عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 84 الإثنين ديسمبر 24, 2012 9:50 am | |
| قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) قولُه تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّه وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا ...} الآيةُ الكريمةُ إخبارٌ منه ـ صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّم ـ عن نفسِه وعن أُمَّتِهِ، وأمرٌ مِنَ اللهِ لِنَبِيِّهِ بأنْ يبيِّنَ لهم ارتباطَ شرائعِ اللهِ، وأنَّها سِلسِلَةٌ متَّصِلَةٌ، كلُّ حلقةٍ منها آخذةٌ بالحَلَقَةِ الأُخرى، وقد ابتدأ ـ سبحانَه ـ بذكر الإيمان بالله، فقال: "قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ" والإيمان باللهِ هو جِماعُ الشرائعِ كلِّها، إذِ الإيمانُ باللهِ يَقتَضي الإيمانَ بوُجودِه واحدًا منفردًا بالعبوديَّةِ، ومنفرداً بالتكوين والإنشاءِ، ويقتضي الإخلاصَ لذاتِه العَليَّةِ وطاعتَه في كلِّ ما أمر به، والابتعادَ عن كلِّ ما نهى عنه، وتصديقَ رُسُلِهِ، وعدمَ الاسْتِكبارِ على أحدٍ منهم، وذلك هو الإيمانُ حقّاً وصدقاً، والإسلامُ هو دينُ النبيِّين أجمعين، بما أنَّه الاسْتِسْلامُ لِحُكْمِ اللهِ وقَضائِه واتباعُ شرعِه. والإيمانُ باللهِ يَقتضي تصديقَ كلِّ ما جاءتْ به رُسُلُ اللهِ وبكلِّ ما أُنزِلَ على النبيِّين، وذلك لأنَّ ما أُنزِلَ على الرُّسُلِ هو الشريعةُ السماويَّةُ المشتَرَكةُ بين جميع الأديان التي ذكرها الله سبحانه بقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى به نوِحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَموسى وعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّين ولَا تَتفَرَّقوا فِيهِ}. والأنبياءُ الذين ذكرتهم الآيةُ هم الأنبياء الذين يَدَّعي اليهودُ والنَّصارى أنهم يتبعونهم، ويعترفون بوجودهم ولم يختلفوا في نبوَّتهم، وفيهم إسماعيلُ أبو العربِ، وفي ذكرِهم بيانُ أنَّ اليهودَ والنصارى قد خرجوا عن دينِهم بِكُفرِهم بالنَبِيِّ محمَّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم.قولُه تعالى: {قُلْ آمَنَّا بالله} حُذِف المعطوفُ لفهم المعنى، والتقدير: قل يا محمد أنت وأمتك: "آمنَّا بالله..." أو أنَّ المأمورَ هنا بذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم وحدَه، وإنما خُوطب بلفظِ الجمعِ تعظيماً له. ويجوزُ أن يُؤْمَرَ بأَنْ يتكلَّم عن نفسِه كما تتكلم الملوكُ إِجلالاً مِنَ الله لقَدْرِ نبيه. ويحتمل أنْ يكونَ المأمورَ بهذا المقولِ مَنْ تَقَدَّم، والتقدير: قل لهم قولوا آمنَّا...، فآمنَّا منصوبٌ بـ "قُلْ" على الاحتمالِ الأوَّل، وبـ "قولوا" المقدرِ على الاحتمال الثاني، وذلك القولُ المُضْمَرُ منصوبُ المَحَلِّ.وإنَّما قال هنا "أُنزلَ على" لأن ذلك لَمَّا كان خطاباً للنبيّ صلى الله عليه وسلم وكان واصلاً إليه من الملأ الأعلى بلا واسطةٍ بشريةٍ كان لفظُ "على" المختصُّ بالعلو أَوْلى به، وَلمَّا كان في سورة البقرة خطاباً للأمة، وقد وصل إليهم بوساطة النبي صلى الله عليه وسلم كان لفظُ "إلى" المختصَّ بالإِيصال أَوْلى، ويجوزُ أَنْ يقالَ: "أَنْزَلَ عليه" إنَّما يُحمَلُ على ما أُمِرَ المُنَزَّلُ عليه أَنْ يُبَلِّغَه غيرَه، و"أَنْزَل إليه" على ما خُصَّ به في نفسِهِ وإليْه نهايةُ الإِنزال، وعلى ذلك قال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ} العنكبوت: 51 وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} النحل: 44 خُصَّ هنا بـ "إلى" لَمَّا كان مخصوصاً بالذكر الذي هو بيانُ المُنَزَّل، وهذا كلامٌ في الأَوْلى لا في الوجوب. | |
|