عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 166 الإثنين أبريل 01, 2013 7:43 pm | |
| وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ.
(166) قولُه ـ تبارك وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} أيْ مَا أَصَابَكُمْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ يَوْمَ أحُدٍ، حِينَمَا التَقَيْتُمْ بِعَدوكُمْ فِي مَيْدَانِ المَعْرَكَةِ، وَمَا حَلَّ بِكُمْ مِنْ هَزِيمَةٍ وَقَتْلٍ. قولُه: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} إنَّمَا كَانَ بِإِذْنِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَقَضَائِهِ السَّابِقِ، الذِي جَعَلَ المُسَببَاتِ نَتَائِجَ لأسْبَابِهَا، فَكُلُّ عَسْكَرٍ يَعْصِي قَائِدَهُ، وَيَكْشِفُ ظَهْرَهُ لِعَدُوِّهِ يُصَابُ بِمِثْلِ مَا أُصِبْتُمْ بِهِ، وَأَكْثَر مِنْهُ، وَللهِ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ فِي ذَلِكَ، لأنَّ الشَّدَائِدَ تَكْشِفُ عَنْ حَقِيقَةِ المُؤْمِنِينَ الذِينَ صَبَرُوا وَثَبَتُوا، وَلَمْ يَتَزَلْزَلُوا أَمَام العَدُوِّ.قولُه: {ولِيَعْلَمَ المُؤمنين} اللهَ عالمٌ بهم قبلَ أنْ تَقعَ الأحداثُ، ولكنَّ علمَه لا يكونُ حُجَّةً على الخلقِ إلَّا إنْ حَدَثَ منه بالفعلِ؛ لِجَوازِ أنْ يَقولَ: ياربِّ أنتَ حاسَبْتَني بعلمِكَ أنْ هذا سَيَحدُثُ، لكنْ ما كنتُ لأفعلَه. فيُوضِّحُ الحقُّ: لا. أنتَ قد عملتَه لأنَّك فعلتَه وصارَ واقعاً منكَ وتقوم بِه الحجَّةُ عليك.قولُه تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ} ما: موصولةٌ بمعنى الذي في محلِّ رفعٍ بالابتداء، وفيها شبه الشرط. و"أصابكم" فعل الشرط.و{فَبِإِذْنِ الله} خبر المبتدأ"ما"، وهو على إضمارٍ تقديرُه: فهو بإذنِ اللهِ، ودَخَلَتِ الفاءُ في الخبرِ لِشِبَهِ المبتدأِ بالشَرْطِ نحو: "الذي يأتيني فلَه درهم" وهذا على ما قَرَّره الجمهورُ مُشْكِلٌ، وذلك أنَّهم قَرَّروا أنَّه لا يَجوزُ دخولُ هذه الفاءِ زائدةً في الخبرِ إلَّا بِشروطٍ منها أنْ تكونَ الصِلةُ مُستقبلَةً في المعنى، وذلكَ لأنَّ الفاء إنَّما دَخَلتْ للشِبَهِ بالشَرطِ، والشرطُ إنَّما يكونُ في الاستقبالِ لا في الماضي، فلو قلتَ: "الذي أتاني أمس فلَه درهمٌ" لم يَصِحَّ، و"أصابَكمْ" هنا ماضٍ في المعنى لأنَّ القِصَّةَ ماضيةٌ فكيف جازَ دخولُ هذهِ الفاءِ؟ أجابوا عنه بأنَّه يُحْمَلُ على التَبيين أي: "وما تبَيَّن إصابتُه إيّاكم" كما تأوَّلوا: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ} يوسف: 27. أي: إنْ تَبَيَّن، وهذا شرطٌ صريح. قلتُ: وإذا صح هذا التأويلُ فَلْتُجْعل "ما" هنا شرطاً صريحاً، وتكونُ الفاءُ داخلةً وُجوباً لكونِها واقعةً جواباً للشرط. وقال ابنُ عطية: "يَحْسُن دخولُ الفاءِ إذا كان سببَ الإِعطاءِ، وكذلك ترتيبُ هذه، فالمَعنى إنَّما هو: وما أَذِنَ اللهُ فيه فهو الذي أصابَكم، لكنْ قَدَّم الأهَمَّ في نفوسِهم والأقربَ إلى حِسِّهم. والإِذْنُ: التَمكينُ مِنَ الشيءُ معَ العِلمِ بِه" وهذا حسنٌ مِنْ حيثُ المَعنى، فإنَّ الإِصابةَ مترتِّبةٌ على الإِذْن من حيثُ المَعنى. وأشارَ بقولِه: "الأهَمَّ والأَقربَ" إلى ما أصابَهم يوم التقى الجَمْعان.قولُه: "وَلِيعٍلَمَ" في هذه اللامِ قَوْلان: أحدُهما: أنَّها معطوفةٌ على معنى قوله: "فَبِإِذْنِ الله" عطفَ سببٍ على سببٍ، فتتعلَّقُ بما تتعلَّق به الباءُ. والثاني: أنّها متعلِّقةٌ بمحذوفٍ أي: ولِيَعْلَمَ فَعَلَ ذلك، أي: أصابَكم والأوَّل أَوْلَى، وقد تقدَّم أنَّ معنى "ولِيَعْلَمَ اللهُ كذا" أي تمييزاً ويُظْهرَ للناسِ ما كان في عِلْمِه. وزعم بعضُهم أنَّ ثمَّ مضافاً أي: لِيعلَمَ إيمانَ المؤمنين ونِفاقَ الذين، ولا حاجة إليه. | |
|