روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 127

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  127 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  127 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 127   فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  127 I_icon_minitimeالإثنين يوليو 29, 2013 11:34 am

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)
في الآيةِ الكريمةِ نَهْيٌ عنِ الطَمَعِ الذي يَحمِلُ على الظُلْمِ والحَيْفِ على المُستضعفين مِن النِّساءِ واليَتامى، وبَيانٌ أنَّ المُنْتَقِمَ لَهمُ هو اللهُ العليمُ بكلِّ ما يفعلُ عبادُه، فَمَنْ راقبَ اللهَ فيهم لم يَخسَرْ بَلْ وجَدَ جميلَ الجَزاءِ في الدنيا والآخرة.
قولُه تَبَارَكت أسماؤه: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قلِ اللهُ يُفتيكم فيهنَّ} أيْ يَطلُبونَ منكَ الفَتْوى، واشْتِقاقُ الفَتْوى مِنَ الفَتى وهو الشابُّ القويُّ الحَدَثُ لأنَّها جَوابٌ في حادثةٍ، وإحداثُ حُكْمٍ أو تقويةٌ لِبيانِ مُشْكِلٍ، وهي بالواوِ فَتُفْتَحُ الفاءُ، وبالياءِ فتُضَمُّ، وهي اسْمٌ مِنْ أَفتى العالِمُ إذا بَيَّنَ الحُكمَ واسْتَفْتَيْتُه سألتُه أنْ يُفتي، والجمعُ الفتاوي بكسرِ الواوِ على الأصلِ، ويَجوزُ الفتحُ للتخفيفِ. "في" شأن "النساء" وميراثِهِنَّ "قل" لهم "اللهُ يُفتيكم فيهِنَّ".
رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ
فَلَا يُجِيبُ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: "وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ". و{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى} النساء: 12. و{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} البقرة: 216. و{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ} طه: 105. و{يسألونكَ ماذا ينفقون} البقرة: 119. و{يسألونكَ عن الساعة} الأعراف: 187. والنازعات: 42. و{يسألونك عن المحيض} البقرة: 222...
وجاء في سَبَبِ نُزولِ هذه الآيةِ أنَّ قومًا مِنَ الصحابةِ سألوا عن أمرِ النِّساءِ وأحكامِهِنَّ في المِيراثِ وغيرِه، فأمَرَ اللهُ نبيَّه ـ صلى اللهُ عليْه وآلِهِ وسلَّمَ ـ أنْ يَقولَ لَهم إنَّ اللهَ يُبيِّنُ لكم حُكمَ ما سَأَلتم عنه.
وعن ابنِ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ عنهما: نَزَلَتْ هذه الآيةُ في بَناتِ أُمِّ كُجَّةَ ومِيراثِهِنَّ.
وروى البُخاريُّ عن أُمِّ المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي اللهُ عنها قالت في تفسيرِ هذه الآيةِ: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ هُوَ وَلِيُّهَا ووارثُها فأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعَذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فَيَشْرَكَهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلُهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أنّها ـ رضي اللهُ عنها ـ قَالَتْ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: "وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ .." الْآيَةَ، قَالَتْ: وَالَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يتلى عليه فِي الْكِتَابِ، الْآيَةُ الْأَوْلَى الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {وَإِنْ
خِفتُمْ أنْ لا تُقْسِطُواْ فِي اليتامى فانكحوا ماطاب لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ}.
وأخرج ابنُ جريرٍ وابنُ المُنذِرِ عن ابْنِ جُبيرٍ قال: كان لا يرث إلَّا الرجلُ الذي قد بَلَغَ أنْ يَقومَ في المالِ ويَعمَلَ فيه، ولا يَرِثُ الصغيرُ ولا المرأةُ شيئًا، فلمَّا نَزَلَتِ المَواريثُ في سورةِ النِّساءِ شَقَّ ذلك على الناسِ، وقالوا: أَيَرِثُ الصَغيرُ الذي لا يَقومُ في المالِ والمرأةُ التي هي كذلك فيرثان كما يَرِثُ الرجل؟ فرَجَوا أنْ يأتيَ في ذَلكَ حَدَثٌ مِنَ السماءِ، فانتَظروا، فلمّا رَأوا أنَّه لا يَأتي حَدَثٌ قالوا: لئن تَمَّ هذا إنَّه لَواجِبٌ ما عنْه بُدٌّ، ثمَّ قالوا: سَلوا، فسألوا النبيَّ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ فأنزلَ اللهُ تعالى هذه الآية.
وأَخرجَ عبدٌ بنُ حميدٍ عن مُجاهِدَ قال: كان أهلُ الجاهليَّةِ لا يُورِّثون النِّساءَ ولا الصِبْيانَ شيئًا، كانوا يقولون لا يَغزُونَ ولا يَغْنَمونَ خيْرًا فنَزَلَتْ. ففرضَ اللهُ لهنَّ الميراثَ حقًّا واجبًا.
وعن إبراهيم قال: كانوا إذا كانتْ الجاريةُ يَتيمَةً دَميمَةً لَمْ يُعطوها مِيراثَها وحَبَسوها مِنَ التَزويجِ حتَّى تموتَ فيَرثونَها فأنزلَ الله هذه الآية.
وهذه الآيةُ رُجوعٌ إلى ما افتُتِحَتْ بِه السورةُ مِن أمرِ النِّساءِ، وكان قد بَقيتْ لهم أحكامٌ لم يَعرِفوها فسَألوا فقيلَ لهم "الله يفتيكم".
قولُه: {وما يُتلى عليكم في الكِتابِ} أي القُرآنِ الذي يُتلى عليكُم يُفتيكم فيهِنَّ، والمَتْلُو في الكتاب في معنى اليَتامى قولُه تعالى: {وإن خِفتمْ ألَّا تُقْسِطوا في اليتامى} وقيلَ المُرادُ بالكِتابِ اللوحُ المَحفوظُ، والغَرَضُ منْه تعظيمُ حالِ هذه الآيةِ التي تُتلى عليكم، وأنَّها في اللَّوحِ المَحفوظِ، وأنَّ العدلَ والإنصافَ في حقوقِ اليَتامى مِنْ أَعْظَمِ الأمورِ عندَ اللهِ التي تَجِبُ مُراعاتُها وأنَّ المُخِلَّ بها ظالمٌ.
قولُه: {اللاتي لا تؤتونهنّ ما كتب لهن} أي فُرِضَ "لَهُنَّ" مِنَ المِيراثِ، وقِيلَ مِنَ الصَّداقِ وغيرِه.
قولُه: {وتَرْغَبونَ أنْ تَنكِحوهُنَّ} ترغبون: بجمالهن ومالِهِنَّ، بتَقديرِ "في" أوْ لِعَدَمِ جَمَالِهِنَّ ودَمامَتِهِنَّ بتقديرِ "عَنْ"، والآيةُ مُحْتَمِلَةٌ للوَجْهيْنِ.
قولُه: {والمستضعفين من الولدان} عطفٌ على قولِه "يتامى النساء" وما يُتلى في حَقِّهِنَّ، وهو قولُه {يُوصيكمُ اللهُ في أولادٍكم) الآية.
قولُه: {وأَنْ تقوموا لليتامى بالقِسْطِ} "و" يأمرُكم، "أن تقوموا لليتامى بالقِسطِ: أيْ العَدْلِ في مُهورِهِنَّ ومَواريثِهِنَّ.
قولُه: {وما تفعلوا من خير} أو مِنْ شرٍّ في حقوقِ المَذكورين ففيه اكْتِفاءٌ.
قولُه: {فإنَّ اللهَ كان بِه عليمًا} فيُجازيكم بِحَسَبِ فِعلِكم مِنْ خيرٍ كان أو من شَرٍّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ} مَا: فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، عَطْفٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى: وَالْقُرْآنُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ، وفي "مَا يُتلى" سبعةُ أوْجُهٍ، وذلك أنَّ مَوضِعَ "ما" يَحتَمِلُ أنْ يكون رفعًا أو نَصْبًا أوْ جَرًّا. فالرفعُ من ثلاثةِ أوْجُهٍ، الأوَّلُ: أنْ يكونَ مَرْفوعًا عطفًا على الضَميرِ المُسْتَكِنِّ في "يُفتيكم" العائدِ على اللهِ تعالى، وجازَ ذلكَ للفصلِ بالمَفعولِ والجارِّ والمَجرورِ مَعَ أنَّ الفصلَ بأحدِهما كافٍ. والثاني: أنَّه معطوفٌ على لَفظِ الجَلالَةِ فقط، وفيه نَظَرٌ، لأنَّه: إمَّا أَنْ يُجعَلَ مِنْ عطفِ مُفرَدٍ على مُفرَدٍ فكان يَجبُ أنْ يُثَنَّى الخبرُ وإنْ تَوَسَّطَ بيْن المُتعاطِفيْن فيقال: "يُفْتِيانِكم"، إلاَّ أنَّ ذلك لا يَجوزُ، ومَنِ ادَّعى جَوازَه يَحْتاجُ إلى سماعٍ مِنَ العَرَبِ فيُقالُ: "زيدٌ قائمان وعَمْرٌو" ومثلُ هذا لا يجوزُ. وإم‍َّا أَنْ يُجْعَلَ من عطفِ الجُمَلِ بِمعنى أنَّ خبرَ الثاني محذوفٌ أي: وما يُتلى عليكم يُفْتيكم، فيكونَ هذا هو الوجهَ الثالث. والثالثُ مِنْ أَوْجُهِ الرّفعِ: أنَّه رَفْعٌ بالابتداءِ وفي الخبرِ احتِمالانِ، أحدُهما: أنَّه الجارُّ بعدَه وهو "في الكتاب" والمرادُ بما يُتلى، القرآنُ، وبالكتابِ اللوحُ المحفوظُ، وتكونُ هذه الجُملةُ مُعتَرِضَةً بيْنَ البَدَلِ والمُبدَلِ منْه على ما سيأتي بيانُه. وفائدةُ الإخبارِ بذلك تعظيمُ المَتْلُوِّ ورفعُ شأنِه، ونحوَه: {وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} الزخرف: 4. والاحتمالُ الثاني: أنَّ الخبرَ محذوفٌ: أي: والمَتْلُوُّ عليكم في الكتابِ يُفْتيكم، أو يبيِّنُ لكم أحكامَهُنَّ، فهذه أربعةُ أوْجُهٍ.
والجَّرُّ من وجهيْن، أوّلهما: أنْ تكونَ الواوُ للقَسَمِ، وأَقسَمَ اللّهُ ـ سبحانَه ـ بالمَتْلُوِّ في شأنِ النِّساءِ تعظيمًا له كأنَّه قيلَ: وأُقْسم بما يُتْلى عليكم في الكتاب، والثاني: أنَّه عطفٌ على الضمير المجرورِ بـ "في" أي: يُفْتيكم فيهنَّ وفيما يتلى، فقد أفتاهُمُ اللهُ فيما سألوا عنه وفيما لم يَسْألوا إلَّا أنَّ هذا ضعيفٌ مِنْ حيثُ الصِناعةُ، لأنَّه عطفٌ على الضميرِ المجرورِ مِنْ غيرِ إعادةٍ الجارِّ وهو رأيُ الكُوفيِّين، وهذا بعيدٌ بالنسبةِ إلى اللفظِ وإلى المعنى: أمَّا اللفظُ فإنَّه يَقتَضي عطفَ المُظْهَرِ على المُضْمَرِ، وأمَّا المعنى فلأنَّه ليس المرادُ أنَّ اللَّهَ يُفتيكم في شأنِ ما يُتْلى عليكم في الكتاب، وذلك غيرُ جائزٍ كما لم يَجُزْ في قولِه {تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام} النساء: 1. يَعني من غيرِ إعادةِ الجارِّ.
والنصبُ بإضمارِ فعلٍ أيْ: ويُبَيِّنُ لكم ما يُتْلى، لأنَّ "يُفْتيكم" بمعنى يبيِّن لكم.
قوله: {فِي الكتاب} يجوزُ فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُهما: أنَّه متعلِّقٌ بـ "يُتْلى" والثاني: أنَّه متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من الضميرِ المُسْتَكِنِّ في "يتلى" والثالثُ: أنَّه خبر "ما يتلى" على الوجهِ الصائرِ إلى أنَّ "ما يتلى" مبتدأ، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ أيضًا، إلاَّ أنَّ محلَّه على هذا الوجهِ رفعٌ، وعلى ما قبلِه نصبٌ.
قولُه: {في يَتامى النِّساءِ} فيه خمسةُ أَوْجُهٍ أَحَدُها: أنَّه بَدَلٌ مِن "في الكتاب" وهو بَدَلُ اشْتِمالٍ ولا بُدَّ مِنْ حذفِ مُضافٍ، أيْ في حُكمِ يَتامى النساء. الثاني: أنْ يتعلَّقَ بِـ "يُتْلى". الثالث: أنَّه بدلٌ مِن فيهِنَّ بإعادةِ العامِلِ. الرابع: أنْ يَتَعلَّقَ بنفسِ الكِتابِ أيْ فيما كُتِبَ في حكمِ اليتامى. الخامس: أنَّه حالٌ، أيْ كائنًا في حكمِ يَتامى النساءِ، والإضافةُ مِن بابِ إضافةِ الصِفَةِ إلى الموصوفِ إذِ الأصلُ في النِّساءِ اليَتامى، وهذا لا يجوزُ عند البَصريّين، ويؤوِّلون ما وَرَدَ من ذلك. وهو أيضاً من بابِ إضافةِ الخاصِّ إلى العامِّ لأنَّهنَّ يَنقَسِمْنَ إلى يَتامى وغيرِ يتامى.
والجمهور على "يتامى" جمع يتيمَةٍ. وقَرَأ أبو عبد الله المدني: ييامى بياءين مِنْ تحتُ، وخَرَّجه ابْنُ جِنِّي على أنَّ الأصلَ "أَيامى" فأَبْدَل مِنَ الهمزةِ ياءً، كما قالوا: "فلانٌ ابنُ أَعصُرٍ ويَعْصُرٍ"، والهمزةُ أصلٌ، سُمِّي بذلك لقولِه:
أبْنَيَّ إنَّ أباكَ غَيَّر لونَه .................... كَرُّ الليالي واختلافُ الأعْصُرِ
وهم يُبْدلون الهمزةَ من الياء كقولهم: "قَطَعَ اللهُ أَدَاهُ" يُريدون: يَداه، فلذلك يُبْدِلون منها الياءَ، و"أيامى" جمعُ "أَيِّمٍ" بوزنِ فَيْعِلٍ، ثمَّ كُسِّر على أيايمَ، كَـ "سيِّدٍ وسيايدٍ"، ثم قُلِبَتِ اللامِ إلى موضعِ العين، والعين إلى مَوضِعِ اللّامِ فصارَ اللَّفظُ "أَيامي" ثمَّ قُلِبتِ الكَسرةُ فتحةً لِخِفَّتِها، فتَحرَّكت الياءُ وانْفَتَحَ ما قبلَها فقُلِبتْ أَلِفاً فصارَ: "أيامى" فوزنُه فَياعل. وقال أبو الفتح أيضاً: ولو قيلَ إنَّه كُسِّرَ أيِّمٌ على فَعْلى كـ "سَكْرى" ثمَّ كُسِّر ثانياً على "أيامى" لَكانَ وجهًا حسنًا. وقرئ: "ما كَتَبَ اللَّهُ لهنَّ" بتسميَةِ الفاعِلِ.
قوله: {وَتَرْغَبُونَ} فيه أوجُهٌ، أظهرُها: أنَّه معطوفٌ على الصلةِ عطفَ جملةٍ مُثْبَتَةٍ على جُملَةٍ مَنفِيَّةٍ، أي: اللاتي لا تؤتونَهُنَّ واللاتي تَرغبون أنْ تَنكوحوهُنَّ، كقولِكَ: "جاء الذي لا يَبْخَلُ ويُكْرِمُ الضيفان" والثاني: أنَّه معطوفٌ على الفعلِ المنفيِّ بـ "لا" أي: لا تؤتونَهُنَّ ولا تَرغبونَ. والثالثُ: أنَّه حالٌ مِن فاعلِ "تؤتونهن" أي: لا تؤتونَهُنَّ وأنتم راغبون في نِكاحِهِنَّ. وفي الوجهين الأخيرين نَظرٌ: أمَّا الأوَّلُ فلِخِلافِ الظاهر، وأمَّا الثاني فلأنَّه مُضارِعٌ مُثْبَتٌ، فلا تدخُلُ عليه الواوُ إلَّا بتأويلٍ لا حاجةَ لنا بِه هَهنا.
وقولُه: {أَن تَنكِحُوهُنَّ} على حَذْفِ حرفِ الجَرِّ ففيه الخِلافُ المشهورُ: أهي في محلِّ نصبٍ أم جرٍّ؟ واختُلِفَ في تقدير حرف الجر فقيل: هو "في" أي: ترغبون في نكاحهِنَّ لجمالِهِنَّ ومالِهنَّ، وقيل: هو "عن" أي: ترغبون عن نكاحِهِنَّ لقُبْحِهِنَّ وفَقرِهِنَّ، وكان الأولياءُ كذلك: إنْ رَأَوْها جميلةً مُوسِرَةً تزوَّجَها ولِيُّها، وإلاَّ رغبَ عنها. وهنا سؤال: وهو أنَّ أهلَ العربية ذكروا أنَّ حرفَ الجَرِّ يجوزُ حذفُه باطِّرادٍ مع "أَنْ" و"أنَّ" بشرطِ أَمْنِ اللَّبْسِ، يَعني أنْ يكونَ الحرفُ متعيِّنًا نحو: "عجبت أن تقوم" أي: مِن أنْ تقومَ، بخلافِ "مِلْتُ إلى أن تقوم" أو "عن أن تقوم" والآيةُ من هذا القبيل. والجواب: أنَّ المَعنَيَيْنِ صالِحانِ يَدُلُّ عليْه ما ذكرنا مِن سَبَبِ النزولِ فصار كلٌّ منَ الحرفيْن مُراداً على سبيلِ البَدَلِ.
قوله: {والمستضعفين} فيه ثلاثةُ أَوْجُه الأول ـ وهو الظاهر ـ أنَّه معطوفٌ على "يتامى النساء" أي: ما يتلى عليكم في يتامى النِساءِ وفي المستضعفين، والذي تُلي عليهم فيهم قولُه: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} النساء: 11. والثاني: أنَّه في محلِّ جَرٍّ عطفاً على الضمير في "فيهن" وهذا رأيٌ كوفي. والثالث: أنَّه منصوبٌ عطفًا على مَوضِعِ "فيهن" أي: ويُبيِّنُ حالَ المُسْتَضعفين. وهذا التقديرُ يَدْخُلُ في مذهبِ البَصريّين، حيثُ يُعْطَفُ على الضميرِ المَجرورِ مِنْ غيرِ إعادَةِ الجَارِّ.
قولُه: {وَأَن تَقُومُواْ} فيه خمسةُ أوجه: الثلاثة المذكورة فيما قبلَه فيكون هو كذلك لِعطفِه على ما قبلَه، والمَتلُوُّ عليهم في هذا المعنى قولُه: {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} النساء: 2, ونحوُه. والرابع: النصبُ بإضمار فعلٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً بإضمارِ "يأمركم" بمعنى: ويأمركم أن تقوموا، وهو خطابٌ للأئمَّة بأَنْ ينظروا إليهم ويَستوفوا لهم حقوقَهم ولا يَدَعوا أحدًا يَهْتَضِمُ جانبَهم، فهذا الوجهُ مِنَ النَصْبِ غيرُ الوجهِ الذي ذُكِر فيما قبلُ والخامس: أنَّه مبتدأٌ وخبرُه محذوفٌ أي: وقيامُكم لليَتامى بالقِسْطِ خيرٌ لكم. وأولُ الأوجُهِ أوجَهُها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 127
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 41
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 14
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 29
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 62
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 78

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: