روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93   فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93 I_icon_minitimeالخميس فبراير 14, 2013 3:40 am

كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)
قولُه تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاً...} يَعني كلَّ أنواعِ الطعامِ كان حلالًا لِبني إسرائيلَ إلَّا مَا حرَّم إسرائيلُ على نفسِه. إذ يُقَالُ: إِنَّ يعقوب ـ عليه السلامُ ـ نَذَرَ إِنْ بَرَأَ مِنْ مرضِه بعِرقِ النَّسَا لَيَتْرُكَنَّ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا. وبَقِيتْ تلك الحُرمَةُ في أَولادِهِ فأَنْكرَ اليَهودُ ذلك فأمرَهم رسولُ اللهِ ـ صلّى اللهُ عليه وسلَّم ـ بإحْضارِ التوراةِ وطلبَ منهم أنْ يَستَخرِجوا منها أنَّ ذلك كان حراماً على إبراهيم، فعَجَزوا عن ذلك وافتُضِح أمرُهم وبانَ كذِبُهم فيما ادَّعَوا مِن حُرمَةِ هذه الأشياءِ على إبراهيم.
وهذه الآيةُ أَعْظَمُ دَلَالَةٍ على نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابِهِمْ ما يدَّعونه، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَأَبَوْا، لأنهم عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِالْوَحْيِ.
وكان يهودُ قد اعترضوا على تحليلِ لُحومِ الإبِلِ وأَنكروا عليه ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ تناولَها، وقالوا له: إنَّك تَزْعُم أنَّك على مِلَّةِ إبراهيمَ وما كان إبراهيمُ ـ عليه السلامُ ـ يأْكُلُ لُحومَ الإِبِلِ وأَلْبانَها فلستَ إذاً على مِلَّتِه، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسَلَّمَ: كان ذلكَ حَلالًا لإبراهيمَ، قالوا كلُّ ما نُحَرِّمُه اليومَ كان حَراماً على نوحٍ وإبراهيمَ حتَّى انتهى إلينا، فأنزلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ هذه الآيةَ تكذيباً لهم وتَصديقاً لِنبيِّه.
فقد روى التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ عنهما ـ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أخْبِرْنا، ما حرَّمَ إسرائيلُ على نَفْسِهِ؟ قَالَ: ((كَانَ يَسْكُنُ الْبَدْوَ فَاشْتَكَى عِرْقَ النَّسَا فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلَائِمُهُ إِلَّا لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا فَلِذَلِكَ حَرَّمَهَا)). قَالُوا: صَدَقْتَ.
وهذا الذي رواه التِرْمِذِيُّ هو بعضٌ مِنْ حديثٍ طويلٍ أَورَدَه الحافظُ الهيثَميُّ صاحبُ غايةِ المَقصد في زوائد المُسند (2/ 1059) وهذا نصُّه: ..عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَاتَّبَعْنَاكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قَالُوا: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} يوسف(66) قَالَ: هَاتُوا قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلاَمَةِ النَّبِيِّ؟ قَالَ: تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ قَالُوا: أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِثُ الْمَرْأَةُ وَكَيْفَ تُذْكِرُ؟ قَالَ: يَلْتَقِي الْمَاءَانِ فَإِذَا عَلاَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَتْ، وَإِذَا عَلاَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءُ الرَّجُلِ آنَثَتْ قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: كَانَ يَشْتَكِى عِرْقَ النَّسَا فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلاَئِمُهُ إِلاَّ أَلْبَانَ كَذَا وَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، يَعْنِي الإِبِلَ فَحَرَّمَ لُحُومَهَا، قَالُوا: صَدَقْتَ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟ قَالَ: مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، بِيَدِهِ أَوْ فِي يَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ؟ قَالَ: صَوْتُهُ قَالُوا: صَدَقْتَ إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي نُبَايِعُكَ إِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبُكَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَم قَالُوا: جِبْرِيلُ ذَاكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ، وَالْقِتَالِ، وَالْعَذَابِ، وهو عَدُوُّنَا، لَوْ قُلْتَ مِيكَائِيلَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالْقَطْرِ لَكَانَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُل مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} البقرة: (97) إِلَى آخِرِ الآيَةَ.
وَجاءَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدَ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ والضَّحَّاكِ: أَقْبَلَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَرَّانَ يُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ حِينَ هَرَبَ مِنْ أَخِيهِ عِيصُو، وَكَانَ رَجُلًا بَطِشًا قَوِيًّا، فَلَقِيَهُ مَلَكٌ فَظَنَّ يَعْقُوبُ أَنَّهُ لِصٌّ فَعَالَجَهُ يريد أَنْ يَصْرَعَهُ، فَغَمَزَ الْمَلَكُ فَخِذَ يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ صَعِدَ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَعْقُوبُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَهَاجَ عَلَيْهِ عِرْقُ النَّسا، ولَقي مِن ذَلِكَ بَلَاءً شَدِيدًا، فَكَانَ لَا يَنَامُ اللَّيْلَ مِنَ الْوَجَعِ وَيَبِيتُ وَلَهُ زُقَاءٌ أَيْ صِيَاحٌ، فَحَلَفَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ شَفَاهُ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ أَلَّا يَأْكُلَ عِرْقًا، وَلَا يَأْكُلَ طَعَامًا فِيهِ عِرْقٌ فَحَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَجَعَلَ بَنُوهُ يَتَّبِعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعُرُوقَ فَيُخْرِجُونَهَا مِنَ اللَّحْمِ. وَكَانَ سَبَبُ غَمْزِ الْمَلَكِ لِيَعْقُوبَ أَنَّهُ كَانَ نَذَرَ إِنْ وَهَبَ اللَّهُ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَدًا وَأَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ صَحِيحًا أَنْ يَذْبَحَ آخِرَهُمْ. فَكَانَ ذَلِكَ لِلْمَخْرَجِ مِنْ نَذْرِهِ. فتَلقَّاه مَلكٌ مِن المَلائِكةِ وقال: يا يعقوب إنَّك رجلٌ قويٌّ فهل لك في الصِراعِ؟ فعالَجَه فلم يَصرعْ أحدُهٌما صاحبَه فغَمَزه المَلك غَمزَةً فعَرضَ له عرقُ النَّسَا مِن ذلك، ثمَّ قال أمَا إنّي لو شئتُ أنْ أصرَعَكَ لَفَعلتُ ولكنْ غمزتُك هذه الغمزةَ لأنَّك قد نَذَرْتَ إنْ أَتَيْتَ بيتَ المَقدِسِ صحيحاً ذَبَحتَ آخرَ وَلَدِك، فجعلَ اللهُ لك بهذه الغمزةِ مِن ذلك مخرجاً، فلمَّا قَدِمَ يعقوبُ بيتَ المقدسِ أرادَ ذبحَ ولدِه ونسيَ ما قالَ لهُ المَلَكُ فأتاه المَلَكُ وقال له: إنَّما غَمَزتُك للمَخْرَجِ، وقد وُفِّيَ نَذْرُكَ فلا سبيلَ لك إلى ذبحِ ولدِك.
روى ابنُ ماجَه فِي سُنَنِهِ حديثاً عن أَنَس بْنَ مَالِكٍ في دواء عرقِ النَّسا، قُال أنس: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ)). وَأَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِرْقِ النَّسَا: ((تُؤْخَذُ أَلْيَةُ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ لَا صَغِيرَ وَلَا كَبِيرَ فتقطع صغاراً فتخرج إهالتُه فتقسم ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى رِيقِ النَّفَسِ ثُلُثًا))، قَالَ أَنَسٌ: فَوَصَفْتُهُ لِأَكْثَرِ مِنْ مِائَةٍ فَبَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى. شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فِي عِرْقِ النَّسَا: أُقْسِمُ لَكَ بِاللَّهِ الْأَعْلَى لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَكْوِيَنَّكَ بِنَارٍ أَوْ لَأَحْلِقَنَّكَ بِمُوسَى. قَالَ شُعْبَةُ: قَدْ جَرَّبْتُهُ، تَقُولُهُ، وَتَمْسَحُ عَلَى ذلك الموضع.
وقيل: إن اليهود أنكروا شرع محمد صلّى اللهُ عليه وسلَّم وادَّعوا أنَّ النَّسْخَ غيرُ جائزٍ، فأَبْطَلَ اللهُ ذلك عليهم وأَخْبَرَ أنَّ كلَّ الطعامِ كان حِلاًّ لبني إسرائيل إلَّا ما حَرَّم إسرائيلُ على نفسِه فذلك الذي حرَّمَه على نفسِه كان حَلالاً ثمَّ صارَ حراماً عليه وعلى أولادِه فقد حَصَلَ النسخُ وبَطَلَ قولُ اليَهودِ بأنَّ النَّسخَ غيرُ جائزٍ، فأنكرتِ اليهودُ ذلك وقالوا: بل كان ذلك حراماً منْ زَمنِ آدم إلى هذا الوقت فألزمَهم رسولُ اللهِ ـ صلّى الله عليه وسلَّم بإحضارِ التوراةِ وقال: إن التوراةَ ناطقةٌ بأنَّ بعضَ أنواعِ الطعامِ إنَّما حُرِّمَ بسببِ أنَّ إسرائيلَ حرَّمَه على نفسِه فخاف اليهودُ من الفَضيحةِ وامتَنَعوا مِن إحضارِ التوراةِ، وفي هذا دليلٌ على صِحَّةِ نُبُوَّةِ محمَّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلَّم وذلك أنَّه ـ صلّى اللهُ عليه وسلَّم ـ كان رجلاً أُمِّيّاً لم يَقرأِ الكُتُبَ ولم يَعرِفْ ما في التوراة، فلمَّا أَخبَرَ أنَّ ذلك ليس في التوراةِ عُلِمَ أنَّ الذي أخبرَ به صلّى اللهُ عليه وسلَّم وحيٌ مِنَ اللهِ تعالى.
وروى الطَبَريُّ بسندِه عن ابنِ عبّاسٍ: أنَّ عصابةً منَ اليهودِ حضرتْ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم فقالوا: يا أبا القاسم أَخبرْنا أيُّ الطعامِ حرَّمَ إسرائيلُ على نفسِه مِن قبلِ أنْ تُنَزَّلَ التوراةُ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم أَنْشُدُكم باللهِ الذي أَنزلَ التوراةَ على مُوسى هل تعلمونَ أنَّ إسرائيلَ (يعقوبَ) مَرِضَ مرضًا شديدًا فطالَ سقَمُه منْه فنَذَرَ للهِ نَذْرًا لئن عافاه اللهُ مِن سَقَمِه لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الطعامِ والشرابِ إليه، وكان أحبَّ الطعامِ إليه لحمُ الإبِلِ، وأَحَبَّ الشرابِ إليه ألبانُها؟. فقالوا: اللهمَّ نعم.
وقال الكلبي: لم يُحرِّمْه اللهُ في التوراة وإنَّما حُرِّمَ عليهم بعد نُزولِ التوراةِ لِظُلمِهم كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} النساء(160)، وقال تعالى: {وعلى الذين هادوا حرَّمْنا} إلى أنْ قال {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} الأنعام: 146. فكانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبًا عظيمًا حَرَّمَ اللهُ عليهم طعامًا طيِّباً أو صَبَّ عليهم رِجْزاً وهو الموت. وقال الضحاك: لم يَكنْ شيءٌ من ذلك حرامًا عليهم ولا حرَّمه اللهُ في التوراة، وإنَّما حرَّموه على أنفسهم اتِّباعاً لأبيهم ثم أضافوا تحريمَه لله عزَّ وجلَّ فكَذَّبهم اللهُ تعالى، فقال اللهُ تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ} يعني قل لهم يا محمَّد فأتوا بالتوراة فَاتْلُوها أي فاقرؤوها وما فيها حتَّى يتبيَّن أن الأمرَ كما قلتم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعني فيما ادَّعيتم فلم يأتوا بها وخافوا الفضيحة.
قوله تعالى: {حِلاًّ} الحِلُّ: بمعنى الحَلالِ، وهو في الأصلِ مصدرٌ
لحَلَّ يَحِلُّ كقولك: عَزَّ يَعِزُّ عِزّاً، ثمَّ يُطلَقُ على الأشخاص مُبالَغَةً، ولذلك يستوي فيه الواحدُ والمُثنَّى والمَجموعُ والمُذَكَّرُ والمُؤنَّثُ كقوله تعالى: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ} الممتَحِنَةُ: 10، وفي الحديثِ عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: (كنتُ أُطَيِّبُه صلى الله عليه وسلَّمَ لحِلِّهِ ولِحَرَمِه) أي: لإِحْلالِهِ ولإِحْرامِه، وهو كالحِرْمِ واللِّبْسِ بمعنى الحَرام واللباسِ، قال تعالى: {وحِرْمٌ} وقرئ "وحرام". و"لِبني" متعلِّقٌ بِـ "حِلّ".
قولُه: {إِلاَّ مَا حَرَّمَ} مستثنى من اسمِ كان. ويجوزُ مستثنى مِن ضميرٍ مُسْتَتِرٍ في "حِلاًّ" لأنَّه استثناء من اسم كان، والعاملُ فيه "كان"، ويجوزُ أنْ يعملَ فيه "حِلاًّ" ويكون فيه ضميرٌ يكون الاستثناء منه؛ لأنَّ حِلاًّ وحَلالاً في موضعِ اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح.
وفي هذا الاستثناءِ قولان، أحدُهما: أنَّه متَّصلٌ، والتقديرُ: إلَّا ما حَرَّم إسرائيلُ على نفسِه، فَحُرِّمَ عليهم في التوراة. والثاني: أنَّه منقطعٌ، والتقديرُ: لكنْ حَرَّم إسرائيلُ على نفسِه خاصَّةً ولم يُحَرِّمْه عليهم، والأوَّلُ هو الصحيح.
قولُه: {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} أي مُجازيكم، ولدَلالةِ ذلك على المجازاةِ جُعِلَ جواباً للشرطِ.
قولُه: {مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ} متعلِّقٌ بحَرَّم أي: إلاَّ ما حَرَّم مِنْ قبلِ، أو أنَّها تتعلَّقُ بقولِه: كان حِلاً ويظهر أنّه متعلِّقٌ بقولِه: {كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ} أي: مِنْ قبلِ أَنْ تُنَزَّلَ التوراةُ، وفَصَل بالاستثناء إذ هو فصلٌ جائز، وذلك على مذهبِ الكسائي وأبي الحسن في جواز أَنْ يعمل ما قبل إلا فيما بعدها إذا كان ظرفاً أو مجروراً أو حالاً نحو : «ما حُبِس إلَّا زيدٌ عندَكَ، وما أوى إلَّا عَمْروٌ إليْك، وما جاء إلَّا زيدٌ ضاحكاً» وأجازَ الكسائي ذلك في المنصوبِ مُطْلَقاً نحو: ما ضَرَبَ إلَّا زيدٌ عَمْراً، وأَجازَ هو وابنُ الأنباري ذلك في المرفوعِ نحو: ما ضَرَبَ إلَّا زيداً عَمْرٌو، وأمَّا تخريجُه على غيرِ مذهبِ الكسائي وأبي الحسن فيُقَدَّرُ له عاملٌ مِنْ جنسِ ما قبله، وتقديرُه هنا: حَلَّ من قبلِ أَنْ تُنَزَّل التوراة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 158
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 52
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 68
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 83
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 117

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: