عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 184 الأربعاء أبريل 10, 2013 1:48 pm | |
| فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ. (184) قوله ـ تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} فيما جئتَهم بِه مِنْ قُرآنٍ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ جاؤوا بمثلِ ما جئتَ بِه، قولُه: {جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} البيِّناتُ: أَيْ بِالدِّلَالَاتِ، "وَالزُّبُرِ" أَيِ الْكُتُبِ الْمَزْبُورَةِ، يَعْنِي الْمَكْتُوبَةَ. وَالزُّبُرُ جَمْعُ زَبُورٍ وَهُوَ الْكِتَابُ. وَأَصْلُهُ مِنْ زَبَرْتُ أَيْ كَتَبْتُ. وَكُلُّ زَبُورٍ فَهُوَ كِتَابٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجَانِي ...............كَخَطِّ زَبُورٍ فِي عَسِيبِ يَمَانِي وَأَنَا أَعْرِفُ تَزْبِرَتِي أَيْ كِتَابَتِي. وَقِيلَ: الزَّبُورُ مِنَ الزَّبْرِ بِمَعْنَى الزَّجْرِ. وَزَبَرْتُ الرَّجُلَ انْتَهَرْتُهُ. وَزَبَرْتُ الْبِئْرَ: طَوَيْتُهَا بِالْحِجَارَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: "بِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ" بِزِيَادَةِ بَاءٍ فِي الْكَلِمَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفَ أَهْلِ الشَّامِ. وقوله: {وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ} أي الواضحُ المُضيءُ، مِنْ قَوْلِكَ: أَنَرْتُ الشَّيْءَ أُنِيرُهُ، أَيْ أَوْضَحْتُهُ: يُقَالُ: نَارَ الشَّيْءَ وَأَنَارَهُ وَنَوَّرَهُ وَاسْتَنَارَهُ بِمَعْنًى، إن قيل: لم قال: "وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ" والزبور هو الكتاب. نقول الزبور هو الكتاب المقصور على الحكمةِ العقليَّةِ دون الأحكامِ الشرعيّة، والكتاب في تعارف القرآنُ هو ما يتضمَّن الأحكامَ، ولهذا جاء في عامة القرآن كتابٌ وحكمةٌ. فقال : {ويُعلِّمُهُمُ الكتابَ والحِكمةَ} الجمعة: 62. ففصلَ بينهما لهذا، واستعملَ الكتابةَ في معنى الإيجاب، فعلى هذا اشتقاقُه مِن زبرتُ الشيءَ أيْ أحكمتُه. وقيل: الزَّبورُ اسمٌ لما أُجْمِلَ ولم يُفصَّلْ، والكتابُ يُقال لما قد فُصِّل. قيل: واشتقاقُه مِن الزُّبرَةِ أيْ القِطعة من الحديد التي تُرِكت بحالها. وعلى هذا قال الشاعر أبو تمّام:وما السيفُ إلَّا زَبْرَةٌ لو تَركتَها ......... على الحالةِ الأُولى لَما كان يَقْطَعُوقيل: الزَّبورُ ها هنا اسمٌ للزاجِرِ مِن قولِهم: زَبَرْتُه أيْ زَجَرْتُه.فقد بيّن أنَّه ـ تَعالى ـ أتاهم بالآياتِ الدالَّةِ على الوحدانيَّةِ والنُبُوَّةِ. وبالمزاجِرِ المَعْنِيَّةِ بقولِه: {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} وهذا تسليةٌ للنبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وعتابٌ له. فقد رُوِيَ أنَّه قال: ((ما لَقيَ أحدٌ في اللهِ ما لَقِيتُ}. فنُبِّه أنَّ حالَ الأنبياءِ قبلَه كَحالِه، وحالُ أقوامِهم كحالِ قومِه، وليس الشرط في نحوِ هذا المَوضِعِ للشَكِّ، وبيانُه إنْ كذَّبوكَ فقد كذَّبوا مَنْ صَدَّقكَ، وقد صدَّقك الرسلُ قبلَك. فإذا كذَّبوك فقد كذَّبوا رسُلًا مِن قبلِك.قوله تعالى: {فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ} ليس جواباً للشَرْط، بلْ الجوابُ محذوفٌ أيْ: فَتَسَلَّ ونحوُه، لأنَّ هذا قد مَضَى وتحقَّقَ، وفيه كلامٌ طويلٌ تقدَّم نَظيرُه. والجملةُ من "جاؤوا" في محلِّ رفعِ صفةٍ لـ "رُسُل" و"من قبلك" متعلقٌّ بـ "كُذِّبَ". والباءُ في "بالبينات" تحتملُ الوجهيْن كنظيرتِها.وقرأَ جمهورُ الناس: "والزُبُرِ و الكتابِ" مِنْ غيرِ ذكرِ باء الجَرِّ، وقرأ ابنُ عامر: "وبالزبرِ" بإعادتِها، وهشامٌ وحدَه عنه: "وبالكتاب" بإعادتها أيضاً، وهي في مَصاحِفِ الشاميِّين كَقراءةِ ابنِ عامرٍ رَحِمَهُ اللهُ. والخَطْبُ فيه سهلٌ، فَمَنْ لم يأتِ بها اكتفى بالعطف، ومَنْ أتى بها كان ذلك تأكيداً. | |
|