روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 98

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية:  98 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية:  98 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 98   فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية:  98 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2014 2:15 pm

وهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ. (98)
قَوْلُهُ تَعَالَى شأنُه: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} دَليلٌ على أَنَّهُ ـ سبحانَه ـ قادرٌ على الابْتِداءِ والإعادةِ لا مِنْ شيْءٍ: إذْ لم يَكنْ لِتِلكَ النَّفْسِ التي خَلَقَ الخَلائقَ مِنْها تَقدِمَةُ شيءْ. فكَما أشارَ اللهُ ـ سبحانَه ـ قبلَ ذلك إلى فَلْقِ الحَبَّةِ فتكونُ خَضِرَةُ، وفَلْقِ النَواةِ فتَكونُ نَخْلاً باسِقاً وشجَراً مثمراً، أَشارَ هنا إلى خَلْقِ الإنسانِ وتَنْشِئتِهِ حتّى يَصيرَ إنساناً مُكْتَمِلاً، حتّى عيسى، فإنَّ ابْتِداءَ تَكوينِهِ مِنْ مَرْيِمَ ـ عليهِما السَلامُ ـ التي هي مخلوقةٌ مِنْ ماءِ أبَويْها. والآيةُ تَذكيرٌ بِنِعْمَةٍ أُخرى مِنْ نِعَمِ اللهِ على خَلْقِه، لأنَّ رُجوعَ النّاسِ إلى أَصْلٍ واحِدٍ أَقْرَبُ إلى الأُلْفَةِ والتَوادِّ والتَراحُمِ والتَعاطُفِ، وفيها ـ أيضاً ـ دليلٌ على عظيمِ قدرتِهِ ـ عَزَّ وجَلَّ. فإنَّ معنى "أنشأكم" بَدَأَكُمْ وخَلقكم وتَعَهَّدَكم بالتَرْبيَةِ، "مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ" وهي نفسُ آدَمَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي أَنْشَأَ البَشَرَ، وَخَلَقَهُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، هِيَ نَفْسُ آدَمَ، إذْ خَلَقَهُ مِنْ طِين، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ هَذِهِ النَّفْسِ زَوْجَها (حَوَّاءَ)، وَبَثَّ البَشَرَ جَمِيعاً مِنْهُمَا بِالتَّزَاوُجِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ، وَهذه آيَةٌ عظيمةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ، فقد أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدِوَيْهِ عن أَبي أُمامَةَ مَرْفوعاً: (أَنَّ اللهَ نَصَبَ آدمَ بيْنَ يَدَيْهِ، ثمَّ ضَرَبَ كَتِفَهُ اليُسْرى، فخَرَجَتْ ذُرِّيَّتُه مِنْ صُلْبِهِ حتّى مَلأَ الأرضَ)، وهذا الحديثُ هو بِمَعنى ما في هذِهِ الآيَةِ.
قولُهُ: {فَمُسْتَقَرٌّ ومستودعٌ} فَمَقَرُّ النُّطْفَةِ صُلْبُ الرَّجُلِ، وَمُسْتَوْدَعُها رَحْمُ الأَنْثَى، فَتَخْرُجُ النُّطْفَةُ مِنْ مُسْتَقَرِّهَا فِي الأَصْلاَبِ وَتُسْتَوْدَعُ فِي الأَرْحَامِ فَيَتَخَلَّقُ البَشَرُ. وجَعَلَ الصُلْبَ مَقَرَّ النُطْفَةِ والرَّحِمَ مُسْتَوْدَعَها لأنَّها تَحصُلُ في الصُلْبِ لا مِنْ قِبَلِ شَخْصٍ آخَرَ، وفي الرَّحِمِ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، فأَشْبَهَتِ الوَديعةَ، كأنَّ الرَّجُلَ أَوْدَعَها ما كان عندَه، وجَعَلَ وَجْهَ الأرْضِ مُسْتَقَرّاً وبطنَها مُسْتَوْدَعاً لِتَوَطُّنِهم في الأوَّلِ، واتِّخاذِهِمُ المَنازِلَ والبُيوتَ فيه، وعَدمِ شيءٍ مِنْ ذلك في الثاني، وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ـ رضي اللهُ عنه: فَلَهَا مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تَمُوتُ فِيهَا، وقيلَ: التعبيرُ عن كونِهم في الأَصْلابِ، أوْ فوقَ الأرضِ بالاسْتِقْرارِ لأنَّهُما مَقَرُّهُمُ الطَبيعِيُّ، كما أنَّ التَعبيرَ عنْ كونِهم في الأرْحامِ أوْ في القَبْرِ بالاسْتيداعِ لِما أَنَّ كُلاًّ منهُما ليس بمِقَرِّهِمُ الطَبيعيِّ. وأَخْرَجَ جَماعةٌ مِنْهُمُ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ مِنْ طُرِقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنهُما ـ أنَّ المُستَقَرَّ الرَحِمُ، والمُسْتَوْدَعَ الأَصْلابُ. ويؤيِّدُ هذا قولُهُ تعالى: {وَنُقِرُّ فِي الأرحامِ مَا نَشَاءُ} الحج: 5. وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ يَقُولُونَ: الْمُسْتَقَرُّ مَا كَانَ فِي الرَّحِمِ، والمُسْتَوْدَعُ مَا كَانَ فِي الصُّلْبِ، وَقَالَهُ النَّخَعِيُّ. وممَّا يَدُلُّ عليه ما رُويَ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنهُما ـ أنَّ النُطفةَ الواحدَةَ لا تبقى في صُلبِ الأبِ زَماناً طَويلاً، والجَنينُ يَبْقى في الرَّحِمِ زَماناً طَويلاً، ولَعَلَّ حَمْلَ المُسْتَوْدَعِ على الصُلْبِ باعْتِبارِ أَنَّ اللهَ تعالى بَعدَ أنْ أَخْرَجَ مِنْ بَني آدمَ مِنْ ظُهورِهم ذُرِّيَّتَهم يَومَ المِيثاقِ وأَشْهَدَهم على أَنْفُسِهم، وكان ما كان، رَدَّهم إلى ما أَخْرَجَهم مِنْهُ، فكأنَّهم وديعةٌ هناك، تَخرُجُ حين يَشاءُ اللهُ تعالى ذلك، وقد أَطْلَقَ ابْنُ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنهما ـ اسْمَ الوَديعةِ على ما في الصُلْبِ صَريحاً، فيما أَخْرَجَه عبدُ الرَزَّاقِ عنْ سَعيدٍ بْنِ جُبَيْرٍ قال: (قالَ لي ابْنُ عبَّاسٍ أتَزَوَّجْتَ؟ قلتُ: لا، وما ذلك في نفسيَ اليومَ، قال: إنْ كان في صُلْبِكَ وَديعةٌ فسَتَخرُجُ). وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قال: مُسْتَقَرٌّ فِي الْأَرْضِ، وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الْأَصْلَابِ. وَعَنه أَيْضًا: وَمُسْتَوْدَعٌ عِنْدَ اللهِ. وَرُوِيَ عَنِه أَنَّ الْمُسْتَقِرَّ مَنْ خُلِقَ، وَالْمُسْتَوْدَعَ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: فَمُسْتَقرٌّ فِي الْقَبْرِ. وكان يقولُ: يا ابْنَ آدمَ أَنْتَ وديعةٌ في أَهْلِكَ ويُوشِكُ أنْ تَلْحَقَ بِصاحِبِكِ ويُنْشِدُ قولَ لَبيدٍ:
وما المالُ والأَهلونَ إلاَّ وَديعةٌ ................ ولا بُدَّ يَوماً أَنْ تُرَدَّ الوَدِائعُ
وقالَ سُليمانُ بْنُ زيدٍ العَدَوِيُّ في هذا المعنى:
فُجِعَ الأَحِبَّةُ بالأحِبَّةِ قَبْلَنا .................... فالنَّاسُ مَفجوعٌ بِهِ ومُفَجَّعُ
مُسْتَوْدَعٌ أوْ مُسْتَقَرٌ مَدْخَلاً ................... فالمُسْتَقرُّ يَزورُه المُسْتَوْدَعُ
وعنْ أبي مُسْلِمٍ الأَصفهانيِّ أَنَّ المُسْتَقَرَّ الذَكَرُ، لأنَّ النُطْفَةَ إنَّما تَتَوَلَّدُ في صُلْبِهِ، والمُسْتَوْدَع الأُنْثى، لأنَّ رَحِمَها شَبيهٌ بالمُسْتَوْدَعِ لِتِلْكَ النُطْفَةِ، فكأنَّه قيلَ: وهوَ الذي خَلَقَكم مِنْ نَفْسٍ واحدةٍ فمنكم ذَكَرٌ
ومِنْكُمْ أُنثى.
وَقد جاء فِي التَّنْزِيلِ قولُهُ ـ تباركت أسماؤه: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ} سورة البقرة: 36. وَالِاسْتِيدَاعُ إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِمْ فِي الْقَبْرِ إِلَى أَنْ يُبْعَثُوا لِلْحِسَابِ، واللهُ أعلم.
قولُهُ: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} قَالَ قَتَادَةُ: "فَصَّلْنَا" بيَّنا وقرَّرْنا. و"فَصَّلْنَا الْآياتِ" المُبَيِّنَاتِ لِتفاصيلِ خَلْقِ البَشَرِ، ومِنْ جُملَتِها هذِهِ الآيَةُ. "لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ" فذَكَرَ عندَ إنْشاءِ بَني آدمَ "يَفْقَهُونَ" وذَكَرَ عندَ جعلِ النُجومِ {يَعْلَمُونَ} الآيةِ السابِقَةِ. لأَنَّ الإنشاءَ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وتَصريفهم بيْنَ أَحْوالِهم المُخْتَلِفَةِ أَلْطَفُ وأَدَقُّ صَنْعَةً وتَدبيراً، فكان ذِكْرُ الفِقْهِ الذي هو اسْتِعْمالُ فِطْنَةٍ وتَدقيقُ نَظَرٍ مُطابقاً لَه، وهو مَبْنِيٌّ على أَنَّ الفِقْهَ أَبْلَغُ مِنَ العِلْمِ، وقيلَ: هُما بِمَعنًى واحِدٍ، إلاَّ أَنَّهُ لَمَّا أُريدَ فَصْلُ كلِّ آيةٍ بِفاصِلَةٍ تَنْبيهاً على اسْتِقْلالِ كُلٍّ مِنْهُما بالمَقصودِ مِنَ الحُجَّةِ، وكُرهَ الفَصْلُ بفاصلتين مُتساويَتَيْنِ لَفظاً للتَكْرارِ عَدَلَ إلى فاصلةٍ مُخالِفَةٍ تَحْسيناً للنَّظْمِ (وافْتِناناً) في البَلاغَةِ. وذَكَرَ ابْنُ المُنَيِّرِ وَجْهاً آخَرَ في تَخْصيصِ الأُولى بالعِلْمِ والثانيةِ بالفِقْهِ، وهو أَنَّهُ لَمَّا كانَ المَقصودُ التَعْريضُ بِمَنْ لا يَتَدَبَّرُ آياتِ اللهِ تَعالى، ولا يَعْتَبِرُ بمَخْلوقاتِهِ، وكانتِ الآياتُ المَذْكورةُ أَوَّلاً خارجةً عنْ أَنْفُسِ النُّظارِ، ومُنافِيَةً لَها، إذِ النُّجومُ والنَّظَرُ فيها، وعِلْمُ الحِكْمَةِ الإلهيَّةِ في تَدبيرِهِ لَها أَمْرٌ خارجٌ عن نَفْسِ النَّاظِرِ، ولا كذلِكَ النَّظَرُ في إنْشائهِمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وتَقليبِهم في أَطْوارٍ مُخْتَلِفَةٍ، وأَحوالٍ مُتغايِرَةٍ، فإنَّهُ نَظَرٌ لا يَعْدو نَفْسَ النَّاظِرِ ولا يَتَجاوزُها، فإنَّ جَهْلَ الإنسانِ بِنَفْسِهِ وأَحْوالِهِ، وعدمَ النَظَرِ والتَفَكُّرِ فيها، أَبْشَعُ مِنْ جَهْلِهِ بالأُمورِ الخارجَةِ عَنْه، كالنُجومِ والأَفْلاكِ ومَقاديرِ سَيْرِها وتَقَلُّبِها، فلَمَّا كانَ الفِقْهُ أَدْنى دَرَجاتِ العِلْمِ، إذْ هُوَ عِبارةٌ عَنِ الفَهْمِ، نُفِيَ بطريقِ التَعريضَ عَنْ أَبْشَعِ الفَرقيْنِ جَهْلاً، وهُمُ الذين لا يَتَبَصَّرونَ في أَنْفُسِهِم، ونَفْيُ الأدْنى أَوقَعُ مِنْ نَفْيِ الأَعْلى، فخُصَّ بِهِ أَسْوأُ الفريقيْنِ حالاً. و"يَفْقَهُونَ" هَهُنا مُضارِعُ فَقِهَ الشيءَ بِكَسْرِ القافِ، إذا فَهِمَهُ ولو أَدْنى فَهْمٍ، ولَيْسَ مِنْ فَقُهَ بالضَمِّ لأنَّ تِلكَ دَرَجَةٌ عاليةٌ ومَعناهُ صارَ فَقيهاً. فإذا قِيلَ: فلانٌ لا يَفْقَهُ شَيْئاً كانَ أَذَمَّ في العُرْفِ مِنْ قولِكَ: فُلانٌ لا يَعْلَمُ شَيْئاً، وكأَنَّكَ قُلْتَ: إنَّهُ لا يَفْقَهُ شَيْئاً، فلَيْسَتْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الفَهْمِ وإنْ فَهِمَ، وأَمَّا قولُكَ: لا يَعْلَمُ شَيْئاً فغايَتُهُ عَدَمُ حُصولِ العِلْمَ لَهُ، وقد يَكونُ لَهُ أَهْلَيَّةُ الفَهْمِ والعِلْمِ لَوْ تَعَلَّمَ. والتاركُ للتَفَكُّرِ في نَفْسِهِ أَجْهَلُ وأَسْوَأُ حالاً مِنَ التاركِ للتَفكُّرِ في غيرِهِ، وقال سبحانَه: {وَفِي الأرضِ آياتٌ لّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} الذاريات: 20 ، 21. فخَصَّ التَبَصُّرَ في النَفْسِ بَعْدَ انْدِراجِها فيما في الأرضِ مِنَ الآياتِ، وأَنْكَرَ على مَنْ لا يَتَبَصَّرُ في نَفْسِهِ إنكاراً مُسْتَأْنَفاً، واللهُ تعالى أَعْلَمُ بأسْرارِ كلامِهِ.
قولُه تَعالى: {فَمُسْتَقَرٌّ}: اسْمُ فاعِلٍ، وهو مُبْتَدأٌ مَحذوفُ الخَبَرِ، أيْ: فمِنْكم مُسْتَقَرٌّ، والفاءُ للتَفْريعِ، ويجوزُ أَنْ يَكونَ اسْمَ مَفْعولٍ.
وقَرَأَ ابْنُ كَثيرٍ وأَبو عَمْرٍو بِكَسْرِ القافِ، وقرأ الباقونَ بِفَتْحِها، وأَمَّا
"مُسْتَوْدَع" فالكُلُّ قَرَأَهُ مَفْتوحَ الدّالِ، وقدْ رَوى الأَعْوَرُ عنْ أَبي عَمْرٍو بِنِ العلاءِ كَسْرَها.
وجَوَّزَ أَبو البقاءِ في "مُسْتَقِرٌّ" بِكَسْرِ القافِ أَنْ يَكونَ مَكاناً، قالَ: "فَيَكونُ مَكاناً يَسْتَقِرُّ لَكُم"، أيْ: ولَكم مَكانٌ يَسْتَقِرُّ. وهذا لَيْسَ بِظاهِرٍ البَتَةَ، إذِ المَكانُ لا يُوصَفُ بكونِهِ مُسْتَقِرّاً بِكَسْرِ القافِ، بَلْ بِكونِهِ مُسْتَقَرَّاً فيهِ. وأمَّا "مستودَعٌ" بفتحِها فيَجوزُ أَنْ يكون مَكاناً، ويجوزُ أَنْ يَكونَ مَصْدَراً، فيُقَدَّرَ الأَوَّلُ: فمِنْكم مُسْتَقِرٌّ في الأَصْلابِ ومُسْتَوْدَعٌ في الأرْحامِ، أوْ مُسْتَقِرٌّ في الأَرْضِ ظاهِراً ومُسْتَودَعٌ فيها باطِناً، ويُقَدَّرُ للثاني: فمِنْكمْ مُسْتَقِرٌّ، ولكم مكانٌ تُستَوْدَعونَ فِيهِ، ويُقَدَّرُ للثالِثِ: فَمِنْكم مُسْتَقِرٌّ ولكم اسْتِيداعٌ.
وأَمّا مَنْ فَتَحَ القافَ فيَجوزُ فيهِ وجهان فَقَطْ: أَنْ يَكونَ مَكاناً، وأَنْ يكونَ مَصْدَراً، أيْ: فَلَكم مَكانٌ تَسْتَقِرُّون فيه، وهُو الصُّلْبُ أوِ الرَّحِمُ أوِ الأرْضُ، أَوْ لكمُ اسْتِقْرارٌ فيما تَقَدَّمَ، ولا يَكونُ اسْمَ مَفعولٍ لأنَّ فِعلَهُ قاصِرٌ لا يُبْنى مِنْه اسْمُ مَفْعولٍ، بِخِلافِ "مُسْتودَع" حيثُ جازَ فيهِ الأوْجُهُ الثلاثةُ.
وتوجيهُ قراءةِ أَبي عَمْرٍو في روايةِ الأَعْوَرِ عَنْهُ في "مستودِع" بالكَسْرِ على أَنْ يُجَعَلَ الإِنسانُ كأنَّه مُسْتَوْدَعُ رِزْقِهِ وَأَجَلِه، حتّى إذا نَفِدا كأنَّه رَدَّهُما، وهو مَجازٌ حَسَنٌ، ويُقوِّيه قولُ الشاعرِ:
وما المالُ والأَهلون إلاَّ وديعةٌ ................ ولا بُدَّ يوماً أنْ تُرَدَّ الودائعُ
وقد تقدَّم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 98
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 1
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 34
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 50
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 66

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: