روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73   فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73 I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 16, 2013 7:42 am

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ. (73)
قولُهُ تعالى جَدُّهُ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} أي وَاللهُ هُوَ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحِكْمَةِ وَالحَقِّ وَالعَدْلِ، وَلَمْ يَخْلُقْها عَبَثاً وَبَاطِلاً، وهما أمرانِ عَظيمان. ولَعَلَّهُ سبحانَه أَراد بخلْقِهِما خَلْقَ ما فيهما أيْضاً من المخلوقاتِ العُلْوِيَّةِ والسُفْلِيَّةِ. ولم يُصَرَّحْ بذلك لِظهورِ اشْتِمالِهِما على الجميعِ.
قولُهُ: {وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الحقُّ} أي وحين يقولُ سبحانه للشيءِ "كُنْ فَيَكُونُ" كَلَمْحِ البَصَرِ وكُلُّ شَيءٍ عَنْ أَمْرِهِ. و"قولُهُ الحقُّ" أي قضاؤهُ الصوابُ الجاري وِفْقَ الحِكْمَةِ، فقضاؤهُ سبحانَه المعروفُ بالحَقِّيَّةِ كائنٌ حينَ يقولُ لشيءٍ مِنَ الأشياءِ "كُنْ فيكون" ذلكَ الشَيْءُ، إنْ خلقاً وإيجاداً من العدمِ، أو قضاءً وحُكْماً فقضاؤه وحكمه نافذٌ بأسرعَ من لمح البصرِ، وكما أنهُ لم يخلق السماء والأرضَ ومن فيهما إلاَّ بالحَقِّ لحكمة أرادها وأمرٍ ارتضاه، ولم يكن ذلك منه لهواً ولا عبثاً، فكذلك قضاؤه وحكمه لا يكون إلاَّ بالحقِّ والعدل، وليس عن هوًى، تعالى اللهُ عن ذلك علُوّاً كبيراً. وقد جاءت هذه الآيةُ الكريمة في سياقٍ مُتَّسِقٍ مع الآيات التي قبلها، فبعد أن بين الله سبحانه وتعالى ضلال الذين يتخذون من دونه آلهة لا تضر ولا تنفعُ وحذَّر من عاقبة أولئك وسوءِ مصيرِهم جَزاءَ كُفْرِهِمْ برَبِّهم ومَولاهم، وما اقترفت أَيديهم مِنْ سيِّء الأَعْمالٍ، بين سبحانَه، أنَّ خلقَهُ السماوات والأرضَ ومن فيهما لم يكن لهواً منه ولا عبثاً وكذلك لا يسمحُ فيهما لأحد من هذه المخلوقات أنْ يتخذَ من وجوده في هذه الدنيا فرصة للهو والعبثِ، وأوضحّ تعالى أنَّه سيحاسبُ ويجازي كلاً بعملهِ وبلمح البصرِ كما كان الخلق بلمح البصر كذلك، فكما كان الخلق بقول كن، كذلك سيكون الحسابُ والعقابُ، وأمرهُ جلَّ في علاه نافذٌ فور صدورِهِ لا يرد ولا يراجعُ ولا يُفْتَدى مِنْهُ، ولا شفاعةَ فيه، إلا لمن أذنَ له الرحمنُ سبحانه وتعالى. فَهُوَ لن يَتْرُكَ النَّاسَ سُدًى، بَلْ يَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، فَهُوَ خَالِقُهَا وَمَالِكُهَا، وَالمُدَبِّرُ لَهَا. وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: كُنْ فَيَكُونُ كُلَّ شَيءٍ عَنْ أَمْرِهِ كَلَمْحِ البَصَرِ، كما كانَ الخلقُ من قبلُ كذلك بلمح البصرِ. فأمرُهُ سبحانَهُ المُتَعَلِّقُ بكلِّ شيءٍ يُريدُ خلقَهُ مِنَ الأَشْياءِ أو فعلٍ من الأفعال يَنْفُذُ حينَ تَعَلُّقَهِ بِه لا قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ.
وَقَوْلُهُ:{وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} أي وَلَهُ المُلْكَ يَوْمَ الحَشْرِ،
يَوْمَ يَنْفُخُ فِي الصُّورِ، فقدِ اسْتَقَرَّ المُلكُ لَهُ سبحانَه في ذلكَ اليومِ صورةً ومعنًى بانْقِطاعِ العَلائِقِ المَجازيَّةِ المُصَحِّحَةُ للمالِكِيَّةِ التي كانت في الدُنيا فلا يَدَّعيها في الآخرة أحدٌ غيره سبحانه بوجهٍ من الوجوه. وَالصُّورُ بحسب الأحاديث الشريفةِ الواردة في ذلك قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ فَيُحْدِثُ صَوْتاً، فَيَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ، وَيَحْشُرُ الخَلْقَ جَمِيعاً إلَى اللهِ. وقدْ فُصِّلَتْ أحوالُهُ في "كتب السنة". وصاحبُهُ إسْرافيلُ، عليْه السلامُ، على المشهور. وأَخْرَجَ البزَّارُ والحاكِمُ عن أبي سعيدٍ الخِدْرِيِّ مَرْفوعاً أنَّ مَلَكَيْنِ مُوَكَّلَيْنِ بالصُورِ يَنْتَظِرانِ مَتى يُؤمَرانِ فَيَنْفُخان.
قولُهُ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} وَاللهُ تَعَالَى هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، و"الغَيْبِ" كلُّ مَا غَابَ عَنِ النَّاسِ مِمَّا لاَ يَرَوْنَهُ، و"الشَّهَادَةِ" كلُّ مَا شَاهَدَ النَّاسَ خَلْقَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي اللهُ عنهما: المَقْصُودُ بِالغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُنَا السِّرُّ وَالعَلَنُ. وَهُوَ "الحَكِيمُ" الذِي يَضَعَ الأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَهُوَ "الخَبِيرُ" بِدَقَائِقِهَا وَخَفَايَاهَا الخفيَّةِ والجليَّةِ. والجُمْلَةُ تَذييلٌ لما تَقَدَّمَ، وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ كُن} مفعولٌ بِه لا ظَرْفٌ وهو مَعطوفٌ على الهاءِ في "اتقوه" أي: واتقوا يومَ أي عقابَ يومِ يقول أو هَوْلَه أو فَزَعَه، فهو كقولِه تعالى: {واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي} البقرة: 48. على المشهورِ في إعرابِهِ. أو أنَّه مفعولٌ بِه أيضاً ولكنّه نَسَقٌ على "السماوات والأرض" أي: وهو الذي خلقَ يومَ يَقولُ. أو أنَّه مفعولٌ ل"اذكُرْ" المقدَّرِ. أو أنَّه مَنصوبٌ بعامِلٍ مُقدَّرٍ، وذلك العاملُ المُقَدَّرُ مَفعولُ فعلٍ مُقدَّرٍ أيْضاً، والتقديرُ: واذْكُروا الإِعادَةَ يومَ يَقولُ: كُنْ، أي: يومَ يقولُ اللهُ للأجسادِ كوني مُعادةً. أو أَنَّه عَطفٌ على مَوْضِعِ قولِهِ "بالحق" فإنَّ مَوْضِعَهُ نَصْبٌ، ويكونُ "يقول" بمعنى "قال" ماضياً كأنَّه قيلَ: وهو الذي خلق السماواتِ والأرضَ بالحقِّ ويومَ قالَ لها: كُنْ. أو أنْ يكونَ "يوم يقول" خبراً مُقدَّماً، والمبتدأُ "قوله" و"الحقّ" صفتُه، أي: قولُه الحقُّ في يومِ يَقولُ كُنْ فيكون، وإليه نحا الزمخشريُّ فإنَّه قالَ: "قولُه الحقُّ" مبتدأٌ و"يومَ يقول" خبرُه مُقدَّماً عليه، وانتصابُه بمعنى الاستقرارِ كقولِكَ "يومَ الجُمُعَةِ القِتالُ" واليومُ بمعنى الحينِ، والمعنى: أنَّه خَلقَ السماواتِ والأرضَ قائماً بالحُكْمِ، وحينَ يَقولُ لشيءٍ مِنَ الأشياءِ كُنْ فيكون، ذلكَ الشيءُ قولُهُ الحقُّ والحِكْمَةُ. أو أنَّه منصوبٌ على الظَرْفِ، والناصِبُ لَه معنى الجُملةِ التي هي "قوله الحق" أي: حقٌّ قولُه في يومِ يَقولُ كُنْ. أو أنَّه منصوبٌ بمحذوفٍ دَلَّ عليْهِ "بالحقّ"
قال الزمخشري: وانتصابُ اليومِ بمحذوفٍ دَلَّ عليه قولُهُ "بالحق" كأنَّه قيل: وحين يكونُ ويقدّرُ يَقومُ بالحقِّ. قال الشيخ أبو حيّان: وهذا إعْرابٌ مُتَكَلَّفٌ.
قوله: {فَيَكُونُ} هي هنا تامَّةٌ، وكذلك قولُهُ: {كن} فتَكْتَفي بمرفوعٍ ولا تحتاجُ إلى مَنْصوبٍ، وفاعلُها إمّا ضميرُ جميعِ ما يخلُقُهُ اللهُ تعالى يومَ القيامةَ، كذا قَيَّدَهُ أبو البقاءِ بيومِ القيامةِ. وقال مكي: وقيل: تقديرُ المُضْمَرِ في "فيكون" جميع ما أرادَ. فأَطْلَقَ ولم يُقيِّدْهُ، وهذا أَوْلى، وكأنَّ أبا البَقاءِ أَخَذَ ذلكَ مِنْ قرينةِ الحالِ. وإمّا أنََه ضميرُ الصُوَرِ المَنْفوخِ فيها، ودَلَّ عليْه قولُه: "يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور" وإمّا هو ضَميرُ اليومِ، أي: فيَكونُ ذلك اليومِ العظيم. وإمّا أنَّ الفاعلَ هوَ "قولُهُ" و"الحق" صفتُه أي: فيوجَدُ قولُه الحقّ، ويكونُ الكلامُ على هذا تامّاً على "الحقّ".
قولُه: {قَوْلُهُ الحق} هو مبتدأ و"الحقَّ" نعتُه، وخبرُه قولُه "يوم يقول" أو أنَّه فاعلٌ لِقولِهِ "فيكون" و"الحقّ" نعتُه أيضاً، وقد تقدَّم هذان الوجهان. أو أنَّ "قولُه" مُبتدأ، و"الحقٌّ" خبره، أَخْبَرَ عن قوله بأنه لا يكون إلاَّ حقاً. أو أنَّه مبتدأٌ أيضاً و"الحقّ" نعتُه، و"يوم يُنْفخ" خبرُه، وعلى هذا ففي قولِه: "وله الملك" ثلاثةُ أُوْجُهٍ أَحَدُها: أنْ تَكونَ جملةً مِنْ مُبتَدَأٍ وخَبرٍ مُعتَرِضَةً بين المبتَدَأِ وخبرِهِ فلا محلَّ لها حينئذٍ مِنَ الإِعراب. أو أن يكون "الملك" عطفاً على "قوله" وأل فيه عِوَضٌ عن الضميرِ، "وله" في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ من "الملك" العامل فيه الاستقرارُ. والتقديرُ: قولُه الحقُّ ومُلْكُهُ كائناً لَهُ يومَ يُنفخ، فأخبرتْ عن القولِ الحقِّ والملكِ الذي للهِ بأنَّهما كائنان في يومِ يُنفَخُ في الصور. الثالث: أنَّ الجُملةَ مِن "وله الملك" في محلِّ نصبٍ على الحالِ، وهذا الوجهُ ضعيفٌ لسببين، أحدُهما: أنها تَكونُ حالاً مُؤكَّدَةً، والأصلُ: أنْ تكونَ مؤسسةً. الثاني: أنَّ العاملَ فيها معنويٌّ؛ لأنَّه الاسْتِقرارُ المقدَّرُ في الظَرفِ الواقِعِ خَبراً، ولا يجيزُهُ إلاَّ الأخفشُ ومَنْ تابَعَهُ. وقد تقرَّرَ مَذْهبُهُ غيرَ مَرَّةٍ بدلائلِهِ.
قوله: {يَوْمَ يُنفَخُ} فيه أوجُهٌ، أوّلُها: أنَّه خبرٌ لقولَه "قولُه الحق" وقد تقدَّم هذا بتَحقيقِهِ، وثانيها: أنَه بدلٌ مِنْ "يومَ يقول" فيكونُ حُكْمُه حُكْمَ ذاك. ثالثُها: أنَّهُ ظَرْفٌ ل "تُحْشَرون" أي: وهو الذي إليه تُحشرون في يومِ يُنفَخُ في الصُورِ. ورابعُها: أنَّه مَنْصوبٌ بنفسِ الملكِ أي: ولَهُ المُلْكُ في ذلكَ اليومِ فإنْ قلتَ: يَلْزَمُ مِنْ ذلكَ تَقيُّدُ الملك بيومِ النَفْخِ والمُلكُ لَهُ كلَّ وقتٍ. فالجوابُ ما أُجيبَ بِه في قولِهِ: {لِمَنِ الملكُ اليومَ؟ للهِ} غافر: 16.
وفي قولِهِ: {والأمر يَوْمَئِذٍ للهِ} الانْفِطار: 19. وهو أنَّ فائدةَ الإِخبارِ بذلكَ أنَّه أَثْبَتَ المُلْكَ والأمرَ في يومٍ لا يمكنُ لأحدٍ أنْ يَدِّعي فيه شيئاً مِنْ ذلك فكذلك هذا. والخامسُ: أنَّهُ حالٌ مِنَ المُلكِ، والعاملُ فيه "له" تَضَمَّنَهُ مِنْ معنى الفِعْلِ. أما السادسُ: فهو نصبُه بقولِهِ "يقول" وأمّا السابعُ: فنصبُه بعالِمِ الغَيْبِ بعدَهُ. وأخيراً أنَّه مَنصوبٌ بقولِهِ: "قَوْلُهُ الحَقُّ". فقد تحصَّل في كلٍّ مِنَ اليومين ثمانيةُ أَوْجُهٍ، وللهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ الذي علم بالقلمِ علّمَ الإنسانَ ما لم يعلم.
وقد قرأ الجمهورُ: "يُنْفَخُ" مَبْنِيَّاً للمَفعولِ بياءِ الغَيْبَةِ، والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ بعدَه. وقَرأ أبو عَمْرٍو في رواية عَبْدِ الوارثِ: "نَنْفُخُ" بنونِ العَظَمَةِ مَبْنِيَّاً للفاعِلِ.
وقرأَ الجمهورُ "الصُّور" ساكنَ العينِ، وقرأهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ بِفَتْحِها، فأمَّا قراءةُ الجُمهورِ فاختَلَفوا في معنى الصُّورِ فيها، فقالَ جماعةٌ: الصُّورُ جمعُ صُورةٍ كالصُّوفِ جمع صُوفَةٍ، والثُّومِ جمع ثومةٍ، وهذا ليس جمعاً صناعياً وإنما هو اسْمُ جِنْسٍ، إذْ يُفَرَّقُ بينَه وبين واحدِهِ بتاءِ التأنيثِ، وأيَّدوا هذا القولَ بقراءةِ الحَسَنِ المُتَقَدِّمَةِ. وقال جماعةٌ: إنَّ الصُّورَ هو القَرْنُ، قالَ بعضُهم: هي لُغةُ اليَمَنِ وأَنشد:
نحن نَطَحْناهُمْ غَداة الجَمْعَيْنْ ................. بالشامخاتِ في غبارِ النَّقْعَيْنْ
نَطْحاً شديداً لا كَنَطْحِ الصُّوْرَيْنْ
وأيَّدوا ذلك أيضاً بما وَرَدَ من الأحاديثِ الصحيحةِ، قال عليه الصلاةُ والسلام: ((كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قدْ الْتَقَمَهُ)). وقيلَ: في صِفَتِهِ إنَّهُ قَرْنٌ مُسْتَطيلٌ فيه أَبخاشٌ، وأَنَّ أَرواحَ الناسِ كلِّهم فيه، فإذا نَفَخَ فيه إسرافيلُ خرجَتْ روحُ كلِّ جَسَدٍ مِنْ بُخْشٍ مِنْ تِلكَ الأبْخاشِ. وأَنْحى أبو الهيثَمِ على مَنِ ادَّعى أنَّ الصُّورَ جمعُ صُورةٍ فقال: وقدِ اعْتَرَضَ قوْمٌ فأَنْكَروا أَنْ يَكونَ الصُّورُ قَرْناً كَما أَنْكَروا العَرْشَ والميزانَ والصِّراطَ، وادَّعَوا أَنَّ الصُورَ جمعُ الصورةِ كالصُوفِ جمعُ الصوفةِ، ورَوَوْا ذلك عن أبي عُبيْدٍ، وهذا خطأٌ فاحِشٌ وتحريفٌ لِكلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عنْ مَواضِعِهِ لأنَّ اللهَ قالَ: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} غافر: 64. {وَنُفِخَ فِي الصور} الكهف: 99. فَمَنْ قَرَأَها: "ونُفِخ في الصُّوَرِ" أيْ بالفَتْحِ، وقرَأَ "فَأَحْسَنَ صُوْرَكم" أيْ بالسُكونِ فقدْ افتَرى الكَذِبَ على الله، وكانَ أبو عُبيْدٍ صاحبَ أخْبارٍ وغَريبٍ ولم يَكُنْ لَه مَعرِفَةٌ بالنَّحْوِ. قال الأزْهَرِيُّ: قدِ احْتَجَّ أبو الهيثمِ فأحْسَنَ الاحْتِجاجَ، ولا يجوزُ عِنْدي غيرُ ما ذَهَبَ إليْهِ، وهو قولُ أهلِ السُنَّةِ والجَماعةِ، ولا يَنبغي أنْ يُنْسَبَ ذلك إلى هذِه الغايةِ التي ذكرَها أَبو الهيثم. وقال الفرَّاءُ: يُقالُ: نَفَخ في الصُّورِ ونَفَخَ الصُّورَ. وأَنْشد للشاعر مولى بني هاشم:
لولا ابنُ جَعْدَةَ لم يُفْتَح قُهَنْدُزُكُمْ ......... ولا خُراسانُ حتّى يُنْفَخَ الصُّورُ
قولُه: {عَالِمُ الغيب} في رفعِهِ أوجُهُ، أوَّلُها: أنْ يَكونَ صِفةً ل "الذي" في قولِه: {وَهُوَ الذي خَلَقَ} وفيه بُعْدٌ لِطولِ الفَصْلِ بأجْنَبيٍّ. ثانيها: أنَّهُ خبرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ، أي: هو عالمُ. ثالثُها: أنَّه فاعلٌ لقولِهِ: "يقول" أي: يومَ يقولُ عالمُ الغيبِ. والرابعُ: أنَّه فاعلٌ بفعلٍ محذوفٍ يَدُلُّ عليْهِ الفِعلُ المَبْنيُّ للمَفعولِ؛ كأنَّه لمَّا قالَ: "يُنفخُ في الصُورِ" سألَ سائِلٌ فقالَ: مَنِ الذي يَنْفُخُ؟ فقيل: "عالِمُ الغيبِ" أيْ: يَنْفُخُ فيه عالِمُ الغيب، أيْ: يَأمُرُ بالنَّفْخِ فيهِ، كقولِهِ: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ والآصالِ رِجَالٌ} النور: 36 , 37. أيْ يُسَبِّحُه، ومثلُه أَيْضاً قولُ الشاعرِ ضرار بنِ نهشلٍ:
ليُبْكَ يزيدُ ضارعٌ لخصومةٍ .................... ومختبطٌ ممَّا تُطيح الطوائح
أي: مَنْ يَبْكيه؟ فقيلَ: ضارعٌ، أيْ: يَبْكيهِ ضارعٌ ومِثلُه: {وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قَتْلُ أولادِهم شركاؤُهم} الأنعام: 137. في قراءة مَنْ بَنى "زُيِّن" للمفعولِ ورفعَ "قَتْلُ" و"شركاؤهم" كأنَّه قيلَ: مَنْ زيَّنَهُ لهم؟ فقيلَ: زيَّنَهُ شُرَكاؤهم. والرَّفعُ على ما تقدَّم قراءةُ الجُمهورِ، وقرَأَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ والأَعْمَشُ: "عالِمِ" بالجَرِّ وفيها ثلاثةُ أَوْجُهٍ، أَحْسَنُها: أنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الهاءِ في "له" الثاني: أَنَّه بَدَلٌ مِنْ "رَبِّ العالمين" وفيه بُعْدٌ لِطولِ الفَصْلِ بين البَدَلِ والمُبْدَلِ مِنْه. الثالثُ: أنَّهُ نعتٌ للهاءِ في "له" وهذا إنما يَتَمَشَّى على رأيِ الكِسائيِّ حيثُ يُجيزُ نَعْتَ المُضْمَرِ بالغائبِ وهو ضَعيفٌ عندَ البَصْريِّين والكُوفِيِّينَ غيرَ الكِسائيِّ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: