روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 61

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 61 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 61 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 61   فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 61 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 07, 2013 9:42 am

وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ.
(61)
قَوْلُهُ تَعَالَى شأنُهُ: {وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ} بَيانٌ لِعَظَمَةِ قُدْرَتِهِ تعالى، وكمالِ سُلطانِه على كلِّ شيءٍ، فهو سبحانَه وتَعالى قد ذلَّ لَهُ كلُّ شيءٍ وقُهِرَ، ولا يخرُجُ عنْ سُلطانِه أَحَدٌ. فلا يُعْجِزُهُ أَحَدٌ مِنْهم ولا يحولُ بينَه سبحانَه وبين ما يُريدُه فيهم أَحَدٌ أَبَداً. و"فوقَ" يَعْنِي فَوْقِيَّةَ الْمَكَانَةِ وَالرُّتْبَةِ لا فَوْقِيَّةَ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ السُّورَةِ.
وقولُه: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} أَيْ مِنَ الْمَلائِكَةِ. وَالإِرْسَالُ حَقِيقَتُهُ إِطْلاقُ الشَّيْءِ بِمَا حُمِّلَ مِنَ الرِّسَالَةِ، فَإِرْسَالُ الْمَلائِكَةِ بِمَا حَمَلُوا مِنَ الْحِفْظِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ، كَمَا قَالَ تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ * كراماً كاتبين * يَعلَمون ما تَفْعلون} الانفطار: 10 ، 11، 12. أَيْ مَلائِكَةً تَحْفَظُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ وَتَحْفَظُهُمْ مِنَ الآفَاتِ. وَالْحَفَظَةُ جَمْعُ حَافِظٍ، مِثْلُ كَتَبَةٍ وكَاتِبٍ. وعن قَتادةَ يحفظونَ العملَ والرِزْقَ والأَجَلَ. وأَكْثَرُ المُفَسِّرين على المعنى الأَوَّلُ، والحَفَظةُ يَكتُبونَ الطاعاتِ والمعاصي والمباحات بأسرِها كما يُشْعِرُ بذلك قولُهُ تعالى مخْبراً عن المجرمين في المحشرِ حالَ حسابِهم، حيثُ يجدون كلَّ ما قالوه أو فَعَلوهُ مُسَجَّلاً عليهم: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} الكهف: 49. قيلَ الصَغيرةُ هي التَبَسُّمُ والكبيرةُ هي الضَحِكُ، وقال آخرون: لا يَكتبونَ المُباحاتِ إذْ لا يَتَرَتَّبُ عليها شيءٌ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمَا مَلَكَانِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَانِ بِالنَّهَارِ، يَكْتُبُ أحدُهما الحَسَناتِ والآخرُ يكتُبُ السَيِّئاتِ، وإذا مَشَى الإِنْسَانُ يَكُونُ أَحَدُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالآخَرُ وَرَاءَهُ، وَإِذَا جَلَسَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ق: 17، 18. وَيُقَالُ: لِكُلِّ إِنْسَانٍ خَمْسَةٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ: اثْنَانِ بِاللَّيْلِ، وَاثْنَانِ بِالنَّهَارِ، وَالْخَامِسُ لا يُفَارِقُهُ لَيْلاً وَلا نَهَارًا. وَاللهُ أَعْلَمُ. وعنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ تَعالى عنهُما، أنَّ مَعَ كُلِّ إنْسانٍ مَلَكيْنِ، أَحَدُهُما عنْ يَمينِهِ، والآخَرُ عنْ يَسارِهِ، فإذا تَكَلَّمَ الإنْسانُ بحَسَنَةٍ، كَتَبَها مَنْ على اليَمينِ، وإذا تَكَلَّمَ بِسَيِّئَةٍ، قالَ مَنْ عَلى اليَمينِ لمنْ عَلى اليَسارِ: لِتَنْتَظِرْهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ مِنْها، فإنْ لم يَتُبْ كَتَبَ عليْهِ، والمَشْهورُ أَنَّهُما على الكَتِفَيْنِ، وقيل: على الذَقْنِ، وقيلَ: في الفَمِ يَمينِهِ ويَسارِهِ. واللازِمُ الإيمانُ بهِما دونَ تَعيينِ محَلِّهِما، والبَحْثِ عن كَيْفِيَّةِ كِتابَتِهِما، وظَواهِرُ الآياتِ تَدُلُّ على أنَّ اطِّلاعَ هؤلاءِ الحَفَظَةِ على الأقوالِ والأَفْعالِ، لقولِهِ تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلاَّ لديْهِ رقيبٌ عتيدٌ} ق: 18، ولقولِه سبحانَه: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} الانفطار: 12. وأمَّا على صِفاتِ القلوبِ كالإيمانِ والكُفْرِ مَثَلاً فليسَ في الظَواهِرِ ما يَدُلُّ على اطْلاعِهم عليْها، ويدلُّ بعضُ الأخبارِ على اطِّلاعِهم عليها كَالحديث الذي أخرجه مسلمٌ في صحيحِه عن أبي هُرَيرةَ، رضي اللهُ عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّمَ قال: ((قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: إذا هَمَّ عَبْدي بحَسَنَةٍ ولمْ يَعْمَلْها كَتَبْتُها لَه حَسَنَةً، فإنْ عَمِلَها كَتَبْتُها لُه عَشْرَ حَسَناتٍ إلى سَبْعِمِئةِ ضِعْفٍ، وإذا هَمَّ بِسَيِّئةٍ ولمْ يَعْمَلْها لمْ أَكْتُبْها عليْه فإنْ عَمِلَها كَتَبْتُها سَيِّئَةً واحدةً)). فإنَّ الهَمَّ مِنْ أَعْمالِ القَلْبِ كالإيمانِ والكُفْرِ، لكنْ يمكنُ أنْ تَكونَ كِتابتُها بأَمْرٍ مِنَ اللهِ تَعالى. لأنَّ بعضَ الأخبارِ أيْضاً يَدُلُّ على عَدَمِ الاطِّلاعِ كحديث أنسٍ رضي اللهُ عنه: ((إذا كان يومُ القيامةِ يُجاءُ بالأعمالِ في صُحُفٍ محكمةٍ فيقولُ اللهُ اقْبَلوا هذا ورُدُّوا هذا. فتَقولُ الملائكةُ وعِزَّتِكَ ما كَتَبْنا إلاَّ ما عَمِلَ. فيَقولُ إنَّ عَمَلَهُ كان لغيرِ وجهي وإني لا أَقبلُ اليومَ إلاَّ ما كان لِوَجْهي)). أخرجه ابْنُ عَساكِرَ برقم: (55/184). وأَخْرَجَه: الطبراني في الأوْسَطِ برقم: 6133 (6/183) وقال ابنُ حجر الهيثمي: (10/350): رواهُ الطَبراني في الأوْسَطِ بإسْناديْنِ، ورِجالُ أَحَدِهِما رجالُ الصحيح. وفي روايةٍ أخرى مُرْسَلَةٍ لابْنِ المُبارَكِ: ((إنَّ الملائكةَ يَرْفعونَ أَعْمالَ العَبْدِ مِنْ عِبادِ اللهِ تعالى فيَسْتَكْثِرونَه ويُزَكُّونَهُ حتَّى يَبْلُغوا بِه حيثُ شاءَ اللهُ تعالى مِنْ سُلْطانِه، فيُوحي اللهُ تعالى إليْهِم إنَّكم حَفَظَةُ عَمَلِ عَبْدِي وأَنا رَقيبٌ على ما في نَفِسِهِ، إنَّ عَبْدي هذا لم يُخْلِصْ في عَمَلِهِ، فاجْعَلوهُ في سِجِّين)). الحديث. فالقائلُ بأنَّهم لا يَكْتُبونَ إلاَّ الأعمالَ الظاهرةَ يقولُ: معنى كُتِبَتْ في حديثِ الهَمِّ بالحَسَنَةِ أي ثَبَتَتْ عنْدنا وتحقَّقتْ لا كُُتِبَتْ في صُحُفِ الملائكةِ، كما قدْ يَكونُ المعنى على ما أَسْلَفْنا مِنْ أنَّ الكَتْبَ يَكونُ بأمْرٍ مِنَ اللهِ، والقائلُ بأنَّهم يَكتُبونَ الأعمالَ القَلْبِيَّةَ يَقولُ باسْتِثْناءِ الرِّياءِ، فيَكْتُبونَ العملَ دونَه، ويُخْفيهِ اللهُ تعالى عنْهم لِيُبْطِلَ سُبْحانَهُ بِهِ عَمَلَ المُرائي بَعدَ كِتابَتِهِ إمَّا في الآخِرةِ أوْ في الدُنيا زِيادَةً في تَنْكيلِهِ وتَفظِيعِ حالِهِ، ولَعَلَّّ هذا كما يُفْعَلُ بِهِ يومَ القيامَةِ مِنْ رَدِّهِ إلى النَّارِ بَعْدَ تَقريبِهِ مِنَ الجَنَّةِ. فقد رَوى أبو نُعَيْمٍ والبَيْهَقِيُّ وابْنُ عَسَاكِر وابْنُ النَجَّارِ أَنَّهُ: (يُؤمَرُ بِناسٍ يومَ القيامةِ إلى الجَنَّةِ حتى إذا دَنَوْا مِنْها واسْتَنْشقوا ريحَها ونَظروا إلى قُصورِها وإلى ما أَعَدَّ اللهُ تعالى لأهلِها نُودُوا أنْ اصْرِفوهُمْ عنْها لا نَصيبَ لهم فيها فيَرْجِعونَ بحَسْرَةٍ ما رَجَعَ الأَوَّلون والآخِرونَ بمِثْلِها، فيَقولون: رَبَّنا لو أَدْخَلْتَنا النَارَ قَبْلَ أَنْ تُرِيَنا ما أَرَيْتَنا مِنْ ثَوابِكَ ومَا أَعْدَدْتَ فيها لأَوْلِيائكَ كانَ أَهْوَنَ عَليْنا، قال: ذلكَ أَرَدْتُ بِكُمْ يا أَشْقياءَ كُنْتُمْ إذا خَلَوْتُم بارَزْتُموني بالعَظائمِ وإذا لَقِيتُمُ النَّاسَ لَقِيتُموهم مُخْبِتِين تُراءونَ النَّاسَ بِأَعْمالِكُم خِلافَ ما تُعْطوني مِنْ قُلوبِكم، هِبْتُمُ النَّاسَ ولم تهابوني، وأَجْلَلْتُمُ النَّاسَ ولم تُجِلُّوني، وتَرَكْتُمْ للنَّاسِ ولم تَتْرُكُوا لي، فاليومَ أُذِيقُكُمُ العَذَابَ مَعَ مَا حُرِمْتُمْ مِنَ الثَّوابِ)).
واخْتَلَفُوا فيما إذا كان الحَفَظَةَ يَتَجَدَّدون كلَّ يَومٍ ولَيلِةٍ أوْ لا يَتَجَدَّدون، فقيل: إنَّهم يَتَجَدَّدون ومَلائَِكةُ اللّيلِ غيرُ مَلائكةِ النَّهارِ دائماً إلى الموتِ، وقيلَ: إنَّ مَلائكةَ اللّيلِ يَذهبونَ فتَأْتي ملائكةُ النَّهارِ ثمَّ إذا جاءَ الليلُ ذَهبوا ونَزَلَ مَلائِكةُ اللّيلِ الأَوَّلون لا غيرهم وهكذا، وقيلَ: إنَّ ملائكةَ الحَسَناتِ يَتَجَدَّدون دون مَلائِكَةِ السَيِّئاتِ، وهوَ الذي يَقْتَضيهِ حُسْنُ الظَنِّ باللهِ تعالى، لِيَكْثُرَ شهودُ الحَسَناتِ ويَقِلَّ شهودُ السَيئاتِ فتكونَ فضيحةُ العاصي على أَضْيَقِ نِطاقٍ ويكون إشهارُ الطاعة والثناء على صاحبها عكسَه. واخْتُلِفَ في مَقَرِّهِمْ بَعْدَ مَوْتِ المُكَلَّفِ فقِيل: يَرْجِعونَ إلى مَعَابِدِهِمْ في السَماءِ، وقيلَ: يَبْقَوْنَ حِذاءَ قَبْرِ المُؤْمِنِ يَسْتَغْفِرونَ لَهُ حتَّى يَقومَ مِنْ قَبْرِهِ. وصَحَّحَ غيرُ واحدٍ أَنَّ كاتِبَ الحَسَناتِ لا يَنْحَصِرُ في واحِدٍ لحديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ، رضي اللهُ عنه، الذي أخرجَهُ البُخاريُّ (وغيرُه) في صحيحِه أنَّ رسول الله صلى اللهُ عليه وسلَّم قال للرجُلِ الذي قالَ بعدَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فقال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ)). والحِكْمَةُ في هؤلاءِ الحَفَظَةِ أنَّ المُكَلَّفَ إذا عَلِمَ أنَّ أعمالَه تُحْفَظُ عليْه وتُعْرَضُ على رُؤوسِ الأَشْهادِ كان ذلك أَزْجَرَ لَهُ عن تَعاطي المَعاصي والقبائح، وأنَّ العبدَ إذا وَثِقَ بِلُطْفِ سَيِّدِهِ واعْتَمَدَ على سَتْرِهِ وعَفْوِهِ لم يَحْتَشِمْ مِنْه احْتِشامَهُ مِنْ خَدَمِهِ المُطَّلِعينَ علَيْهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكونَ الفائدةُ في الكِتابَةِ أَنْ تُوزَنَ تِلكَ الصَحائفُ يومَ القيامةِ لأنَّ وَزْنَ الأَعْمالِ غَيرُ ممكنٍ، بخِلافِ وَزْنِ الصَحائفِ فإنَّه ممكنٌ، وقد قال بعضُ العلماء بوزنِ الصَحائِفِ بالذاتِ.
قَالَ سيِّدُنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ناظمًا في هذا المعنى:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعِيشُ شَقِيًّا ................... جَاهِلَ الْقَلْبِ غَافِلَ الْيَقَظَهْ
فَإِذَا كَانَ ذَا وَفَاءٍ وَرَأْيٍ .................... حَذِرَ الْمَوْتَ وَاتَّقَى الْحَفَظَهْ
إِنَّمَا النَّاسُ رَاحِلٌ وَمُقِيمٌ ........................ فَالَّذِي بَانَ للمُقيمِ عِظَهْ
وقَوْلُهُ: {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} أي جاءت أَسْبَابُ الموتِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي "الْبَقَرَةِ" بيانُه.
وقولُه: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا} عَلَى تَأْنِيثِ الْجَمَاعَةِ، كَمَا قَالَ: {وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ} المائدة: 32. و{..فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ..} فاطر: 4. قَالَ جماعةٌ منهمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما: الْمُرَادُ بالرُسُل هنا أَعْوَانُ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَيُرْوَى أَنَّهُمْ يَسُلُّونَ الرُّوحَ مِنَ الْجَسَدِ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ قَبْضِهَا قَبَضَهَا مَلَكُ الْمَوْتِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَقْبِضُ مَلَكُ الْمَوْتِ الرُّوحَ مِنَ الْجَسَدِ ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى مَلائِكَةِ الرَّحْمَةِ إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا أَوْ إِلَى مَلائِكَةِ الْعَذَابِ إِنْ كَانَ كَافِرًا. وَيُقَالُ: مَعَهُ سَبْعَةٌ مِنْ مَلائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَسَبْعَةٌ مِنْ مَلائِكَةِ الْعَذَابِ، فَإِذَا قَبَضَ نَفْسًا مُؤْمِنَةً دَفَعَهَا إِلَى مَلائِكَةِ الرَّحْمَةِ فَيُبَشِّرُونَهَا بالثوابِ ويَصْعَدون بها إلى السماءِ، حتى تَكونَ في عِلِّيّين وإذا قَبَضَ نَفْسًا كَافِرَةً دَفَعَهَا إِلَى مَلائِكَةِ الْعَذَابِ فَيُبَشِّرُونَهَا بِالْعَذَابِ وَيُفَزِّعُونَهَا، ثُمَّ يَصْعَدُونَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ تُرَدُّ إِلَى سِجِّينٍ، وَالتَّوَفِّي تَارَةً يُضَافُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ، كَمَا قَالَ: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ" السجدة: 11، وَتَارَةً إِلَى الْمَلائِكَةِ لأَنَّهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ، كَمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ وَغَيْرِهَا. وَتَارَةً إِلَى اللهِ فهُوَ الْمُتَوَفِّي عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَمَا قَالَ: {اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} الزمر: 42. وكما قال: {قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} الجاثية: 26. وقال: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ} الملك: 2، فَكُلُّ مَأْمُورٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا أُمِرَ بِهِ.
قولُه: {وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} أَيْ لا يُضَيِّعُونَ وَلا يُقَصِّرُونَ، أَيْ يُطِيعُونَ أَمْرَ اللهِ. وَأَصْلُهُ مِنَ التَّقَدُّمِ، كَمَا تَقَدَّمَ. فَمَعْنَى فَرَّطَ قَدَّمَ الْعَجْزَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لا يَتَوَانَوْنَ. وَقُرِئَ "لا يُفْرِطُونَ" بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ لا يُجَاوِزُونَ الْحَدَّ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ الإِكْرَامِ وَالإِهَانَةِ
قوله تعالى: {وَيُرْسِلُ} عطفٌ على اسْمِ الفاعِلِ الواقِعِ صِلَةً ل "أل"، لأنَّه في معنى يَفعَلُ، والتَقديرُ: وهو الذي يَقْهَرُ عِبادَهُ ويُرسِلُ، فعَطَفَ الفعلَ على الاسْمِ لأنَّه في تأويلِهِ، ومثلُه عندَ بعضِهم: {إِنَّ المُصَدَّقين والمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُواْ} الحديد: 18. قالوا: فأقرَضوا عطفٌ على "مُصَّدِّقين" الواقعِ صًلةً ل "أل"، لأنَّه في معنى: إنَّ الذين اصَّدَّقُوا وأَقرَضٌوا، وهذا ليس بشيءٍ، لأنَّه يَلْزَمُ مِنْ ذلكَ الفَصْلُ بين أَبعاضِ الصِلَةِ بأجنَبيٍّ وذلك أنَّ "وأَقْرَضوا" مِنْ تمامِ صِلَةِ أَلْ في "المصِّدِّقين" وقد عَطَفَ على الموصول قولِه: "المُصَّدِّقات" وهو أجْنَبيّ، وقد تَقَرَّرَ غيرَ مَرَّةٍ أَنَّه لا يُتْبَعُ الموصولُ إلاَّ بعدَ تمامِ صِلَتِه. وأَمَّا قولُه تعالى: {فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} المُلك: 19. ف "يَقْبِضْنَ" في تأويلِ اسمٍ، أي: وقابضات. ومِنْ عَطْفِ الاسْمِ على الفِعلَ لِكونِهِ في تأويلِ الاسْمِ قولُه تعالى: {يُخْرِجُ الحي مِنَ المَيِّتِ وَمُخْرِجُ المَيِّت} الأنْعام: 95. وقولُه:
فأَلْفَيْتُه يوماً يُبيرُ عدوَّهُ ..................... ومُجْرٍ عطاءً يَسْتَخِفُّ المعابرا
أو أن "يُرْسِلُ" جملةٌ فعليَّةٌ عُطِفَتْ على جملةٍ اسميَّةٍ وهي قولُه: "وَهُوَ القاهر" أو أنها معطوفةٌ على الصِلَةِ وما عُطِفَ عليها وهو قولُه: يَتَوفَّاكم ويَعْلَمُ، وما بعدَه، أي: وهو الذي يتوفَّاكم ويُرسِلُ. أو أن جملة "يرسلُ" في محلِّ رفعِ خبرٍ لمبتدأٍ محذوفٍ، والجُملةُ "من المبتدأ والخبر" في محلِّ نصبٍ على الحالِ. وصاحبُ الحالِ إمّا الضميرُ المُسْتَكِنُّ في "القاهر" أو الضميرُ المُسْتَكِنُّ في الظَرْفِ، وهو أَضْعَفُ الأَعاريب. وقال أبو حيان التوحيدي: ليس هنا ظرفٌ يُتَوهَّم كونُ هذهِ الحالِ مِنْ ضميرٍ ليس فيه إلاَّ قولَه "فوق عباده" ولكن بأي طريق يَتَحَمَّل هذا الظرفُ ضميراً. والجوابُ أَنَّهُ قدْ تقدَّمَ في الآيةِ المُشْبِهَةِ لهذِه أنَّ "فوق عباده" فيه خمسةُ أَوْجُهٍ، ثلاثةٌ مِنْها تَتَحَمَّلُ فيها ضَميراً وهي: كونَه خبراً ثانياً أوْ بَدَلاً من الخبر أو حالاً، وإنما اضْطُرِرْنا إلى تقديرِ مُبْتَدأٍ قبلَ "يُرْسِلُ" لأنَّ المُضارعَ المُثبَتَ إذا وقعَ حالاً لم يَقتَرٍنْ بالواوِ، وقد تقدَّمَ إيضاحُ هذا غيرَ مرَّةٍ. ويمكن أنْ يكون "يرسلُ" جملةً مُسْتأنفةٌ سِيقتْ للإِخبارِ بِذلكَ، وهذا الوجهُ هو في المعنى كالوجه الثاني.
وقوله: {عَلَيْكُم} الأظهر أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ ب "يرسل"، وهي كقوله: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا} الرحمن : 35. وكقولِه: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ} الأعراف: 133. وقولِه: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً} الفيل: 3. إلى غير ذلك. ويمكن: أن يكون متعلِّقاً ب "حَفَظَة". يُقال: حَفِظْتُ عليه عَمَلَه، فالتقدير: ويُرْسلُ حَفَظَة عليكم. أي يحفظون عليكم أعمالكم كما قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} الانفطار: 10.كما تقول: حَفِظْتُ عليكَ ما تَعمَلُ، فقولُهُ: "كما قال: إنَّ عليكم لحافظينَ" تشبيهٌ منْ حيثُ المعنى لا أنَّ "عليكم" تَعَلَّقَ بحافظين. لأنَّ "عليكم" هو الخبرُ لِ "إن" فيَتَعَلَّقُ بمحذوفٍ. أو أنَّه مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنْ "حفظة" إذْ لو تَأَخَّرَ لجَازَ أَنْ يَكونَ صِفَةً لها.
وقال أبو البقاء: "عليكم" فيه وجهان أحدُهما: هو متعلِّق ب "يرسل"، والثاني: أنْ يَكونَ في نِيَّةِ التَأخيرِ وفيهِ وجْهانِ، أحدُهما: أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنَفْسِ "حَفَظة" والمفعولُ محذوفٌ أي: يُرسِلُ عليكم مَنْ يحفَظُ أَعمالَكم. والثاني: أَنْ يَكونَ صِفةً ل "حَفَظة" قُدِّمَتْ فصارتْ حالاً. وقولُ أبي البقاء: "المفعولُ محذوفٌ" يَعني مفعولَ "حفظة" إلاَّ أَنَّه يُوهِمُ أَنَّ تقديرَ المَفعولِ خاصٌّ بالوجْهِ الذي ذَكَرَهُ، وليس كذلكَ بَلْ لا بُدَّ مِنْ تَقديرِهِ على كلِّ وجْهٍ، و"حَفَظَة" إنما عَمِلَ في ذَلك المُقَدَّرِ لِكَوْنِهِ صِفَةً لمحذوفٍ، تقديرُه: ويُرْسِلُ عليكم مَلائكةً حَفَظَةً، لأنَّه لا يَعْمَلُ إلاَّ بِشُروطٍ هذا مِنْها، أَعني كونَه مُعْتَمِداً على موصوفٍ.
و"حَفَظَة" جمعُ حافظٍ، وهو مُنْقاسٌ في كلِّ وَصْفٍ على فاعِلٍ صَحيحِ اللاَّمِ، لِعاقلٍ مُذَكَّرٍ ك "بارّ" و"بَرَرة" و"فاجِر" و"فَجَرة" و"كامل" و"كَمَلة"، ويَقِلُّ في غيرِ العاقلِ كقولهم: غُرابٌ ناعقٌ وغربانٌ نَعَقَةٌ.
قولُه: {تَوَفَّتْهُ} قرأَ الجمهورُ: {توفَّتْه} ماضياً بتاءِ التَأنيثِ لِتَأْنيثِ الجمعِ. وقَرَأَ حمزةُ: "توَفَّاه" مِنْ غير تاءِ تأنيثٍ، وهي تحتمِلُ وجهين أَظْهَرُهما: أنَّه ماضٍ وإنَّما حَذَفَ تاءَ التأنيثِ لكونِهِ تأنيثاً مجازيّاً، أو للفَصْلُ بين الفِعْلِ وفاعِلِهِ بالمَفعولِ. والوجه الثاني لقراءةِ حمزة: أنّ "توفاه" مُضارِعٌ، وأصلُه: تتوفاه بتاءين، فحُذِفَتْ إحْداهما على خلافٍ في أيِّهما التي حذفت الأولى ام الثانية. ك "تَنَزَّلُ" وبابِهِ. وحمزةُ على بابِهِ في إِمالَةِ مثلِ هذِه الأَلِفِ. وقرأَ الأعمشُ: "يتوفَّاه" مُضارِعاً بياءِ الغَيْبةِ، اعْتِباراً بكونِه مُؤنَّثاً مجازيّاً أوْ للفَصْلِ، فهي كَقِراءَةِ حمزةَ في الوَجْهِ الأَوَّلِ مِنْ حيثُ تذكيرُ الفِعلِ، وكَقراءتِه في الوَجْهِ الثاني مِنْ حيثُ إنَّه أَتى بِهِ مُضارِعاً. وقرئ شاذّاً: "تتوفَّاه" على الاسْتِقبالِ.
قولُه: {وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} الأَظْهَرُ أَنها حالٌ مِنْ "رسلنا" ويمكنُ أن تكون اسْتِئنافيَّةً سِيقتْ للإِخبارِ عنهم بهذِه الصِفةِ، والجمهورُ على التَشديدَ في "يُفْرِّطون" ومَعناهُ لا يُقَصِّرون. وقَرَأَ عَمْرٌو بْنُ عُبيدٍ والأعْرَجُ: "يُفْرِطون" مخفَّفاً مِنْ أَفْرَطَ، ويُقرَأُ بالتخفيفِ أي: لا يَزيدون على ما أُمِروا به.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 61
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 11
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 27
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 44
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 60
» فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 75

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: