عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 111 الأحد فبراير 24, 2013 5:50 am | |
| لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ
(111) قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً} بيانٌ أنَّ الذين أُوتوا الكتابَ، ثمَّ كفروا به وبالبيِّناتِ لمَّا جاءتهم، لن يَضُرُّوا المؤمنين ضَرَرًا يؤثِّرُ في قوَّتِهم، وضَرَرُهم يعني كَذِبَهُمْ وَتَحْرِيفَهُمْ وَبُهْتَهُمْ، لَا أَنَّهُ تَكُونُ لَهُمُ الْغَلَبَةُ، كما وَرَدَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ. فَالْمَعْنَى لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا ضَرًّا يَسِيرًا، وقد وَقَعَ الْأَذَى مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ. و"لَن" تدُلُّ على تأكيد النفي باتفاق علماء اللغة وهي تدلُّ على تأبيدِ النفي، وعلى ذلك يكون الاستثناءُ متَّصِلًا، ولا يكون منقطعاً، فَالْآيَةُ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَا يَغْلِبُونَهُمْ وَأَنَّهُمْ مَنْصُورُونَ عَلَيْهِمْ لَا يَنَالُهُمْ مِنْهُمُ اصْطِلَامٌ (استئصال) إلَّا إيذاءً بالبُهْتِ وَالتَّحْرِيفِ، لأنَّ الحقَّ سبحانَه وتعالى لا يُسَلِّطُ على أوليائه إلَّا بمقدارِ ما يَصْدُقُ إلى اللهِ فرارُهم، وَأَمَّا الْعَاقِبَةُ فَتَكُونُ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: هُوَ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى لَنْ يَضُرُّوكُمْ الْبَتَّةَ، لَكِنْ يُؤْذُونَكُمْ بِمَا يُسْمِعُونَكُمْ. قَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ رُؤوسَ الْيَهُودِ: كَعْبٌ وَعَدِيٌّ وَالنُّعْمَانُ وَأَبُو رَافِعٍ وَأَبُو يَاسِرٍ وَكِنَانَةُ وَابْنُ صُورِيَّا عَمَدُوا إِلَى مُؤْمِنِيهِمْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ فَآذَوْهُمْ لِإِسْلَامِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً} يَعْنِي بِاللِّسَانِ، وَتَمَّ الْكَلَامُ. ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ} يَعْنِي مُنْهَزِمِينَ، وَتَمَّ الْكَلَامُ. "ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ" مُسْتَأْنَفٌ، فَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ فِيهِ النُّونُ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّ مَنْ قاتله من اليهودِ هزم وولَّى دُبُرَه.قولُه تعالى: {إِلاَّ أَذًى} هو استثناءٌ مفرغٌ من المصدر العام، كأنَّه قيل: لن يَضُرُّوكم ضرراً البَتَّةَ إلَّا ضرَرَ أَذًى لا يُبَالى به، أو أنه منقطعٌ أي: لن يَضُرُّوكم بقتالٍ وغَلَبة، ولكن بكلمةِ أذى ونحوِها.قوله: {ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} مستأنفٌ، ولم يُجْزَمْ عطفاً على جواب الشرط، لأنَّه كان يتغير المعنى، وذلك أنَّ اللهَ تعالى أخبرَ بعدمِ نُصرَتِهم مطلقاً، ولو عطفناه على جواب الشرط للزِم تقييدُه بمقاتلتِهم لنا، وهم غيرُ منصورين مطلقاً: قاتَلوا أَوْ لم يقاتلوا. و"الأدبارَ" مفعولٌ ثاني ليولُّوكم، لأنَّه تعدَّى بالتضعيفِ إلى مفعولٍ آخرَ. | |
|