عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 91 الثلاثاء فبراير 12, 2013 9:19 am | |
| إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
(91) قوله سبحانه: {مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} الْمِلْءُ (بِالْكَسْرِ) مِقْدَارُ مَا يَمْلَأُ الشَّيْءَ، وَالْمَلْءُ (بِالْفَتْحِ) مصدرُ ملأتُ الشيءَ، ويُقال: أعطني مِلأه ومِلآه وثلاثة إملائه. وقولُه: {وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} الْمَعْنَى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا تَبَرُّعًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ)). لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ مُسْلِمٌ بَدَلَ ((قَدْ كُنْتَ، كَذَبْتَ، قَدْ سئلت)).والفِدية: بذلُ شيءٍ احْتِراساً مِن أذى، ومنه فداءُ الأسيرِ. وقولُهم: فديتُك. وإدخالُ الواوِ في قولِه: "وَلَوِ افْتَدَى بِهِ" لعموم المعنى، ومعناه لا يقبل منهم ذلك وإن أخرجه على وجه القُرْبة في الدنيا، لأنَّ اللهَ لا يتقبَّلُ إلَّا مِنَ المُتَّقين. ويجوز أن يعني ذلك في الآخرة، ومعناه: لو ملك ذلك فأخرجه لم يكن ينفعه.قوله: {فَلَن يُقْبَلَ} قد تقدم أن عكرمة قرأ "نقبل" بالنون، "ملءَ" بالنصب مفعولاً به، وقرأ بضعهم: فلن يَقبل بالياءِ من تحت على بنائه للفاعل وهو الله تعالى ، و"ملءَ" بالنصبِ كما تقدَّمَ. وقرأ أبو جعفرٍ وأبو السمَّال: "مِلُّ الأرضِ" بطرحِ همزةِ "ملْءُ"، نقل حركتها إلى الساكن قبلَها، وبعضُهم يُدْغِم نحو هذا، أي: لام "ملء" في لام "الأرض" بعُروضِ الْتِقائِهما فتُقرأ: "مِلُّلرض".والملءُ مقدارُ ما يملأ الوعاءَ، والمَلْءُ بفتح الميم هو المصدر. يقال: "مَلأتُ القِرْبة أملؤها مَلْئَاً"، والمُلاءة المِلْحَفة بضمِّ الميمِ والمدِّ.و"ذَهَباً" العامَّة على نصبِه تمييزاً، أو عَلَى التَّفْسِيرِ، عند الفراء، وقَالَ الْمُفَضَّلُ: شَرْطُ التَّفْسِيرِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ تَامًّا وَهُوَ مُبْهَمٌ، كَقَوْلِكَ عِنْدِي عِشْرُونَ، فَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْمَعْدُودُ مُبْهَمٌ، فَإِذَا قُلْتُ دِرْهَمًا فَسَّرْتُ. وَإِنَّمَا نُصِبَ التَّمْيِيزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَخْفِضُهُ وَلَا مَا يَرْفَعُهُ، وَكَانَ النَّصْبُ أَخَفَّ الْحَرَكَاتِ فَجُعِلَ لِكُلِّ مَا لَا عَامِلَ فِيهِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: نُصِبَ عَلَى إِضْمَارِ مِنْ، أَيْ مِنْ ذَهَبٍ، كَقَوْلِهِ: {أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} المائدة: 95 أَيْ مِنْ صِيَامٍ.وقرأ الأعمشُ "ذهبٌ" بالرفع، قال الزمخشري: "رَدّاً على مِلْءُ" كما يقال: "عندي عشرون نفساً رجالٌ" يعني بالردِّ البدلِ، ويكون بدلَ نَكِرة مِن معرفة. وضَبَط الحُذَّاق قولَه: "لك الحمدُ ملءُّ السماوات" بالرفع، على أنَّه نعتٌ للحمدِ، ونصبه آخرون على الظرف، أي: لك الحمدُ مِلْئاً للسماواتِ وللأرضِ. قولُه: {ولو افتدى به} الواو ليست بزائدةٍ هنا لأنَّه حينئذ يسقط معنى عمومِ الحاليْن. وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ مُقْحَمَةً لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى. | |
|