عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 147 الثلاثاء مارس 19, 2013 8:30 pm | |
| وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
(147) قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ} كالتتميمِ والمُبالغة في صلابتِهم في الدين وعدمِ تطرُّقِ الوَهْنِ والضَعفِ إليهم، وقيل: كلامٌ مُبَيِّنٌ لِمَحاسِنِهم القوليَّةِ إثْرَ بيانِ مَحاسِنِهم الفِعليَّةِ، أيْ ما كان قولَهم في ذلك المَقامِ واشْتباكِ أَسِنَّةِ الشدائدِ والآلام إلَّا أنْ قالوا.قولُه: {ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا} أي صغائرَنا {وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا} أي تَجاوُزَنا الحَدَّ، والمُرادُ كَبائرُنا، وقيل: الإسرافُ تَجاوُزٌ في فعلِ ما يَجِبُ، والذنبُ عامٌّ فيه وفي التقصير، وقيل: إنَّه يُقابل الإسرافَ وكِلاهُما مَذمومٌ، وإطلاقُ الذنوبِ يعني الكَبائر. وإنَّما أضافوا ذلك إلى أنفسِهم مع أنَّ الظاهرَ أنَّهم بَرآءٌ مِن التفريطِ في جَنْبِ اللهِ ـ تعالى ـ هضْماً لأنفُسِهم واسْتِقصاراً لِهِمَمِهم وإسناداً لِما أَصابَهم إلى أعمالِهم، على أنَّه لا يَبعُدُ أنْ يُرادَ بتلك الذنوبِ وذلك الإسْرافِ ما كان ذَنْباً وإسرافاً على الحقيقةِ لكن بالنِسبةِ إليهم، وحسناتُ الأبرارِ سَيِّئاتُ المُقرَّبين، وقيل: أرادوا مِن طلبِ المغفرةِ طلبَ قبولِ أعمالِهم حيث إنَّه لا يَجبُ على اللهِ تعالى شيءٌ، وفيه ما لا يخفى، وقدَّموا الدعاءَ بالمَغفِرةِ على ما هو الأَهَمُّ بِحَسَبِ الحالِ مِن الدعاءِ بقولِه ـ سبحانَه: {وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا} أيْ عندَ جِهادِ أعدائك بتقويةِ قلوبِنا وإمدادِنا بالمَدَدِ الروحانيِّ من عندك {وانصرنا عَلَى القوم الكافرين} تقريباً له إلى حَيِّزِ القَبولِ فإنَّ الدُعاءَ المَقرونَ بالخُضوعِ الصادرِ عن زَكاءٍ وطَهارةٍ أَقرَبُ إلى الاستِجابةِ. ومِن الناسِ مَنْ قال: المُرادُ مِن ثَبِّتْ أقدامَنا ثَبِّتْنا على دينِكِ الحَقِّ فيَكونُ تقديمُ طلبِ المَغفِرَةِ على هذا التَثبيتِ مِن بابِ تقديمِ التَخْلِيَةِ على التَحْلِيَةِ وتقديمِهما على طَلَبِ النُصرةِ لِما تَقَدَّمَ، وقيل: إنَّهم طَلَبوا الغُفرانَ أوَّلاً لِيَسْتَحِقوا طلبَ النَّصرِ على الكافرين بطهارتهم من الذنوب، وفي طلبِهم النصرَ معَ كثرتِهم المُفْرِطةِ التي دَلَّ عليْها ما سَبَقَ معناه أنَّهم لا يَنْظرون إلى كَثرتِهم ولا يُعوِّلون عليها بل يُسْنِدون ثباتَهم إلى اللهِ ـ تعالى ـ ويَعتقِدونَ أنَّ النَّصرَ منْه ـ سبحانَه وتعالى.قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ} الجمهورُ على نصبِ "قولَهم" خبراً مقدَّماً، والاسمُ هو "أَنْ" وما في حَيِّزها تقديرُه: وما كان قولَهم إلا قولُهم هذا الدعاءَ، أي: هو دَأْبُهم ودَيْدَنُهم. وقرأ ابنُ كثيرٍ وعاصمٌ في رِوايةٍ عنهما برفعِ "قولُهم" على أنَّه اسمٌ، والخبرُ "أَنْ" وما في حَيِّزها. وقراءةُ الجمهورِ أَوْلى؛ لأنَّه إذا اجتمعَ معرفتان فالأَوْلى أنْ يُجْعَلَ الأعرفُ اسْماً، و"أن" وما في حَيِّزها أعرفُ، لأنّها تُشْبِهُ المُضْمَرَ مِنْ حيثُ إنَّها لا تُضْمَرُ ولا تُوصَفُ ولا يُوصف بها، و"قولهم" مُضافٌ لِمُضْمَرٍ فهو في رُتْبةِ العَلَمِ فهو أقلُّ تَعريفاً.ورَجَّح أبو البقاءِ قراءةَ الجُمهورِ بوجهيْن، أَحدُهما هذا، والآخر: أنَّ ما بعد "إلاَّ" مُثْبَتٌ، والمعنى: كان قولُهم: ربَّنا اغْفِرْ لَنا دَأْبَهم في الدُعاءِ وهو حَسَنٌ، والمعنى: وما كان قولُهم شيئاً من الأقوال إلَّا هذا القولَ الخاص.وفي {أَمْرِنَا} يجوزُ وجهان، أحدُهما: أنَّه متعلِّقٌ بالمَصدَرِ قبلَه يقال: أَسْرَفْت في كذا. والثاني: أنَّه يَتعلَّق بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ منْه أيْ: حالَ كونِه مُسْتَقرّاً في أمرِنا، والأولُ أَوْجَهُ. | |
|