[size=29.3333]وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.[/size]
[size=29.3333](28)[/size]
[size=29.3333]قولُهُ ـ جَلَّ وعَلا: {[/size][size=29.3333]وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً[/size][size=29.3333]} الفاحشةُ: هِي كُلُّ فِعْلٍ قَبيحٍ يَتَنافى مَعَ تَعالِيمِ الشَّريعةِ، كالإشْراكِ باللهِ، والطوافِ بالبيتِ الحرامِ بِدونِ لِباسٍ يَسْتُرُ العَوْرَةَ.[/size] [size=29.3333]وكانتْ قُريْشٌ قد سَمَّتْ نَفْسَها باسْمٍ خاصٍّ وهو: (الحُمْسُ)، [/size][size=29.3333]وَالْحُمْسُ معناها الْمُتَشَدِّدُون بِأَمْرِ الدِّينِ لَا يُخَالِفُونهُ، وَهُمْ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ وَثَقِيفٌ وَجُشْمٌ وَبَنُو نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَمُدْلِجٌ وَعَدْوَانُ وَعَضَلٌ وَبَنُو الْحَارِثِ بن عبدِ مَنَاةَ، وَبَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَكُلُّهُمْ مِنْ سُكَّانِ مَكَّةَ. [/size][size=29.3333]وجَعَلوا لأَنْفُسِهم حُقوقاً لَيْسَتْ لِسائرِ العَرَبِ. ومِنْ هذِه الحُقوقُ ـ فيما يَخْتَصُّ بالطَوافِ بالبَيْتِ الحرامِ ـ أَنَّهم هُمْ وَحْدَهم لَهُمْ حَقُّ الطَوافِ في ثِيابِهِمْ. فَأمَّا بَقِيَّةُ العَرَبِ، فلا تَطوفُ في ثيابٍ لَبِسَتْها مِنْ قَبْلُ، لأنها اقترفت المعاصي فيها. فلا بُدَّ أَنْ تَسْتَعيرَ مِنْ ثيابِ الحُمْسِ للطَوافِ، أَوْ تَسْتَجِدَّ ثياباً لَمْ تَلْبِسْها مِنْ قَبْلُ، وإلاَّ طافوا عَرايا، بما فيهم النِّساءُ!. [/size][size=29.3333]قالَ الإمامُ ابْنُ كَثيرٍ ـ رحِمَهُ اللهُ تعالى: كانت العربُ ـ ما عدا قُريْشاً ـ لا يَطوفون بالبيتِ الحرامِ في ثيابِهِمُ التي لَبِسوها، يَتَأَوَّلون في ذلك أَنَّهم لا يطوفون فى ثيابٍ عَصَوُا اللهَ فيها، وكانت قريشٌ ـ وهُمُ الحُمْسُ ـ يَطوفون فى ثيابِهِم، ومَنْ أَعارَهُ أَحْمَسِيٌّ ثوباً طافَ فيه، ومَن مَّعَهُ ثوبٌ جَديدٌ طافَ فيهِ، ثمَّ يُلْقيهِ فلا يَتَمَلَّكَهُ أَحَدٌ، ومَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوباً جَديداً ولا أَعارَهُ أَحْمَسيٌّ ثوباً طافَ عُرياناً، ورُبَّما كانتْ المَرْأَةُ تطوفُ عُريانَةً، فتَجعَلُ على فَرْجَها شَيْئًا لِيَسْتُرَهُ بعضَ السَّتْرِ، وأَكْثَرُ ما كانَ النِّساءُ يَطُفْنَ عُراةً لَيْلاً، فتَضَعُ المَرْأَةُ على قُبُلِها النِّسْعَةَ ـ قطعةٌ مضفورةٌ مِنْ جِلْدٍ توضعُ عادةً على صَدْرِ البعير ـ أوْ الشيءَ، فتقولُ:[/size]
[size=29.3333]الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ........................ فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ[/size]
[size=29.3333]والبيتُ واحدٌ مِنْ بيتينِ لامْرأةٍ اسْمُها ضَباعَةَ، من بني عامرٍ بْنِ صَعْصَعَةَ، كانت قالتْهُما وهيَ تَطُوفُ في قصّةٍ طويلة، أمّا البيتُ الثاني فهو:[/size]
[size=29.3333]كم ناظرٍ فيه فما يملُّهُ ..................... أخْثمُ مِثلُ القَعْبِ بادٍ ظلُّهُ[/size]
[size=29.3333]وكان هذا شيئًا قدِ ابْتَدَعوهُ مِنْ تِلْقاءِ أَنْفُسِهم واتَّبعوا فيه آباءَهُم، ويَعتقدون أَنَّ فعلَ آبائهم مُستَنِدٌ إلى أَمْرٍ مِنَ اللهِ، فأَنْكَرَ اللهُ عليهم ذلكَ فقالَ: "[/size][size=29.3333]وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا[/size][size=29.3333]"[/size] [size=29.3333]لقدِ اسْتَرْوَحوا في التَعْللِ إلى سُلُوكِهم نَهْجَ أَسْلافِهِم، فاسْتَمْسَكوا بِحَبْلٍ واهٍ فَزَلَّتْ بِهِمْ أقدامُ الغُرورِ، ووقَعوا في وَهْدَةِ المِحْنَةِ. فالآيةُ الكريمَةُ هذه تَحْكي عَنْ هَؤلاءِ المُشْرِكينَ أَنَّهم كانوا يَرتَكِبونَ القَبائحَ التي نهى اللهُ عنها كالطوافِ بالكَعبَةِ عَرايا، وكالإشراكِ باللهِ، ثمَّ بعد ذلك يحتجّون بأنَّهم قد وَجَدوا آباءَهم كذلِكَ يَفْعَلون، وبِأَنَّ اللهَ قدْ أَمَرَهم بذلك، ورضيَ عنْهُ حيثُ أقرَّهم عَلَيْه. ولا شكَّ في أَنَّ احْتجاجَهم هذا مِنَ الأكاذيبِ التي ما أَنْزَلَ اللهُ بها مِنْ سُلطانٍ، ولذا عاجَلَهم القرآنُ بالرَدِّ المُفحِمِ، فقال: "[/size][size=29.3333]قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشاء أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ[/size][size=29.3333]".[/size] [size=29.3333]أيْ: قُلْ يا مُحَمَّدُ لهؤلاءِ المُفْتَرينَ على اللهِ الكَذِبَ: إنَّ كلامَكم هذا يُناقِضُهُ العَقْلُ والنَّقلُ. أَمَّا أَنَّ العقلَ يُناقِضُهُ ويُكَذِّبُهُ. فلأنَّه لا خلافَ بينَنا وبَيْنَكم في أنَّ ما تَفعلونَهُ هو مِنْ أَقبحِ القبائحِ بدليلِ أنَّ بعضَكُم قَدْ تَنَزَّهَ عَنْ فِعْلِهِ، وأَمَّا أَنَّ النَّقلَ يُناقِضُهُ ويُكَذِّبُهُ فلأنَّهُ لمْ يَثْبُتْ عنْ طريقِ الوَحي أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِهذا، بَلِ الثابِتُ أَنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِهِ، لأنَّ الفاحشةَ في ذاتها تَجَاوُزٌ لِحُدودِ اللهِ، وانْتِهاكٌ لِحُرُماتِهِ، فهلْ مِنَ المَعقولِ أَنْ يَأْمُرَ اللهُ بانْتِهاكِ حُدودِهِ وحُرُماتِهِ؟[/size][size=29.3333] والفاحِشَةُ مَأخوذَةٌ مِنَ التَفَحُّشِ أَيْ التَزايُدِ في القُبْحِ، ولِذَلِكَ صَرَفَها بَعْضُ العُلَماءِ إلى الزنا، مَسْتَنِدين إلى قولِه ـ تعالى ـ في سورةِ الإسراء: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} الآية: 32. فَكُلُّ مَعْصيَةٍ قد تَنْتَهي بأَثَرِها، إلاَّ الزِنا فإنَّه يُخَلِّفُ آثاراً كثيرةً فإمَّا أَنْ يُوأَدَ المَولودُ، وإمَّا أَنْ تَجْهَضَ به المرأةُ، وإمَّا أَنْ تَلِدَهُ وتُلقيهِ بَعيداً، فيَعيشُ منبوذاً في المُجْتَمَعِ طَريداً، لا يَجِدُ مَسْؤولاً عَنْه، ثمَّ إنَّ هذهِ المَعصيةَ تزرع الشكَّ في المُجْتَمَعِ. ولَنا أَنْ نَتَصَوَّرَ رجلاً يَشُكُّ في مَنْ يُنْسَبونَ إليْهِ ويَحْمِلونَ اسْمَهُ أنَّهم لَيْسُوا مِنْ صُلْبِهِ، وهذه بلوى عظيمةٌ للغايَةِ. وقيلَ: إنَ الفاحشَةَ هي ما فيهِ حَدٌّ، أوْ الفاحشةُ هي الكَبائرُ، [/size][size=29.3333]وقالوا إنَّ في الآيةِ إشارةٌ إلى أنَّ الفاحشةَ طَلَبُ الدنيا وحُبُّها والحِرْصُ على جَمْعِها فإنَّ أفْحَشَ الفَواحِشَ حُبُّ الدُنيا لأنَّهُ رَأْسُ كُلِّ خطيئَةٍ. فإذا وقعَ أهلَ الغَفْلةِ في طَلَبِ الدُنيا وزينَتِها والتَمَتُّعِ بِها بِتَلْقينِ الشَياطِينِ، وتَدْبيرِهم، وتَزْيينِهم، ودعاهُم داعٍ إلى اللهِ، وطَلَبَ تركَ الدُنيا وطَلَبَها قالوا: "وجدنا عليها آباءنا" أي على مَحَبَّةِ الدُنيا وشَهَواتِها، "واللهُ أمَرَنا بِها" أي بِطَلَبِها بالكَسْبِ الحَلال،[/size]
[size=29.3333]وتقديم قولِه: "وجدّنا عليه آباءنا" على قولِهِ: "واللهُ أمَرَنا بِها" للإيذانِ بأنَّه المُعَوَّلُ عليْهِ عِندَهم، أوْ للإشارَةِ مِنْهم إلى أَنَّ آباءهُم إنَّما كانوا يَفْعَلونَها بأمَرِ اللهِ تَعالى. فردَّ ذَلك عَليْهم ـ سبحانَه ـ بقولِه: "قلْ إنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بالفَحْشاءِ" أي لا يَأْمُرُ بِحُبِّ الدُنيا والحِرْصِ على جَمْعِها وإنَّما يَأْمُرُ بالكَسْبِ الحَلالِ بِقَدْرِ الحاجَةِ الضَروريَّةِ، لِيَقومَ بأداءِ حَقِّ العُبوديَّةِ، "أتقولون على الله مالا تعلمون" أي أتَفْتَرونَ على اللهِ مالا تَعْلَمون آفَتَهُ عليكم، ولا تدرون وبالَ عاقِبَتِهِ، ولا تَعْلَمُونَ أنَّ ذلكَ من فِتْنَةِ الشَيْطانِ وتَزْيينِهِ وإغْوائِهِ[/size][size=29.3333].[/size]
[size=29.3333]قولُهُ تعالى: {وَإِذَا فَعَلُواْ فاحشةً} و: اسْتِئْنافيَّةٌ، أو هيَ عاطفةٌ، و"إذا" ظَرْفٌ لما يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَمَنِ مُتَضَمِّنٌ مَعنى الشَرْطِ، وهو في مَحَلِّ نَصْبٍ، مُتَعَلِّقٌ بـ "قالوا"، و"فعلوا" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الضَمِّ لاتِّصاله بضمير رفعٍ متحرِّكٍ، والواوُ ضمير الجماعةِ في محلِّ رفع فاعلٍ، و"فاحشةً" مَفعولٌ بِهِ مَنْصوبٌ. والتاءُ إمَّا لأنَّها مُجراةٌ على المَوصوفِ المُؤنَّثِ، أيْ: فَعْلَةٌ فاحشَةٌ، وإمَّا للنَقْلِ مِنَ الوَصْفِيَّةِ إلى الإسْمِيَّةِ، وجملةُ "فعلوا" ابتدائيَّةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ، أو هي في مَحَلِّ جَرِّ مُضافٍ إليْهِ. ويَجوزُ أَنْ تَكونَ داخلةً في حَيِّزِ الصِلَةِ لِعَطْفِها عَليها، لِيقَعَ التَوبيخُ بِصِفَةِ قَوْمٍ قدْ جُعِلوا أَمْثالاً للمُؤمنين إذْ أَشْبَهَ فِعْلُهم فِعْلَ المُمَثَّلِ بِهم. [/size]
[size=29.3333]وقولُهُ: {قالوا وَجْدْنا عليها آباءنا} قالوا: مِثْل "فَعَلوا"، و"وجَدْنا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ لاتصالهِ بضمير رفعٍ متحرِّكٍ، و"نا" ضميرُ العَظَمَةِ في محلِّ رفعِ فاعلٍ، "على" حرفُ جَرٍّ، و"ها" ضَميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ جَرٍّ مَتَعَلِّقٌ بِمَحْذوفِ حالٍ مِنْ آباءِ، أيْ عاكفين عليها، و"آباء" مفعولٌ بِهِ مَنْصوبٌ، وهو مضافٌ إليه، و"نا" ضَميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مُضافٍ إليه فيُحْتَمَلُ أَنْ تَكونَ "وجدنا" العِلْمِيَّة، أيْ: عَلِمْنا طَريقَتَهم أَنَّها هَذِهِ، ويُحْتَمَلُ أَنْ تَكونَ بِمَعنى لَقِيْنا، فَيَكونُ "عليها" مفعولاً ثانياً على الأَوَّلِ، وحالاً على الثاني. جملةُ "قالوا" جوابُ شَرْطٍ غيرِ جازِمٍ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ. وجملةُ "وجدنا" في مَحَلِّ نَصْبٍ مَقولَ القَوْلِ. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {واللهُ أمَرَنا بِها} و: حرفُ عَطْفٍ، ولَفْظُ الجَلالةِ مُبْتَدَأٌ مَرْفوعٌ، و"أمر" فعلٌ ماضٍ، والفاعِلُ ضميرٌ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ: هو، و"نا" ضَميرٌ متّصلٌ في محلِّ نصبِ مَفْعولٍ بِه، و"بها" جارٌّ ومجرورٌ متعلقان بـ "أَمَرَ". وجملةُ "أَمَرَنَا" في مَحَلِّ رَفْعٍ خبراً للمُبْتَدَأِ "الله"، جملةُ "اللهُ أَمَرَنا بِها" في مَحَلِّ نَصْبٍ عطفاً على جُمْلَةِ مَقولِ القولِ.[/size]
[size=29.3333]قولُه: { قُلْ إنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ} قُلْ: فِعْلُ أَمْرٍ والفاعِلُ ضميرٌ مستترٌ وجوباً تقديرهُ "أنت"، و"إنّ" حَرْفٌ ناسخٌ مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ، ولفظ الجَلالَةِ اسْمُها مَنصوبٌ، و"لا" نافيةٌ، و"يَأْمُرُ" فعلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ، والفاعِلُ ضميرٌ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ "هو" يعود على لفظِ الجلالةِ، وقد حُذِف المَفْعولُ الأَوَّلُ للعِلْمِ بِهِ، أيْ: لا يَأْمُرُ أَحَداً، أوْ لا يَأْمُرُكم بذلك. و"بالفحشاءِ" جارٌّ ومَجْرورٌ مَتَعلِّقان بـ "يَأْمُرُ" مفعولاً ثانياً لَهُ، والتقديرُ: إنَّ اللهَ لا يأمُرُكُمَ الفحشاءَ، أو لا يأمُرُ احّداً الفَحْشاءَ. وجُمْلَةُ "إنّ اللهَ لا يَأْمُرُ" في مَحَلِّ نَصْبٍ مَقولَ القَوْلَ، وجُمْلَةُ "لا يَأْمُرُ بالفحشاء" في مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَراً لـ "إنّ" وجملةُ "قُلْ" استئنافٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.[/size]
[size=29.3333]وقولُهُ: {أتقولونَ على اللهِ ما لا تعلمون} الهمزةُ: للاسْتِفهامِ الإنْكاريِّ التَوْبِيخِيِّ، "تقولون" مُضارعٌ مَرْفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النونِ لأنَّه مِنَ الأَفْعالِ الخَمْسَةِ، و"الواو" الدالَّةُ على الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ رفعِ فاعِلٍ، و"على الله" جارٌّ ومَجْرورٌ مُتَعَلِّقان بـ "تقلون" متَضمِّنٌ مَعنّى تَتَقَوَّلون، و"ما" إمّا اسْمٌ مَوْصولٌ بمعنى الذي مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نَصْبِ مَفْعولٍ بِهِ، وهذا مُفْرَدٌ فِي قُوَّةِ الجُمْلَةِ، لأنَّ ما لا يَعلَمونَ مِمَّا يَتَقوَّلونَهُ عَلى اللهِ ـ تَعالى ـ كلامٌ كَثيرٌ، مِنْ قولِهِمْ: "والله أَمَرَنَا بِهَا" كَتَبْحيرِ البَحائِرِ وتَسييبِ السَوائِبِ وطَوافِهم بالبيتِ عُراةً إلى غيرِ ذلكَ، أَوْ هو نَكِرَةٌ مَوْصوفَةٌ، والجُمْلَةُ بَعدَها نَعْتٌ لها، والعائدُ في الحالين محذوفٌ، أيْ: تَعلَمونَهُ. و"لا" نافيَةٌ، و"تعلمون" إعرابه إعرابُ تقولون. جُملةُ "تقولون" استئنافٌ داخِلٌ في حَيِّزِ القَوْلِ، لا مَحَلَّ لَها من الإعرابِ، وجُملةُ " لا تعلمون" واقعةٌ صِلَةً للموصول "ما" فلا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ، أيضاً.[/size]