روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 45 أولاً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  45 أولاً Jb12915568671



فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  45 أولاً Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 45 أولاً   فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  45 أولاً I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 05, 2013 9:18 am

وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. (45)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} كَتَبْنا: بمعنى  الكتابةِ في الألواحِ، أوْ بمعنى الفَرْضِ والإلْزامِ، وفي مُصْحَفِ أُبَيٍّ (وأنزلنا على بني إسرائيل) والضميرُ في عَلَيْهم لِبَني إسْرائيل، فقد بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ وَالنَّفْسِ فِي التَّوْرَاةِ فَخَالَفُوا ذَلِكَ، فَضَلُّوا، فَكَانَتْ دِيَةُ النَّضِيرِيِّ أَكْثَرَ، وَكَانَ النَّضِيرِيُّ لَا يُقْتَلُ بِالْقُرَظِيِّ، وَيُقْتَلُ الْقُرَظِيُّ بِهِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ رَاجَعَ بَنُو قُرَيْظَةَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيهِ، فَحَكَمَ بِالِاسْتِوَاءِ، فَقَالَتْ بَنُو النَّضِيرِ: قَدْ حَطَطْتَ مِنَّا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَكَانَ شَرْعُهُمُ الْقِصَاصَ أَوِ الْعَفْوَ، وَمَا كَانَ فِيهِمُ الدِّيَةُ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي "الْبَقَرَةِ". وَاسْتَنَدَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ إلى هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، لِأَنَّهُ نَفْسٌ بِنَفْسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تفصيلُ ذلك فِي "الْبَقَرَةِ". وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ خَصَّكَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي هَذَا، وَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ وَإِذَا فِيهِ ((الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ)) وَأَيْضًا فَإِنَّ الآيةَ إنَّما جاءتْ لِلرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْقَبَائِلِ، وَأَخْذِهِمْ مِنْ قَبِيلَةٍ رَجُلًا بِرَجُلٍ، وَمِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ. وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ: هَذَا خَبَرٌ عَنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَقَدْ مَضَى فِي "الْبَقَرَةِ" فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ مَا يَكْفِي. وَوَجْهٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: "وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ" وَكَانَ ذَلِكَ مَكْتُوبًا عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَهُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ كَمَا لِلْمُسْلِمِينَ أهلُ ذِمَّةٍ، لأنَّ الجِزيَةَ فيْءٌ وغنائمُ أَفَاءَهَا اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَجْعَلِ الْفَيْءَ لِأَحَدٍ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ فِيمَا مَضَى مَبْعُوثًا إِلَّا إِلَى قَوْمِهِ، فَأَوْجَبَتِ الْآيَةُ الْحُكْمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ كَانَتْ دِمَاؤُهُمْ تَتَكَافَأُ، فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْوَاحِدِ مِنَّا فِي دِمَاءِ سِوَى الْمُسْلِمِينَ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، إِذْ يُشِيرُ إِلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ، وَيَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ فِي هَؤُلَاءِ أَنَّ النَّفْسَ مِنْهُمْ بِالنَّفْسِ، فَالَّذِي يَجِبُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ. قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا جَرَحَ أَوْ قَطَعَ الْأُذُنَ أَوِ الْيَدَ ثُمَّ قَتَلَ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: "وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ" فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا أَخَذَ، وَيُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ. وَقَالَ عُلَمَاءُ المالكيَّةِ: إِنْ قَصَدَ بِهِ الْمُثْلَةَ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ مُضَارَبَتِهِ وَمُدَافَعَتِهِ قُتِلَ بِالسَّيْفِ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ فِي الْمُثْلَةِ يَجِبُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سَمَلَ أَعْيُنَ الْعُرَنِيِّينَ، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
قولُه: {العينُ بالعين} تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَدْ تَعَلَّقَ ابْنُ شُبْرُمَةَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ:" وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ" عَلَى أَنَّ الْيُمْنَى تُفْقَأُ بِالْيُسْرَى وَكَذَلِكَ عَلَى الْعَكْسِ، وَأَجْرَى ذَلِكَ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، وَقَالَ: تُؤْخَذُ الثَّنِيَّةُ بِالضِّرْسِ وَالضِّرْسِ بِالثَّنِيَّةِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ". وَالَّذِينَ خَالَفُوهُ وَهُمْ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ قَالُوا: الْعَيْنُ الْيُمْنَى هِيَ الْمَأْخُوذَةُ بِالْيُمْنَى عِنْدَ وُجُودِهَا، وَلَا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ إِلَى الْيُسْرَى مَعَ الرِّضَا، وَذَلِكَ يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: "وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ" اسْتِيفَاءُ مَا يُمَاثِلُهُ مِنَ الْجَانِي، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ كَمَا لَا يَتَعَدَّى مِنَ الرِّجْلِ إِلَى الْيَدِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَيْنِ إِذَا أُصِيبَتَا خَطَأً فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ. وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ إِذَا فُقِئَتِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ـ رضي اللهُ عنهما، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَالِكُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقِيلَ: نِصْفُ الدِّيَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ وَمَسْرُوقٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قال الثوري وَالشَّافِعِيُّ وَالنُّعْمَانُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِهِ نَقُولُ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ ((فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ)) وَمَعْقُولٌ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ أَنَّ فِي إِحْدَاهُمَا نِصْفَ الدِّيَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ، وَلَكِنْ عُلَمَاءُ المالكيَّةِ قَالُوا: إِنَّ مَنْفَعَةَ الْأَعْوَرِ بِبَصَرِهِ كَمَنْفَعَةِ السَّالِمِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُ دِيَتِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ صَحِيحٍ، فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ فَتَرَكَهُ أَعْمَى، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ كَامِلَةً (دِيَةَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ). وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ مَعْقِلٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: "وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ" وَجَعَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةَ، فَفِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالْقِصَاصُ بَيْنَ صَحِيحِ الْعَيْنِ وَالْأَعْوَرِ كَهَيْئَتِهِ بَيْنَ سَائِرِ النَّاسِ. وَمُتَعَلَّقُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ أَخْذَ جَمِيعِ الْبَصَرِ بِبَعْضِهِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِمُسَاوَاةٍ، وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فِي ذَلِكَ، وَمُتَمَسَّكُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَدِلَّةَ لَمَّا تَعَارَضَتْ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. قال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْأَخْذُ بِعُمُومِ الْقُرْآنِ أَوْلَى، فَإِنَّهُ أَسْلَمُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى.
وَاخْتَلَفُوا فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الَّتِي لَا يُبْصِرُ بِهَا، فَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: فِيهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِيهَا نِصْفُ دِيَتِهَا. وَقَالَ مَسْرُوقٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالنُّعْمَانُ: فِيهَا حُكُومَةٌ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِهِ نَقُولُ لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ مِمَّا قِيلَ.
وَفِي إِبْطَالِ الْبَصَرِ مِنَ الْعَيْنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَتَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَعْمَشُ وَالْأَخْفَشُ. وَفِي إِبْطَالِهِ مِنْ إِحْدَاهُمَا مَعَ بَقَائِهَا النِّصْفُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وأحسن مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ أَمَرَ بِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ فَغُطِّيَتْ وَأُعْطِيَ رَجُلٌ بَيْضَةً فَانْطَلَقَ بِهَا وَهُوَ يَنْظُرُ حَتَّى انْتَهَى نَظَرُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِخَطٍّ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِعَيْنِهِ الْأُخْرَى فَغُطِّيَتْ وَفُتِحَتِ الصَّحِيحَةُ، وَأُعْطِيَ رَجُلٌ بَيْضَةً فَانْطَلَقَ بِهَا وَهُوَ يَنْظُرُ حَتَّى انْتَهَى نَظَرُهُ ثُمَّ خَطَّ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ فَفُعِلَ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَوَجَدَهُ سَوَاءً، فَأَعْطَى مَا نَقَصَ مِنْ بَصَرِهِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِ المالكيَّةِ أيضًا.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا قَوَدَ فِي بَعْضِ الْبَصَرِ، إِذْ غَيْرُ مُمْكِنٍ الْوُصُولُ إِلَيْهِ. وَكَيْفِيَّةُ الْقَوَدِ فِي الْعَيْنِ أَنْ تُحْمَى مِرْآةٌ ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى الْعَيْنِ الْأُخْرَى قُطْنَةٌ، ثُمَّ تُقَرَّبُ الْمِرْآةُ مِنْ عَيْنِهِ حَتَّى يَسِيلَ إِنْسَانُهَا، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَاخْتُلِفَ فِي جَفْنِ الْعَيْنِ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فِيهِ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَأَبِي هَاشِمٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْجَفْنِ الْأَعْلَى ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَفْنِ الْأَسْفَلِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَبِهِ قَالَ مالك.
قَوْلُهُ: {وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ} جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أنَّه قَالَ: ((وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعًا الدِّيَةُ)). قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَالْقِصَاصُ مِنَ الْأَنْفِ إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا كَالْقِصَاصِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ عَلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. وَاخْتَلَفُوا فِي كَسْرِ الْأَنْفِ. فَكَانَ مَالِكُ يَرَى فِي الْعَمْدِ مِنْهُ الْقَوَدَ، وَفِي الْخَطَأِ الِاجْتِهَادَ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهُ لَا دِيَةَ لِلْأَنْفِ حَتَّى يَسْتَأْصِلَهُ مِنْ أَصْلِهِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونِسِيُّ: وَهَذَا شَاذٌّ، وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَعْرُوفِ فَفِي بَعْضِ الْمَارِنِ مِنَ الدية بحساب مِنَ الْمَارِنِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَمَا قُطِعَ مِنَ الْأَنْفِ فَبِحِسَابِهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَارِنِ إِذَا قُطِعَ وَلَمْ يَسْتَأْصِلِ الْأَنْفَ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ الدِيَةَ كاملةً، ثمَّ إنْ قُطِعَ مِنه شيءٌ بعدَ ذلك ففيه حُكُومَةٌ. قَالَ مَالِكٌ: الَّذِي فِيهِ الدِّيَةُ مِنَ الْأَنْفِ أَنْ يُقْطَعَ الْمَارِنُ، وَهُوَ دُونَ الْعَظْمِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَوَاءٌ قُطِعَ الْمَارِنُ مِنَ الْعَظْمِ أَوِ اسْتُؤْصِلَ الْأَنْفُ مِنَ الْعَظْمِ مِنْ تَحْتِ الْعَيْنَيْنِ إِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ، كَالْحَشَفَةِ فِيهَا الدِّيَةُ: وَفِي اسْتِئْصَالِ الذَّكَرِ الدِّيَةُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا خُرِمَ الْأَنْفُ أَوْ كُسِرَ فَبَرِئَ عَلَى عَثْمٍ (العثم، الجَبرُ على غيرِ اسْتِواءٍ) فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَلَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ. وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فلا شيءَ فِيهِ. قَالَ: وَلَيْسَ الْأَنْفُ إِذَا خُرِمَ فَبَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ كَالْمُوضِحَةِ (الجُرحُ يبلُغُ العظمَ فيوضحُ عنْه) تَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَتُهَا، لِأَنَّ تِلْكَ جَاءَتْ بِهَا السُّنَّةُ، وَلَيْسَ فِي خَرْمِ الْأَنْفِ أَثَرٌ. قَالَ: وَالْأَنْفُ عَظْمٌ مُنْفَرِدٌ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ. وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا عَلَى أَنْ لَا جَائِفَةَ فِيهِ، وَلَا جَائِفَةَ عِنْدَهُمْ إِلَّا فِيمَا كَانَ فِي الْجَوْفِ،. وَالْمَارِنُ مَا لَانَ مِنَ الْأَنْفِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَظُنُّ رَوْثَتَهُ مَارِنَهُ، وَأَرْنَبَتَهُ طَرَفَهُ. وَقَدْ قِيلَ: الْأَرْنَبَةُ وَالرَّوْثَةُ وَالْعَرْتَمَةُ طَرَفُ الْأَنْفِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ، فِي الشَّمِّ إِذَا نَقَصَ أَوْ فُقِدَ حُكُومَةٌ.
قَوْلُهُ: {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} قَالَ عُلَمَاءُ المالكيَّةِ ـ رَحْمَهُمُ اللهُ ـ فِي الَّذِي يَقْطَعُ أُذُنَيْ رَجُلٍ: عَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ، وَيُقَاسُ فِي نُقْصَانِهِ كَمَا يُقَاسُ فِي الْبَصَرِ. وَفِي إِبْطَالِهِ مِنْ إِحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَسْمَعُ إِلَّا بِهَا، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ كَانَ السَّمْعُ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ قِيلَ إِنَّ أَحَدَ السَّمْعَيْنِ يَسْمَعُ مَا يَسْمَعُ السَّمْعَانِ فَهُوَ عِنْدِي كَالْبَصَرِ، وَإِذَا شُكَّ فِي السَّمْعِ جُرِّبَ بِأَنْ يُصَاحَ بِهِ مِنْ مَوَاضِعَ عِدَّةٍ، يُقَاسُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَسَاوَتْ أَوْ تَقَارَبَتْ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ سَمْعِهِ وَيُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ أَشْهَبُ: وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَمْعٍ وَسَطٍ من الرجل مِثْلَهُ، فَإِنِ اخْتُبِرَ فَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ له شي. وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: إِذَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ عُقِلَ لَه الأَقَلُّ مَعَ يَمينِهِ.
قَوْلُهُ: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ أَقَادَ مِنْ سِنٍّ وَقَالَ: ((كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ)). وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أنَّه قَالَ: ((فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ)). قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: فَبِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ نَقُولُ، لَا فَضْلَ لِلثَّنَايَا مِنْهَا عَلَى الْأَنْيَابِ وَالْأَضْرَاسِ وَالرَّبَاعِيَاتِ، لِدُخُولِهَا كُلِّهَا فِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَبِهِ يَقُولُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِظَاهِرِ الحديثِ ولم يُفَضِّلْ شيئًا منها على شيءٍ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَطَاوُوسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالنُّعْمَانُ وَابْنُ الْحَسَنِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَضَى فِيمَا أَقْبَلَ مِنَ الْفَمِ بِخَمْسِ فَرَائِضَ خَمْسِ فَرَائِضَ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِينَارًا، قِيمَةُ كُلِّ فَرِيضَةٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. وَفِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ. وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: فِي السِّنِّ وَالرَّبَاعِيَتَيْنِ وَالنَّابَيْنِ خَمْسٌ خَمْسٌ، وَفِيمَا بَقِيَ بَعِيرَانِ بَعِيرَانِ، أَعْلَى الْفَمِ وَأَسْفَلُهُ سَوَاءٌ، وَالْأَضْرَاسُ سَوَاءٌ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَمَّا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَضْرَاسَ عِشْرُونَ ضِرْسًا، وَالْأَسْنَانَ اثْنَا عَشَرَ سِنًّا: أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ، فَعَلَى قَوْلِ عُمَرَ تَصِيرُ الدِّيَةُ ثَمَانِينَ بَعِيرًا، فِي الْأَسْنَانِ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ، وَفِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرٌ بَعِيرٌ. وَعَلَى قَوْلِ مُعَاوِيَةَ فِي الْأَضْرَاسِ وَالْأَسْنَانِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، تَصِيرُ الدِّيَةُ سِتِّينَ وَمِئَةَ بَعِيرٍ. وَعَلَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فِي الْأَضْرَاسِ وَهِيَ عِشْرُونَ ضِرْسًا. يَجِبُ لَهَا أَرْبَعُونَ. وَفِي الأسنان خمسةُ أَبْعِرَةٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَذَلِكَ سِتُّونَ، وَهِيَ تَتِمَّةُ الْمِئَةِ بَعِيرٍ، وَهِيَ الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنَ الْإِبِلِ. وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَضْرَاسِ لَا فِي الْأَسْنَانِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي دِيَاتِ الْأَسْنَانِ وَتَفْضِيلُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَثِيرٌ جِدًّا، وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ، بِظَاهِرِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَفِي السِنِّ خَمْسٌ مِنَ الإبِلِ)).
وَالضِّرْسُ سِنٌّ مِنَ الْأَسْنَانِ. رَوَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ)) وَهَذَا نَصٌّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَصَابِعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءً. قَالَ أَبُو عُمَرَ: عَلَى هَذِهِ الْآثَارِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْأَصَابِعَ فِي الدِّيَةِ كُلُّهَا سَوَاءٌ، وَأَنَّ الْأَسْنَانَ فِي الدِّيَةِ كُلُّهَا سَوَاءٌ، الثَّنَايَا وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ لَا يُفَضَّلُ شيءٌ منها على شيءٍ، عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. ذَكَرَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ مُحَارِبٍ قَالَ: اخْتَصَمَ إِلَى شُرَيْحٍ رَجُلَانِ ضَرَبَ أَحَدُهُمَا ثَنِيَّةَ الْآخَرِ وَأَصَابَ الْآخَرُ ضِرْسَهُ فَقَالَ شُرَيْحٌ: الثَّنِيَّةُ وَجَمَالُهَا وَالضِّرْسُ وَمَنْفَعَتُهُ سِنٌّ بِسِنٍّ قُوِّمَا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: عَلَى هَذَا الْعَمَلُ الْيَوْمَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ.
فَإِنْ ضَرَبَ سِنَّهُ فَاسْوَدَّتْ فَفِيهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَشُرَيْحٍ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ـ أَنَّ فِيهَا ثُلُثَ دِيَتِهَا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: فِيهَا حُكُومَةٌ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وهذا عندي خلافٌ يَؤولُ إِلَى وِفَاقٍ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ سَوَادُهَا أَذْهَبَ مَنْفَعَتَهَا وَإِنَّمَا بَقِيَتْ صُورَتُهَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ، فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ، ثُمَّ إنْ كان بَقيَ مِنْ مَنفعتِها شيءٌ أوْ جَميعُه لَمْ يَجِبْ إِلَّا بِمِقْدَارِ مَا نَقَصَ مِنَ الْمَنْفَعَةِ حُكُومَةٌ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فِيهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا لَمْ يَصِحْ عَنْهُ سَنَدًا وَلَا فِقْهًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي سِنِّ الصَّبِيِّ يُقْلَعُ قَبْلَ أَنْ يُثْغِرَ، فَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ: إِذَا قُلِعَتْ سِنُّ الصَبِيِّ فنَبَتَتْ فلا شيْءَ عَلَى الْقَالِعِ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: إِذَا نَبَتَتْ نَاقِصَةَ الطُّولِ عَنِ التِي تُقَارِبُهَا أُخِذَ لَهُ مِنْ أَرْشِهَا بِقَدْرِ نَقْصِهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيهَا حُكُومَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وبِهِ قال أبو حنيفةُ النُعْمانُ. قالَ ابْنُ المُنذٍرٍ: يُسْتَأْنَى بِهَا إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إِنَّهَا لَا تَنْبُتُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ فِيهَا قَدْرُهَا تَامًّا، عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ نَبَتَتْ رُدَّ الْأَرْشُ. وَأَكْثَرُ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: يُسْتَأْنَى بِهَا سَنَةٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَمَالِكٍ وأصحابٍ الرأيِ. ولم يَجعلِ الشافعي لِهَذَا مُدَّةً مَعْلُومَةً.
إِذَا قُلِعَ سِنُّ الْكَبِيرِ فَأَخَذَ دِيَتَهَا ثُمَّ نَبَتَتْ، فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: يَرُدُّ إِذَا نَبَتَتْ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: يَرُدُّ وَلَا يَرُدُّ، لأنَّ هذا نَباتٌ لم تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، وَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِالنَّادِرِ. وتَمَسَّكَ الْكُوفِيُّونَ بِأَنَّ عِوَضَهَا قَدْ نَبَتَ فَيُرَدُّ، أَصْلُهُ سِنُّ الصَّغِيرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ جَنَى عَلَيْهَا جَانٍ آخَرَ وَقَدْ نَبَتَتْ صَحِيحَةً كَانَ فِيهَا أَرْشُهَا تَامًّا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالِعُ سِنٍّ، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي السِّنِّ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ.
فَلَوْ قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ فرَدَّها صاحبُها فالْتَحَمَتْ فلا شيءَ فِيهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ. وَلَوْ رَدَّهَا أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُطِعَتْ أُذُنُهُ فَرَدَّهَا بِحَرَارَةِ الدَّمِ فَالْتَزَقَتْ مِثْلَهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يُجْبِرُهُ السُّلْطَانُ عَلَى قَلْعِهَا لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ أَلْصَقَهَا. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا غَلَطٌ، وَقَدْ جَهِلَ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ رَدَّهَا وَعَوْدَهَا بِصُورَتِهَا لَا يُوجِبُ عَوْدَهَا بِحُكْمِهَا، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ كَانَتْ فِيهَا لِلِانْفِصَالِ، وَقَدْ عَادَتْ مُتَّصِلَةٌ، وَأَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ لَيْسَتْ صِفَاتٌ لِلْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَحْكَامٌ تَعُودُ إِلَى قَوْلِ اللهِ ـ سُبْحَانَهُ ـ فِيهَا وَإِخْبَارِهِ عَنْهَا. ومَا حَكَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ عَطَاءٍ خِلَافَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَاخْتَلَفُوا فِي السِّنِّ تُقْلَعُ قَوَدًا ثُمَّ تُرَدُّ مَكَانَهَا فَتَنْبُتُ، فَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: تُقْلَعُ، لِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلشِّيْنِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَيُجْبِرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى القَلْعِ.
فَلَوْ كَانَتْ لَهُ سِنٌّ زَائِدَةٌ فَقُلِعَتْ فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلَيْسَ فِي التَّقْدِيرِ دَلِيلٌ، فَالْحُكُومَةُ أَعْدَلُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا يَصِحُّ مَا رُوِيَ عَنْ زَيْدٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: فِي السِّنِّ إِذَا كُسِرَ بَعْضُهَا أُعْطِيَ صَاحِبُهَا بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَهُنَا انْتَهَى مَا نَصَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَعْضَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّفَتَيْنِ وَاللِّسَانَ.
فَقَالَ الْجُمْهُورُ: وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وفي كلِّ واحدةٍ منهما نِصفُ الدِّيَةِ لَا فَضْلَ لِلْعُلْيَا مِنْهُمَا عَلَى السُّفْلَى. وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ: فِي الشَّفَةِ الْعُلْيَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَا الدِّيَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أنَّه قَالَ: ((وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ)) وَلِأَنَّ فِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةَ وَمَنَافِعَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ. وَمَا قُطِعَ مِنَ الشَّفَتَيْنِ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. وَأَمَّا اللِّسَانُ فَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ: ((فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ)). وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَجْنِي عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ فَيَقْطَعُ مِنَ اللِّسَانِ شَيْئًا، وَيَذْهَبُ مِنَ الْكَلَامِ بَعْضُهُ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُنْظَرُ إِلَى مِقْدَارِ مَا ذَهَبَ مِنَ الْكَلَامِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ الْكَلَامُ كُلُّهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي اللِّسَانِ قَوَدٌ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ. فَإِنْ أَمْكَنَ فَالْقَوَدُ هُوَ الْأَصْلُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ يُقْطَعُ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالنُّعْمَانُ وَصَاحِبَاهُ: فِيهِ حُكُومَةٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَفِيهِ قَوْلَانِ شَاذَّانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُ النَّخَعِيِّ إِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ. وَالْآخَرُ: قَوْلُ قَتَادَةَ أنَّ فيه ثلثُ الدِيَةِ. قال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ مِمَّا قِيلَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: نَصَّ اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَعْضَاءِ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا لِلْقِيَاسِ عَلَيْهَا، فَكُلُّ عُضْوٍ فِيهِ الْقِصَاصُ إِذَا أَمْكَنَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عُضْوٍ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ وَبَقِيَتْ صُورَتُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْقَوَدِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: {وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ} أَيْ مُقَاصَّةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْبَقَرَةِ". وَلَا قِصَاصَ فِي كُلِّ مَخُوفٍ وَلَا فِيمَا لَا يُوصَلُ إِلَى الْقِصَاصِ فِيهِ إِلَّا بِأَنْ يُخْطِئَ الضَّارِبُ أَوْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ. وَيُقَادُ مِنْ جِرَاحِ الْعَمْدِ إِذَا كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ الْقَوَدُ مِنْهُ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَمْدِ، فَأَمَّا الْخَطَأُ فَالدِّيَةُ، وَإِذَا كَانَتِ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فَكَذَلِكَ فِي الْجِرَاحِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ ـ أُمَّ حَارِثَةَ ـ جَرَحَتْ إِنْسَانًا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: ((الْقِصَاصُ الْقِصَاصُ))، فَقَالَتْ أُمُّ الربيعِ: يا رسولَ اللهِ أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلانة؟! وَاللهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللهِ يَا أُمَّ الرُّبَيِّعِ الْقِصَاصُ كِتَابُ اللهِ)). قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا، قَالَ فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ)). والْمَجْرُوحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَارِيَةٌ، وَالْجُرْحُ كَسْرُ ثَنِيَّتُهَا، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا أَنَّ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَقَضَى نَبِيُّ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ فُلَانَةٍ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. قَالَ: وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ سَأَلُوا أَهْلَهَا الْعَفْوَ وَالْأَرْشَ، فَلَمَّا حَلَفَ أَخُوهَا وَهُوَ عَمُّ أَنَسٍ ـ وَهُوَ الشَّهِيدُ يَوْمَ أُحُدٍ ـ رَضِيَ الْقَوْمُ بِالْعَفْوِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ)). وَخَرَّجَهُ أَبُو دَاوُودَ أَيْضًا، وَقَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ يُقْتَصُّ مِنَ السِنِّ؟ قالَ: تُبْرَدُ. وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَ فَبَرَّ اللهُ قَسَمَهُمَا. وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ. وقد أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: "وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ" أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ، فَمَنْ أَصَابَ سِنَّ أَحَدٍ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ عَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي سَائِرِ عِظَامِ الْجَسَدِ إِذَا كُسِرَتْ عَمْدًا، فَقَالَ مَالِكٌ: عِظَامُ الْجَسَدِ كُلُّهَا فِيهَا الْقَوَدُ إِلَّا مَا كَانَ مَخُوفًا مِثْلَ الْفَخِذِ وَالصُّلْبِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ، فَفِي ذَلِكَ الدِّيَةُ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: لَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ يُكْسَرُ مَا خَلَا السِّنَّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ" وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَكُونُ كَسْرٌ كَكَسْرٍ أَبَدًا، فَهُوَ مَمْنُوعٌ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي عَظْمِ الرَّأْسِ، فَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعِظَامِ. وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي السِّنِّ وَهِيَ عَظْمٌ، فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعِظَامِ إِلَّا عَظْمًا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ، لِخَوْفِ ذَهَابِ النَّفْسِ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَمَنْ قَالَ لَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ للحديث، والخروج إلى النظر غَيْرُ جَائِزٍ مَعَ وُجُودِ الْخَبَرِ. قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: "فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} البقرة: 194، وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} النحل: 126.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْمُوضِحَةِ، وَمَا جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الشِّجَاجِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ: دَخَلَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، أَوَّلُ الشِّجَاجِ: الْحَارِصَةُ وَهِيَ: الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ ـ يَعْنِي الَّتِي تَشُقُّهُ قَلِيلًا ـ وَمِنْهُ قِيلَ: حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إِذَا شَقَّهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَهَا: الْحَرْصَةُ أَيْضًا. ثُمَّ الْبَاضِعَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ تَبْضَعُهُ بَعْدَ الْجِلْدِ. ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ: وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي الجِلْدِ ولم تَبْلُغِ السِّمْحاقَ. وَالسِّمْحَاقُ: جِلْدَةٌ أَوْ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: هِيَ عِنْدَنَا الْمِلْطَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الْمِلْطَاةُ، قَالَ: وَهِيَ الَّتِي جَاءَ فِيهَا الْحَدِيثُ ((يُقْضَى فِي الْمِلْطَاةِ بِدَمِهَا)). ثُمَّ الْمُوضِحَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَكْشِطُ عَنْهَا ذَلِكَ الْقِشْرَ أَوْ تَشُقُّ حَتَّى يَبْدُوَ وَضَحُ الْعَظْمِ، فَتِلْكَ الموضحة. قال أبو عبيد: وليسَ في شيءٍ مِنَ الشِّجَاجِ قِصَاصٌ إِلَّا فِي الْمُوضِحَةِ خَاصَّةً، لأنَّه ليسَ منها شيءٌ لَهُ حَدٌّ يُنْتَهَى إِلَيْهِ سِوَاهَا، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنَ الشِّجَاجِ فَفِيهَا دِيَتُهَا. ثُمَّ الْهَاشِمَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ. ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ: بِكَسْرِ الْقَافِ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَهِيَ الَّتِي تُنَقِّلُ الْعَظْمَ، أَيْ تَكْسِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا فَرَاشُ الْعِظَامِ مَعَ الدَّوَاءِ. ثُمَّ الْآمَّةُ: وَيُقَالُ لَهَا الْمَأْمُومَةُ، وَهِيَ التي تبلغ أم الرأس، يعني الدماغ. فال أَبُو عُبَيْدٍ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ: "وَيُقْضَى فِي الْمِلْطَاةِ بِدَمِهَا" أَنَّهُ إِذَا شَجَّ الشَّاجُّ حُكِمَ عَلَيْهِ لِلْمَشْجُوجِ بِمَبْلَغِ الشَّجَّةِ سَاعَةَ شُجَّ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهَا. قَالَ: وَسَائِرُ الشِّجَاجِ عِنْدَنَا يُسْتَأْنَى بِهَا حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهَا ثُمَّ يُحْكَمُ فِيهَا حِينَئِذٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الشِّجَاجِ كُلِّهَا وَالْجِرَاحَاتِ كُلِّهَا؟ أَنَّهُ؟ يُسْتَأْنَى بِهَا، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ خُدُوشٌ وَفِيهَا صُلْحٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ قِصَاصٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ الْمِلْطَى وَالدَّامِيَةُ وَالْبَاضِعَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَزَادُوا السِّمْحَاقَ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الدَّامِيَةُ الَّتِي تَدْمَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ. وَالدَّامِعَةُ: أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ. وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ قِصَاصٌ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالدَّامِيَةُ الشَّجَّةُ الَّتِي تَدْمَى وَلَا تَسِيلُ. وَقَالَ المالكيَّةُ: الدَّامِيَةُ هِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ. وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ، مِنَ الْهَاشِمَةِ لِلْعَظْمِ، وَالْمُنَقِّلَةِ ـ عَلَى خِلَافٍ فِيهَا خَاصَّةً ـ وَالْآمَّةُ هِيَ الْبَالِغَةُ إِلَى أُمِّ الرَّأْسِ، وَالدَّامِغَةُ الْخَارِقَةُ لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ. وَفِي هَاشِمَةِ الْجَسَدِ الْقِصَاصُ، إِلَّا مَا هُوَ مَخُوفٌ كَالْفَخِذِ وَشِبْهِهِ. وَأَمَّا هَاشِمَةُ الرَّأْسِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا قَوَدَ فِيهَا، لِأَنَّهَا لَا بُدَّ تَعُودُ مُنَقِّلَةً. وَقَالَ أَشْهَبُ: فِيهَا الْقِصَاصُ، إِلَّا أَنْ تُنَقِّلَ فَتَصِيرُ مُنَقِّلَةً لا قَوَدَ فيها. وأمَّا الأطرافُ فيجب الْقِصَاصُ فِي جَمِيعِ الْمَفَاصِلِ إِلَّا الْمَخُوف مِنْهَا. وَفِي مَعْنَى الْمَفَاصِلِ أَبْعَاضُ الْمَارِنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالذَّكَرِ وَالْأَجْفَانِ وَالشَّفَتَيْنِ، لِأَنَّهَا تَقْبَلُ التَّقْدِيرَ. وَفِي اللِّسَانِ رِوَايَتَانِ. وَالْقِصَاصُ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا كَانَ مُتْلِفًا كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخِذِ وَشِبْهِهِ. وَفِي كَسْرِ عِظَامِ الْعَضُدِ الْقِصَاصُ. وَقَضَى أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي رَجُلٍ كَسَرَ فَخِذَ رَجُلٍ أَنْ يُكْسَرَ فَخِذُهُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدِ بِمَكَّةَ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ فَعَلَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ: إِنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ، وَالْمَعْمُولُ بِهِ فِي الرَّجُلِ يَضْرِبُ الرَّجُلَ فيتقيهِ بيدِه فكَسرُها يُقَادُ مِنْهُ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: الشِّجَاجُ فِي الرَّأْسِ، وَالْجِرَاحُ فِي الْبَدَنِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَرْشٌ فيما ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْأَرْشِ. وَمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ شِجَاجٌ خَمْسٌ: الدَّامِيَةُ وَالدَّامِعَةُ وَالْبَاضِعَةُ وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَالسِّمْحَاقُ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الدَّامِيَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي الْبَاضِعَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ حُكُومَةٌ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: فِي الدَّامِيَةِ بَعِيرٌ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي السِّمْحَاقُ أَرْبَعٌ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ، وَفِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الرَّجُلِ يُضْرَبُ حَتَّى يَذْهَبَ عَقْلُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، أَوْ يُضْرَبُ حَتَّى يُغَنَّ وَلَا يُفْهِمُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، أَوْ حَتَّى يُبَحَّ وَلَا يُفْهِمُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَفِي جَفْنِ الْعَيْنِ رُبُعُ الدِّيَةِ. وَفِي حَلَمَةِ الثَّدْيِ رُبُعُ الدِّيَةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 45 أولاً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 3 أولاً
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 6 أولاً
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 10
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 26
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 42

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: