روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 145

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية:  145 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية:  145 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 145   فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية:  145 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2014 8:50 pm

قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(145)
قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شأنُهُ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الْمَعْنَى: قل يَا مُحَمَّدُ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا إِلَّا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا مَا تُحَرِّمُونَهُ بِشَهْوَتِكُمْ وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ أَعْلَمَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِيهَا بِمَا حَرَّمَ. وَلَمْ يَكُنْ فِي الشَّرِيعَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُحَرَّمٌ غَيْرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ثُمَّ نَزَلَتْ سُورَةُ "الْمَائِدَةِ" في الْمَدِينَةِ. وَزِيدَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ كَالْمُنْخَنِقَةِ، أي التي تَموتُ خَنقاً بِحَبْلٍ أوْ غيْرِه، وَالْمَوْقُوذَةِ، وهي الشاةُ التي تَموتُ الضَربِ بحجرٍ أوْ ما شابَهَ دونَ أنْ تُذَكّى، والمُتردِّيَةِ، وهي التي تَقَعُ مِنْ جَبَلٍ، أوْ تَطيحُ في بئرٍ، أوْ تَسْقُطُ مِنْ مَوْضِعٍ مُشْرِفٍ فَتَموتُ، وَالنَّطِيحَةِ التي يَنْطَحَها غيرُها فتموت. وَالْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم ـ بِالْمَدِينَةِ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وكلَّ ذي مِخْلَبٍ مِنَ الطَيْرِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ وَتَأْوِيلِهَا عَلَى أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَكُلُّ مُحَرَّمٍ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَوِ جَاءَ فِي الْكِتَابِ مَضْمُومٌ إِلَيْهَا، فَهُوَ زِيَادَةُ حُكْمٍ مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ. عَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَالْفِقْهِ وَالْأَثَرِ. وَنَظِيرُهُ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا مَعَ قَوْلِهِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ} سورة النساء، الآية: 24. وكَحُكْمِهِ باليَمينِ مَعَ الشاهِدِ مَعَ قوله ـ تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ} سورة البقرة، الآية: 282. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ من حديث أبي هريرةَ مرفوعاً: ((أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ)) أَخْرَجَهُ مَالِكٌ ومسلم والبيهقي وغيرهم، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقِيلَ: الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ ولا حَرامَ إِلَّا مَا فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَرُوِيَ عَنْهُمْ خِلَافُهُ. قَالَ مَالِكٌ: لَا حَرَامَ بَيِّنٌ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادَ: تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَحْلِيلَ كُلِّ شيءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ فِي الْآيَةِ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ. وَلِهَذَا قُلْنَا: إِنَّ لُحُومَ السِّبَاعِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ مَا سِوَى الْإِنْسَانِ وَالْخِنْزِيرِ مُبَاحٌ. وَقَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَعَلَيْهَا بَنَى الشَّافِعِيُّ تَحْلِيلَ كُلِّ مَسْكُوتٍ عَنْهُ، أَخْذًا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ. وَقِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ جَوَابٌ لِمَنْ سَأَلَ عنْ شَيءٍ بِعَيْنِهِ فَوَقَعَ الْجَوَابُ مَخْصُوصًا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَشْيَاءٌ سَأَلُوا عَنْهَا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَجَابَهُمْ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ. وَقِيلَ: أَيْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ أَيْ فِي، هَذِهِ الْحَالِ حَالِ الْوَحْيِ وَوَقْتِ نُزُولِهِ، ثُمَّ لَا يَمْتَنِعُ حُدُوثُ وَحْيٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ أَشْيَاءٍ أُخَرَ. وَزَعَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَ نَزَلَ عَلَيْهِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}. وَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَهَا نَاسِخٌ فَهِيَ مُحْكَمَةٌ، فَلَا مُحَرَّمَ إِلَّا مَا فِيهَا، وَإِلَيْهِ أَمِيلُ. قلت: وهذا ما رأيتُه قالَ غَيْرُهُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ فِي أَنَّ سُورَةَ "الْأَنْعَامِ" مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ..} سورة الأنعام، الآيات: 151 ، 152 ، 153. وقد نَزَلَ بَعْدَهَا قُرْآنٌ كَثِيرٌ وَسُنَنٌ جَمَّةٌ. فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ بِالْمَدِينَةِ فِي "الْمَائِدَةِ". وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ: "قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً" لِأَنَّ ذَلِكَ مَكِّيٌّ. وَهَذَا هُوَ مَثَارُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. فَعَدَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهَا وَالْحَصْرَ فِيهَا ظَاهِرٌ فَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهَا إِمَّا نَاسِخَةٌ لِمَا تَقَدَّمَهَا أَوْ رَاجِحَةٌ عَلَى تِلْكَ الْأَحَادِيثِ. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ فَظَهَرَ لَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ سُورَةَ "الْأَنْعَامِ" مَكِّيَّةٌ، نَزَلَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قُصِدَ بِهَا الرَّدُّ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ فِي تَحْرِيمِ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِي، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حَرَّمَ أُمُورًا كَثِيرَةً كَالْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ وَلُحُومِ الْبِغَالِ وَغَيْرِهَا، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: "لَا مُحَرَّمَ إِلَّا مَا فِيهَا" أَلَّا يُحَرَّمَ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ عَمْدًا، وَتُسْتَحَلُّ الْخَمْرُ الْمُحَرَّمَةُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْرِيمِ خَمْرِ الْعِنَبِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَدْ وَجَدَ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ مُحَرَّمًا غَيْرَ مَا فِي سُورَةِ "الْأَنْعَامِ" مِمَّا قَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي لُحُومِ السِّبَاعِ وَالْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ فَقَالَ مَرَّةً: هِيَ مُحَرَّمَةٌ، لِمَا وَرَدَ مِنْ نَهْيِهِ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قولِهِ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ. وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالسيدة عَائِشَةَ ـ رضي اللهُ عنهم ـ مِنْ إِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ "قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً". وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا. فَقِيلَ لَهُ: حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ)). فَقَالَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ اللهِ رَبِّنَا لِحَدِيثِ أَعرابي يَبُولُ على ساقيْهِ. وسئلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ لَحْمِ الْفِيلِ وَالْأَسَدِ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: وَقَالَ الْقَاسِمُ: كَانَتْ السيدة عَائِشَةُ ـ رضي اللهُ تعالى عنها ـ تَقُولُ لَمَّا سَمِعَتِ النَّاسَ يَقُولُونَ حُرِّمَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ: ذَلِكَ حَلَالٌ، وَتَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: "قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً" ثُمَّ قَالَتْ: إِنْ كَانَتِ الْبُرْمَةُ لَيَكُونُ مَاؤُهَا أَصْفَرَ مِنَ الدَّمِ ثُمَّ يَرَاهَا رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَلَا يُحَرِّمُهَا. وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ، وَأَنَّ مَا وَرَدَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ بَعْدَ الْآيَةِ مَضْمُومٌ إِلَيْهَا مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا. وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ إِلَى هَذَا فِي قَبَسِهِ خِلَافَ مَا ذَكَرَ فِي أَحْكَامِهِ قَالَ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ تعالى عنهما ـ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ، فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ كُلَّ مَا عَدَاهَا حَلَالٌ، لَكِنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَ السِّبَاعِ. وَعِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَقَعَ الزِّيَادَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ: "قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً" بِمَا يَرِدُ مِنَ الدَّلِيلِ فِيهَا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ} فَذَكَرَ الْكُفْرَ وَالزِّنَى وَالْقَتْلَ. ثُمَّ قَالَ عُلَمَاءُ المالكيَّةِ: إِنَّ أَسْبَابَ الْقَتْلِ عَشَرَةٌ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَدِلَّةِ، إِذِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِنَّمَا يُخْبِرُ بِمَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ عَنِ الْبَارِي تَعَالَى، وَهُوَ يَمْحُو مَا يَشَاءُ ويُثَبِّتُ ويَنْسَخُ ويُقدِّم. وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ: ((أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ)). وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ مَعْنٍ عَنْ مَالِكٍ: ((نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ)) وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَتَحْرِيمُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ هُوَ صَرِيحُ الْمَذْهَبِ وَبِهِ تَرْجَمَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ حِينَ قَالَ: تَحْرِيمُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَعَقَّبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا. فَأَخْبَرَ أَنَّ الْعَمَلَ اطَّرَدَ مَعَ الْأَثَرِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: فَقَوْلُ مَالِكٍ "هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَوَاخِرِ مَا نَزَلَ" لَا يَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نَقُولَ: ثَبَتَ تَحْرِيمُ بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ أَحَلَّ اللهُ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ، وَنَهَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَنَهَى عَنْ لحوم الحُمُرِ الأهليَّةِ.
قولُهُ تَعالى: {مُحَرَّماً} منصوبٌ بقولِهِ: "لا أَجِدُ" وهو صِفَةٌ لِمَوْصوفٍ مَحذوفٍ حُذِفَ لِدَلالةِ قولِهِ على "طاعم يَطْعَمُه" والتقديرُ: لا أَجِدُ طَعاماً مُحرَّماً. و"على طاعم" مُتَعَلِّقٌ بـ "محرَّماً" و"يَطْعَمُه" في مَحَلِّ جَرٍّ صِفَةً لِـ "طاعِم". وقَرأَ الباقِرُ ونَقَلَها مَكِيٌّ عنْ أَبي جَعفرٍ "يَطَّعِمُه" بتَشديدِ الطاءِ وأَصُلُها يَطْتَعِمُهُ افْتِعالاً مِنَ الطَعْمِ، فأُبْدِلِتِ التاءُ طاءً لِوُقوعِها بعدَ طاءِ للتَقارُبِ فوجب الإِدغام . وقرأت أُمُّ المؤمنين السيدة عائشةُ الصِدِّيقَةُ، ومُحمدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ، وأَصحابُ عبدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ ـ رضي اللهُ تعالى عنهم أجمعين ـ "تَطَعَّمَهُ" بالتاء مِنْ فوقِ، وتشديدِ العَيْنِ فعلاً ماضياً.
قولُهُ: {إِلاَّ أَن يَكُونَ} مًنصوبٌ على الاستثناءِ إمَّا المُتَّصلِ، اسْتِثْناءً مِنَ الجِنْسِ، ومَوضِعُهُ النُصْبٌ، أي: لا أَجِدُ مُحَرَّماً إلاَّ المَيْتَةَ، وإمَّا المنقطعِ، لأنَّهُ كَونٌ وما قبلَه عينٌ ، ويَجوزُ أنْ يَكونَ مَوْضِعُه نَصباً بَدَلاً على لغة تميم، أمَّا نَصبُه على الاستثناء فهو على لُغَةِ الحِجازِ، فالاسْتِثْناءُ المُنْقَطِعُ فيهِ لُغتانِ: لُغةُ الحِجازِ وهي وُجوبُ النَّصْبِ مُطلَقاً، ولُغةُ تميمٍ فيَجعلونَه كالمُتَّصِلِ، فإنْ كان في الكلامِ نَفْيٌ أَوْ شِبْهُهُ رُجِّحَ البَدَلُ، وهُنا الكلامُ نفيٌ فيَتَرَجَّحُ نَصبُه عندَ التَميميين على البَدَلِ دونَ النَّصبِ على الاسْتِثناءِ فَنَصبُه عندهم مِنْ وَجهيْن، وأَمَّا الحِجازيون فنَصبُهُ عِندَهم مِنْ وَجْهٍ واحدٍ.
وقَرأ ابْنُ عامِرٍ في روايةٍ: "أوحَى" بفتحِ الهمزةِ والحاءِ مَبْنِيّاً للفاعِلِ.
وقولُه: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ} وقولُهُ "نَبِّئوني"، وقولُهُ أَيْضاً "آلذكريْنِ" ثانياً، وقولُه: "أَمْ كنتم شُهَداء" جُمَلُ اعْتِراضٍ بَيْنَ المَعدوداتِ التي وَقعَتْ تَفصيلاً لِـ "ثمانيةَ أَزْواج". وفَصَلَ بَيْنَ المَعدودِ وبيْنَ بعضِهِ ولَمْ يُوالِ بَيْنَهُما اعْتِراضاً غيرَ أَجْنَبِيٍّ مِنَ المَعْدودِ، وذَلِكَ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مَنَّ على عبادِهِ بإنْشاءِ الإِنْعامِ لِمَنافِعِهم وبإباحَتِها لَهم، فاعترضَ بالاحْتِجاجِ على مَنْ حرَّمها، والاحْتِجاجُ على مَنْ حَرَّمَها تأكيدٌ وتَسديدٌ للتَحليلِ، والاعْتِراضاتُ في الكَلامِ لا تُساقُ إلاَّ للتوكيدِ.
وقَرَأَ ابْنُ عامرٍ: "إلا أَنْ تكونَ مَيْتَةٌ" بالتأنيثِ ورَفْعِ مَيْتَةٍ، يَعني: إلاَّ أَنْ يُوجَدَ مَيْتَةٌ، فتَكونُ تامَّةً عِنْدَهُ، ويَجوزُ أَنْ تَكونَ الناقِصةَ والخَبَرُ مَحْذوفٌ تقديرُه: إلاَّ أَنْ يَكونَ هُناك مَيْتَة. ويُقْرَأُ بِرَفْعِ "مَيْتَةً" على أَنَّ تَكونَ تامَّةً.  وقرَأَ ابْنُ كثيرٍ وحَمْزَةٌ "تكون" بالتأنيث، و"ميتةً" بالنصبِ على أَنَّ اسْمَ "تكون" مُضْمَرٌ عائدٌ على مُؤَنَّثٍ، أيْ: إلاَّ أَنْ يَكونَ المأكولُ، ويَجوزُ أَنْ يَعودَ الضَميرُ مِنْ "تكون" على "محرَّماً"، وإنَّما أَنَّثَ الفِعلَ لَتَأْنيثِ الخَبَرِ كَقَوْلِه: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ} الأنعام: 23. بِنَصْبِ "فتنتهم" وتأنيثِ "تكن". وقَرَأَ الباقون "يكون" بالتَذْكيرِ، "ميتة" نَصْباً، واسْم "يكون" يَعودُ على قولِهِ "مُحَرَّماً" أيْ: إلاَّ أَنْ يَكونَ ذلكَ المُحَرَّم. وتقديرُهُ: "إلاَّ أَنْ يَكونَ المَأْكولُ" أو "ذلك ميتة".
قولُه: {أَوْ دَماً مسفوحاً} دماً: على قِراءةِ العامَّةِ مَعطوفٌ على خَبَرِ "يكون" وهو "ميتة"، وعلى قِراءةِ ابْنِ عامرٍ وأبي جَعْفَرٍ مَعْطوفٌ على المُسْتَثْنى وهو "أَنْ يَكون" وقدْ تَقَدَّمَ تحريرُ ذلك. و"مسفوحاً" صفةٌ لـ "دماً". والسَّفْحُ: الصَّبُّ. وقيلَ: السَّيَلان وهُو قَريبٌ مِنَ الأَوَّلِ، وسَفَحَ يُسْتعْمَلُ قاصِراً ومُتَعدِّياً، يُقالُ: سَفَحَ زَيْدٌ دَمْعَهُ ودَمَهُ، أي: أَهْراقَهُ وسَفَحَ هو، إلاَّ أنَّ الفرقَ بينَهُما وقع باختلافِ المصدرِ ففي المُتَعدّي يُقالُ: سَفْح، وفي اللازم يُقالُ سُفُوح، ومِنَ التَعدِّي قولُهُ تعالى: {أوْ دَماً مَسْفوحاً} فإنَّ اسْمَ المَفعولِ التامِّ لا يُبْنى إلاَّ مِنْ مُتَعَدٍّ، ومِنَ اللُّزومِ ما أَنْشَدَهُ أَبو عُبيْدَةَ لِكُثَيِّرِ عَزَّةَ:
أَقولُ ودَمْعي واكفٌ عِندَ رَسْمِها ....... عَليكِ سَلامُ اللهِ والدَمْعُ يَسْفَحُ
قولُهُ: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} أو فِسْقاً: عطفٌ على خَبَرِ "يكونَ" أَيْضاً أَيْ: إلاَّ أَنْ يَكونَ فِسْقاً. و"أُهِلَّ"  في مَحَلِّ نَصْبٍ لأنَّهُ صِفَةٌ لَهُ كأنَّهُ قيلَ: أَوْ فِسْقاً مُهَلاًّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ، جَعَلَ العَيْنَ المُحَرَّمَةَ نَفسَ الفِسْقِ مُبالَغةً، أوْ على حَذْفِ مُضافٍ ويُفَسِّرُهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ قولِه: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} الأنْعام: 121. أو هو مَنْصوبٌ عَطفاً على مَحَلِّ المُسْتَثْنى أَي: إلاَّ أَنْ يَكونَ مَيْتَةً أَوْ إلاَّ فِسْقاً. وقولُهُ: "فإنَّهُ رِجْسٌ" اعْتِراضٌ بَيْنَ المُتَعاطِفَيْنِ. ويمكنُ أَنْ يكونَ "فسقاً" مَفعولاً مِنْ أَجلِهِ، والعاملُ فيه قولُه: "أُهِلَّ" مُقدَّمٌ عليه، ويَكونُ قدْ فَصَلَ بَيْنَ حَرْفِ العَطفِ وهوَ "أو" وبَيْنَ المَعطوفِ، وهُوَ الجُمْلَةُ مِنْ قولِهِ "أُهِلَّ" بهذا المَفعولِ مِنْ أَجْلِهِ، ونَظيرُهُ في تَقديمِ المَفعولِ لَهُ على عاملِهِ قولُ الكُمَيْتِ بْنِ زيدٍ الأسدي:
طَرِبْتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ .... ولا لَعِباً مني وذو الشيب يَلْعَبُ
و"أُهِلَّ" على هذا الإِعرابِ عَطْفٌ على "يكون"، والضَميرُ في "به" عائدٌ على ما عادَ عَلَيْهِ الضَميرُ المُسْتَتِرُ في "يكون"، وقد تَعَقَّبَ الشيخُ أبو حيّان ذلك فقال: وهذا إعْرابٌ مُتكلَّفٌ جِدّاً وهذا الإِعْرابُ خارجٌ عَنِ الفَصاحَةِ وغَيْرُ جائزٍ على قراءةِ مَنْ قَرَأَ {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً} بالرَّفعِ، فيَبْقى الضَميرُ في "بِهِ" لَيْسَ لَهُ ما يَعودُ عَلَيْهِ، ولا يَجوزُ أَنْ يُتَكَلَّفَ محذوفٌ حتَّى يَعودُ الضَميرُ عَلَيْهِ، فيَكونُ التَقديرُ: أَوْ شيءٌ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ؛ لأنَّ مِثلَ هذا لا يَجوزُ إلاَّ في ضَرورةِ الشِعْرِ. يعني بذلك أَنَّه لا يُحذَفُ المَوصوفُ والصِفَةُ جُمْلَةً إلاَّ إذا كانَ في الكلامِ "مِنْ" التَبْعيضيَّةُ كقولِهم: "مِنّا ظَعَنَ ومنَا أَقام" أَيْ: مِنّا فريقٌ ظَعَنَ ومِنَّا فريقٌ أَقامَ، فإنْ لم يَكُنْ فيهِ "مِنْ" كان ضَرورةً كَقولِ الراجز:
مالَك عِنْدي غيرُ سَهْمٍ وحَجَرْ .............. وغَيْرُ كَبداءَ شديدةِ الوَتَرْ  
تَرمى بِكَفَيْ كانَ مِنْ أَرْمى البَشَرْ
الكبْداء: القوسُ التي يَملأُ مِقْبَضُها الكَفَّ، أيْ: بِكَفَّيْ رَجُلٍ، وهذا رأيُ بعضِهم، وأَمَّا غيرُه فيَقولُ: مَتى دَلَّ دَليلٌ على المَوصوفِ حُذِفَ مُطْلَقاً.
وقولُهُ: {فإنَّهُ} الظاهرُ عَوْدُ الهاءِ على "لحمَ" المُضافُ لـ "خنزيرٍ" وقال ابْنُ حَزْمٍ: إنَّها تَعودُ على "خِنْزيرٍ" لأنَّه أَقْرَبُ مَذْكورٍ. ورُجِّحَ الأَوَّلُ لأنَّ اللَّحمَ هو المُحدَّثُ عَنْه، والخنزيرُ جاءَ بعَرَضيَّةِ الإِضافةِ إليْهِ، أَلاَ تَرى أَنَّكَ إذا قلتَ: "رأيتُ غلامَ زَيْدٍ فأكرمْتُهُ" أَنَّ الهاءَ تَعودُ على الغُلامِ لأنَّهُ المُتَحَدَّثُ عَنْهُ المَقصودُ بالإِخبارِ عَنْه؟، لا على زيد؛ لأنه غير مقصود . ورُجِّح الثاني بأن التحريم المضاف للخنزير ليس مختصاً بلحمِهِ وحَسْب، بَلْ شَحمُه وشَعْرُهُ وعَظْمُهُ وظِلْفُه كَذلك، فإذا أعدنا الضميرَ على "خِنزيرٍ"  كان وافياً بهذا المَقصودِ، وإذا أَعَدْنا على "لحمَ" لم يَكُنْ في الآيةِ تَعَرُّضٌ لِتَحريمِ ما عَدا اللّحْمَ مِمّا ذُكِرَ. وقدْ أُجيبَ عنْه بأنَّه إنَّما ذُكِرَ اللَّحمُ دونَ غيرِهِ، وإنْ كانَ غيرُه مَقْصوداً بالتَحريمِ؛ لأنَّه أَهَمُّ ما فيهِ وأكثَرُ ما يُقصَدُ مِنْه اللّحمُ، كما ذلك في غيرِهِ مِنَ الحَيَوانات، وعلى هذا فلا مَفهومَ لِتَخصيصِ اللَّحْمِ بالذِّكْرِ، ولو سُلِّمَ فإنَّهُ يَكونُ مِنْ بابِ مَفهومِ اللَّقَبِ وهوَ ضَعيفٌ جِدّاً.
وقولُه: {فإنَّهُ رِجْسٌ} إمَّا على المُبالَغَةِ بأَنْ جُعِلَ نفسَ الرِّجْسِ، أوْ على حَذْفِ مُضافٍ، ولَهُ نَظائرُ.
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 145
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 11
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 27
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 44
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 60
» فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 75

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: