روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 145

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  145 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  145 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 145   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  145 I_icon_minitimeالإثنين مارس 18, 2013 3:20 am

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا
وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ



(145)


قولُه
تعالى: {
وَمَا
كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله
}
استئنافٌ سِيقَ للحَضِّ على الجِهادِ واللومِ على تَرْكِهِ خَشْيَةَ القَتْلِ مَعَ
قَطْعِ عذرِ المُنهَزِمين خَشْيَةَ ذلك بالكُلِّيَّةِ. ويَجوزُ أنْ يَكونَ تَسْلِيَةً
عَمَّا لَحِقَ الناسَ بِموتِ النبيِّ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ ـ وإشارةٌ إلى أنَّه
ـ عليْه الصلاةُ والسلامُ ـ كغيرِه لا يَموتُ إلَّا بإذنِ اللهِ، فلا عُذْرَ لأحَدٍ
بتركِ دينِه بعدَ موتِه. والمُرادُ بالنَّفْسِ الجنسُ، وتخصيصُها بالنبيِّ ـ عليه
الصلاةُ والسلامُ ـ كما رُوِيَ عنِ ابنِ إسْحقَ ليس بِشيءٍ، والموتُ هُنا أَعَمُّ
مِنَ الموتِ حَتْفَ الأنْفِ والموتِ بالقتلِ. والمعنى ما كان الموتُ حاصلاً لنفسٍ
مِنَ النفوسِ مُطْلَقاً بسببٍ



مِنَ
الأسبابَ إلَّا بِمشيئةِ اللهِ تعالى وتيسيرِه.



والإذنُ
مَجازٌ عن ذلك لِكونِهِ مِنْ لَوازِمِه، وظاهرُ التركيبِ يَدُلُّ على أنَّ المَوتَ
مِنَ الأفعالِ التي أُقدِمَ عليها اخْتِياراً، فقد شاعَ استعمالُ ما كان لِزيدِ أنْ يَفعَلَ
كذا فيما إذا كان ذلك الفعل اختياريًّا لكنَّ الظاهرَ هُنا متروكٌ بأنْ يُجعلَ ذلك
من بابِ التَمثيلِ بأنَّ صُورَ الموتِ بالنسبةِ إلى النفوسِ بصورةِ الفعلِ الاخْتِياري
الذي لا يُقدَمُ عليْه إلَّا بالإذنِ. والمُرادُ عدمُ القدرةِ عليه، أو بتنزيلِ
إقدامِ النفوسِ على مَبَاديهِ كالقِتالِ ـ مثلاً ـ مَنزِلةَ الإقْدامِ عليْه نَفسِه
للمُبالَغةِ أوْ تَحقيقِ المُرامِ فإنَّ مَوتَها لَمَّا استَحالَ وُقوعُه عندَ
إقدامِها عليْه أو على مَبَاديهِ وَسَعْيِها في إيقاعِهِ فلَأنْ يَستحيلَ عند عدمِ
ذلك أَوْلى وأَظهَرَ، ويَجوزُ على هذا أنْ يَبقى الإذنُ على حَقيقتِهِ ومفعولُه مُقدَّرٌ
للعِلْمِ بِه، والمُرادُ بإذنِه تعالى إذنُه لِمَلَكِ الموتِ، فإنَّه الذي يَقبضُ
روحَ كلَّ ذي روحٍ بَشراً كان أو لا، شهيداً كان أو غيرَ شهيدٍ، بَرّاً أو بَحراً
حتّى قيل: إنَّه يَقبضُ روحَ نفسِه، واسْتَثنى بعضُهم أرواحَ شهداءِ البحرِ فإنَّ
اللهَ تعالى هو الذي يقبضُها بِلا واسطةٍ، واسْتُدِلَّ بحديثِ جُوَيْبِرٍ وهو ضعيفٌ
جِدًّا، وفيه مِن طريقِ الضَحَّاكِ انْقطاعٌ، وذهَبَ المُعتزِلَةُ إلى أنَّ مَلَكَ
الموتِ إنَّما يَقبضُ أرواحَ الثقليْن دون غيرِهم، وقال بعضُ المُبتَدِعَةِ: إنَّه
يَقبضُ الجميعَ سِوى أرواحِ البهائمِ فإنَّ أعوانَه همُ الذين يَقبضونَها، ولا
تعارُضَ بين: {الله يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مِوْتِهَا} الزمر: 42. و{يَتَوَفَّاكم
مَّلَكُ الموتِ} السجدة: 11. و{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} الأنعام: 61. لأنَّ إسنادَ
ذلك لَه تعالى بطريقِ الخَلْقِ والإيجادِ الحقيقيِّ، وإلى المَلَكِ لأنَّه المُباشِرُ
له، وإلى الرُسُلِ لأنَّهم أَعوانُه المُعالِجونَ للنَزعِ مِن العَصَبِ والعَظْمِ
واللَّحْمِ والعُروقِ.



قولُه:
{
كتابًا} المعنى كُتِبَ ذلكَ الموتُ المأذونُ فيهِ كتابًّا {مُّؤَجَّلاً} أيْ مؤقَّتًا بوقتٍ معلومٍ لا يَتَقدَّمُ ولا يَتَأَخَّر،
وقيل معناه: حُكْمًا لازمًا مُبْرَمًا ولا يَضُرُّ التوصيفُ بكونِ المَصدَرِ مؤكَّدًا
بناءً على أنَّه معلومٌ ممّا سَبَقَ وليس كلُّ وَصْفٍ يَخرُجُ عن التَأكيدِ.



وظاهرُ
الآيةِ يؤيِّدُ مَذهَبَ أهلِ السُنَّةِ القائلين أنَّ المَقتولَ مَيِّتٌ بأَجَلِهِ
أيْ بوقتِهِ المُقَدَّرِ لَه، وأنَّه لو لمْ يُقتَلْ لَجَازَ أنْ يَموتَ في ذلكَ
الوَقتِ وأنْ لا يَموتَ مِن غيرِ قَطْعٍ بامتِدادِ العُمرِ، ولا بالموتِ بدَلَ
القتلِ إذْ على تقديرِ عدمِ القتلِ، لا قطعَ بوجودِ الأجلِ وعدمِه، فلا قطعَ
بالموتَ ولا بالحياة، وخَالفَ في ذلك المعتزلةُ فذهَبَ الكَعْبِيُّ منهم إلى أنَّ
المَقتولَ ليس بِمَيِّتٍ لأنَّ القتلَ فعلُ العَبدِ، والموتَ فِعلُ اللهِ ـ سبحانَه
ـ أي مفعولُه وأثرُ صِفَتِهِ، وأنَّ للمقتولِ أجليْن: أحدُهُما: القتلُ والآخرُ:
الموتُ، وأنَّه لو لمْ يُقتَلْ لَعاشَ إلى أَجَلِهِ الذي هو الموتُ، وذهبَ أبو الهُذيْلِ
إلى أنَّ المقتولَ لو لم يُقتلْ لَماتَ البَتَةَ في ذلك الوقتِ. وذهَبَ الجمهورُ
منهم إلى أنَّ القاتلَ قد قَطَعَ على المَقتولِ أجلَه، وأنَّه لو لم يُقتَلْ لَعاشَ
إلى أَمَدٍ هو أَجَلُه الذي عَلِمَ اللهُ ـ تَعالى ـ موتَه فيه لولا القَتْلُ، ولَيسَ
النِزاعُ بيْن الأصحابِ والجمهورِ لَفظِيًّا كما رآه كثيرٌ مِنَ المُحقِّقين حيثُ قالوا:
إنَّه إذا كان الأجلُ زمانَ بُطلانِ الحياةِ في عِلْمِ اللهِ ـ تعالى ـ لَكانَ المَقتولُ
مَيْتًا بأجَلِه بِلا خِلافٍ من المعتزلةِ في ذلك، إذْ هُمْ لا يُنكِرون كونَ المَقتولِ
مَيْتًا بالأَجَلِ الذي عَلِمَهُ اللهُ ـ تعالى ـ وهو الأَجَلُ بسببِ القتْلِ،



وإنَّ
قَيْدَ بُطلانِ الحياةِ، بأنْ لا يَترتَّبَ على فعلٍ مِن العبدِ، لم يَكنْ كذلكَ بِلا
خِلافٍ مِن الأصحابِ فيه، إذْ هُمْ يَقولون بِعدمِ كونِ المقتولِ مَيْتًا بالأَجَلِ
غيرِ المُرَتَّبِ على فِعلِ العبدِ لأنَّا نَقولُ: حاصلُ النزاعِ أنَّ المُرادَ
بأجلِ المقتولِ المضافِ إليْه زمانُ بُطلانِ حياتِه بحيثُ لا مَحيصَ عنْه ولا تَقدُّمَ
ولا تَأخُّرَ على ما يشير إليه قوله تعالى: {أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ
يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} الأعراف: 34. ويَرجِعُ الخلافُ
إلى أنَّه هلْ تَحقَّقَ ذلك في حَقِّ المَقتولِ، أَمِ المعلومُ في حقِّه أنَّه إنْ
قُتِلَ ماتَ وإنْ لمْ يُقتَلْ يَعشْ، ولَعلَّه جَوابٌ باختيارِ الشِقِّ الأوَّلِ،
وهو أنَّ المُرادَ زمانُ بُطلانِ الحياةِ في عِلْمِ اللهِ ـ تعالى ـ لكنَّه ليس مُطلَقاً
بَل على ما عَلِمَه ـ تعالى ـ وقدَّرَه بطريقِ القَطْعِ، وحينئذٍ يَصلُحُ مَحَلًّا
للخلافِ لأنَّه لا يَلزَمُ مِن عدمِ تحقُّقِ ذلك في المَقتولِ ـ كما يَقولُه المُعتزِلَةُ
ـ تَخَلُّفُ العِلْمِ عن المَعلومِ لِجَوازِ أنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُ مَوتِه بالقَتْلِ
معَ تَأَخُّرِ الأَجَلِ الذي لا يُمكِنُ تَخَلُّفُه عنْه، وقد يُقالُ: إنَّه يُمكِنُ
أنْ يَكونَ جَواباً باخْتِيارِ شِقٍّ ثالثٍ، وهو المُقَدَّرُ بطريقِ القَطعِ إذْ
لا تُعْرَضُ في تقريرِ الجوابِ للعِلمِ، والمُقدَّرُ أَخَصُّ مِنَ الأَجَلِ المَعلومِ
مُطْلَقًا، والفَرْقُ بينَه وبيْنَ كونِه جَوابًا باختيارِ الأَوَّلِ لكنْ ليس مُطلَقاً
اعتبارُ قيْدِ العِلمِ في الأجَلِ الذي هو مَحَلُّ النِزاعِ، على تقديرِ اختيارِ
الأوَّلِ وعدمِ اعتِبارِه فيه على اختيارِ الثالثِ وإنْ كان معلوماً في الواقع
أيضاً.



واحتجُّوا
على مذهبِهم بالأحاديثِ الواردةِ في أنَّ بعضَ الطاعاتِ تَزيدُ في العُمرِ وبأنَّه
لو كان المَقتولُ ميتاً بأجلِه لم يَستحِقَّ القاتلُ ذمًّا ولا عِقاباً ولم يتوجَّهْ
عليه قِصاصٌ ولا ديَةٌ لأنَّه لمْ يَقطعْ أجَلاً ولم يُحدِثْ بفعلِه موتاً، وبأنَّه
ربَّما يُقتَلُ في الملحمةِ والحربِ أُلوفٌ تَقضي العادةُ بامتناعِ اتِّفاقِ موتِهم
في ذلك الوقتِ بآجالِهم، وتَمَسَّك الكعبيُّ بقولِه تعالى: {أَفإِن مَّاتَ أَوْ
قُتِلَ} آل عمران: 144. حيث جعلَ القتلَ قسيماً للموت بناءً على أنَّ المُرادَ
بالقتل المقتوليَّةُ وأنَّها نفسُ بُطلانِ الحياةِ وأنَّ الموتَ خاصٌّ بما لا يَكونُ
على وجهِ القتلِ، ومتى كان الموت غيرُ القتلِ كان للمقتولِ أَجلان: أحدُهما: القتلُ،
والآخر: الموتُ.



وأجيب
بأنَّ تلكَ الأحاديثَ أخبارُ آحادٍ فلا تُعارِضُ الآياتِ القطعيَّةَ كقولِه تعالى:
{فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}
الأعراف: 34. أو بأنَّ المُرادَ مِن أنَّ الطاعةَ تَزيدُ في العُمرِ أنَّها تَزيدُ
فيما هو المقصودُ الأَهَمُّ منه وهو اكتسابُ الكَمالاتِ والخيراتِ والبَركات، فالزيادةُ
في العمر هي البركةُ فيه، بأن تعمل الكثيرَ الجليلَ في الوقت اليسير، تماماً كالبركة
في المالِ وفي سواه، وهي أمورٌ ملموسة في الحياة المُعاشةِ، والأمثلة عليها كثيرة،
أو بأنَّ العمرَ غيرُ الأَجَلِ لأنَّه لغةً الوقت، وأجلُ الشيءِ يُقال لِجميعِ مُدَّتِه
ولآخِرها كما يُقالُ أَجَلُ الدينِ شَهران، أو آخرُ شهرِ كذا، ثمَّ شاعَ اسْتِعمالُه
في آخرِ مُدَّةِ الحياةِ. والعمرُ لغةً مُدَّةُ الحياةِ كعُمرِ زيدٍ كذا، وكثيراً
ما يُرادُ به مُدَّةُ بقاءِ ذِكْرِ الناسِ الشخصَ بالخيرِ بعدِ موتِه، ومنه قولُهم:
ذكرُ الفتى عمرُه الثاني؛ ومن هنا يُقالُ لِمن ماتَ وأَعقَبَ ذِكراً حَسَناً
وأثراً جميلاً: ما مات، والعامة تقول: (من خلَّف ما مات) حيث أنّ ذكره يبقى بعد
وفاته. فلعلَّه ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم ـ أراد أنَّ تلك الطاعات تَزيدُ في هذا
العمر لأنَّها تَكون سبباً للذكرِ الجميلِ، وأكثر ما وَرَدَ ذلك في الصَدَقةِ وصِلةِ
الرَحِمِ، وهما مما يَترتَّبُ عليه ثناءُ الناسِ، ولهذا لم يَقُلْ ـ صلى الله عليه
وسلم ـ في ذلك إنَّه يَزيد في الأَجَلِ، أو بأنَّ اللهَ تعالى كان يَعلم أنَّ هذا
المطيعَ لو لم يفعل هذه الطاعة لكان عمره أربعين مثلاً لكنه علم أنَّه يَفعلها
ويكون عمرُه سبعين سنة فنِسبَةُ هذه الزيادة إلى تلك الطاعة بناءً على عِلمِ اللهِ
تعالى أنَّه لولاها لما كانت هذه الزيادة.



واستحقاقُ
الذمِّ والعِقابِ والقِصاصِ أو غرمِ الدِيَةِ مثلاً على القاتل هو بما اكتسبه وارتكبه من الإقدامِ على الفِعلِ
المَنْهِيِّ عنه الذي يَخلُقُ اللهُ تعالى به الموتَ كما في سائرِ الأسبابِ والمُسبّبات.



وذهبت
الفلاسفة إلى تعدُّدِ الأَجَلِ فقالوا : إن للحيوان أجلاً طبيعياً بتحلل رطوبتِه
وانطفاءِ حرارتِه الغريزيتيْن وآجالاً اخْتِراميَّةً تتعدَّدُ بتَعدُّدِ أسبابٍ لا
تُحصى من الأمراض والآفات، وبيانُه أنَّ الجَواهِرَ التي غَلَبَت عليها الأجزاءُ
الرَّطبةُ رُكِّبتْ معَ الحَرارةِ الغَريزيَّة فصارت لها بمنزلةِ الدُهْنِ للفَتيلةِ
المُشتعلة، وكلَّما انتُقصت تلك الرطوبات تبعتْها الحرارة الغريزيَّةُ في ذلك حتَّى
إذا انتهت في الانتقاصِ وتَزايَد الجفافُ انطفأتِ الحَرارةُ كانطفاءِ السِراجِ عند
نَفادِ دُهْنِه فحصل الموت الطبيعي، وهو مختلف بحسب اختلافِ الأمزِجةِ وهو في
الإنسانِ في الأغلَبِ تمام مئةٌ وعشرون سنة. وقد يَعرُض من الآفاتِ مثلُ البَرْدِ
المُجمِّدِ والحَرِّ المُذوِّبِ وأنواعِ السمومِ ما يُفسِدُ البدنَ ويُخرجُه عن
صلاحِه لِقبولِ الحياةِ فيَهلك بسببِه وهذا هو الأجلُ، ويَرِدُ ذلك أنَّه مبنيٌّ
على قواعدِهم مِن تأثيرِ الطبيعةِ والمِزاجِ، وهو باطلٌ عندَنا إذْ لا تأثيرَ إلَّا
لَه سُبحانَه وتلك الأمورُ عندَنا أسبابٌ عاديَّة لا عقليَّةٌ كما زعموا، والله
سبحانه هو مقدّرُ الأقدار ومسبب الأسباب.



قولُه:
{
وَمَن يُرِدِ} أي بعملِه كالجِهاد {ثَوَابَ الدنيا}
كالغنيمة {
نُؤْتِهِ} بنونِ العَظَمةِ على طريقِ الالْتِفات {مِنْهَا} أي شيئاً مِن ثوابِها إنْ شئنا، فهو على حدِّ قولِه
تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن
نُّرِيدُ} الإسراء: 18. وهذا تعريضٌ بمن شَغَلَتْهم الغنائمُ يومَ أُحُدٍ عن طاعةِ
رَسولِ اللهِ ـ صلى الله عليْه وسلَّم، وقد تقدَّمَ تفصيلُ ذلك.



وقولُه:
{
وَمَن يُرِدِ} أي بعَمَلِه كالجِهادِ أيضاً {ثَوَابَ الآخرة} مما أعدَّ اللهُ تعالى لِعبادِه فيها من النعيم {نُؤْتِهِ مِنْهَا} أي من ثوابها ما نشاء حسبَما جَرى به قَلَمُ الوَعْدِ
الكريم. وفي هذا مدحٌ للذين ثبتوا يومئذٍ مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم،
والآيةُ وإنْ نَزَلتْ في الجِهادِ خاصَّةً لكنَّها عامَّةٌ في جميعِ الأعمال.



قولُه:
{
وَسَنَجْزِي الشاكرين} يَحتمِل أنَّه أُريدَ بهم المُريدون للآخرة، ويَحتمِلُ
أنَّه أُريدَ بهم جنسُ الشاكرين، وهم داخلون فيه دخولاً أوَّليّاً. والجُملةُ
تذييلٌ مُقرِّرٌ لِمضمونِ ما قبلَه، ووعْدٌ بالمَزيدِ عليْه، وفي تصديرِها بالسينِ
وإبْهامِ الجَزاءِ مِن التأكيدِ والدَلالةِ على فَخامَةِ شأنِ الجزاءِ وكونِه بحيثُ
يَضيقُ عنه نِطاقُ البَيانِ ما لا يَخفى.



قوله
تعالى: {
وَمَا
كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ
} أَنْ تموتَ: في محلِّ رفعٍ اسْماً لـ "كان". و"لنفس"
خبرٌ مقدَّمٌ فيتعلَّقُ بمحذوف و"
إِلاَّ بِإِذْنِ الله"
حالٌ من الضمير في "
تموت"
فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، وهو استثناءٌ مفرَّغٌ، والتقدير: وما كان لها أنْ تَموتَ إلَّا
مأذوناً لها، والباءُ للمُصاحبة.



وقولُه:
{
إِلاَّ بِإِذْنِ الله} الخبر، واللامُ للتبيينِ متعلقةٌ بـ "كان". وقيل: هي متعلِّقةٌ بمحذوفٍ تقديرُه: الموتُ
لنفس، و"
أن
تموت
" تبيينٌ للمَحذوفِ، ولا يَجوزُ أَنْ تتعلَّقَ
اللامُ بـ "
تموت"
لِما فيه من تقديمِ الصلةِ على الموصولِ. وقال بعضُهم: إنَّ "
كان" زائدةٌ فيكونُ "أَنْ تموتَ" مبتدأ، و"لنفسٍ"
خبره. تقديرُه: وما كانت نفسٌ لِتموتَ، ثم قُدِّمَتِ اللامُ فجُعِل ما كان اسماً لـ
"
كان" وهو "أن تموتَ"
خبراً لها، وما كان خبراً وهو "
لنفسٍ"
اسماً لها. وأظهرُ هذه الأقوال هو الأول.



قولُه:
{
كِتَاباً مُّؤَجَّلاً} في نصبِه ثلاثةُ أوجهٍ، أظهرُها: أنَّه مصدرٌ مؤكِّدٌ


لِمضمونِ
الجملةِ التي قبلَه، فعاملُه مضمرٌ تقديرُه: كَتَب اللهُ ذلك كتاباً، نحو: {صُنْعَ
اللهِ} النمل: 88. و{وَعْدَ الله} النساء: 122. و{كِتَابَ الله عَلَيْكُمْ}
النساء: 24. والثاني: أنَّه منصوبٌ على التمييزِ. ذكره ابنُ عطيَّةَ، وهذا غيرُ
مستقيمٍ؛ لأنَّ التمييزَ منقولٌ وغيرُ منقولٍ، وأقسامُه محصورةٌ وليس هذا شيئاً
منها. وأيضاً فأين الذاتُ المبهمةُ التي تحتاج إلى تفسير.



والثالثُ:
أنَّه منصوبٌ على الإِغراءِ، والتقديرُ: الزَموا كتاباً مؤجَّلاً وآمِنوا بالقَدَرِ،
وليس المعنى على ذلك. وقرأ ورشٌ: "مُوَجَّلاً" بالواوِ بدلَ الهمزةِ وهو
قياسُ تخفيفِها.



قولُه:
{
وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ} مَنْ"
مبتدأُ وهي شرطيةٌ. وفي خبرِ هذا المبتدأِ الخلافُ المشهورُ. وأَدْغم أبو عَمْرٍو
وحمزةٌ والكَسائيُّ وابنُ عامر ـ بخلافٍ عنْه ـ دالَ "
يُرِدْ" في الثاء، والباقون بالإِظهار. وقرأ أبو عمرْو
بالإِسكانِ في هاء "
نؤتيه"
في الموضعين وَصْلاً ووقفاً، وقالون وهشام بخلافٍ عنه بالاخْتِلاسِ وَصْلاً، والباقون
بالإِشباعِ وصلاً. فامَّا السكونُ فقالوا: إنَّ الهاءَ لَمَّا حَلَّتْ مَحَلَّ ذلك
المحذوفِ أُعْطيت ما كان يَسْتَحِقُّه من السكون. وأمَّا الاختلاسُ فلاستصحابِ ما
كانَتْ عليه الهاءُ قبلَ حذفِ لامِ الكلمة، فإنَّ الأصل: نُؤتيه، فَحُذِفَتْ
الياءُ للجزم، ولم يُعْتَدَّ بهذا العارِض فبقيتِ الهاءُ على ما كانت عليه. وأمَّا
الإِشباعُ فنظراً إلى اللفظِ لأنَّ الهاءَ بعد متحرِّكٍ في اللفظِ، وإنْ كانت في
الأصلِ بعد ساكنٍ وهو الياءُ التي حُذِفَتْ للجزم. والأَوْلى أَنْ يُقال: إنَّ
الاختِلاسَ والإِسكانَ بعد المتحرك لغةٌ ثابتةٌ عن بَني عُقَيْل وبني كلاب، حكى
الكسائي: "لَهْ مالٌ وبِهْ داءٌ" بسكونِ الهاء، واختلاسِ حركتها، وبهذا
يتبيَّنُ أنَّ قولَ مَنْ قال: إسكانُ الهاءِ واختلاسُها في هذا النحو لا يجوزُ إلا
ضَرورةً، ليس بشيءٍ، أمَّا غيرُ بني عُقَيْل وبني كِلابٍ فنعم لا يُوجد ذلك عندهم
إلا في ضرورةٍ كقولِ الشمّاخ:



لَهُ زَجَلٌ كأنَّهُ صَوْتُ حادٍ ......................
إذا طَلَبَ الوسيقَةَ أو زميرُ



باختلاسِ
هاء "كأنه"، وقول الآخر:



وأشربُ الماءَ ما بي نحوه عَطَشٌ .............. إلاَّ
لأنَّ عيونَهْ سَيْلُ وادِيها



بسكونِها.
وجعلَ ابنُ عُصفورٍ أنَّ الضرورةَ في البيت الثاني أحسنُ منها في الأوَّلِ، قال: لأنَّه
إذهابٌ للحركةِ وصِلَتِها فهي جَرْيٌ على الضَرورةِ إجراءً كاملاً، وإنَّما
ذَكَرْتُ هذه التعليلاتِ لِكَثرَةِ وُرودِ هذه المسألةِ، نحو: {يَرْضَهُ لَكُمْ}
الزمر: 7. و{فَبِهُدَاهُمُ اقتده} الأنعام: 90. وقُرئ: "يُؤْتِه" بياء
الغائب، والضميرُ لله تعالى، وكذلك: {
وَسَيَجْزِي الشاكرين}
بالنون والياء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 145
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 62
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 77
» فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 112
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 127

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: