عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 198 الخميس أبريل 18, 2013 1:38 pm | |
| لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ. (198) قولُه: {لكنِ الذين اتَّقوا ربَّهم} أيْ خافوه فلم يُخالِفوا أمرَه ولا نَهيَهُوقد وقعتْ هنا "لكن" أحسنَ مَوقِعٍ فإنَّها وقعت بيْن ضدَّيْنِ، وذلك أنَّ معنى الجُملتيْن التي قبلَها والتي بعدَها آيِلٌ إلى تَعذيبٍ الكُفَّارِ وتَنعيمِ المُتَّقين، وهذا استدراكٌ مما تَقدَمَه لأنَّ معناهُ معنى النفيِ كأنَّه قالَ: ليسَ لهم في تقلُّبِهم في البِلادِ كثيرُ انتفاعٍ، لكنِ الذين اتَّقوا وإنْ أَخَذوا في التِجارةِ لا يَضرُّهم ذلك وإنَّ لهم ما وَعدَهم ربُّهم به. ووجهُ الاستدراك أنَّه ـ تعالى ـ لمّا وَصَفَ الكُفّارَ بِقِلَّةِ نَفعِ تقلُّبِهم فى البِلادِ لأجلِ التِجارةِ، وجازَ أنْ يَتوَهَّمَ مُتوهِّمٌ أنَّ قلَّةَ النفعِ مِن لَوازِمِ التقلُّبِ مِن حيثُ هو اسْتدركٌ أنَّ المتَقين وإنْ تقلَّبوا وأصابوا ما أصابَه الكفَّارُ أو لم يُصيبوا لهم مثوباتٌ حُسنَى لا يُقادَرُ قدرُها. قولُه: {نُزُلًا من عندِ اللهِ} النُزُلُ ما يُعَدُّ للنازلِ مِن ضيافة كطعامٍ وشرابٍ وغيرِهما من الإكرام ووسائل الراحة. وقولُه: {وما عند الله خيرٌ للأبرارِ} لِكَثرتِه ودوامِه، خيرٌ مما يَتقلَّبُ فيه الفُجّارُ لِقِلَّتِه وسُرعةِ زَوالِه. فعن ابنِ مسعودٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال: ما مِن نَفْسٍ بَرَّةٍ ولا فاجرةٍ إلّا والموتُ خيرٌ لها، أمَّا البَرَّةُ فإنَّ اللهَ ـ تعالى ـ يقول: "وما عندَ اللهِ خيرٌ للأبرار" وأمَّا الفاجرةُ فإنَّه يقول: {إنَّما نُملي لهم لِيَزدادوا إثْمًا}، وفي البُخاري عن ابنِ عبّاسٍ أنّ عمرَ بنَ الخطابِ، قال (جئتُ فإذا رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلَّمَ في مَشْرَبَة (ومَشْرُبَة، وهي كالصُّفةِ بيْن يَدَيْ الغُرْفة)، وإنَّه لَعلى حصيرٍ ما بَينَه وبَيْنَه شيءٌ، وتحتَ رأسِه وِسادةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، وإنَّ عندَ رِجلَيْهِ قَرْظاً وهو ما يُدبَغُ به حصوراً وفي نسخةٍ مَصوباً، وعند رأسه أُهُب معلَّقةٌ (جمعُ إهابٍ) فرأيت أَثَرَ الحصيرِ في جَنَبِه فبَكيتُ فقالَ ـ صلى الله عليْه وسلَّم: مَا يُبكِيكَ؟ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إنَّ كِسرى وقيصرَ فيما هما فيه وأنتَ يا رَسولَ اللهَ فقال: ((أما تَرْضى أنْ يكُون لهُما الدُّنيا ولَنا الآخرة)). ثمَّ إنَّ عُمَرَ مَسَّه (أيْ مسَّ النبيَّ) ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وجَسَّه لِيُدْرِكَ بِيَدِهِ ما أَحَسَّه (فإذا هو في شِدَّةِ الحُمَّى) وغايةِ البلوى.ومما وُجِدَ فى خزائنِ الاسْكندرِ مكتوبًا بالذَهَبِ الأحمرِ حركاتُ الأفلاكِ لا تُبقي على أحَدٍ نِعمةً فإذا أُعطيَ العبدُ مالًا أو جاهًا أو رِفعةً فلْتَكنْ هِمَّتُه في انتهازِ الفُرصةِ وتقليدِ المِنَنِ أعناقَ الرجالِ فإنَّ الدنيا والجاهَ والرفعةَ تَزولُ إمّا نَدَمٌ طويلٌ أو مَدحٌ جَزيلٌ، فأكرِموا مَن لَه حَسَبٌ في الأصلِ أو قَدَمٌ في المُروءةِ ولا يَغُرَّنَّكم تقلُّبُ الزَمانِ بأهلِه فإنَّ للدهرِ عثَراتٌ يَجْبُرُ كما يَكْسرُ ويَكْسرُ كما يَجبرُ والأمرُ إلى الله ـ تعالى. وروى البيهقيُّ وابنُ أبي الدنيا عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: ((هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ عِلْمًا بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَهُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ اللهُ عَنْهُ الْعَمَى وَيَجْعَلَهُ بَصِيرًا أَلَا إِنَّهُ مَنْ رَغِبَ فِي الدُّنْيَا وَأَطَالَ أَمَلَهُ فِيهَا أَعْمَى اللهُ قَلْبَهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا وَقَصَّرَ أَمَلَهُ فِيهَا أَعْطَاهُ اللهُ عِلْمًا بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَهُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ، أَلَّا إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَالتَّجَبُّرِ، وَلَا الْغِنَى إِلَّا بِالْبُخْلِ وَالْفَخْرِ وَلَا الْمَحَبَّةُ إِلَّا بِاسْتِخْرَاجٍ فِي الدِّينِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، أَلَا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ مِنْكُمْ فَصَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْعِزِّ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللهِ تَعَالَى أَعْطَاهُ اللهُ تَعَالَى ثَوَابَ خَمْسِينَ صِدِّيقًا)). وقال ابنُ عبّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: يُؤتى بالدُنيا يومَ القيامةِ في صورةِ عجوزٍ شمطاءَ زرقاءَ وأنيابُها باديةٌ مُشوّهةٌ خَلْقُها، وتُشرِفُ على الخلائقِ فيُقالُ أَتعرِفونَ هذهِ؟ فيَقولونَ نعوذُ باللهِ مِنْ معرفةِ هذه، فيُقالُ هذه الدنيا التي تَفَاخرْتُمْ عليها، بها تَقاطَعْتمْ الأرحامَ، وبِها تَحَاسدْتُمْ وتَبَاغضْتُمْ واغْتَرَرْتم، ثمَّ تُقْذَفُ فى جهنَّم فتُنادي يا رَبُّ أيْنَ أتباعي وأشياعي؟ فيَقولُ اللهُ ـ تعالى ـ ألْحِقوا بِها أتباعَها. وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((يُحشَرُ أقوامٌ يومَ القيامةِ وأعمالُهم كجبالِ تهامة ويُؤمَرُ بِهم إلى النار)). قالوا: يا رسولَ اللهِ مُصَلِّينَ؟ قال: ((نعم كانوا يُصلُّونَ ويَصومون ويأخذون سِنَةً منَ الليلِ فإذا عَرَضَ لهم شىءٌ من الدُنيا وَثَبوا عليه)). وقالتْ عائشةُ ـ رضيَ اللهُ عنها ـ قلت: يا رسولَ اللهِ ألا تَسْتَطْعِمُ اللهَ فيُطعمْكَ؟ قالت: وبَكيتُ لِما رأيتُ بِه مِن الجُوعِ وشَدِّ الحجرِ على بطنِه من السَغَبِ، فقال: ((يا عائشةُ والذي نفسي بيدِه لو سألتُ ربي أنْ يُجْرِي معي جبالَ الدُنيا ذهبًا لأجراها حيثُ شئتُ مِنَ الأرضِ، ولكنّي اخْتَرتُ جُوعَ الدنيا على شَبَعِها، وفقرَ الدُنيا على غِناها، وحزنَ الدنيا على فرحِها، يا عائشةُ إنَّ الدُنيا لا تَنْبَغى لِمُحَمَّدٍ ولا لآلِ مُحَمَّدٍ)). ورُوي أنَّه ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ عُرِضَ عليه عِشارٌ مِن النُوقِ "وهي الحَواملُ منها" فأعرضَ عنها وغضَّ بصرَه معَ أنَّها مِن أحبِّ الأموالِ إليهم وأنفَسِها عندَهم لأنَّها كانت تَجمَعُ الظَهْرَ واللَّحْمَ واللَّبنَ ولِعَظَمَتِها في قُلوبِهم، قال اللهُ عزَّ وجَلَّ {وإذا العِشارُ عُطِّلت} فلمّا لم يَلتفِتْ إليْها قيلَ له: يا رسولَ اللهِ هذهِ أنفَسُ أموالِنا فلِمَ لا تَنظُرُ إليْها قال: ((قد نهى اللهُ عن ذلك)) وتلا قولَه ـ تعالى: {ولا تَمُدَّنَّ عيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بهِ أزواجاً منهم} الآية. هذا معاملتُه معَ الدنيا. وفي التوجُّهِ إلى الآخرةِ، ما كان يُريدُ إلّا الرَفيقَ الأعلى. قال ـ صلى الله عليه وسلم: ((أنا حبيبُ اللهِ ولا فخر وأنا حاملُ لواءِ الحمدِ يومَ القيامةِ تحتَهُ آدمُ ومَنْ دُونَهُ ولا فخر وأنا أوَّلُ مَن يُحَرِّكُ حِلَقَ الجَنَّة فيَفتح اللهُ لي فيُدخلنيها ومعي فقراءُ المؤمنين ولا فخر" والمقصودُ أنَّ في الفقر والقناعةِ فضيلةٌ وأنَّ الفقراءَ يدخلون الجنَّةَ معَ رسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ ـ قبلَ الأغنياءِ.قال أبو يزيدٍ البَسطاميُّ ـ قُدِّسَ سِرُّهُ: في عبادِ اللهِ عبدٌ لو أعطي الجنّاتِ بزينتِها لَهَرَبَ كما يَهرُبُ أهلُ النارِ مِنَ النارِ، وهو الذي غلَبَ عليْه مَحبَّةُ اللهِ فلا يَميلُ إلى غيرِه، ومِن ذلك المَقامِ قال أبو يَزيدٍ: غابَ قلبي عني ثمانين سنةً فلمّا أردتُ أن آخذَهُ قيلَ: أَتطلُبُ غيرَنا؟ وحُكِيَ عن بعضِ الصالحين أنَّه رأى في المَنامِ معروفَ الكَرْخيِّ شاخصًا بَصرُه نحوَ العرشِ قد اشتغلَ عن الحُورِ العِينِ وقُصورِ الجَنَّةِ فسألَ رُضوانَ مَنْ هذا؟ قال: معروفٌ الكَرْخِيُّ ماتَ مُشتاقًا إلى اللهِ فأباحَ له أنْ يَنظُرَ إليْهِ. فمَطْمَحُ نَظَرِ العارفِ الجَنَّةُ المَعنويَّةُ وهي جنَّةُ معرفةِ اللهِ ووُصولِه التي هي خيرٌ مِنْ جَنَّةِ الفِردوسِ وأعلى عِلِّيين.قولُه ـ تعالى: {لَكِنِ الذين} قرأ الجمهورُ بتخفيفِها، وأبو جَعفر بتشديدِها، فعلى القراءةِ الأولى: الموصولُ رفعٌ بالابتداءِ، وعندَ يونُسَ يَجوزُ إعمالُ المُخفَّفةِ، وعلى الثانية في محلِّ نصبٍ. قولُه: {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} هذه الجُملةُ في محلِّ رفعٍ على النعتِ لـ "جنَّاتٍ". ويَجوز فيها النصبُ على الحالِ من الضميرِ المُسْتكنِّ في "لهم" إذْ هو كالفعل المتأخِّرِ بعد الفاعلِ إنْ رَفَعْتَ "جنات" بالابتداءِ، فإنْ رَفَعْتَها بالاستقرارِ لم يَكن في "لهم" ضميرٌ مرفوعٌ إذْ هو كالفعلِ المتقدم. يَعني أنَّ "جنات" يجوزُ رفعُها مِن وجهيْن، أحدُهما: الابتداءُ والجارُّ قبلَها خبرُها والجملةُ خبرُ "الذين اتقوا". والثاني: بالفاعليَّةِ لأنَّ الجارَّ قبلَها اعتُمدَ بكونِه خَبراً للذين اتّقوا، وقد تقدَّم أنَّ هذه أَوْلى لِقربِه من المفرد، فإنْ جَعَلْنا رفعَها بالابتداءِ جاز في "تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهارُ" وجهان: الرفعُ على النعتِ والنصبُ على الحالِ من الضميرِ المَرفوعِ في "لهم" لِتحمُّلِه حينئذٍ ضميراً، وإنْ جَعَلْنا رفعَها بالفاعليِةِ تعيَّن أنْ تَكونَ الجُملةُ بعدَها في مَوضِعِ رَفعٍ نَعْتاً لها، ولا يَجوزُ النصبُ على الحالِ؛ لأنَّ "لهم" ليس فيه حينئذٍ ضميرٌ لِرَفعِه الظاهرَ. و"خالدين" نصبٌ على الحالِ من الضميرِ في "لهم"، والعاملُ فيه معنى الاستقرارِ.قولُه: {نُزلاً} في نصبِه ستةُ أوْجهٍ، أحدُها: أنَّه منصوبٌ على المَصدرِ المُؤكِّد؛ لأنَّ معنى "لهم جنات" نُنْزِلُهم جنَّاتٍ نُزُلاً. الثاني: نصبُه بفعلٍ مُضمَرٍ أيْ: جَعَلَ لهم نُزُلاً. الثالثُ: نصبُه على الحال من "جنات" لأنَّها تَخَصَّصتْ بالوَصفِ. الرابعُ: أنْ يكون حالاً من الضمير في "فيها" أي: مُنَزَّلةً إذا قيل: بأنَّ "نُزُلاً" مصدرٌ بمعنى المفعول. الخامسُ : أنَّه حالٌ مِن الضميرِ المُستَكِنِّ في "خالدين" إذا قلْنا إنَّه جمعُ نازلٍ. السادس: نصبُه على التفسيرِ، أي: التمييز، كما تقول: "هو لكَ هبةً أو صدَقة"، وهذا هو القول بكونِه حالاً.والجهورُ على ضم الزاي. وقرأ الحسن والأعمش والنُخَعيُّ بسكونِها وهي لغةٌ، وقد تقدَّم أنَّ مثل هذا يكون فيه المُسَكَّنُ مُخَفَّفاً مِن المُثقَّلِ أو بالعكس، والحق: الأول.قوله: {منْ عِندِ الله} فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ، لأنَّك إنْ جَعَلْتَ "نُزُلاً" مصدراً كان الظرفُ صفةً له، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ أي: نزلاً كائناً من عند الله على سبيل التكريم، وإنْ جَعَلْتَه جمعاً كان في الظرفِ وجهان، أحدهما: جَعْلُه حالاً من الضمير المحذوف تقديره: نُزُلاً إياها. والثاني: أنَّه خبرٌ محذوفٌ أي: ذلك من عندِ اللهِ.قوله: {وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ} ما: موصولةٌ، وموضعُها رفعٌ بالابتداء، والخبر: "خَيْر"، و"للأبرار" صفةٌ لـ "خير"، فهو في محلِّ رفعٍ، ويَتعلَّقُ بمحذوفٍ. وأجازَ بعضُهم أنْ يكونَ "للأبرار" هو الخبرَ، و"خيرٌ" خبرٌ ثانٍ، والنية بِه التقديمُ، أي: والذي عند الله مستقِرٌّ للأبرار. وفي ادِّعاء التقديم والتأخير نظرٌ؛ لأنَّ الأصلَ في الأَخبارِ أنْ تكونَ بالاسمِ الصريح، فإذا اجتمعَ خبرٌ مفردٌ صريحٌ وخبرٌ مؤوَّلٌ بِه بُدِئَ بالصريحِ مِن غيرِ عكسٍ، كالصفة، فإذا وقعا في الآيةِ على الترتيبِ المذكورِ فكيف يُدَّعى فيهما التقديمُ والتأخير؟. وجَعَل بعضهم "للأبرار" حالاً من الضمير في الظَرفِ، و"خيرٌ" خبرَ المُبتدأ، وهذا بعيدٌ، لأنَّ فيه الفصلَ بيْن المُبتدأِ وخبرِهِ بحالٍ هي لِغيرِه، والفصل بيْن الحالِ وصاحبِها بخبرِ المُبتَدَأِ، وذلك لا يَجُوز في الاختيار.و"خير" هنا يَجوزُ أنْ تَكونَ للتفضيلِ وأنْ لا تكونَ، فإنْ كانتْ للتفضيلِ كان المعنى: وما عندَ اللهِ خيرٌ للأبرارِ مِمَّا لَهم في الدنيا، ويُحتَمَلُ: خيرٌ لهم مما يَتَقَلَّبُ فيه الكُفّارُ مِنَ المَتاعِ القليلِ الزائلِ. | |
|