روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 103

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  103 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  103 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 103   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  103 I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 20, 2013 7:23 pm

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا
تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ
عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.



(103)


قولُه تبارك
وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ
} الاعتصامُ بحبلِ اللهِ التَمَسُّكُ بسُنَّتِه ـ صلواتُ اللهِ عليه وسلامُه
ـ وذلك بالتَحَقُّقِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والتَعَلُّقِ بأهدابِهِما.
وَالاعْتِصامُ
بِحَبْلِ اللَّهِ التمسُّكُ به والحبلُ هو السبب الذي يُتَوَصَّلُ به إلى البُغْيَةِ
وسُمِّيَ الإيمانُ حبلاً لأنَّه سببٌ يُتَوَصَّلُ به إلى زوالِ الخوفِ وقيلَ حبلُ
اللهِ هو السببُ الذي به يُتوَصَّلُ إليه فعلى هذا اختلفوا في معنى الآيةِ فقال
ابنُ عبَّاسٍ: معناه تمَسَّكوا بدينِ اللهِ، وأخرج مسلم من حديث زيد بن أرقم أنَّ
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((ألَا وإنِّي تاركٌ فيكم ثَقليْنِ أحدُهما
كتابُ اللهِ هو حَبْلُ اللهِ منِ اتَّبَعه كان على الهدى ومَن تَركَه كان على
ضلالة)). وعن ابن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((إن هذا القرآن هو
حبل الله المتين وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به)). وقال ابنُ
مسعودٍ: هو الجماعةُ وقال عليكم بالجماعة فإنَّها حبلُ اللهِ الذي أَمَرَ بِه وإنَّ
ما تكرهونَ في الجَماعَةِ والطاعَةِ خيرٌ مما تُحِبُّون في الفُرْقةِ. وَلا
تَفَرَّقُوا كما تفرَّقتِ اليهودُ والنَّصارى. فقد رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحّحَه عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((تَفَرَّقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ
فِرْقَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ
وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً)). قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ: ((لَيَأْتِيَنَّ
عَلَى أمَّتي ما أتى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ
حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ مِنْ
أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتِ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً)). قَالُوا: مَنْ هِيَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)). أَخْرَجَهُ
مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْإِفْرِيقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا
نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَعَبْدُ اللَّهِ
الْإِفْرِيقِيُّ ثِقَةٌ وَثَّقَهُ قَوْمُهُ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، وَضَعَّفَهُ
آخَرُونَ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ
أَبِي سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَالَ
أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى
ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي
الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أقوامٌ
تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ لَا
يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مِفْصَلٌ إِلَّا دَخَلَهُ)).



قَالَ أَبُو
الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ: فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْفِرَقُ مَعْرُوفَةٌ، فَالْجَوَابُ
أَنَّا نَعْرِفُ الِافْتِرَاقَ وَأُصُولَ الْفِرَقِ وَأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنَ
الْفِرَقِ انْقَسَمَتْ إِلَى فِرَقٍ، وَإِنْ لَمْ نُحِطْ بِأَسْمَاءِ تِلْكَ
الْفِرَقِ وَمَذَاهِبِهَا، فَقَدْ ظَهَرَ لَنَا مِنْ أُصُولِ الْفِرَقِ
الْحَرُورِيَّةُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ
وَالرَّافِضَةُ وَالْجَبْرِيَّةُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَصْلُ
الْفِرَقِ الضَّالَّةِ هَذِهِ الْفِرَقُ السِّتُّ، وَقَدِ انْقَسَمَتْ كُلُّ
فِرْقَةٍ مِنْهَا اثْنَتَيْ عشرة فرقة، فصارت اثنتين وسبعين فرقة. انْقَسَمَتِ
الْحَرُورِيَّةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً، فَأَوَّلُهُمُ الْأَزْرَقِيَّةُ،
قَالُوا: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مُؤْمِنًا، وَكَفَّرُوا أَهْلَ الْقِبْلَةِ إِلَّا
مَنْ دَانَ بِقَوْلِهِمْ. وَالْإِبَاضِيَّةُ، قَالُوا: مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِنَا
فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَهُوَ مُنَافِقٌ. وَالثَّعْلَبِيَّةُ،
قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْضِ وَلَمْ يُقَدِّرْ.
وَالْخَازِمِيَّةُ، قَالُوا: لَا نَدْرِي مَا الْإِيمَانُ، وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ
مَعْذُورُونَ. وَالْخَلَفِيَّةُ، زَعَمُوا أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجِهَادَ مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كَفَرَ. وَالْكَوْزِيَّةُ، قَالُوا: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ
يَمَسَّ أَحَدًا، لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجَسِ وَلَا أَنْ
يُؤَاكِلَهُ حَتَّى يَتُوبَ وَيَغْتَسِلَ. وَالْكَنْزِيَّةُ، قَالُوا: لَا يَسَعُ
أَحَدًا أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ أَحَدًا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَكُنْ
مُسْتَحِقًّا بَلْ يَكْنِزُهُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَظْهَرَ أَهْلُ الْحَقِّ.
وَالشِّمْرَاخِيَّةُ، قَالُوا: لَا بَأْسَ بِمَسِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ
لِأَنَّهُنَّ رَيَاحِينُ. وَالْأَخْنَسِيَّةُ، قَالُوا: لَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ
بَعْدَ مَوْتِهِ خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ. وَالْحَكَمِيَّةُ، قَالُوا: مَنْ حَاكَمَ
إِلَى مَخْلُوقٍ فَهُوَ كَافِرٌ. وَالْمُعْتَزِلَةُ، قَالُوا: اشْتَبَهَ عَلَيْنَا
أَمْرُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ فَنَحْنُ نَتَبَرَّأُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.
وَالْمَيْمُونِيَّةُ، قَالُوا: لَا إِمَامَ إِلَّا بِرِضَا أَهْلِ مَحَبَّتِنَا.



وَانْقَسَمَتِ
الْقَدَرِيَّةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً: الْأَحْمَرِيَّةُ، وَهِيَ الَّتِي
زَعَمَتْ أَنَّ فِي شَرْطِ الْعَدْلِ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُمَلِّكَ عِبَادَهُ
أُمُورَهُمْ، وَيَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعَاصِيهِمْ. وَالثَّنَوِيَّةُ،
وَهِيَ الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّ الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ وَالشَّرَّ مِنَ الشَّيْطَانِ.
وَالْمُعْتَزِلَةُ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَجَحَدُوا
صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ. وَالْكَيْسَانِيَّةُ،
وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا: لَا نَدْرِي هَذِهِ الْأَفْعَالُ مِنَ اللَّهِ أَوْ
مِنَ العباد، ولا نعلم أيُثابُ النَّاسُ بَعْدُ أَوْ يُعَاقَبُونَ؟.
وَالشَّيْطَانِيَّةُ، قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الشَّيْطَانَ.
وَالشَّرِيكِيَّةُ، قَالُوا: إِنَّ السَّيِّئَاتِ كُلَّهَا مُقَدَّرَةٌ إِلَّا
الْكُفْرَ. وَالْوَهْمِيَّةُ، قَالُوا: لَيْسَ لِأَفْعَالِ الْخَلْقِ
وَكَلَامِهِمْ ذَاتٌ، وَلَا لِلْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ ذَاتٌ. وَالزِّبْرِيَّةُ،
قَالُوا: كُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَالْعَمَلُ بِهِ حَقٌّ، ناسخًا
كان أو منسوخًا. والمسعدية، زعموا أَنَّ مَنْ عَصَى ثُمَّ تَابَ لَمْ تُقْبَلْ
تَوْبَتُهُ. وَالنَّاكِثِيَّةُ، زَعَمُوا أَنَّ مَنْ نَكَثَ بَيْعَةَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. وَالْقَاسِطِيَّةُ،
تَبِعُوا إِبْرَاهِيمَ بْنَ النَّظَّامِ في قوله: مَن زَعم أنَّ اللهَ شيءٌ فَليس بكَافِرٌ.



وَانْقَسَمَتِ
الْجَهْمِيَّةُ إلى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً: الْمُعَطِّلَةُ، زَعَمُوا أَنَّ
كُلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ وَهْمُ الْإِنْسَانِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ. وَإِنَّ مَنِ
ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ يُرَى فَهُوَ كَافِرٌ. وَالْمَرِيسِيَّةُ، قَالُوا:
أَكْثَرُ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ. وَالْمُلْتَزِقَةُ، جَعَلُوا
الْبَارِيَ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. وَالْوَارِدِيَّةُ، قَالُوا لَا
يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ، وَمَنْ دَخَلَهَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا
أَبَدًا. وَالزَّنَادِقَةُ، قَالُوا: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ لِنَفْسِهِ
رَبًّا، لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ إِدْرَاكِ الْحَوَاسِّ،
وَمَا لَا يُدْرَكُ لَا يُثْبَتُ. وَالْحَرْقِيَّةُ، زَعَمُوا أَنَّ الْكَافِرَ
تَحْرِقُهُ النَّارُ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَبْقَى مُحْتَرِقًا أَبَدًا لَا
يَجِدُ حَرَّ النَّارِ. وَالْمَخْلُوقِيَّةُ، زَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ
مَخْلُوقٌ. وَالْفَانِيَةُ، زَعَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ يَفْنَيَانِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَمْ يُخْلَقَا. وَالْعَبْدِيَّةُ، جَحَدُوا الرُّسُلَ
وَقَالُوا إِنَّمَا هُمْ حُكَمَاءُ. وَالْوَاقِفِيَّةُ، قَالُوا: لَا نَقُولُ
إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَالْقَبْرِيَّةُ،
يُنْكِرُونَ عَذَابَ الْقَبْرِ وَالشَّفَاعَةَ. وَاللَّفْظِيَّةُ، قَالُوا
لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ.



وَانْقَسَمَتِ
الْمُرْجِئَةُ إلى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً: التَّارِكِيَّةُ، قَالُوا لَيْسَ
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ فَرِيضَةٌ سِوَى الْإِيمَانِ بِهِ، فَمَنْ
آمَنَ بِهِ فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ. وَالسَّائِبِيَّةُ، قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ
تعالى سيَّبَ خلقَه لِيَفعلوا ما شاءوا. والراجئة، قَالُوا: لَا يُسَمَّى
الطَّائِعُ طَائِعًا وَلَا الْعَاصِي عَاصِيًا، لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا لَهُ
عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَالسَّالِبِيَّةُ، قَالُوا: الطَّاعَةُ لَيْسَتْ مِنَ
الْإِيمَانِ. وَالْبَهْيَشِيَّةُ، قَالُوا: الْإِيمَانُ عِلْمٌ وَمَنْ لَا يَعْلَمُ
الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَالْعَمَلِيَّةُ، قَالُوا: الْإِيمَانُ عَمَلٌ. وَالْمَنْقُوصِيَّةُ، قَالُوا:
الْإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. وَالْمُسْتَثْنِيَةُ، قَالُوا:
الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ. وَالْمُشَبِّهَةُ، قَالُوا: بَصَرٌ كبصرٍ ويَدٌ
كَيَدٍ. وَالْحَشْوِيَّةُ، قَالُوا: حُكْمُ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا وَاحِدٌ،
فَعِنْدَهُمْ أَنَّ تَارِكَ النَّفْلِ كَتَارِكِ الْفَرْضِ. وَالظَّاهِرِيَّةُ،
الَّذِينَ نَفَوُا الْقِيَاسَ. وَالْبِدْعِيَّةُ، أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ هذه
الأحداث في هذه الأمة.



وَانْقَسَمَتِ
الرَّافِضَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً: الْعَلَوِيَّةُ، قَالُوا: إِنَّ
الرِّسَالَةَ كَانَتْ إِلَى عَلِيٍّ وَإِنَّ جِبْرِيلَ أَخْطَأَ. وَالْأَمْرِيَّةُ،
قَالُوا: إِنَّ عَلِيًّا شَرِيكُ مُحَمَّدٍ فِي أَمْرِهِ. وَالشِّيعَةُ، قَالُوا:
إِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلِيُّهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّ الْأُمَّةَ كَفَرَتْ
بِمُبَايَعَةِ غَيْرِهِ. وَالْإِسْحَاقِيَّةُ، قَالُوا: إِنَّ النُّبُوَّةَ
مُتَّصِلَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكُلُّ مَنْ يَعْلَمُ عِلْمَ أَهْلِ
الْبَيْتِ فَهُوَ نَبِيٌّ. وَالنَّاوُوسِيَّةُ، قَالُوا: عَلِيٌّ أَفْضَلُ
الْأُمَّةِ، فَمَنْ فَضَّلَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ كَفَرَ. وَالْإِمَامِيَّةُ،
قَالُوا: لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ إِمَامٍ مِنْ وَلَدِ
الْحُسَيْنِ، وَإِنَّ الْإِمَامَ يُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ،
فَإِذَا مَاتَ بُدِّلَ غَيْرُهُ مَكَانَهُ. وَالزَّيْدِيَّةُ، قَالُوا: وَلَدُ
الْحُسَيْنِ كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ فِي الصَّلَوَاتِ، فَمَتَى وُجِدَ مِنْهُمْ
أَحَدٌ لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِمْ، بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ.
وَالْعَبَّاسِيَّةُ، زَعَمُوا أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ أَوْلَى بِالْخِلَافَةِ مِنْ
غَيْرِهِ. وَالتَّنَاسُخِيَّةُ، قَالُوا: الْأَرْوَاحُ تَتَنَاسَخُ، فَمَنْ كَانَ
مُحْسِنًا خَرَجَتْ رُوحُهُ فَدَخَلَتْ فِي خَلْقٍ يَسْعَدُ بِعَيْشِهِ.
وَالرَّجْعِيَّةُ، زَعَمُوا أَنَّ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ يَرْجِعُونَ إِلَى
الدُّنْيَا، وَيَنْتَقِمُونَ مِنْ أَعْدَائِهِمْ. وَاللَّاعِنَةُ، يَلْعَنُونَ
عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبَا مُوسَى وَعَائِشَةَ
وَغَيْرَهُمْ، وَالْمُتَرَبِّصَةُ: تَشَبَّهُوا بِزِيِّ النُّسَّاكِ وَنَصَبُوا
فِي كُلِّ عَصْرٍ رَجُلًا يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ الْأَمْرَ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ
مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِذَا مَاتَ نَصَبُوا آخَرَ.



ثُمَّ
انْقَسَمَتِ الْجَبْرِيَّةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً: فَمِنْهُمُ
الْمُضْطَرِّيَّةُ، قَالُوا: لَا فِعْلَ لِلْآدَمِيِّ، بَلِ اللَّهُ يَفْعَلُ
الْكُلَّ. وَالْأَفْعَالِيَّةُ، قَالُوا: لَنَا أَفْعَالٌ وَلَكِنْ لَا
اسْتِطَاعَةَ لَنَا فِيهَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ كَالْبَهَائِمِ نُقَادُ بِالْحَبْلِ.
وَالْمَفْرُوغِيَّةُ، قَالُوا: كُلُّ الْأَشْيَاءِ قَدْ خُلِقَتْ، وَالْآنَ لَا يُخلَقُ
شيءٌ. وَالنَّجَّارِيَّةُ، زَعَمَتْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَذِّبُ النَّاسَ
عَلَى فِعْلِهِ لَا عَلَى فِعْلِهِمْ. وَالْمَنَّانِيَّةُ، قَالُوا: عَلَيْكَ
بِمَا يَخْطِرُ بِقَلْبِكَ، فَافْعَلْ مَا تَوَسَّمْتَ مِنْهُ الْخَيْرَ.
وَالْكَسْبِيَّةُ، قَالُوا: لَا يَكْتَسِبُ الْعَبْدُ ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا.
وَالسَّابِقِيَّةُ، قَالُوا: مَنْ شَاءَ فليعمل ومن شاء فلا يَعْمَلُ، فَإِنَّ
السَّعِيدَ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُهُ وَالشَّقِيَّ لَا يَنْفَعُهُ بِرُّهُ.
وَالْحِبِّيَّةُ، قَالُوا: مَنْ شَرِبَ كَأْسَ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى
سَقَطَتْ عَنْهُ عِبَادَةُ الْأَرْكَانِ. وَالْخَوْفِيَّةُ، قَالُوا: مَنْ أَحَبَّ
اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَخَافَهُ، لِأَنَّ الْحَبِيبَ لَا يَخَافُ حَبِيبَهُ.
وَالْفِكْرِيَّةُ، قَالُوا: مَنِ ازْدَادَ عِلْمًا أُسْقِطَ عنه بقدرِ ذلك مِنَ
العِبادة.
والْخَشَبِيَّةُ،
قَالُوا: الدُّنْيَا بَيْنَ الْعِبَادِ سَوَاءٌ، لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمْ فِيمَا وَرَّثَهُمْ
أَبُوهُمْ آدَمُ. وَالْمِنِّيَّةُ، قَالُوا: مِنَّا الْفِعْلُ وَلَنَا
الِاسْتِطَاعَةُ.



وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ لِسِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ: يَا حَنَفِيُّ، الْجَمَاعَةَ
الْجَمَاعَةَ!!



فَإِنَّمَا هَلَكَتِ
الْأُمَمُ الْخَالِيَةُ لِتَفَرُّقِهَا، أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ:



"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا
"



وفِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ
لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ
لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ)).
فَأَوْجَبَ تَعَالَى عَلَيْنَا التَّمَسُّكَ بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ
وَالرُّجُوعَ إِلَيْهِمَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ، وَأَمَرَنَا بِالِاجْتِمَاعِ
عَلَى الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا، وَذَلِكَ
سَبَبُ اتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَانْتِظَامِ الشَّتَاتِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ
مَصَالِحُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَالسَّلَامَةُ مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَأَمَرَ
بِالِاجْتِمَاعِ وَنَهَى عَنِ الِافْتِرَاقِ الَّذِي حَصَلَ لِأَهْلِ
الْكِتَابَيْنِ. هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى التَّمَامِ، وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى
صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ أُصُولِ
الْفِقْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا
نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً ..
}. أَمَرَ تَعَالَى
بِتَذَكُّرِ نِعَمِهِ وَأَعْظَمُهَا الْإِسْلَامُ وَاتِّبَاعُ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ
عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّ بِهِ زَالَتِ الْعَدَاوَةُ وَالْفُرْقَةُ وَكَانَتِ
الْمَحَبَّةُ وَالْأُلْفَةُ. وَالْمُخاطبُ بها الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَلكنَّ الْآيَةَ
تَعُمُّ. وَمَعْنَى "فَأَصْبَحْتُمْ
بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً
" أَيْ صِرْتُمْ بِنِعْمَةِ الْإِسْلَامِ
إِخْوَانًا فِي الدِّينِ. وَكُلُّ مَا في القرآن "فَأَصْبَحْتُمْ" مَعْنَاهُ صِرْتُمْ،
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} المُلْك: 30. أَيْ صَارَ
غَائِرًا. وَالْإِخْوَانُ جَمْعُ أَخٍ، وَسُمِّيَ أَخًا لِأَنَّهُ يَتَوَخَّى
مَذْهَبَ أَخِيهِ، أَيْ يَقْصِدُهُ. وشَفا كلِّ شيءٍ حَرْفُهُ، وَكَذَلِكَ
شَفِيرُهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ} التوبة: 109.



وروى البَغَويُّ
بسندِه عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((إنَّ
اللهَ يَرضى لكم ثلاثًا ويَسخَطُ لكم ثلاثًا، يَرضى لكم أنْ تَعْبُدوه ولا تُشركوا
به شيئًا، وأنْ تعتصِمُوا بحبلِ الله جميعًا، وأنْ تُناصِحوا مَن ولَّى اللهُ أمرَكم،
ويَسخَطُ لكم ثلاثًا قيلَ وقالَ وإضاعةَ المالِ وكَثرةَ السؤال)). وَفِي سُنَنِ
ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أنس ابنِ مَالِكٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ
وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ
الزَّكَاةِ مَاتَ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ)).



وَيَجُوزُ
أَنْ يَكُونَ المَعْنى وَلَا تَفَرَّقُوا مُتَابِعِينَ لِلْهَوَى وَالْأَغْرَاضِ
الْمُخْتَلِفَةِ، وَكُونُوا فِي دِينِ اللَّهِ إِخْوَانًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ
مَنْعًا لَهُمْ عَنِ التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ
وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَاذْكُرُوا
نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً
". وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ
عَلَى تَحْرِيمِ الِاخْتِلَافِ فِي الْفُرُوعِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ اخْتِلَافًا
إِذِ الِاخْتِلَافُ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِائْتِلَافُ وَالْجَمْعُ، وَأَمَّا
حُكْمُ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهَا بِسَبَبِ
اسْتِخْرَاجِ الْفَرَائِضِ وَدَقَائِقِ مَعَانِي الشَّرْعِ، وَمَا زَالَتِ
الصَّحَابَةُ يَخْتَلِفُونَ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ
مُتَآلِفُونَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اخْتِلَافُ
أُمَّتِي رَحْمَةٌ)) وَإِنَّمَا مَنَعَ اللَّهُ اخْتِلَافًا هُوَ سَبَبُ
الْفَسَادِ.



قوله تعالى:
{بِحَبْلٍ} الحَبْلُ
في الأصل هو السبَبُ، وكلُّ ما وصلك إلى شيء فهو حَبْل، وأَصلُه في الأجرام واستعمالُه
في المعاني من باب المجاز، ويجوزُ أن يكونَ حينئذٍ من باب الاستعارة، ويجوز أن
يكونَ من بابِ التمثيل، ومن كلامِ الأنصار رضي الله عنهم: (يا رسول الله إنَّ
بيننا وبين القوم حبالاً ونحن قاطعوها). يَعْنُون العهود والحِلْف. قال الأعشى:



وإذا تُجَوِّزُها حبالُ قبيلةً ................
أَخَذَتْ من الأخرى إليكَ حِبالَها



يعني
العهودَ، قيل: والسببُ فيه أنَّ الرجلَ كان إذا سافرَ خافَ فيأخذُ من القبيلةِ
عهداً إلى أخرى، ويُعْطَى سهماً أو حبلاً يكونُ معه كالعلامةِ، فَسُمِّي العهدُ
حبلاً لذلك، وهذا معنىً غيرُ طائلٍ، بل سُمِّي العهدُ حبلاً للتوصُّلِ به إلى
الغرض. وقال جرير:



ما زِلْتُ معتصِماً بحبلٍ منكُم ............. مَنْ
حَلَّ سَاحَتَكُمْ بِأسْبَابِ نَجَا



وقوله: "جميعاً" حالٌ من فاعل "اعتصموا"، و"بحبل الله" متعلِّقٌ
به. قوله: "ولا
تَفَرَّقوا
" قرأه البَزيُّ بتشديدِ التاءِ وصلاً، وقد تقدَّم توجيهُه
في البقرة عند قولِه: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} البقرة: 267، والباقوُن بتخفيفِها على
الحَذْفِ.



وقوله: {نِعْمَةَ الله} مصدرٌ مضافٌ
لفاعِلِه إذْ هو المُنْعِم، و"عليكم" يجوز أَنْ يكونَ متعلقاً بنفسِ "نعمة" لأنَّ هذه
المادَة تتعدَّى بـ "على" نحو: {للذي أَنعَمَ الله عَلَيْهِ} الأحزاب:
37. ويجوز أَن يكونَ متعلِّقاً بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من "نعمة" فيتعلَّقُ
بمحذوفٍ أي: مستقرة وكائنة عليكم.



قوله: {إِذْ كُنْتُمْ} إذ: منصوبةٌ بـ "نعمَة" ظرفاً
لها، ويجوزُ أَنْ يكون متعلقاً بالاستقرارِ الذي تضمَّنه "عليكم" إذا قلنا: إنَّ "عليكم" حالٌ من النعمة،
وأمَّا إذا عَلَّقْنا "عليكم"
بـ "نعمة" تَعَيَّن
الوجُه الأول. ويجوزُ أنْ يكونَ منصوباً بـ "اذكروا"، يَعني مفعولاً به لا أنَّه ظرفٌ له
لفسادِ المعنى، إذ "اذكروا"
مستقبلٌ، و"إذ"
ماضٍ.



قوله: {فَأَصْبَحْتُمْ} أصبحَ من
أخواتِ "كان" فإذا كانَتْ ناقصةً كانت مثلَ "كان" في رفعِ
الاسمِ ونَصْبِ الخبر، وإذا كانَتْ تامَّةً رفَعَتْ فاعلاً واستغنَتْ به، فإن وُجِدَ
منصوبٌ بعدها فهي حالٌ، وتكون تامَّةً إذا كانت بمعنى دَخَلَ في الصباحِ تقول:
أصبحَ زيدٌ. أيْ دخلَ في الصَّباحِ، ومِثْلُها في ذلك "أمسى"، قال
تعالى: {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الروم: 17. وقولُه:
{وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ} الصافات: 137. وفي أمثالهم: إذا
سَمِعْتَ بسُرى القَيْنِ فاعلَمْ أنَّه مُصبح. لأنَّ القَيْنَ وهو الحَدَّادُ ربَّما
قَلَّت صناعتُه في أحياءِ العَرَبِ فيقول: أنا غَداً مسافرٌ ليأتيه الناسُ
بحوائجهم فيُقيمُ ويَترُكُ السَفَرَ، فأرسلوه مَثَلا لِمنْ يقولُ قوْلاً ويُخالِفُه،
فالمعنى أنَّه مُقيمٌ في الصَباح، وتكون بمعنى "صار" عملاً ومعنى كقوله:



فَأَصْبحوا كأنَّهم ورقٌ جَفْـ ................... ـفَ
فَأَلْوَتْ به الصَّبا والدَّبُورُ



أي: صاروا. و"إخواناً" خبرُها،
وجَوَّزوا فيها هنا أن تكون على بابِها من دلالتِها على اتِّصاف الموصوفِ بالصفة
في وقت الصباح، وأن تكون بمعنى صار، وأن تكون التامة، أي: دخلتم في الصباح، فإذا
كانت ناقصةً على بابها فالأظهرُ أن يكونَ "إخواناً" خبرَها. و"بنعمته" متعلِّقٌ بـ "إخْواناً"، لِما فيه
مِنْ معنى الفعلِ أي: تآخيتم بنعمتِه، والباءُ للسببيةِ. وجَوَّزوا أَنْ يكونَ "بنعمته" هو الخبرَ، و"إخواناً"
حالٌ، والباءُ بمعنى الظرفية، وإذا كانت بمعنى "صار" جَرَى فيها ما
تقدَّم من جميع هذه الأوجه، وإذا كانت تامةً فـ "إخواناً" حالٌ، و"بنعمتِه » فيه ما تقدَّم من
الأوجهُ ما خَلا الخبريَّةِ. و"فأصبحتم" عبارةٌ عن الاستمرار، وإن كانت اللفظة مخصوصةً بوقت،
وإنَّما خُصَّتْ هذه اللفظةُ بهذا المعنى من حيثُ هي مبدأُ النهار، وفيها مبدأُ
الأعمالِ، فالحالُ التي يُحِسُّها المرءُ مِنْ نفسه فيها هي التي يستمر عليها
يومُه في الأغلب، ومنه قول الربيع بن ضبع:



أَصْبَحْتُ لا أَحْمِلُ السِّلاح ولا ................
أَمْلِكُ رأسَ البعيرِ إنْ نفرا



والإِخْوان:
جمعُ أَخٍ، وإخوةٌ اسمُ جَمْعٍ عند سِيبَويْهِ وعندَ غيرِه هي جمع. وقال بعضُهم:
إنَّ الأَخَ في النسَب يُجْمع على "إخوة"،
وفي الدِّين على "إخْوان"، هذا أَغلبُ استعمالِهم، قال تعالى: {إِنَّمَا
المؤمنون إِخْوَةٌ} الحجرات: 10، ونفسُ هذه الآية تؤيد ما قاله لأنَّ المرادَ هنا
ليس إخوةُ النسَبِ إنَّما المُرادُ إخوةُ الدين والصداقةِ.



قولُه: {على شَفَا} شَفا الشيءِ: طَرَفُه
وحَرْفُه، وهو مقصورٌ من ذواتِ الواو، يُثَنَّى بالواوِ نحوَ: شَفَوَيْن، ويُكتَبُ
بالأَلِفِ، ويُجْمَعُ على أَشْفاء، ويُستعمَلُ مُضافاً إلى أعلى الشيءِ وإلى أسفلِه،
فمِن الأول: {شَفَا جُرُفٍ} التوبة: 109. ومن الثاني هذه الآية، وأشفى على كذا أي:
قَارَبه، ومنه أَشْفى المريضُ على الموت، يُقال للرجلِ عند موتهِ، وللقمرِ عند مُحاقِه،
وللشمسِ عند غروبها: ما بَقي منه أو منها إلَّا شَفا أي: إلّا قليلٌ. ويُقال لِما
بين الليلِ والنهارِ عند غروبِ الشمسِ إذا غاب بعضُها: شفا، وأنشد :



أَدْرَكْتُه بلا شَفا أو بشَفا .................
والشمسُ قد كادَتْ تكونُ دَنِفا



والشفاءُ من
المرضِ موافاةُ شَفا السلامةِ، وصار اسْمًا للبُرْءِ، والشَّفا مذكَّرٌ. وأمَّا
عَوْدُ الضميرِ في "منها"
ففيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّه عائدٌ على "حفرة". والثاني: أنَّه عائدٌ على "النار"، وأُنِّثَ مِنْ
حيثُ كان مُضافًا إلى مؤنث، كما قال جرير:



أرى مَرَّ السنين أَخَذْنَ مني ................. كما
أخَذَ السِّرارُ مِن الهلال



ولا
يَحْسُنُ عَوْدُه إلاَّ على الشَّفا؛ لأنَّ كَيْنونتَهم على الشَّفا هو أَحَدُ جُزْأَي
الإِسْنادِ، فالضَّميرُ لا يَعودُ إلَّا عليه، وأمَّا ذِكْرُ الحُفْرَةِ فإنَّما
جاءَتْ على سبيلِ الإِضافةِ إليها، وأمَّا ذِكْرُ النارِ فإنَّما ذُكِرَ لِتَخصيصِ
الحُفرةِ، وليستْ أيضاً أحدَ جُزْأَي الإِسناد، وليست أيضاً مُحَدَّثاً عنها،
فالإِنقاذ من الشفا أبلغُ من الإِنقاذِ من الحفرة ومِن النارِ، لأنَّ الإِنقاذَ من
الشفا يَسْتَلْزِمُ الإِنقاذَ من الحُفْرَةِ ومن النَّارِ، والإِنقاذَ منهما لا
يستلزِمُ الإِنقاذَ من الشَّفا فعودُه على
الشَّفا هو الظاهرُ من حيث اللفظُ ومن حيث المعنى.



والإِنقاذُ:
هو التخليصُ والتَنْحِيَةُ، يقال أَنْقَذْتُه ونَقَذْتُه واستنقَذْتُه
وتَنَقَّذْتُه بمعنىً، ويقال: فرسٌ نَقيذٌ. إذا كان مأخوذاً مِنْ قومٍ آخرين لأنَّه
استُنْقِذَ منهم، والحُفْرة : فُعْلَة بمعنى مَفْعُولة كغُرْفَة بمعنى مَغْروفة.



وقوله: {كذلك يُبَيِّنُ الله} نعتٌ لِمَصدَرٍ
محذوفٍ أو حالٌ مِنْ ضميرِه أي: يُبيِّنُ لكم تَبْيينًا مثلَ تَبْيِينِه لكمُ
الآياتِ الواضحةَ. وقوله: {مِّنَ
النار
} صفةٌ لِحُفرَةٍ فيَتعلَّقُ بمَحذوفٍ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 103
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: