عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 61 الثلاثاء مايو 21, 2013 9:27 am | |
| وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً. (61) كلُّ شيءٍ سِوى كَلِمَةِ الحَقِّ فهو خَفيفٌ على المُنافقين، فأمّا التوحيدُ فلا يَسمَعُ كَلِمَتَه إلَّا مُخْلِصٌ، وأهلُ الفَتْرَةِ في اللهِ وأصحابُ النَفْرَةِ عنْه لا يَسمَعُون ما هو الحقّ؛ لأنَّ مُخالَفَةَ الهَوى تَشُقُّ على غيرِ الصِدِّيقين. وكما أنَّ ناظِرَ الخَلْقِ لا يَقوى على مُقابَلَةِ الشَمْسِ فكذلِكَ المُنافقون لم يُطيقوا الثَباتَ لَه ـ صلى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ ـ فلِذلك كان صُدودُهم.قولُه تبارك وتعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرسول رأيتَ المنافقين يَصُدّون عنكَ صُدودًا} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ" أي لأولئك الزاعمين {أَنَّهُمْ ءامَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أَنَزلَ مِن قَبْلِكَ} "تَعَالَوْاْ" نِداءٌ بمعنى: أقْبِلوا، ولكنَّ كَلِمَةَ "أقبلوا" تَعني الإقبال على المُساوي لكَ، أمَّا كلمةُ: "تعالوا" فهي تَعني الإقبالَ على الأعلى. "إلى مَا أَنزَلَ الله" في القرآنِ الكريمِ مِنَ الأحكامِ "وَإِلَى الرسول" المبعوثِ للحُكمِ بِذلك "رَأَيْتُ" أي أبصرتَ أو عَلِمْتَ، فهي مِن رُؤيةِ البَصَرِ، أي: مُجاهَرَةً وتصريحاً. أو مِنْ رُؤيةِ القَلْبِ، أي: "عَلِمْتَ". "المنافقين" وهمُ الزّاعمون، وهذا الإظهارُ في مقامِ الإضمارِ للتَشنيعِ عليهم بالنِّفاقِ وذَمِّهم بِه والإشعارِ بعِلَّةِ الحُكْمِ، أيْ: رأيتَهم لِنِفاقِهم "يَصِدُّونَ" أيْ: يُعْرِضونَ "عَنكَ صُدُوداً" أيْ: إعْراضًا أيُّ إعْراضٍ. وهذه الجُملةُ تَكْمِلَةٌ لِمادَّةِ التَعجيبِ بِبيانِ إعْراضِهم عنِ التَحاكُمِ إلى كتابِ اللهِ ـ تعالى ـ ورسولِه ـ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ ـ صَريحًا، إثْرَ بَيانِ إعراضِهم عن ذلكَ في ضِمْنِ التَحاكُمِ إلى الطاغوتِ.قوله تعالى: {يصدُّون} في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ. أو في محلِّ المَفعولِ. وقولُه: {صدوداً} أيضاً فيه وجهان، إمَّا أنَّه اسْمُ مَصْدَرٍ، والمَصدرُ إنَّما هو الصَدُّ، وهذا اختيارُ ابنِ عطيَّة، وعزاه مكيّ للخليلِ بنِ أَحمد. أو هو مصدرٌ بنفسِه، يُقالُ: صَدَّ صَدًّا وصُدوداً، وقالَ بعضُهم: الصُّدودُ: مصدرُ "صَدَّ" اللازم، والصَّدُّ مصدرُ "صَدَّ" المُتَعدي، نحو: {فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل} النمل: 24، والفعل هنا مُتَعدٍّ بالحرفِ لا بِنَفسِه، فلذلك جاء مصدرُه على "فُعُول" لأنَّ فُعولاً غالباً للازم. وهذا فيه نظرٌ، إذْ لِقائلٍ أَنْ يقولَ: هو هنا مُتَعَدٍّ غايةُ ما فيه أنَّه حَذَفَ المَفعولَ أي: يَصُدُّون غيرَهم ـ أوْ يَصُدُّون المُتَحاكمينَ عندَك صُدودًا، وأمَّا فُعول في المتعدي نحو: لَزِمَه لُزومًا وفَتَنهُ فُتُونًا.وقرأ الحَسَنُ "تَعَالَوْاْ" بضمِّ اللّامِ على أنَّه حَذفَ لامَ الفِعلِ اعْتِباطًا كما قالوا: ما باليتُ بِه بالةً، وأصلُها "بالِيَةً" كَ "عافِيَةٍ"، وكما قال الكسائيُّ في "آيةٍ": إنَّ أصلَها "آيِيَةٌ" كَ "فاعِلَةٍ" فصارتِ اللّامُ كالواوِ فضُمَّتِ للواو، ومِنْ ذلكَ قولُ أهلِ مَكَّةَ: "تعالِي" بكسرِ اللامِ للمَرأةِ، وهي لُغَةٌ مَسموعَةٌ أَثْبَتَها ابْنُ جِنّيٍّ فلا عِبْرةَ بِمن لَحَنَ فيها (كابْنِ هشامٍ) الحمدانيِّ، وهو المُلَقَّبُ بأبي فِراسٍ، حيثُ يقول:أيا جارَتا ما أَنْصَفَ الدَّهرُ بَيْنَنا ........... (تعالَيْ أقاسِمْكِ الهُمومَ تَعالِي)ولا حاجَةَ إلى القولِ بأنَّ "تَعالَيْ" الأولى: مفتوحةُ اللّامِ، والثانيةُ: مَكسورَتُها للقافيةِ كما لا يَخفى، وأصلُ معنى هذا الفعلِ طلبُ الإقبالِ إلى مَكانٍ عالٍ ثمَّ عُمِّمَ. | |
|