روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 6 أولاً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  6 أولاً Jb12915568671



فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  6 أولاً Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 6 أولاً   فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  6 أولاً I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 13, 2013 2:46 am

َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (6)
يَبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ شُرُوطَ الوَضُوءِ وَالتَّيَمُمِ، وَيَأمُرُ المُؤْمِنِينَ بِالوُضُوءِ إذا قَامُوا إلى الصَّلاَةِ وَهُمْ مُحْدِثُونَ. وقد ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ السيدة عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين ـ رضي اللهُ عنها ـ حِينَ فَقَدَتِ الْعِقْدَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ. وَمَضْمُونُ هَذِهِ الْآيَةِ دَاخِلٌ فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَأَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَفِيمَا ذُكِرَ مِنْ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ مِنْ إِتْمَامِ النِّعَمِ.
قَوْله تعالى شأنُه: {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِهِ: عَلَى أَقْوَالٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هَذَا لَفْظٌ عَامٌّ فِي كُلِّ قِيَامٍ إِلَى الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَائِمُ مُتَطَهِّرًا أَوْ مُحْدِثًا، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَكَانَ أميرُ المؤمنين سيدُنا عَلِيٌّ ـ رضي اللهُ عنه ـ يَفْعَلُهُ وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ، ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ الْخُلَفَاءُ يَتَوَضَّؤونَ لِكُلِّ صلاة. فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا مُحْكَمَةٌ لَا نَسْخَ فِيهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْخِطَابُ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْغَسِيلُ (لُقِّبَ حنظلةُ ـ رضي اللهُ عنه ـ بالغسيل لأنَّه نَفَرَ حين سَمِعَ الهائِعةَ وهو جُنُبٌ فاسْتُشْهِدَ فغَسَّلَتْهُ المَلائكةُ): إِنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَأُمِرَ بِالسِّوَاكِ وَرُفِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ الْفَغْوَاءِ عَنْ أَبِيهِ ـ وَهُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ دَلِيلَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى تَبُوكَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا إِلَّا وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ، وَلَا يُكَلِّمُ أَحَدًا وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَعْلَمَهُ اللهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْوُضُوءَ إِنَّمَا هُوَ لِلْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَلَبًا لِلْفَضْلِ، وَحَمَلُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمِ ابْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّئُونَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَلَبًا لِلْفَضْلِ، وَكَانَ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَمَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، إِرَادَةَ الْبَيَانِ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَبْلَ وُرُودِ النَّاسِخِ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَا إِيجَابًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَمْرَ إِذَا وَرَدَ، مُقْتَضَاهُ الْوُجُوبُ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الصَّحَابَةِ ـ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ سِيرَتِهِمْ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ الْفَرْضَ فِي كُلِّ وُضُوءٍ كَانَ لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ نُسِخَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ، وَهَذَا غَلَطٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنَّ أُمَّتَهُ كَانَتْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي، وَلِحَدِيثِ سُويْدٍ ابْنِ النُّعْمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ صَلَّى وَهُوَ بِالصَّهْبَاءِ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَهِيَ سَنَةُ سِتٍّ، وَقِيلَ: سَنَةُ سَبْعٍ، وَفَتْحُ مَكَّةَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، فَبَانَ بِهَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْفَرْضَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْفَتْحِ لِكُلِّ صَلَاةٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَقَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لم تكن تَصْنَعُهُ، فَقَالَ: ((عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ)). وإِنَّمَا سَأَلَهُ لِمُخَالَفَتِهِ عَادَتَهُ مُنْذُ صَلَاتِهِ بِخَيْبَرَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، قَالَ حُمَيْدٌ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: وَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ؟ قَالَ: كُنَّا نَتَوَضَّأُ وُضُوءً وَاحِدًا، قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ)). فَكَانَ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ يَتَوَضَّأُ مُجَدِّدًا لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَقَدْ سَلَّمَ عليه رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ السَّلَامِ وَقَالَ: ((إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ)) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مَعْنَى الْآيَةِ "إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ" يُرِيدُ مِنَ الْمَضَاجِعِ يَعْنِي النَّوْمَ، وَالْقَصْدُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يَعُمَّ الْأَحْدَاثُ بِالذِّكْرِ، وَلَا سِيَّمَا النَّوْمُ الَّذِي هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ حَدَثٌ فِي نَفْسِهِ أَمْ لَا؟ وَفِي الْآيَةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، التَّقْدِيرُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مِنَ النَّوْمِ، أَوْ جاءَ أحدٌ منكم مِنَ الغائِطِ أوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ـ يَعْنِي الْمُلَامَسَةَ الصُّغْرَى ـ فَاغْسِلُوا..، فَتَمَّتْ أَحْكَامُ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ. ثُمَّ قَالَ: "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا" فَهَذَا حُكْمُ نَوْعٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّوْعَيْنِ جَمِيعًا: "وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا" النساء: 43. وَقَالَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَعْنَى الْآيَةِ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثِينَ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ عَلَى هَذَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، بَلْ تَرَتَّبَ فِي الْآيَةِ حُكْمُ وَاجِدِ الْمَاءِ إِلَى قَوْلِهِ: "فَاطَّهَّرُوا" وَدَخَلَتِ الْمُلَامَسَةُ الصُّغْرَى فِي قَوْلِهِ "مُحْدِثِينَ". ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا" حُكْمَ عَادِمِ الْمَاءِ مِنَ النَّوْعَيْنِ جَمِيعًا، وَكَانَتِ الْمُلَامَسَةُ هِيَ الْجِمَاعَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ الْجُنُبَ الْعَادِمَ الْمَاءَ كَمَا ذَكَرَ الْوَاجِدَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ الشَّافِعِيِّ وغيرِه، وعليه تَجئُ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ كَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ ـ رضي اللهُ تعالى عنهم. وَهَذَانَ التَّأْوِيلَانِ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَعْنَى "إِذا قُمْتُمْ" إِذَا أَرَدْتُمْ، كَمَا قال تعالى: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} النحل: 98، أَيْ إِذَا أَرَدْتَ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ حَالَةَ الْقِيَامِ إلى الصَلاةِ لا يُمْكِنُ.
قولُه تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} ذَكَرَ تَعَالَى أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ: الْوَجْهَ
وَفَرْضُهُ الْغَسْلُ، وَالْيَدَيْنِ كَذَلِكَ وَالرَّأْسَ وَفَرْضُهُ الْمَسْحُ ـ اتِّفَاقًا ـ وَاخْتُلِفَ
فِي الرِّجْلَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي، لَمْ يُذْكَرْ سِوَاهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهَا آدَابٌ وَسُنَنٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَا بُدَّ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ نَقْلِ الْمَاءِ إِلَيْهِ، وَإِمْرَارِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ حَقِيقَةُ الْغَسْلِ. وَقَالَوا: إِنَّمَا عَلَيْهِ إِجْرَاءُ الْمَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَلْكٌ بِيَدِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إِذَا انْغَمَسَ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ وَغَمَسَ وَجْهَهُ أَوْ يَدَهُ وَلَمْ يُدَلِّكْ يُقَالُ: غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حُصُولِ الِاسْمِ، فَإِذَا حَصَلَ كَفَى. وَالْوَجْهُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ، وَهُوَ عُضْوٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَعْضَاءٍ وَلَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ، فَحَدُّهُ فِي الطُّولِ مِنْ مُبْتَدَأِ سَطْحِ الْجَبْهَةِ إِلَى مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ، وَمِنَ الْأُذُنِ إِلَى الْأُذُنِ فِي الْعَرْضِ، وَهَذَا فِي الْأَمْرَدِ، وَأَمَّا الْمُلْتَحِي فَإِذَا اكْتَسَى الذَّقَنُ بِالشَّعْرِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا أَوْ كَثِيفًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ تَبِينُ مِنْهُ الْبَشَرَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا فَقَدِ انْتَقَلَ الْفَرْضُ إِلَيْهِ كَشَعْرِ الرَّأْسِ، ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى الذَّقَنِ مِنَ الشَّعْرِ وَاسْتَرْسَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ، فَقَالَ سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا سُئِلَ: هَلْ سَمِعْتَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ اللِّحْيَةَ مِنَ الْوَجْهِ فَلْيُمِرَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَخْلِيلُهَا فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، وَعَابَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ قَالَ: يُحَرِّكُ الْمُتَوَضِّئُ ظَاهِرَ لِحْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِيهَا، قَالَ: وَهِيَ مِثْلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَاجِبٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ فِي الْوُضُوءِ مِنْ وُجُوهٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ. وَذَكَرَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ، إلّا ما رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أنَّه قَالَ: مَا بَالُ الرَّجُلِ يَغْسِلُ لِحْيَتَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ فَإِذَا نَبَتَتْ لَمْ يَغْسِلْهَا، وَمَا بَالُ الْأَمْرَدِ يَغْسِلُ ذَقْنَهُ وَلَا يَغْسِلُهُ ذُو اللِّحْيَةِ؟ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: التَّيَمُّمُ وَاجِبٌ فِيهِ مَسْحُ الْبَشَرَةِ قَبْلَ نَبَاتِ الشَّعْرِ فِي الْوَجْهِ ثُمَّ سَقَطَ بَعْدَهُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ. فَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَنْ جَعَلَ غَسْلَ اللِّحْيَةِ كُلِّهَا وَاجِبًا جَعَلَهَا وَجْهًا، لِأَنَّ الْوَجْهَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ، وَاللهُ قَدْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ أَمْرًا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ صَاحِبَ لِحْيَةٍ مِنْ أَمْرَدَ، فَوَجَبَ غَسْلُهَا بظاهر القرآن لأنَّها بَدلٌ مِنَ البَشَرَةِ.
وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ: وَبِهِ أَقُولُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَغْسِلُ لِحْيَتَهُ، خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، فَعُيِّنَ الْمُحْتَمَلُ بِالْفِعْلِ. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ تَخْلِيلَ لِحْيَتِهِ عَامِدًا أَعَادَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ـ رضي اللهُ عنه ـ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَمَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلُ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْمَأْمُورَ بِغَسْلِهِ الْبَشَرَةُ، فَوَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ فَوْقَ الْبَشَرَةِ، وَمَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ تَحْتَهُ مَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ، فَيَكُونُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بَدَلًا مِنْهُ. وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي غَسْلِ مَا وَرَاءَ الْعِذَارِ إِلَى الْأُذُنِ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: لَيْسَ مَا خَلْفَ الصُّدْغِ الَّذِي مِنْ وَرَاءِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ إِلَى الذَّقَنِ مِنَ الْوَجْهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: الْبَيَاضُ بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ مِنَ الْوَجْهِ. وَغَسْلُهُ وَاجِبٌ، وَنَحْوَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. وَقِيلَ: يُغْسَلُ الْبَيَاضُ اسْتِحْبَابًا، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ إِلَّا لِلْأَمْرَدِ لَا لِلْمُعْذِرِ (مَنْ نَبَتَ شعرُ عِذاره} وهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْمُوَاجَهَةُ أَمْ لَا؟ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَبِسَبَبِ هَذَا الِاحْتِمَالِ اخْتَلَفُوا هَلْ يَتَنَاوَلُ الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْوَجْهِ بَاطِنَ الْأَنْفِ وَالْفَمِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: يُعِيدُ مَنْ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ فِي وُضُوئِهِ وَلَا يُعِيدُ مَنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ. وَقَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ: هُمَا سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الظَّاهِرَ دُونَ الْبَاطِنِ، وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّي وَجْهًا إِلَّا مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي كِتَابِهِ، وَلَا أَوْجَبَهُمَا الْمُسْلِمُونَ، وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ، وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ. وَأَمَّا الْعَيْنَانِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ دَاخِلَ الْعَيْنَيْنِ لَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْضَحُ الْمَاءَ فِي عَيْنَيْهِ، وإنَّما سَقَطَ غَسْلُهُما للتَأَذّي بِذَلِكَ وَالْحَرَجِ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلِذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَمَّا عَمِيَ يَغْسِلُ عَيْنَيْهِ إِذْ كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِذَلِكَ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا مِنْ حُكْمِ الْوَجْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، كَمَا لَا بُدَّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ عُمُومِ الرَّأْسِ مِنْ مَسْحِ جُزْءٍ مَعَهُ مِنَ الْوَجْهِ لَا يَتَقَدَّرُ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ مِنْ
أُصُولِ الْفِقْهِ وَهُوَ: "أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبٌ مِثْلُهُ" وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ، لِقَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)). قَالَ الْبُخَارِيُّ: فَدَخَلَ فِيهِ الْإِيمَانُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالْأَحْكَامُ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ} الإسراء: 84، يَعْنِي عَلَى نِيَّتِهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)). وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا حَاجَةَ إِلَى نِيَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، قَالُوا: لَا تَجِبُ النِّيَّةُ إِلَّا فِي الْفُرُوضِ الَّتِي هِيَ مَقْصُودَةٌ لِأَعْيَانِهَا وَلَمْ تُجْعَلْ سَبَبًا لِغَيْرِهَا، فَأَمَّا مَا كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ فِعْلٍ آخَرَ فَلَيْسَ يَجِبُ ذَلِكَ فِيهِ بِنَفْسِ وُرُودِ الْأَمْرِ إِلَّا بِدَلَالَةٍ تُقَارِنُهُ، وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ، فَإِنَّ مَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَرْضُ الطَّهَارَةِ، كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ. واحْتَجَّ عُلَمَاؤُنَا وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ" فَلَمَّا وَجَبَ فِعْلُ الْغَسْلِ كَانَتِ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْفِعْلِ، لأنَّ الْفَرْضَ مِنْ قِبَلِ اللهِ تَعَالَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِعْلُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، فَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ النِّيَّةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَصْدُ إِلَى فِعْلِ مَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي اغْتَسَلَ تَبَرُّدًا أَوْ لِغَرَضٍ مَا، قَصَدَ أَدَاءَ الْوَاجِبِ، وَصَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُضُوءَ يُكَفِّرُ، فَلَوْ صَحَّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لَمَا كَفَّرَ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ} البَيِّنَةُ: 5.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إِنَّ مَنْ خَرَجَ إِلَى النَّهْرِ بِنِيَّةِ
الْغُسْلِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ خَرَجَ إِلَى الْحَمَّامِ فَعَزَبَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بَطَلَتِ النِّيَّةُ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَرَكَّبَ عَلَى هَذَا سَفَاسِفَةُ الْمُفْتِينَ أَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَأَوْرَدُوا فِيهَا نَصًّا عَمَّنْ لَا يُفَرِّقُ بيْن الظَنِّ واليَقينِ بأنَّه قال: يَجُوزُ أَنْ تَتَقَدَّمَ فِيهَا النِّيَّةُ عَلَى التَّكْبِيرِ، وَيَا للهِ وَيَا لَلْعَالَمِينَ مِنْ أُمَّةٍ أَرَادَتْ أَنْ تَكُونَ مُفْتِيَةً مُجْتَهِدَةً فَمَا وَفَّقَهَا اللهُ وَلَا سَدَّدَهَا!، اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ عَنْ مَرْتَبَةِ الِاتِّفَاقِ سُومِحَ فِي تَقْدِيمِهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِيهَا، وَهِيَ أَصْلٌ مَقْصُودٌ، فَكَيْفَ يُحْمَلُ الْأَصْلُ الْمَقْصُودُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عَلَى الْفَرْعِ التَّابِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ! هَلْ هَذَا إِلَّا غَايَةُ الْغَبَاوَةِ؟ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّ الشَّرْعَ رَفَعَ الْحَرَجَ فِيهِ لَمَّا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ فِي وَقْتِ الْغَفْلَةِ بِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ} اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دُخُولِ الْمَرَافِقِ فِي التَّحْدِيدِ، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُ: نَعَمْ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ "إِلَى" إِذَا كَانَ مِنْ نَوْعِ ما قبلها دخل فيه. وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ الْمِرْفَقَانِ فِي الْغَسْلِ، وَالرِّوَايَتَانِ مَرْوِيَّتَانِ عَنْ مَالِكٍ، وَالْأُولَى عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى مَرْفِقَيْهِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ "إِلَى" بِمَعْنَى مَعَ، كَقَوْلِهِمْ: الذَّوْدُ إِلَى الذَّوْدِ إِبِلٌ، وهو مثلٌ معناه: القليلُ يُضَمُّ إلى القليلِ فيَصيرُ كثيرًا. والذَّوْدُ هو القطيعُ مِنَ الإبِلِ الثلاثُ إلى التِسْعِ: وقيل: ما بيْنَ الثلاثِ إلى العَشْرِ، وقيلَ: مِنْ ثلاثٍ إلى خَمْسَ عَشْرَةَ، وقيلَ غيرُ ذلك، فمعنى إلى الذَّوْدِ مَعَ الذَّوْدِ، وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، لأَنَّ الْيَدَ عِنْدَ الْعَرَبِ تَقَعُ عَلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْكَتِفِ، وَكَذَلِكَ الرِّجْلُ تَقَعُ عَلَى الْأَصَابِعِ إِلَى أَصْلِ الْفَخِذِ، فَالْمِرْفَقُ دَاخِلٌ تَحْتَ اسْمِ الْيَدِ، فَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى مَعَ الْمَرَافِقِ لَمْ يُفِدْ، فَلَمَّا قَالَ: "إِلَى" اقْتَطَعَ مِنْ حَدِّ الْمَرَافِقِ عَنِ الْغَسْلِ، وَبَقِيَتِ الْمَرَافِقُ مَغْسُولَةً إِلَى الظُّفْرِ، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ يَجْرِي عَلَى الْأُصُولِ لُغَةً وَمَعْنًى، فإِنَّ قَوْلَهُ "إِلَى الْمَرافِقِ" حَدٌّ لِلْمَتْرُوكِ مِنَ اليدين لا للمَغْسُولِ فيهِ، ولذلك تدخل المَرافِقُ في الغَسْلِ. ولمَّا كَانَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ تَنْطَلِقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِالْوُضُوءِ إِبْطَهُ وَسَاقَهُ وَيَقُولُ: سَمِعْتُ خَلِيلِي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: ((تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ)). أخرجه أحمدُ ومسلمٌ والنَّسائيُّ وابنُ أبي شيبة، وأبو عوانة. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالنَّاسُ مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِ هَذَا، وَأَلَّا يَتَعَدَّى بِالْوُضُوءِ حُدُودَهُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((فَمَنْ زَادَ فَقَدْ تَعَدَّى وَظَلَمَ)). رواهُ الطَبَرانيُّ في الكبيرِ وله في الصحيح حديث غير هذا. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ هَذَا الْفِعْلُ مَذْهَبًا لَهُ وَمِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ يَحْكِهِ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ)) وَمِنْ قَوْلِهِ: (تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ) كَمَا ذُكِرَ. (والغُرُّ جَمْعُ الأغَرِّ، مِنَ الغُرَّةِ، وهي بياضُ الوَجْهِ).
قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} تَقَدَّمَ فِي "النِّسَاءِ" أَنَّ الْمَسْحَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ. وَأَمَّا الرَّأْسُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْجُمْلَةِ الَّتِي يَعْلَمُهَا النَّاسُ ضَرُورَةً وَمِنْهَا الْوَجْهُ، فَلَمَّا ذَكَرَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي الْوُضُوءِ وَعَيَّنَ الْوَجْهَ لِلْغَسْلِ بَقِيَ بَاقِيةٌ لِلْمَسْحِ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرِ الْغَسْلَ لَلَزِمَ مَسْحُ جَمِيعِهِ، مَا عَلَيْهِ شَعْرٌ مِنَ الرَّأْسِ وَمَا فِيهِ الْعَيْنَانِ وَالْأَنْفُ وَالْفَمُ، وَقَدْ أَشَارَ مَالِكٌ فِي وُجُوبِ مَسْحِ الرَّأْسِ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنِ الذِي يَتْرُكُ بَعْضَ رَأْسِهِ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ تَرَكَ غَسْلَ بَعْضِ وَجْهِهِ أَكَانَ يُجْزِئُهُ؟ وَوَضَحَ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ، وَأَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الرَّأْسِ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ حَيْثُ قَالَ: هُمَا مِنَ الْوَجْهِ يُغْسَلَانِ مَعَهُ، وَخِلَافًا لِلشَّعْبِيِّ، حَيْثُ قَالَ: مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مِنَ الْوَجْهِ وَظَاهِرُهُمَا مِنَ الرَّأْسِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ، وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الرَّأْسُ رَأْسًا لِعُلُوِّهِ وَنَبَاتُ الشَّعْرِ فِيهِ، وَمِنْهُ رَأْسُ الْجَبَلِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الرَّأْسَ اسْمٌ لِجُمْلَةِ أَعْضَاءٍ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ الشنفرى الأزدي:
إِذَا احْتَمَلُوا رَأْسِيَ وَفِي الرَّأْسِ أَكْثَرِي ..... وَغُودِرَ عِنْدَ الْمُلْتَقَى ثَمَّ سَائِرِي
وهو مِنْ أَبياتٍ شهيرةٍ لَهُ وهي:
لاَ تَقْبُرُونِي إن قَبْرِي مُحَرَّمٌ ................ عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أبِشرِي أمَّ عَامِرِ  
إذَا احْتَمَلُوا رَأْسِي وَفِي الرَّأْسِ أكْثَرِي ..... وَغُودِرَ عِنْدَ الْمُلْتَقى ثَمَّ سَائِرِي  
 هنَالِكَ لا أرْجُو حَيَاةً تَسُرُّنِي ........... سَجِيس اللَّيَالي مُبْسَلاً بالْجَرائِرِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيرِ مَسْحِهِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا، ثَلَاثَةٌ لِأَبِي
حَنِيفَةَ، وَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ، وَسِتَّةُ أَقْوَالٍ لِلمالِكيَّةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْهَا وَاحِدٌ وَهُوَ وُجُوبُ التَّعْمِيمِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ فَقَدْ أَحْسَنَ وَفَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ، وَالْبَاءُ مُؤَكِّدَةٌ زَائِدَةٌ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ: وَالْمَعْنَى وَامْسَحُوا رُؤوسَكُمْ. وَقِيلَ: دُخُولُهَا حَسَنٌ كدُخولِها في التَيَمُّمِ فِي قَوْلِهِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} فَلَوْ كَانَ مَعْنَاهَا التَّبْعِيضُ لَأَفَادَتْهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَهَذَا قَاطِعٌ. وَقِيلَ: إِنَّمَا دَخَلَتْ لِتُفِيدَ مَعْنًى بَدِيعًا وَهُوَ أَنَّ الْغَسْلَ لُغَةً يَقْتَضِي مَغْسُولًا بِهِ، وَالْمَسْحَ لُغَةً لَا يَقْتَضِي مَمْسُوحًا بِهِ، فَلَوْ قَالَ: وَامْسَحُوا رُؤوسَكُمْ لَأَجْزَأَ الْمَسْحُ بِالْيَدِ إِمْرَارًا مِنْ غيرِ شيءٍ عَلَى الرَّأْسِ، فَدَخَلَتِ الْبَاءُ لِتُفِيدَ مَمْسُوحًا بِهِ وَهُوَ الْمَاءُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمُ الْمَاءَ، وَذَلِكَ فَصِيحٌ فِي اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ، إِمَّا على القلبِ كما أَنشَدَ سِيبَوَيْهِ لِخفاف بنِ نُدبَةَ السُلَميِّ يَصِفُ فيه شَفَتَيْ المَرأةِ، فشَبَّهَهُما بِنَواحي رِيشِ الحَمامةِ في الرِّقَّةِ واللَّطافَةِ الاسْتِدارَةِ، وأَرادَ لِثاتَها تَضْرِبُ إلى السُمْرَةِ كأنَّها مُسِحَتْ بالإثْمِدِ وعَصْفُ الإثْمِدِ ما سُحِقَ منه:
كنواحِ ريشِ حَمامَةٍ بِخَدَّيِهِ ............. وَمَسَحْتِ بِاللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الْإِثْمِدِ
وَاللِّثَةُ هِيَ الْمَمْسُوحَةُ بِعَصْفِ الْإِثْمِدِ فَقَلَبَ.
وَإِمَّا عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الفِعْلِ والتَسَاوي في نِسْبَتِهِ كقولِ الأخطلِ يهجو جريرًا:
مِثْلُ الْقَنَافِذِ هَدَّاجُونَ قَدْ بَلَغَتْ ........... نَجْرَانَ أَوْ بلغتْ سوآتِهم هَجَرُ
القنافذ: جمع قنفذ وهو حيوانٌ معروف يختبئ في النهار ويخرج في
الليل، وهَدّاجون: يرتعشون في مشيتهم، وهجرُ: قريةٌ في اليَمَنِ. وكان حقّهُ أنْ يَقولَ (هَجرَ سوءاتُهم) لأنَّ السَوءاتِ هي التي تَبْلُغُ هَجْرَ، وقال أيضًا:
غَداةَ أحلَّتْ لابنِ أَصْرَمَ طَعْنَةٌ ........ حُصينٌ عَبيطاتُ السَّدائِفِ والخمرُ
والعَبيطاتُ: مفعولةٌ، والطَعْنَةُ: فاعلةٌ، فَقَلَبَ أيضًا.  فَهَذَا مَا لِعُلَمَاءِ المالكيَّةِ فِي مَعْنَى الْبَاءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: احْتَمَلَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: "وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ" بَعْضَ الرَّأْسِ وَمَسْحَ جَمِيعِهِ فَدَلَّتِ السُّنَّةُ أَنَّ مَسْحَ بَعْضِهِ يُجْزِئُ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} فِي التَّيَمُّمِ أَيُجْزِئُ بَعْضُ الْوَجْهِ فِيهِ؟ قِيلَ لَهُ: مَسْحُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ بَدَلٌ مِنْ غَسْلِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَسْحِ عَلَى جَمِيعِ مَوْضِعِ الْغَسْلِ مِنْهُ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا. وأَجَابَ عُلَمَاءُ المالكيَّةِ عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنْ قَالُوا: لَعَلَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَعَلَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ لَا سِيَّمَا وَكَانَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي السَّفَرِ وَهُوَ مَظِنَّةُ الْأَعْذَارِ، وَمَوْضِعُ الِاسْتِعْجَالِ وَالِاخْتِصَارِ، وَحَذْفُ كَثِيرٍ مِنَ الْفَرَائِضِ لِأَجْلِ الْمَشَقَّاتِ وَالْأَخْطَارِ، ثُمَّ هُوَ لَمْ يَكْتَفِ بِالنَّاصِيَةِ حَتَّى مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَاجِبًا لَمَا مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَسْحَةً وَاحِدَةً مُوعِبَةً كَامِلَةً تُجْزِئُ. وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ: يَمْسَحُ رَأْسَهُ ثَلَاثًا، وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَمْسَحُ مَرَّتَيْنِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةً، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوُضُوءَ ثَلَاثًا، قَالُوا فِيهَا: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا.
وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَيْنَ يَبْدَأُ بِمَسْحِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ بِيَدَيْهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى مُقَدَّمِهِ، بناءً عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الذي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ. وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَقُولُ: يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ، عَلَى حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ بْنِ عَفْرَاءَ، وَهُوَ حَدِيثٌ يُخْتَلَفُ فِي أَلْفَاظِهِ، وَهُوَ يَدورُ على عبدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَقِيلٍ وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْدَهُمْ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنِ الرُّبَيِّعِ، وَرَوَى ابْنُ عَجْلَانَ عَنْهُ عَنِ الرُّبَيِّعِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَوَضَّأَ عِنْدَنَا فَمَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ، لَا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ مِنْ وَسَطِ رَأْسِهِ. وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الباب حديثُ عبدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَكُلُّ مَنْ أَجَازَ بَعْضَ الرَّأْسِ فَإِنَّمَا يَرَى ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ. وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: أَيُّ نَوَاحِي رَأْسِكَ مَسَحْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ. وَمَسَحَ عُمَرُ الْيَافُوخَ فَقَطْ. وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى اسْتِحْسَانِ الْمَسْحِ بِالْيَدَيْنِ مَعًا، وَعَلَى الْإِجْزَاءِ إِنْ مَسَحَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ. وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ مَسَحَ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى عَمَّ مَا يَرَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنَ الرَّأْسِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ سُفْيَانُ: إِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ، لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ سُنَّةِ الْمَسْحِ وَكَأَنَّهُ لَعِبَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ ضَرُورَةِ مَرَضٍ فَيَنْبَغِي أَلَّا يُخْتَلَفَ فِي الْإِجْزَاءِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يُجْزِئُ مَسْحُ الرَّأْسِ بأقلَّ مِنْ ثلاثِ أَصَابِعَ، وَاخْتَلَفُوا فِي رَدِّ الْيَدَيْنِ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ هَلْ هُوَ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ ـ بَعْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَةَ الْأُولَى فَرْضٌ بِالْقُرْآنِ ـ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ. وَقِيلَ: هُوَ فَرْضٌ. فَلَوْ غَسَلَ مُتَوَضِّئٌ رَأْسَهُ بَدَلَ الْمَسْحِ فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ، إِلَّا مَا أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الشَّاشِيُّ فِي الدَّرْسِ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ ابْنِ الْقَاصِّ مِنْ أَصْحَابِهِمْ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ، وَهَذَا تَوَلُّجٌ فِي مَذْهَبِ الدَّاوُدِيَّةِ الْفَاسِدِ مِنِ اتِّبَاعِ الظَّاهِرِ الْمُبْطِلِ لِلشَّرِيعَةِ الَّذِي ذَمَّهُ اللهُ فِي قوله: {يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا} الروم: 7. وقال تعالى: {أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} الرعد: 33. وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ هَذَا الْغَاسِلُ بِمَا أُمِرَ وَزِيَادَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ زِيَادَةٌ خَرَجَتْ عَنِ اللَّفْظِ الْمُتَعَبَّدِ بِهِ، قُلْنَا: وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَعْنَاهُ فِي إِيصَالِ الْفِعْلِ إِلَى الْمَحَلِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْمَسْحِ.
وَأَمَّا الْأُذُنَانِ فهما الرَّأْسِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَجْدِيدِ الْمَاءِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: يَسْتَأْنِفُ لَهُمَا مَاءً جَدِيدًا سِوَى الْمَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ الرَّأْسَ، عَلَى مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي تَجْدِيدِ الْمَاءِ، وَقَالَ: هُمَا سُنَّةٌ عَلَى حَالِهِمَا لَا مِنَ الْوَجْهِ وَلَا مِنَ الرَّأْسِ، لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْلِقُ مَا عَلَيْهِمَا مِنَ الشَّعْرِ فِي الْحَجِّ، وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي هَذَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُمْسَحَانِ مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَقَالَ دَاوُودُ: إِنْ مَسَحَ أذنيه فحَسَنٌ، وإلَّا فلا شيءَ عَلَيْهِ، إِذْ لَيْسَتَا مَذْكُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ. قِيلَ لَهُ: اسْمُ الرَّأْسِ تَضَمَّنَهُمَا كَمَا بَيَّنَّاهُ. وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ وَأَبِيٍ دَاوُودَ وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي صِمَاخَيْهِ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَدَمُ ذِكْرِهِمَا مِنَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِفَرْضٍ كَغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَثَبَتَتْ سُنَّةُ مَسْحِهِمَا بِالسُّنَّةِ. وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ لِلْمُتَوَضِّئِ تَرْكَ مَسْحِ أُذُنَيْهِ وَيَجْعَلُونَهُ تَارِكَ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُوجِبُونَ عَلَيْهِ إِعَادَةً إِلَّا إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنْ تَرَكَ مَسْحَ أُذُنَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنْ تَرَكَهُمَا عَمْدًا أَحْبَبْتُ أَنْ يُعيدَ. ورُويَ عن عليٍّ بْنِ زِيَادٍ ـ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ ـ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوِ الصَّلَاةِ عَامِدًا أَعَادَ، وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ لِقَائِلِهِ سَلَفٌ وَلَا لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ، ولو كان كذلك لم يُعْرَفِ الْفَرْضُ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. واحْتَجَّ مَنْ قَالَ: هُمَا مِنَ الْوَجْهِ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: ((سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ)) فَأَضَافَ السَّمْعَ إِلَى الْوَجْهِ فَثَبَتَ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا حُكْمُ الْوَجْهِ. رواه الأئمةُ من طُرُقٍ متعددة، وهذه روايةُ مُسلمٍ ـ رحِمَه اللهُ تعالى ـ عن عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ قَالَ: ((وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّى وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَأهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ، لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ)). وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي)). وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ بَعْدُ)). وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)). ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ)).
وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُودَ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ ـ رضي اللهُ عنه: فَغَسَلَ
بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ الْوُضُوءِ؟ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَتَوَضَّأُ. واحْتَجَّ مَنْ قَالَ: يُغْسَلُ ظاهرُهُما مَعَ الوَجهِ، وباطنَها يُمْسَحُ مَعَ الرَّأْسِ بِأَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَدْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَأَمَرَ بِمَسْحِ الرَّأْسِ، فَمَا وَاجَهَكَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ وَجَبَ غَسْلُهُ، لِأَنَّهُ مِنَ الْوَجْهِ وَمَا لَمْ يُوَاجِهْكَ وَجَبَ مَسْحُهُ لِأَنَّهُ مِنَ الرَّأْسِ، وَهَذَا تَرُدُّهُ الْآثَارُ بِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَمْسَحُ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالرُّبَيِّعِ وَغَيْرِهِمْ. واحْتَجَّ مَنْ قَالَ: هُمَا مِنَ الرَّأْسِ بِقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ ف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 6 أولاً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 45 أولاً
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 3 أولاً
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 11
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 43
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 57

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: