقَعَدُوا يَنْتَظِرُونَ نِقْمَةَ اللهِ وَعَذَابَهُ، لَا يَدْرُونَ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِمْ، ولا كيف يأتيهم العذاب؟ وقد أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، جَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ ورَجْفة شَدِيدَةٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَفَاضَتِ الْأَرْوَاحُ وَزَهَقَتِ النُّفُوسُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.
قولُهُ تعالى: {وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً} و: حرفُ عطفٍ، "إلى" حرفُ جَرٍّ، "ثمودَ" اسمٌ مجرورٌ بِحَرْفِ الجرِّ متعلِّقٌ بفعلٍ مقدَّرٍ أي: أَرْسلْنا إلى ثمودَ، وحرِّكَ بالفتحة نيابةً عن الكسرةِ لمنعه من الصرف، وقد ورَدَ فيه الصرفُ وعدَمُهُ، أمَّا الأوَّلُ: فباعْتِبارِ الحَيِّ، أوْ لأنَّهُ لمَّا كانَ في الأصْلِ اسْماً للجَدِّ أَوْ للقليلِ مِنَ الماءِ كان مَصْروفاً لأنَّه عَلَمٌ مُذَكَّرٌ أوِ اسْمُ جِنْسٍ فبَعْدَ النَقْلِ حَكى أَصْلَهُ، وأمَّا الثاني: فباعْتِبارِ أَنَّهُ اسْمُ القَبيلَةِ ففيهِ العَلَمِيَّةُ والتَأْنيثُ. "أخاهم" مَفعولٌ به للفعلِ المُقدَّرِ  مَنصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الأَلِفُ لأنَّهُ مِنَ الأسماءِ الخمسةِ، وهو مضافٌ، والهاء ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مضافٍ إليه، والميم لجمع المذكَّر. "صالحاً" بَدَلٌ مِنْ "أخاهم" مَنْصوبٌ مثله وعلامة نصبه الفتحُ الظاهرُ. وهذه جملةٌ استئنافيّةٌ لا محلَّ لها من الإعراب.
قولُهُ: {قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} "قال" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، والفاعلُ ضميرٌ مستتِرٌ جوازاً تقديرُهُ "هو". "يا" أداةُ نداءٍ، "قومِ" مُنادى مُضافٌ مَنْصوبٌ وعلامَةُ نصبِهِ فتحةٌ مُقدَّرةٌ على ما قبلِ الياءِ المَحْذوفةِ للتَخفيفِ، وياءُ النسبةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ في مَحَلِّ جَرِّ مُضافٍ إليْه. "اعبدوا" فعلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ على حَذْفِ النّونِ لأنَّه من الأفعالِ الخمسةِ. والواوُ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ رفعِ فاعلٍ، والألفُ فارقةٌ. "اللهَ" لفظُ الجَلالةِ مَفعولٌ بِهِ مَنْصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظاهرةُ. "ما" نافيةٌ، و"لكم" اللامُ حرفُ جَرٍّ، والكافُ: ضميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ جَرٍّ بحرفِ الجَرِّ مُتَعَلِّقٌ بمَحذوفِ خبرٍ مُقدَّمٍ، والميمُ علامةُ المذكَّر. "من" حرفُ جَرٍّ زائدٍ. "إلهٍ" مَجرورٌ لَفْظاً مَرْفوعٌ مَحَلاًّ على أنَّه مُبتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. "غيرُ" نَعْتٌ لـ "إلهٍ" تَبِعَه في المَحلِّ فهوَ مَرْفوعٌ. وهو مضافٌ، و"الهاءُ" ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مُضافٍ إليْه. جملةُ "قال" استئنافٌ بيانيٌّ لا محلّ لها منَ الإعراب. وجملةُ "يا قوم" في مَحَلِّ نَصْبٍ مَقولَ القَوْلَ. وجملة: "اعبُدوا" جوابُ النِداءِ فليس لها مَحَلٌّ مِنَ
الإعرابِ. وجُملةُ: "ما لَكمْ مِنْ إلهٍ غيرُهُ" تَعْليلِيَّةٌ لا مَحَلَّ لَها أيضاً.
قولُهُ: {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} قد: حَرْفُ تَحقيقٍ، "جاءتكم" جاء: فعلٌ ماضٍ مبني على الفتح الظاهرِ، والتاءُ للتأنيثْ، والكاف: ضمير متصلٌ في محلِّ نصبِ مفعولٍ بِهِ، والميم علامة جمع المذكَّر. "بَيِّنَةٌ" فاعلٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضمُّ الظاهرُ. ولم يذكرْ موصوفُ هذه اللفظة، فهي جاريةٌ مَجْرى الأبطحِ والأبْرَقِ في عَدَمِ ذِكْرِ مَوْصوفِها. "من ربِّ" جارٌّ ومَجْرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ "جاءتكم" و"مِنْ" لابْتِداءِ الغايَةِ مَجازاً ،أو بنعتٍ مقدَّرٍ لـ "بيِّنَةٌ"، لأنَّها صِفَةُ بَيِّنة. ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضافٍ، أي: مِنْ بَيِّناتِ رَبِّكم لِيَتَصادَقَ المَوْصوفُ وصِفَتُهُ. والكاف: ضميرٌ متّصلٌ في محلِّ جرِّ مُضافٍ إليه، والميمُ للجمعِ المذكّرِ. وهذه الجملةُ استئنافٌ في مَعْرِضِ قولِ صالحٍ لا محلّ لها من الإعراب.
قولُهُ: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} هذه: الهاء: حَرْفُ تَنْبيهٍ "ذِه" اسْمُ إشارةٍ مَبْنِيٌّ في مَحَلِّ رَفْعِ مُبْتَدَأٍ، "ناقة" خبرٌ مَرفوعٌ، وعلامةُ رفعه الضمَّةُ الظاهرةُ، وهو مضافٌ، ويجوزُ أَنْ يَكونَ بَدَلاً مِنْ "ذِه" أوْ عَطْفَ بَيانٍ له، فيكون عندها "لكم" خَبَرَ اسْمِ الإشارةِ. "الله" لفظُ الجَلالَةِ مُضافٌ إليْهِ مَجرورٌ. "لكم" اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ، والكافُ: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرٍّ بحرف الجرِّ مُتَعلِّقٌ بمَحذوفِ حالٍ مِنْ "آيَة" نعتٌ تقدَّمَ على منعوته، ويجوزُ أن يتعلَّقَ بخبرٍ ثانٍ لاسمٍ الإشارة محذوف، والميم للمذكّر. "آيةً" نصْبٌ على الحالِ مِنْ "ناقةُ" والعامِلُ فيها إمّا معنى التنبيهِ أو مَعْنى الإشارةِ، كأنه قال : أنبِّهكم عليها أو أُشير إليها في هذه الحال. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ العامِلُ مُضْمَراً تَقديرُه: انْظُروا إليها في هذِهِ الحالِ. وهذه الجملةُ استئنافٌ بيانيٌّ لا محلَّ لها من الإعراب، لأنَّها كالجَوابِ لِسُؤالٍ مُقَدَّرِ كأَنَّهم قالوا: أيْنَ آيَتُكَ؟ فقال: هذِهِ ناقةُ الله.
قولُهُ: {فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ} الفاءُ: ربطِةٌ لجوابِ شرطٍ مُقدَّرٍ، أو لربط المُسَبِّبِ بالسببِ، "ذرو" فعلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ على حَذْفِ النون لأنّه من الأفعال الخمسةِ، والواو الدالَّةُ على الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ رفعِ فاعله، و"ها" ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ نصبِ مفعولٍ بِهِ. "تأكلْ" فعلٌ مُضارعٌ مَجْزومٌ جَوابَ الطَلَبِ، والفاعلُ ضَميرٌ مُستترٌ جوازاً تقديرُه "هي" يعود على الناقةِ. "في" حرف جرٍّ "أرض" اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، مُتَعلِّقٌ بـ "تأكل"، وهو مضافٌ. "اللهِ" لَفْظُ الجَلالةِ مضافٌ إليْهِ مجرورٌ وعلامةِ جرِّه الكسرةُ الظاهرة على آخره، وجُملةُ "ذروها" معطوفة على جملة هذه ناقة الله فلا مَحَلَّ لها، أو هي في مَحَلِّ جَزْمٍ جَوابِ الشَرْطِ المُقَدَّرِ، أيْ إنْ كُنْتُم أَهْلاً للإيمانِ فَذَروها. وجُملةُ "تأكلْ" جَوابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ غيْرُ مُقْتَرِنَةٍ بالفاءِ، لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، والتقديرُ: إنْ تَتْرُكوها تَأْكُلْ.
قولُهُ: {وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ} و: حَرْفُ عَطْفٍ، "لا" ناهيةٌ جَازِمَةٌ، "تَمَسوها" مُضارعٌ مَجزومٌ بـ "لا" الناهية، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النُونِ لأنَّهُ من الأفعالِ الخمسةِ، والواو الدالَّةُ على الجماعة ضميرٌ كتَّصلٌ في محلِّ رفعِ فاعل، و"ها" ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ نصبِ مفعولٍ بِهِ. "بسوءٍ" جارٌّ ومَجْرورٌ مُتعلِّقٌ بـ "تَمَسّوها"، وجُملةُ "لا تمسوها بسوءٍ" معطوفةٌ على جُملةِ ذَروها فلا محلَّ لها من الإعرابِ.
قولُهُ: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} الفاء: سَبَبِيَّةٌ، "يأخذَ" فعلٌ مُضارِعٌ مَنْصوبٌ بـ "أنْ" مُضمرةٍ بعدَ الفاءِ، والكاف: ضمير متَّصلٌ في محلِّ نصبِ مفعولٍ بِهِ. "عذابٌ" فاعلٌ مرفوعٌ، "أليمٌ" صفتُه، مرفوعٌ. والمصدرُ المُؤوَّلُ من "أن يأخذكم" معطوفٌ على مَصْدَرٍ مُتَصَيَّدٍ مِنَ الكلامِ السابِقِ، أيْ: لا يَكُنْ مِنْكمْ مَسٌّ بِسوءٍ فأخذُكم بِعذابٍ. وجَملةُ "يأخذكم" صلةُ المَوصولِ الحَرْفِيِّ "أن" المُضْمَرِ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ.
قرأ يَحيى بْنُ وَثّابٍ: "إلى ثَمودٍ" بالصَرْفِ والتَنْوينِ. وقرأ الباقون بِغَيْرِ الصَّرْفِ.
وقرأ أبو جَعفَرَ: "تَأكُلُ" بِرَفْعِ الفِعْلِ على أَنَّه حالٌ، وهو نَظيرُ قولِه ـ تعالى: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي} سورةُ مريمَ: 6. رَفْعاً وجَزْماً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 73
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 13
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 28
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 42
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 56
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 68

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: