روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 140

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  140 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  140 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 140   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  140 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 13, 2013 10:20 pm

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ
مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ
. (140)


قولُه
ـ تباركت أسماؤه: {
ِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ}
المَسُّ: هو لَمْسٌ بدون


حِسٍّ،
أي إنّك لا تُحِسُّ بحرارةٍ أو نُعومَةٍ مثلًا، بينَما "اللمسُ" هو أن



تُحِسَّ
في الشيءِ حرارةً أو نعومةً، ويَحتاج إلى الالْتِصاقِ المؤقَّتِ، إنَّما "المسُّ"
هو ما لا تَكادُ تُدركُ بِه شيئاً، و"
القَرْح"
هو الجرحُ المزمنُ أو الألمُ الناشئ مِن
الجَرح. وقد يُظَنُّ أنَّ بعضَ الألفاظِ معناها واحدٌ، إلَّا أنَّ لكلٍّ منها معنىً
وإن تقاربت هذه المعاني، فأنت تسمع مثلاً: رأى، ونظر، ولَمَح، ورَمَق، ورَنا. وكلها
تتعلقُ بالبَصر. لكن لكلًّ منها معنى: فـ
"رَمَقَ: نَظَرَ بمؤخِّرِ عينيْه، ولمح: أي نظر من بُعْدٍ، ورَنا: إذا أطال
النظر، وهكذا. ويقولون إنَّ للأسَدِ أسماءً كثيرةً، لكن كلاً منها يعبر عن حال من
حالات هذا الحيوان، فالأسد: هو اللفظ العام والعَلَم على هذا الحيوان، والغضنفر: هو
الأسدُ عندما يَنفُشُ لُبدَتَه، فإذا مطَّ صُلبَه سمِّيَ وَرْداً، وهكذا بقية
أسمائه، كـ "الرئبال والقسورة والهصور والهِزبر ... إلخ، فكلٌّ منها يدُلُّ
على حال من حالاته، وإن كان جميعها متعلق بهذا الحيوان. فقولُه: "
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ
مَسَّ القومَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ
" هو
تعليلٌ لجَوابِ الشرطِ، جيءَ بهِ للدَّلالةِ على جَوابِ الشَرْطِ، وليس هو الجواب،
وكأنَّ الحقَّ يقول: إنْ يَمْسَسْكم قَرْحٌ فلا تَبْتَئِسوا؛ فقد مسَّ القومَ قرحٌ
مثلُه، لأنَّه لو كان جوابَ شَرطٍ لقالَ الحقُّ ـ سبحانه: إنْ يَمْسَسْكم قَرْحٌ
فسَيَمَسُّ القومَ قرحٌ مثلُه. ولكنَّه لم يَقُلْ ذلك لأنَّ القَرْحَ الذي أصابَ
المشركين في بدرٍ كان أسْبَقَ من القَرْحِ الذي أصابَ المؤمنين في أُحُد. فإنّهم وإنْ
نالوا منكم يومَ أُحُدٍ فقد نِلتُم منهم قبلَ ذلك يومَ بَدرٍ، ولم يُضْعِفْ ذلك
قلوبَهم ولا ثبَّط هِمَمَهم عن معاودة قتالِكم، وأنتم أحَقُّ بأنْ لا تَضْعُفوا لأنّكم
تَرجونَ مِنَ اللهِ ـ تعالى ـ ما لا يَرجون. والمُضارعُ لِحكايةِ الحالِ لأنَّ المِساسَ
مَضى، وأمَّا استعمالُ "
إنْ"
فبِتقديرِ "كان" أيْ إنْ كان مَسَّكُم قَرْحٌ، و"إنْ" لا تَتصرَّفُ
في كان لِقوَّةِ دَلالَتِه على المضي، وقد تجيءُ "إنْ" لِمُجَرَّدِ
التعليقِ من غير نقلِ فعلِه من الماضي إلى المستقبل.



قَوْلُه:
{
وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ} أَيْ يُكْرِمُكُمْ بِالشَّهَادَةِ، أَيْ لِيُقْتَلَ
قَوْمٌ فَيَكُونُوا شهداءَ عَلَى النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ. وَلِهَذَا قِيلَ
شَهِيدٌ: وَقِيلَ: سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ
وَقِيلَ: سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّ أَرْوَاحَهُمُ احْتَضَرَتْ الجنَّةَ،
لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَأَرْوَاحُ غَيْرِهِمْ لَا تَصِلُ إِلَى
الْجَنَّةِ، فَالشَّهِيدُ بِمَعْنَى الشَّاهِدِ أَيِ الْحَاضِرِ لِلْجَنَّةِ،
وَالشَّهَادَةُ فَضْلُهَا عَظِيمٌ، وَيَكْفِيكَ فِي فضلِها قولُه تَعَالَى: {إِنَّ
اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} التوبة: 111. و{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ
أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} إلى قوله: {ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الصَفّ: 112 ـ 101. وَفِي صَحِيحِ الْبُسْتِيِّ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ((مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنَ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ
أَحَدَكُمْ مِنَ الْقُرْحَةِ)). وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا
الشَّهِيدَ؟ قَالَ: ((كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً)).
وَفِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ
الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ. وقَالَ:
وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ
سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ
سَبْعُونَ. قَالَ: وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ
يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. وَقَالَ أَنَسٌ: أُتِيَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ وَبِهِ
نَيِّفٌ وَسِتُّونَ جِرَاحَةً مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ، فَجَعَلَ
النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَمْسَحُهَا وَهِيَ تَلْتَئِمُ
بِإِذْنِ اللَّهِ ـ تَعَالَى ـ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "
وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ غيرَ الأمرِ
كما يَقولُه أهلُ السُنَّةِ، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى الْكُفَّارَ عَنْ قَتْلِ
الْمُؤْمِنِينَ: حَمْزَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَرَادَ قَتْلَهُمْ، وَنَهَى آدَمَ عَنْ
أَكْلِ الشَّجَرَةِ وَأَرَادَهُ فَوَاقَعَهُ آدَمُ، وَعَكْسُهُ أَنَّهُ أَمَرَ
إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ وَلَمْ يُرِدْهُ فَامْتَنَعَ مِنْهُ، وَعَنْهُ وَقَعَتِ
الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ: {وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ
فَثَبَّطَهُمْ} التوبة: 46. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمَرَ جَمِيعَهُمْ بِالْجِهَادِ،
وَلَكِنَّهُ خَلَقَ الْكَسَلَ وَالْأَسْبَابَ الْقَاطِعَةَ عَنِ الْمَسِيرِ
فَقَعَدُوا.



رُوِيَ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ
إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ
لَهُ: (خَيِّرْ أَصْحَابَكَ فِي الْأُسَارَى إِنْ شَاؤوا الْقَتْلَ وَإِنْ شَاؤوا
الْفِدَاءَ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ عَامَ الْمُقْبِلِ مِثْلُهُمْ فَقَالُوا
الْفِدَاءَ وَيُقْتَلُ مِنَّا). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ
حَسَنٌ. فَأَنْجَزَ اللَّهُ وَعْدَهُ بِشَهَادَةِ أَوْلِيَائِهِ بَعْدَ أَنْ
خَيَّرَهُمْ فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ.



وقولُه:
{
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ
} أَيِ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ
وَإِنْ أَنَالَ الْكُفَّارَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ لَا يُحِبُّهُمْ، وَإِنْ
أَحَلَّ أَلَمًا بِالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ يُحِبُّ



الْمُؤْمِنِينَ.


قولُه
تعالى: {
قَرْحٌ} قرأ الأخَوان وأبو بكر: "قُرْح" بضمِّ القاف،
وكذلك "القُرْح" معرَّفاً، والباقون بالفتح فيهما، فقيل: هما بمعنى واحد.
ثمَّ اختَلَفَ القائلون بهذا فقال بعضُهم: المرادُ بهما الجرحُ نفسُه. وقال بعضُهم:
منهم الأخفشُ المرادُ بهما المصدرُ. يُقال قَرِحَ الجرحُ يَقْرَحُ قُرَحاً
وقَرْحاً. قال امرؤ القيس:



وبُدِّلْتُ قَرْحاً دامياً بعد
صحةٍ .................. لعلَّ منايانا تَحَوَّلنَ أَبْؤُسَا



والفتحُ
لغةُ الحجاز، والضمُّ لغةُ غيرِهم فهما كالضَّعْف والضُّعْف والكَرْه والكُرْه.
وقال بعضُهم: المفتوح: الجُرحُ، والمضمومُ: أَلَمُه.



وقرأ
ابنُ السَّمَيْفَع بفتحِ القافِ والراءِ وهي لُغةٌ كالطَّرْد والطَّرَد. وقال أبو
البقاء: هو مصدرُ قَرُحَ يَقْرُح إذا صار له قُرْحَة، وهو بمعنى دَمِي. وقُرئ
"قُرُح" بضمِّهما. قيل: وذلك على الإِتباع كاليُسْر واليُسُر والطُّنْب
والطُّنُبِ.



وقرأ
الأعمشُ: "إنْ تَمْسَسْكم" بالتاء من فوق، "قروحٌ" بصيغةِ
الجمعِ، والتأنيث واضحٌ. وأصلُ المادةِ الدلالةُ على الخُلوصِ ومنه: الماء القَراح
أي: لا كُدروةَ فيه، قال:



فساغَ لي الشرابُ وكنتُ قبلاً ..................
أَكادُ أَغَصُّ بالماءِ القَراحِ



وأرضٌ
قَرْحَةٌ أيْ: خالصةُ الطينِ ومنه: قريحةُ الرجلِ لِخَالصِ طَبعِهِ.



والقَرْحُ
ـ كذلك ـ الأثَرُ مِنَ الجِراحَةِ، مِن شيءٍ يصيبُه من خارجٍ، والقُرْحُ



يعني
بالضم أثرُها مِنْ داخلٍ كالبَثْرةِ ونحوِها، يقال: قَرَحْتُه نحو: جَرَحْتُه. قال
الشاعر :



لا يُسْلِمُون قريحاً حَلَّ
وسطُهُمُ .......... يومَ اللِّقاءِ ولا يُشْوُون مَنْ قَرَحُوا



أي:
جرحوا: وقَرِح: خرج به قَرْحٌ، وقَرَحَ الله قلبَه وأقرحه يعني: فَفَعَل وأفْعَل
فيه بمعنى وفَرَسٌ قارح: إذا أصابَه أثرٌ من ظهورِ نابِه، والأُنثى: قارحةٌ،
وروضةٌ قَرْحاءُ إذا كان في وسطها نَوْرٌ، وذلك تشبيهٌ بالفرس القَرْحاءِ.
والاقتراحُ: الابتداعُ والابتكارُ. ومنه قالوا: اقترح عليه فلانٌ كذا، واقترحْتُ
بئراً: استخرجْتُ منها ماءً قَراحاً، والقريحَةُ في الأصل: المكانُ الذي يَجْتمع
فيه الماءُ المُسْتَنْبَطُ، ومنه استُعِيرَتْ قريحةُ الإِنسانِ.



قولُه:
{
فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ} للنحويين في مثل هذا تأويلٌ وهو أَنْ يُقَدِّروا شيئاً
مستقبلاً، لأنَّه لا يكونُ التعليقُ إلَّا في المستقبلِ، وقولُه: "
مَسَّ القوم قَرْحٌ" ماضٍ محقَّقٌ، وذلك التأويلُ هو التبيين: فقد تبيَّن
مسُّ القَرْحِ للقوم، وسيأتي له نظائر نحو: {إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ
فَصَدَقَتْ} يوسف: 26. و{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ}
يوسف: 26. وقال بعضُهم: وجوابُ الشرطِ محذوفٌ تقديرُه: "فتأسَّوا" ونحوُ
ذلك.



قولُه:
{
وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا} يَجوزُ في "الأيام"
أَنْ تكونَ خبراً لـ "
تلك".
و"
نُداوِلُها" جملة حاليةٌ العاملُ فيها معنى اسمُ الإِشارةِ أي:
أُشير إليها حالَ كونِها مُتداوَلَةً.
ويجوزُ في "الأيام" أنْ تكونَ
بَدَلاً أو عطفَ بيانٍ أو نعتًا لاسْمِ الإِشارةِ، والخبرُ هو الجملةُ من قولِه: "
نُدَاوِلُهَا"، وقد مَرَّ نحوُه في قولِه: {تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا}
آل عمران: 108. إلَّا أَنَّ هناك لا يجيءُ القولُ بالنعتِ لِما عَرَفْتَ أنَّ اسمَ
الإِشارة لا يُنْعَتُ إلَّا بذِي أل. و"
بين" متعلِّقٌ بـ "نُداوِلُها". ويجوز أن يكونَ حالاً من مفعولِ "نُداولها" وليس بشيءٍ. والمُدَاوَلَةُ: المناوَبَةُ على الشيءِ
والمُعاوَدَةُ وتَعَهُّدُهُ مَرَّةً بعدَ أخرى. يُقال: داوَلْتُ بينَهم الشيءَ
فتداولوه، كأن "فاعَل" بمعنى "فَعَل". قال الشاعر:



يَرِدُ المياهَ فلا يزالُ مُداوِلاً ..................
في الناسِ بين تَمَثُّلٍ وسَمَاعِ



وأدالَ
فلانٌ فلاناً جَعَلَ له دَوْلَة، ويقال: دُولة ودَولة بضمِّ الفاء وفتحها، وقد قُرئ
بهما في سورة الحشر كما سيأتي إنْ شاءَ اللهُ تعالى.



واختلف
الناسُ: هل اللفظتان بمعنًى أم بينهما فرقٌ؟ فذَهَبَ بعضُهم إلى أنَّهما سِيَّان،
فيكونُ في المصدر لغتان. وقال غيرُهم: "بينهما فرقٌ" واختلفت أقوالُ
هؤلاء فقال بعضُهم: "الدَّوْلة" بالفتح في الحربِ والجاهِ، وبالضمِّ في
المالِ، وهذا تَرُدُّه القراءاتان في سورة الحشر. وقيل: بالضمِّ اسمُ الشيء المُتداوَلِ،
وبالفتح نفس المصدر وهذا قريب. وقيل: الدُّولة بالضم هي المصدر، وبالفتح الفِعْلَةُ
الواحدة فلذلك يُقال: "في دَوْلة فلان" لأنَّها مرَّةٌ في الدهرِ.
والدَّوْرُ والدَوْلُ متقاربان في المعنى ولكن بينهما عمومٌ وخُصوصٌ فإنَّ الدورَ
أعَمُّ مِنَ الدَّوْلِ؛ لأنَّ الدَّوْلَ باللَّامِ لا يكونُ إلَّا في الحظوظِ الدُنْيَويَّةِ.
والدَّوَلْوَل: الداهيةُ، والجمعُ: دَأَليل.



قوله:
{
وَلِيَعْلَمَ الله} ذَكَرَ أبو بَكرٍ بنُ الأنباريِّ في تعلُّقِ هذه اللامِ
وجهيْن، قال: أحدُهما: أنَّ اللامَ صلةٌ لفعلٍ مضمَرٍ يَدُلُّ عليْه أوَّلُ الكَلامِ
بتقدير: ولِيعلمَ اللهُ الذين آمنوا نُداولها. والثاني: أنَّ العامل فيه "
نُدَاولها" المذكورُ بتقديرِ: نُداوِلُها بيْن الناسِ
لنُظْهِرَ أمرَهم ولِنُبيِّنَ أعمالَهم، ولِيَعلَمَ اللهُ الذين آمنوا، فلمَّا
ظهرَ معنى اللام المضمَرةِ في "لِيُظْهِرَ" و"لِيبيِّن"
جَرَتْ مجرى الظاهرةِ فجازَ العطفُ عليها.



وجُوِّزَ
وجهٌ آخر وهو أنْ تكونَ الواوُ زائدةً، وعلى هذا فاللَّامُ مُتَعلِّقةٌ بـ "
نُداوِلُها" مِنْ غيرِ تقديرِ شيءٍ. ولكنَّ هذا لا حاجةَ إليه.
وقَدّرَهُ الزَمخشريُّ بـ "فَعَلْنا ذلك ليكونَ كيتَ وكيتَ وليَعلَمَ"،
فقدَّر عاملاً وعَلَّق به علةً محذوفةً عَطَفَ عليها هذه العلةَ. ولم يُعَيِّنْ
فاعلَ العلةِ المحذوفةِ، إنَّما كَنَى عنه بكيت وكيت، ولا يُكْنى عن الشيء حتى يُعْرَفَ،
ففي هذا الوجهِ حَذْفُ العِلَّةِ وحَذْفُ عامِلِها وإبهامُ فاعِلِها، فالوَجْهُ
الأوَّلُ أَظْهرُ إذْ ليس فيه غيرُ حَذْفِ العاملِ "يَعني بالوَجْهِ الأوَّلِ
أَنَّه قَدَّره: "وليَعْلَمَ اللهُ فَعَلْنا ذلك" وهو المداوَلَةُ أو
نَيْلُ الكُفَّارِ منكم.



والعِلْمُ
هنا يَجوزُ أنْ يَتَعدَّى لِواحدٍ قالوا: لأنَّه بمعنى عَرَفَ، وهو مُشْكِلٌ لأنَّه
لا يَجوزُ وصفُ اللهِ تعالى بذلك لِما تقدَّمَ مِنْ أنَّ المَعرفةَ تستدعي جهلاً
بالشيءِ، أوْ أنَّها متعلِّقةٌ بالذواتِ دون الأحوالِ، ويَجوزُ أنْ يكونَ متعدِّياً
لاثنين، فالثاني محذوفٌ تقديرُه: ولِيعلَمَ الذين آمنوا مميَّزين بالإِيمان مِنْ
غيرهم.



وقُرِئ شاذًّا:
"يُداوِلُها" بياءِ الغَيْبةِ وهو مُوافِقٌ لِما قبلَه ولِما بعدَه. وقِراءةُ
العامَّةِ على الالْتِفاتِ المُفيدِ للتعظيمِ.



وقولُه: "منكم" الظاهرُ أنَّ "منكم" متعلِّقٌ بالاتِّخاذِ،
وجَوَّزوا فيه أنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من "شهداء" لأنَّه في
الأصلِ صِفَةٌ له.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 140
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 62
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 77
» فيض العليم ... سورة ال عمران الآية: 93
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 112
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 127

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: