عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 69 الأربعاء ديسمبر 19, 2012 7:40 am | |
| وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) مَن حَلَّتْ به فتنةٌ، أو أصابتْه مِحنَةٌ، أو اسْتَهْوَتْهُ غِوايةٌ تمَنَّى لِجميعِ الناسِ ما حَلَّ به، فأهلُ الكِتابِ يُريدون بالمؤمنينَ أنْ يَزيغوا عن الحَقِّ، ولكنَّ اللهَ يأبى إلَّا أنْ يُتِمَّ نورَه، ونعمتَه على عبادِه المؤمنين، وأنْ يعودَ وبالُ الضالِّين عليهم.قولُه جلَّ شأنُه: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} المشهور أنَّها نَزَلتْ حين دعا اليهودُ حُذيْفَةَ وعمَّارًا ومُعاذًا إلى اليهوديَّة، فالمُرادُ بأهلِ الكتابِ همُ اليهودُ، وقيلَ: تَشمَل الفَريقين، والآيةُ بيانٌ لكونِهم دُعاة إلى الضلالةِ إثْرَ بيانِ أنَّهم ضالُّون، وأَخرجَ ابنُ المُنذِرِ عن سفيانَ أنَّه قال: كلُّ شيءٍ في آلِ عُمْرانَ مِن ذِكْرِ أهلِ الكِتابِ فهو في النَّصارى، ولعلَّه جارٍ مَجْرى الغالب، وَمَعْنَى "يُضِلُّونَكُمْ" أَيْ يُكْسِبُونَكُمُ الْمَعْصِيَةَ بِالرُّجُوعِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَالْمُخَالَفَةِ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: "يُضِلُّونَكُمْ" أَيْ يُهْلِكُونَكُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:كُنْتَ الْقَذَى فِي مَوْجِ أَكْدَرَ مُزْبِدٍ ............ قَذَفَ الْأَتِيُّ بِهِ فَضَلَّ ضَلَالًاأَيْ هَلَكَ هَلَاكًا،والأَتِيُّ كلُّ سَبُعٍ يأتي مِن حيثُ لا تَعلم.قولُه: {وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} نَفْيٌ وَإِيجَابٌ. {وَما يَشْعُرُونَ} أَيْ يَفْطِنُونَ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَى إِضْلَالِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: "وَما يَشْعُرُونَ" أَيْ لَا يَعْلَمُونَ بِصِحَّةِ الْإِسْلَامِ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا، لِأَنَّ الْبَرَاهِينَ ظاهرةٌ والحُجَجَ باهرةٌ. وإنما قال: (لَا يَشْعُرُونَ) مبالغة في ذمهم، وأنهم افتقدوا المنفعة بحواسهم. قوله تعالى: {وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكتاب} طائفة: جمعُ طائفٍ وهو الذي يَطوفُ، وذلك اعتبارًا بِطوافِهم بالبيْتِ وغيرِه مِن مُتَعَبَّداتِهم، ولِطوافِهم في أسْفارِهم، ثمَّ سُمِّيَ كلُّ جمعٍ طائفةً. طافوا أو لم يَطوفوا، كتَسْمِيتِهم بالرفقةِ، ترافقوا أو لم يترافقوا. و"مِّنْ" للتبعيض ـ وهو الظاهر ـ في محلِّ رفع صفةً لطائفة. أو لِبيانِ الجِنْسِ متعلِّقٌ بمحذوفٍ، أي أنَّ المرادَ بـ "طائفة" جميعُ أهل الكتاب. وهو بعيدٌ من دلالة اللفظ. و"لو" يَجوزُ أنْ تكون مصدريَّةً بمعنى "أنْ" المَصدريَّة، والمُنْسَبِكُ مفعولُ وَدَّ، وأنْ تكونَ على بابِها من كونِها حرفًا لِما كان سيقعُ لوُقوعِ غيرِه. و"وَدَّ" بمعنى تمنّى، فيُستعمل معها "لو" و"أنْ" وربَّما جُمِع بينَهما، فيقال: وَدِدْتُ أنْ لو فعلتُ كذا، ومصدرُه الوَدادَةُ، والاسْمُ منه وُدٌّ، وبمعنى أَحَبَّ فيَتعدى تعدِّيَ أَحَبَّ، والمصدرُ: المَوَدَّةُ، والاسْمُ منه وَدٌّ، وقد يتداخلان في المصدر والاسم. وإذا جاء بمعنى "أَحَبَّ" لا يجوزُ إدخال "لو" فيه. أمّا إذا جاءَ بمعنى تمنَّى صلح للحال والاستقبال، وتَجوزُ معه "لو". وإذا كان بمعنى المحبة يتعلق بالأزمنة الثلاثة، وإذا كان للتمني فليس إلا للاستقبال.قولُه: {وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ} الواو للحال، والمعنى على تقدير إرادة الإهلاك من الإضلالِ أنَّهم ما يُهلكون إلَّا أنفسَهم لاسْتِحقاقِهم بإيثارِهم إهلاكَ المؤمنينَ سَخَطَ اللهِ تعالى وغضبَه. | |
|