روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 188

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  188 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  188 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 188   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  188 I_icon_minitimeالسبت أبريل 13, 2013 3:33 am

لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا
وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ
بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.



(188)


قولُه
ـ تبارك وتعالى: {
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} الخطابُ لِرسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّم ـ أو
لِكلِّ مَن يَصلُحُ لَه، وهذا وصفٌ آخر لليهودِ في ماضيهم، وفي حاضرِهم. و"
يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا" مِنَ التَّأويلِ وَالتَّحْرِيفِ لِلكِتَابِ،
وَيَرَونَ لأَنْفُسِهِمْ، شَرَفاَ وَفَضْلاً بِأنَّهُمْ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى
بِهِمْ. وَكَانُوا يُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِأَنَّهُمْ حُفَّاظُ الكِتَابِ
وَمُفَسِّرُوهُ. أو بِمَا فَعَلُوا مِنَ
الْقُعُودِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْغَزْوِ وَجَاءُوا بِهِ مِنَ الْعُذْرِ إن كان
المنافقون همُ المخاطبين، فالآية تعم كل ذي منهج منحرف عن جادة الصواب، سواء أكان
كتابياً مزوراً لدينه وكتابه، أو منافقاً مغرورٍ بنفسه مظهراً الإيمان مبطناً
الكفر يظن أنه بذلك يستطيع خداع المؤمنين والإيقاع بهم فهذه الصفات السيئة مشتركة
بين الفريقين.



ثَبَتَ
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رِجَالًا مِنَ
الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
كَانَ إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى
الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَدِمَ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ
وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: "
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا
" الْآيَةَ.


وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا أَنَّ مَرْوَانَ بنَ الحكم ـ وكان يومئذٍ أميراً على
المدينة من قِبَلِ مُعاويةَ، رضي الله عنه. قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا
رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَهُ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا
فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ
أَجمعون. فقال ابنُ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: مالَكم وَلِهَذِهِ الْآيَةِ!
إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أهلِ الكتابِ. ثمَّ تَلا : {وَإِذْ
أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ
وَلا تَكْتُمُونَهُ} وَ"
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ
أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا
".
وَقَالَ: سَأَلَهُمُ النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيءٍ
فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ أَرَوْهُ أَنْ
قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بذلك إليْه، وفرِحوا
بما أَتَوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ، وَمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ.



وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: نَزَلَتْ فِي عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ
الَّذِينَ كَتَمُوا الْحَقَّ، وَأَتَوْا مُلُوكَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا
يُوَافِقُهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ، {وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا} أَيْ بِمَا
أَعْطَاهُمُ الْمُلُوكُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا
وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ
بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ
}. فَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا بِمَا
أَفْسَدُوا مِنَ الدِّينِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ.



وَقَالَ
الضَّحَّاكُ: إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ لِلْمُلُوكِ إِنَّا نَجِدُ في
كتابِنا أنَّ اللهَ يَبعَثُ نبيًّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْتِمُ بِهِ
النُّبُوَّةَ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ سَأَلَهُمُ الْمُلُوكُ أَهُوَ هَذَا
الَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ؟ فَقَالَ الْيَهُودُ طَمَعًا فِي أَمْوَالِ
الْمُلُوكِ: هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَأَعْطَاهُمُ الْمُلُوكُ الْخَزَائِنَ، فَقَالَ
اللَّهُ ـ تَعَالَى: "
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا" الْمُلُوكَ مِنَ الْكَذِبِ حَتَّى يَأْخُذُوا
عَرَضَ الدُّنْيَا. وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ
الثَّانِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا عَلَى السَببيْن لِاجْتِمَاعِهِمَا
فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، فَكَانَتْ جَوَابًا لِلْفَرِيقَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ، أَيْ طَلَبُوا أَنْ يُحْمَدُوا.
وَقَوْلُ مَرْوَانَ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا إِلَخْ .. دَلِيلٌ عَلَى
أَنَّ لِلْعُمُومِ صِيَغًا مَخْصُوصَةً، وَأَنَّ "
الَّذِينَ" مِنْهَا. وَهَذَا مَقْطُوعٌ بِهِ مَنْ تَفَهُّمِ
ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "
وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا
بِما لَمْ يَفْعَلُوا
"
إِذَا كَانَتِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ لَا فِي الْمُنَافِقِينَ
الْمُتَخَلِّفِينَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ عَلَى دِينِ
إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَكُونُوا عَلَى دِينِهِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ
أَهْلُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْكِتَابِ، يُرِيدُونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِذَلِكَ.



قوله
ـ تعالى: {
لاَ
تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ
} قرأ
ابنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو: "
لايَحْسَبَنَّ" و"فلا يَحْسَبُنَّهم" بالياءِ فيهما ورفع
باء "يَحْسَبُنَّهم". وقرأ الكوفيّون بتاءِ الخِطابِ وفتحِ الباءِ فيهما
معاً، ونافع وابن عامرٍ بياءِ الغَيْبة في الأولِ، وبالخِطابِ في الثاني، وفتحِ
الباءِ فيهما. وقُرئ شاذّاً بتاءِ الخطابِ وضَمِّ الباءِ فيهما معاً. وقُرئ فيه
أيضاً بياءِ الغيبةِ فيهما وفتح الباء فيهما أيضاً، فهذه خمسُ قراءاتٍ.



فأمَّا
قراءةُ ابنِ كثيرٍ وأبي عَمْرٍو ففيها خَمسةُ أوْجه، وذلك أنَّه لا يَخلو: إمَّا
أَنْ يُجْعَلَ الفعلُ الأولُ مُسْنَداً إلى ضميرِ غائبٍ أو إلى الموصولِ، فإنْ
جَعَلْناه مُسْنَداً إلى ضميرِ غائبٍ: إمَّا الرسولِ ـ عليْه الصلاةُ والسلامُ ـ أو
غيرِه، ففي المسألة وجهان، أحدُهما: أنَّ "
الذين"
مفعولٌ أوّلُ، والثاني محذوفٌ لدلالةِ المفعولِ الثاني للفعلِ الذي بعدَه عليه وهو
"
بمفازة"، والتقدير: لا يَحْسَبَنَّ الرسولُ أو حاسِبٌ
الذين يفرحون بمفازة، فلا يَحْسَبُنَّهم بمفازةٍ، فأسْنَدَ الفعلَ الثاني لِضميرِ "الذين"،
ومفعولاه: الضميرُ المنصوبُ و"
بمفازةٍ".
الوجهُ الثاني: أنَّ "
الذين"
مفعولٌ أوّلُ أيضاً، ومفعولهُ الثاني هو "
بمفازة"
الملفوظِ به بعد الفعل الثاني، ومفعول الفعل الثاني محذوفٌ لدلالةِ مفعولِ الأوّلِ
عليه، والتقديرُ: لا يَحْسَبَنَّ الرسولُ الذين يفرحون بمفازةٍ فلا يَحْسَبُنَّهم
كذلك، والعمل كما تقدم. وهذا بعيدٌ جداً للفصلِ بينَ المفعولِ الثاني للفعلِ الأوَّلِ
بكلامٍ طويلٍ مِن غيرِ حاجةٍ. والفاءُ على هذين الوجهين عاطفةٌ، والسببيَّةُ فيها
ظاهرة. وإنْ جعلناهُ مُسنَداً إلى الموصولِ ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ، أوَّلُها: أَنَّ
الفعلَ الأوَّلَ حُذِفَ مفعولاه اختِصاراً لِدَلالةِ مفعوليِّ الفِعلِ الثاني عليْهما
تقديرُه: لا يَحْسَبَنَّ الفارحون أنفسَهم فائزين فلا يَحْسَبُنَّهم فائزين كقولِ
الكُمَيْتِ:



بأيَّ كتابٍ أم بأيةِ سُنَّةٍ ................... ترى
حُبَّهم عاراً علي وتَحْسَبُ



أي:
وتَحْسَبُ حُبَّهم عاراً، فحَذَف مفعوليْ الفعلِ الثاني لدَلالةِ مفعولي الأوَّلِ
عليْهِما، وهو عكسُ الآيةِ الكَريمةِ حيثُ حُذِفَ فيها مِن الفِعلِ الأوَّلِ. الوجهُ
الثاني: أنَّ الفعلَ الأوَّلَ لم يَحْتَجْ إلى مفعوليْن هنا. فـ "
يَحْسَبَنَّ" لم يَقعْ على شيءٍ، و"الذين" رفعٌ بِه، وقد تَجيءُ هذه الأفعالُ لَغْواً في حُكمِ
الجُمَلِ المُفيدةِ كقولِ الأعشى:



وما خِلْتُ أَبْقَى بيننا من مودةٍ ...... عِراضُ
المَذَاكي المُسْنِفِاتِ القلائِصا



والعربُ
تقول: ما رأيتُ يقولُ ذلك إلّا زيدٌ، وما ظَنَنْتُه يَقولُ ذلك إلّا عَمْرٌو فهي ملغاةٌ
لا مفعولَ لها في هذه الأماكنِ. الثالث: أنْ يكونَ المفعولُ الأوَّلُ محذوفاً، والثاني
هو نفسُ "
بمفازة"
ويكون "
فلا
يَحْسَبُنَّهم
" تأكيداً للفعل الأوَّلِ.
على أنَّ الفعلَ اللذين يَفرحون، والمفعولُ الأولُ محذوفٌ على معنى: لا
يَحْسَبَنَّهم الذين يفرحون بمفازةٍ، بمعنى: لا يَحْسَبَنَّ أنفسَهم الذين يفرحون
فائزين، و"
فلا يَحْسَبُنَّهم"
تأكيدٌ. ويَجوزُ أنْ يُقالَ في تقريرِ هذا الوجهِ الثالثِ: إنَّه حَذَفَ مِن أَحَدِ
الفعليْن ما أَثبتَ نظيرَه في الآخر، وذلك أن "
بمفازة" مفعولٌ ثانٍ للفعلِ الأوَّلِ حُذِفَتْ من الفعل
الثاني، و"هم" في: "
فلا يَحْسَبُنَّهم"
مفعولٌ أَوَّلُ للفعل الثاني، وهو محذوفٌ من الأول. وإذا عَرَفْتَ ذلك فالفعل
الثاني على هذه الأوْجُهِ الثلاثةِ تأكيدٌ للأوَّلِ. وقيل: إنَّ الفعل الثاني بدلٌ
من الأوَّلِ، وتَسميةُ مثلِ هذا بدلاً فيه نظرٌ لا يَخفى، وكأنّه يُريدُ أنَّه في
حُكمِ المُكرِر، فهو يرجع إلى معنى التأكيد، ولذلك قال بعضُهم: والثاني معادٌ على
طريق البدلِ مَشوباً بمعنى التأكيد. وعلى هذين القولينِ أعني كونَه توكيداً أو
بدلاً فالفاءُ زائدةٌ ليسَتْ عاطفةً ولا جواباً. وقولُه: "
فَلاَ يَحْسَبُنَّهُمْ" أصلُه: يَحْسَبُونَنَّهم بنونيْن، الأولى نونُ
الرَّفعِ والثانيةُ للتأكيدِ، وتَصريفُه لا يَخْفى مِن القواعدِ المُتقدِّمةِ.
وتعدَّى هنا فعلُ المُضمَرِ المُنفَصِلِ إلى ضَميرِه المُتَّصِلِ، وهو خاصٌّ ببابِ
الظَنِّ وبـ "عَدِمَ وفَقَد دونَ سائر الأفعالِ، فلو قلتَ: أكرمتُني معناه:
أكرمتُ أنا نفسي. لم يَجُزْ، ومَوْضِعُ تَقريرِه غيرُ هذا.



وأمَّا
قراءةُ الكُوفيّين فالفعلان فيها مسندان إلى ضمير المخاطب : إمَّا الرسولِ عليه الصلاةُ
والسلامُ، أوْ كلِّ مَنْ يَصلُحُ للخِطابِ، والكلامُ في المَفعوليْن للفِعليْن
كالكلامِ فيهما في قراءةِ أبي عَمْرٍو وابنِ كثيرٍ، على قولِنا: إنَّ الفِعلَ الأوَّلَ
مُسنَدٌ لِضميرٍ غائبٍ. والفعلُ الثاني تأكيدٌ للأوَّلِ أو بدلٌ منه، والفاءُ
زائدةٌ كما تَقدَّمَ في توجيهِ قراءةِ أبي عَمْرٍو وابنِ كثيرٍ على قولِنا إنَّ
الفعليْن مُسْنَدان للمَوصولِ لأنَّ الفاعلَ فيها واحدٌ. واستدلّوا على أنَّ الفاءَ
زائدةٌ بقولِ النَمِرُ بن تولب مخاطباً امرأته وقد لامتْه على تبديدِه مالَه
متخوِّفةً عليه من الفقر:



لا تَجْزَعي إنْ مُنْفِساً أهلكتُه ............ وإذا
هَلَكْتُ فعند ذلك فاجْزَعي



ويقول
قُطْرُبٌ:



لَمَّا اتَّقى بيدٍ عظيم جِرْمُها ..................
فتركْتُ ضاحي كَفِّه يَتَذَبْذَبُ



أي:
تركت. وقولِ الآخر:



حتى تَرَكْتُ العائداتِ يَعُدْنَه ............. فيقلن:
لا يَبْعَدْ وقلت له: ابعَدِ



إلَّا
أنَّ زيادةَ الفاءِ ليس رأيَ الجُمهورِ، إنَّما قال به الأخفش.
وأمَّا قراءةُ نافعٍ وابنِ عامرٍ بالغيبةِ في
الأوَّلِ. والخطابُ في الثاني فوجْهُها أنَّهما غايَرا بيْن الفاعليْن، والكلامُ
فيها يُؤْخَذُ مِمَّا تقدَّمَ، فيُؤخَذُ الكلامُ في الفِعلِ الأوَّلِ مِنَ الكَلامِ
على قراءةِ أبي عَمْرٍو وابنِ كثيرٍ، وفي الثاني مِنَ الكلامِ على قراءةِ الكُوفيّين
بما يَليقُ بِه، إلَّا أنَّه يَمْتَنِعُ هُنا أنْ يَكونَ الفعلُ الثاني تأكيداً
للأوَّلِ أو بَدَلاً مِنْه لاخْتِلافِ فاعليْهما، فتكون الفاءُ هُنا عاطفةً ليْس
إلَّا. وقال أبو عليٍّ: إنَّ الفاء زائدةٌ والثاني بدلٌ مِنَ الأوَّلِ، قال: ليس
هذا موضعَ العطفِ لأنَّ الكلامَ لم يَتِمَّ، ألَّا تَرى أنَّ المفعولَ الثانيَ لم
يُذْكَرْ بعدُ. وفيه نَظَرٌ لاخْتِلافِ الفِعلين باختِلافِ فاعليهما. وأمَّا
قراءةُ الخِطابِ فيهما مَعَ ضَمِّ الباءِ فيهِما فالفِعلان مُسْنَدان لِضميرِ المُؤمنين
المُخاطَبين، والكلامُ في المَفعوليْن كالكَلامِ فيهِما في قراءةِ الكُوفِيّين. وأمَّا
قراءةُ الغَيبةِ وفتْحُ الباءِ فِيهِما فالفِعْلانِ مُسنَدان إلى ضميرِ غائبٍ أيْ:
لا يَحْسَبَنَّ الرسولُ أو حاسِبٌ، والكلامُ في المفعولين للفعلين كالكَلامِ في
القراءةِ التي قبلَها. والثاني من الفعلين تأكيدٌ أو بدلٌ، والفاءُ زائدةٌ على هاتين
القراءتيْن لاتحادِ الفاعل. وقرأ النُخَعيُّ ومَروانُ بنُ الحَكَمِ: "
بما آتَوا" ممدوداً أي: أعطَوا. وقرأ أُبيٌّ "أُوتوا"
مبنيّاً للمَفعول.



قولِه:
{
منَ العذاب} فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه مُتعلِّقٌ بِمحذوفٍ على أنَّه
صفةٌ لـ "
مفازة"
أي: بِمفازةٍ كائنةٍ مِن العذابِ على جَعْلِنا "
مفازة" مكاناً أيْ: بمَوضِعِ فوزٍ، لأنَّ المَفازَةَ
مكانٌ، والمَكانُ لا يعمل، يَعني فلا يَكونُ متعلِّقاً بها، بل بِمحذوفٍ على أنَّه
صفةٌ لها، إلاَّ أنَّ جَعْلَه صفةً مُشْكِلٌ، لأنَّ المَفازةَ لا تَتَّصفُ بِكونِها
مِنَ العذابِ، اللّهمَّ إلَّا أنْ يُقَدَّرَ ذلك المَحذوفُ الذي يَتعلَّقُ بِهِ
الجارُّ شيْئاً خاصّاً حتّى يَصِحَّ المَعنى، تقديرُه: بمفازةٍ مُنجيَةٍ مِنَ العَذابِ،
وفيه الإِشكالُ المعروفُ وهو أنَّه لا يُقَدَّرُ المَحذوفُ في مثلِه إلَّا كَونًا
مُطلَقًا.



الوجهُ
الثاني: أنَّه يَتعلَّقُ بنفسِ "
مفازةٍ"
على أنَّها مصدرٌ بمعنى الفوزِ تقولُ: فُزتُ منه، أي: نَجَوْتُ، ولا يَضُرُّ
كونُها مؤنثةً بالتاءِ لأنَّها مَبنيَّةٌ عليْها، وليستْ الدالَّةَ على التَوحيدِ
فهو كقولِه:



فلولا رجاءُ النصرِ منك ورهبةٌ .............. عقابَك قد
كانوا لنا كالمَوارِدِ



فأعمل
"رهبةٌ" في "عقابَك" وهو مفعولٌ صريح فهذا أَوْلى. ويكون
التقديرُ: فلا تَحْسَبَنَّهم فائزين، فالمصدرُ في موضِعِ اسمِ الفاعلِ. فإنْ أُريد
تفسيرُ المعنى فذاك، وإنْ أُريد أنَّه بهذا التقديرِ يَصِحُّ التَعَلُّقُ فلا
حاجةَ إليه، إذْ المصدرُ مستقلٌّ بذلك لَفظاً ومعنى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 188
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 53
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 69
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 84
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 103
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 118

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: