عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 179 الأحد أبريل 07, 2013 6:47 pm | |
| مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ.
(179) قوله ـ تعالى: {مَا كَانَ اللَّه لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ... } مَا كَانَ مِنْ سُنَنِ اللهِ فِي عِبَادِهِ أنْ يَذَرَ المُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِ امْتِحَانٍ وَتَمْحِيصٍ، لِيَظْهَرَ المُؤْمِنُ الصَابِرُ، وَيَنْكَشِفَ المُنْافِقُ الفَاجِرُ، وَيُعرَفَ وَليُّهِ، من عَدُوِّهُ، وقد امْتَحَنَهُمُ اللهُ يَوْمَ أحُدٍ ، فَظَهَرَ المُؤْمِنُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِمْ، وَهُتِكَتْ أَسْتَارُ المُنَافِقِينَ، بِمُخَالَفَتِهِمْ، وَنُكُولِهِمْ عَنِ الجِهَادِ، وَخِيَانَتِهِمْ لِلْرَّسُولِ، فَعَرَفَهُمُ المُؤْمِنُونَ، وَأخَذُوا حِذْرَهم منَهُمْ. فأنْتُمْ أيُّها المُؤْمِنُونَ لاَ تَعْلَمُونَ الغَيْبَ وما هو مِنْ شَأْنِ اللهِ تَعَالَى أنْ يُطْلِعَ عَامَّةَ خَلْقِهِ عَلَى غَيْبِهِ. وَلِذَلِكَ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أنْ يكُونَ هُنَاكَ سببٌ يُمَيِّزُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَالمُؤْمِنَ مِنَ المُنَافِقِ، وَهَذِا السببُ يَبْتَدِئُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ فَيُؤْمِنُ بهم مَنْ يُؤْمِنُ، وَيَكْفُرَ مَنْ يَكْفُرُ، ثُمَ يَقُومُ الرُّسُلِ بِالجِهادِ فَيَبْتَلِي الرُسُلُ أَصْحَابَهُمْ بِهِ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَتمُّ أمْرُ اللهِ وَيَتَمَيَّزُ الخَبيثُ مِنَ الطَّيِّبِ، وَتَطْهَرُ القُلُوبُ وَالنُّفُوسُ. وَمحمدٌ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ واحدٌ مِنْ هؤلاء الرسل، فمَنْ آمَنَ بِه فَقَدْ آمَنَ بِالرُّسُلِ السَّابِقِينَ جَمِيعاً، لأَنَّهُ جَاءَ مُصَدِّقاً الرُّسُلَ السَّابِقِينَ. وقد اختلف المفسرون في سببِ نزولِ هذه الآية، فقال الكلبي: قالت قريش: يا محمدُ تزعم أنّ مَن خالفك فهو في النارِ واللهُ عليه غضبان، وأنَّ مَن اتَّبعَك على دينِك فهو في الجَنَّةِ واللهُ عنه راضٍ، فأخبِرْنا بمن يُؤمنُ بك وبمن لا يُؤمنُ بك فأنزلَ اللهُ ـ تعالى ـ هذه الآية.وقال السُدِّيُّ: قال رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم: ((عُرضتْ عليَّ أُمَّتي في صُورِها في الطينِ كما عُرِضتْ على آدمَ، وأُعْلِمْتُ مَنْ يُؤمنُ بي ومَن يَكفرُ بي)). فبلغ ذلك المنافقين فقالوا استهزاءً: زعمَ محمَّدٌ أنَّه يعلمُ مَنْ يؤمنُ بِه ومَن يكفرْ ممّن لم يُخلَقْ بعدُ، ونحنُ معه وما يَعرِفُنا، فبلغَ ذلك رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقام على المِنبرِ فحمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثمَّ قال: ((ما بال أقوام طَعَنوا في عِلمي لا تَسألوني عنْ شيءٍ فيما بينكم وبين الساعةِ إلَّا أَنبأتُكم به)). فقام عبدُ اللهِ بنُ حُذافَةَ السَهْميُّ: فقال: مَنْ أبي يا رسول الله؟ قال: ((حُذافة))، فقامَ عمرُ فقال: يا رسول اللهِ رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبالقرآن إمامًا وبك نبيًا فاعفُ عنّا عَفا اللهُ عنك، فقال النبيُّ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((فهل أنتم منتهون))؟ ثم نَزَلَ عن المِنبرِ فأنزلَ الله تعالى هذه الآية.وقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: سَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُعْطَوْا عَلَامَةً يُفَرِّقُونَ بِهَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَا كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) الْآيَةَ.واختلفوا في حكمِ الآيةِ ونظمِها، فقال ابنُ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما والضحّاكُ ومُقاتلٌ والكَلبيُّ وأكثرُ المُفسِّرين: الخطابُ للكُفّارِ والمُنافقين يَعني {مَا كَانَ اللَّه لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} يا معشرَ الكفّارِ والمنافقين من الكفرِ والنِفاقِ {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.وقال قومٌ: الخطابُ للمؤمنين الذين أخبرَ عنهم، ومعناه: ما كان اللهُ لِيَذَرَكم يا معشرَ المؤمنين على ما أنتم عليه مِنِ الْتِباسِ المؤمنِ بالمُنافقِ، فرَجَعَ مِن الخبرِ إلى الخِطابِ.وقال قَتادةُ: حتَّى يَميزَ الكافرَ مَن المؤمنِ بالهِجرةِ والجِهادِ. وقال الضحَّاكُ: "مَا كَانَ اللَّه لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ" في أصلابِ الرجالِ وأرحامِ النساءِ، يا معشرَ المُنافقين والمُشركين، حتَّى يُفرِّقَ بينَكم وبيَّن مَن في أَصلابِكم وأرحامِ نسائكم مِن المؤمنين، وقيل: "حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ" وهو المُذنبُ "مِنَ الطَّيِّبِ" وهو المؤمنُ، يَعني: حتَّى يَحطَّ الأوزارَ عن المؤمنِ بما يُصيبُه مِن نَكبةٍ ومِحنةٍ ومُصيبَةٍ، "وَمَا كَانَ اللَّه لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ" لأنَّه لا يعلمُ الغيبَ أحدٌ غيرُه، "وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ } فيُطلِعُه على بعضِ عِلمِ الغيبِ، نَظيرُه قولُه تعالى: {عالمُ الغيبِ فلا يُظهرُ على غيبِه أحَدًا إلَّا مَنِ ارْتَضى مِن رَسولٍ}. سورة الجِنّ الآيتان: 26،27.وقال السُدِّيُّ: معناه وما كان اللهُ لِيُطلِع محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الغيبِ ولكنَّ اللهَ اجْتَباه.قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} يُقَالُ: إِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" يَعْنِي لَا تَشْتَغِلُوا بِمَا لَا يَعْنِيكُمْ، وَاشْتَغِلُوا بِمَا يَعْنِيكُمْ وَهُوَ الْإِيمَانُ. "فَآمِنُوا" أَيْ صَدِّقُوا، أَيْ عَلَيْكُمُ التَّصْدِيقُ لَا التَّشَوُّفُ إِلَى اطِّلَاعِ الْغَيْبِ.قولُه: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أَيِ الْجَنَّةُ. وَيُذْكَرُ أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ مُنَجِّمًا، فَأَخَذَ الْحَجَّاجُ حَصَيَاتٍ بِيَدِهِ قَدْ عَرَفَ عَدَدَهَا فَقَالَ لِلْمُنَجِّمِ: كَمْ فِي يَدِي؟ فَحَسَبَ فَأَصَابَ الْمُنَجِّمُ. فَأَغْفَلَهُ الْحَجَّاجُ وَأَخَذَ حَصَيَاتٍ لَمْ يَعُدْهُنَّ فَقَالَ لِلْمُنَجِّمِ: كَمْ فِي يَدِي؟ فَحَسَبَ فَأَخْطَأَ، ثُمَّ حَسَبَ أَيْضًا فَأَخْطَأَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أَظُنُّكَ لَا تَعْرِفُ عَدَدَ مَا فِي يَدِكَ؟ قَالَ لَا: قَالَ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ أَحْصَيْتَهُ فَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْغَيْبِ، فَحَسَبْتُ فَأَصَبْتُ، وَإِنَّ هَذَا لَمْ تَعْرِفْ عَدَدَهَا فَصَارَ غَيْبًا، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.قولُه ـ تعالى: {مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ} هذه تُسَمَّى لامَ الجحودِ، ويُنصَبُ بعدَها المضارعُ بإضمار "أن" ولا يجوزُ إظهارها. والفرقُ بينها وبين لام كي أنَّ هذه على المشهورِ شرطُها أنْ تكون بعد كونٍ مَنْفيٍّ، ومنهم مَنْ يَشتَرِطُ مُضِيَّ الكونِ، ومنهم مَنْ لم يَشْترط الكون.وفي خبر "كان" في هذا الموضع وما أشبهه قولان، أحدُهما: وهو قول البصريين أنَّه محذوفٌ وأنَّ اللامَ مقويَّةٌ لِتعديةِ ذلك الخبرِ المُقدَّرِ لِضَعفِهِ، والتقديرُ: ما كان اللهُ مُريداً لأنْ يَذَر، فـ "أن يذر" هو مفعولُ "مُريداً"، والتقديرُ: ما كانَ اللهُ مريداً تَرْكَ المؤمنين. والثاني قول الكوفيين: أنَّ اللامَ زائدةٌ لتأكيدِ النفي وأنَّ الفعلَ بعدها هو خبر "كان"، واللامُ عندهم هي العاملةُ النصبَ في الفعلِ بنفسِها لا بإضمار "أَنْ"، والتقديرُ عندهم: ما كان الله يَذَرُ المؤمنين.وضَعَّف أبو البقاء مذهبَ الكوفيين بأنَّ النصبَ قد وُجِد بعد هذه اللامِ، فإنْ كان النصبُ بها نفسِها فليست زائدةً، وإن كان النصب بإضمار "أَنْ" فَسَدَ من جهة المعنى لأنَّ "أَنْ" وما في حَيِّزها بتأويل مصدرٍ، والخبرُ في باب "كان" هو الاسمُ في المعنى فيلزم أن يكونَ المصدرُ الذي هو معنىً من المعاني صادقاً على اسمِها وهو مُحال".أمَّا قولُه: "إنْ كان النصبُ بها فليست زائدةً" فممنوعٌ؛ لأنَّ العمل لا يمنع الزيادةَ ، أَلا تَرى أنَّ حروفَ الجَرِّ تُزاد وهي عاملةٌ، وكذلك "أَنْ" عند الأخفش و"كان" في قول الفرزدق: فكيفَ إذا مَرَرْتَ بدارِ قومٍ ........................ وجيرانٍ لنا كانوا كرامِوقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في غيرِ موضع.و"يَذَرُ" فعلٌ لا يَتَصرَّف ك "يَدَعُ" استغناءً عنه بتصرُّف مُرادفِه وهو "ترك"، وحُذِفَتِ الواوُ من "يَذَرُ" مِن غيرِ موجبٍ تصريفيٍّ، وإنَّما حُمِلت على "يَدَعُ" لأنَّها بمعناها، و"يَدَعُ" حُذِفَتْ منه الواو لموجبٍ وهو وقوعُ الواوِ بين ياءٍ وكسرةٍ مقدَّرةٍ، وأمَّا الواوُ في "يَذَرُ" فوقعت بين ياءٍ وفتحة أصليَّة، وقد تقدَّم تحقيقُ القولِ فيه عند قوله تعالى: {وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الربا} البقرة: 278.قوله: {حتى يَمِيزَ} حتَّى: هنا قيلَ: للغايَةِ المجرَّدةِ بمعنى "إلى"، والفعلُ بعدَها منصوبٌ بإضمار "أَنْ"، وقد تقدَّم تحقيقه في البقرة. والغايةُ هنا مشكلةٌ على ظاهرِ اللفظِ؛ لأنَّه يصيرُ المعنى أنَّه تعالى لا يترُك المؤمنين على ما أنتم عليه إلى هذه الغاية وهي التمييزُ بين الخبيث والطيب، ومفهومُه أنه إذا وُجِدت الغايةُ تَرَك المؤمنين على ما أنتم عليه.وهذا ظاهرُ ما قالوه من كونها للغاية، وليس المعنى على ذلك قطعاً، ويصيرُ هذا نظيرَ قولِك: "لا أُكَلِّم زيداً حتى يَقْدُمَ عمروٌ" فالكلامُ منتفٍ إلى قدومِ عمرو. والجوابُ عنه: أن "حتّى" غايةٌ لما يُفْهَمُ من معنى هذا الكلامِ، ومعناه أنه تعالى يُخَلِّص ما بينكم بالابتلاء والامتحان إلى أَنْ يَميزَ الخبيثَ من الطيب.وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي الأنفال: "يُمَيِّز" بالتشديد، والباقون بالتخفيف. وعن ابنِ كثيرٍ أيضاً "يُميز" من أماز، فهذه ثلاث لغات، يقال مازَه ومَيَّزه وأمازه. والتشديد والهمزة ليسا للنقل، لأنَّ الفعل قبلهما متعدٍ، وإنما فَعَّل بالتشديد وأَفْعَل بمعنى المجرد، وهل ماز ومَيّز بمعنى واحد أو بمعنيين مختلفين؟ قولان. ثم القائلون بالفرق اختلفوا، فقال بعضهم: لا يقال "ماز" إلَّا في كثيرٍ من كثيرٍ، فأمَّا واحد من واحدٍ فَمَيَّزت، ولذلك قال أبو معاذ: يُقال: "مَيَّزْتُ بين الشيئين ومِزْتُ بين الأشياء". وقال بعضُهم عكسَ هذا: مِزْتُ بين الشيئين ومَيَّزْتُ بين الأشياءِ، وهذا هو القياسُ، فإنَّ التضعيفَ يُؤْذِنُ بالتكثير وهو لائقٌ بالمتعددات. ورجَّح بعضُهم "مَيَّز" بالتشديد بأنه أكثر استعمالاً، ولذلك لم يُسْتعمل المصدرُ إلا منه فقالوا: التمييز، ولم يقولوا: "المَيْز" يعني لم يقولوه سماعاً وإلا فهو جائز قياساً.وَيَكَادُ يَتَمَيَّزُ: يَتَقَطَّعُ، وَبِهَذَا فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} الملك: 8. وَفِي الْخَبَرِ (مَنْ مَازَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ فهو له صدقة).قوله: {وَلَكِنَّ الله} هذا استدراك من معنى الكلام المتقدِّم، لأنَّه لَمَّا قال تعالى: "وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ" تُوُهِّم أنَّه لا يُطْلِعَ أحداً على غيبِه لعُمومِ الخِطابِ فاستدرك الرسُلَ، والمعنى: ولكنَّ اللهَ يجتبي أي يصطفي مِنْ رسلِه من يشاء فيُطْلِعُه على الغيب، فهو ضدٌّ لما قبلَه في المعنى، وقد تقدَّم أنَّها تقعُ بني ضِدِّيْنِ ونقيضين، وفي الخلافين خلافٌ.و"يَجْتَبي": يَصْطَفي ويَخْتار، يَفْتَعل من جَبَوْتُ المالَ والماءَ وجَبَتْهُما لغتان، فالياءُ في "يَجْتَبي" يُحْتَمَلُ أَنْ تكونَ عَلى أصلِها، وأَنْ تكونَ منقلبةً من واوٍ لانكسارِ ما قبلَها.ومفعولُ "يشاءُ" محذوفٌ، وينبغي أَنْ يُقَّدَّر ما يليقُ بالمعنى، والتقديرُ: مَنْ يشاءُ إطْلاعَه على الغيب. | |
|