عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 66 الأحد ديسمبر 16, 2012 5:17 pm | |
| هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ} لَقَدْ جَادَلْتُمْ وَحَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ـ عَلَى مَا تَزْعُمُونَ ـ مِنْ أمْرِ عِيسَى، وَإذْ قَامَتْ عَلَيكُمُ الحَجَّةُ، وَتَبَيَّنَ أنَّ مِنْكُمْ مَنْ غَلاَ وَأفْرَطَ وَادَّعَى ألُوهِيَّتَهُ، وَمِنْكُمْ مَنْ فَرَّطَ وَقَالَ: إنَّهُ دَعِيٌّ كَذَّابٌ، وَلَمْ يَكُنْ عِلْمُكُمْ بِمَانِعٍ لَكُمْ مِنَ الخَطَأ، فَلِمَاذَا تَحَاجُّونَ فِي أمْرِ إبراهِيمَ، وَلَيَسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ، وَلاَ لِدِينِهِ ذِكْرٌ فِي كُتُبِكُمْ، فَمِنْ أيْنَ أتَاكُم أنَّهُ كَانَ يَهودِيّاً أوْ نَصْرَانِيّاً؟ وَاللهُ يَعْلَمُ الغيبَ والشَهِادَة، وَأنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ إلاَّ مُا عَايَنْتُمْ وَشَاهَدْتُمْ وَأدْرَكْتُمْ عِلْمَهُ بِالسَّمَاعِ. ويُمكِنُ أنْ يكون المَقصودُ بـ "لكم به علم" ما يخصُّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَهُ فِيمَا يَجِدُونَ مِنْ نَعْتِهِ فِي كِتَابِهِمْ فَحَاجُّوا فِيهِ بِالْبَاطِلِ. {فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} يَعْنِي دَعْوَاهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا. وفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ مِنَ الْجِدَالِ، وَالْحَظْرِ عَلَى مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدِهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: "هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ". وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْجِدَالِ لِمَنْ عَلِمَ وَأَيْقَنَ فقال تعالى: {وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل: 125. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ أَنْكَرَ وَلَدَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ))؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: ((مَا أَلْوَانُهَا))؟ قَالَ: حُمْرٌ، قال: ((هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ))؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: ((فَمِنْ أَيْنَ ذَلِكَ))؟ قَالَ: لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَهَذَا الْغُلَامُ لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ)). وَهَذَا حَقِيقَةُ الْجِدَالِ وَنِهَايَةٌ فِي تَبْيِينِ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.قولُه تعالى: {هاأنتم هؤلاءِ} ها: للتنبيه الداخلةِ على أسماء الإِشارة، وقد كَثُرَ الفصلُ بينها وبين أسماء الإِشارة بالضمائر المرفوعةِ المنفصلة نحو: ها أنت ذا قائماً، وها نحن وها هم هؤلاء قائمون، وقد تُعاد مع الإِشارة بعد دخولِها على الضمائر توكيداً كهذه الآية، ويَقِلُّ الفصلُ بغير ذلك كقوله: تَعَلَّمَنْ هالعمرُ الله ذا قَسَماً ............ قاقدِرْ بذَرْعِك وانظرْ أينَ تنْسَلِكُوقال النابغة: ها إنَّ تا عِذْرَةٌ إن لا تكن نَفَعَتْ ........... فإنَّ صاحبَها قد تاهَ في البلدِومنهِم مَنْ قال: إنَّها مُبْدَلةٌ مِن همزةِ اسْتِفهامٍ، والأصلُ: أأنتم، وهو استفهامُ إنكارٍ.وفي إعراب هذه الآية أوجه، أحدها: أنَّ "أنتم" مبتدأ و"هؤلاء" خبرُه، وجملةُ "حاججتم" مستأنفة مبيِّنةٌ للجملةِ الأُولى.الثاني: أنْ يكونَ "أنتم هؤلاء" مبتدأً وخبراً. وجملةُ "حاجَجْتم" في محلِّ نصبٍ على الحال. الثالث: أَنْ يكونَ "أنتم هؤلاء" على ما تقدَّمَ أيضًا، ولكن "هؤلاء" هنا موصولٌ لا يَتِمُّ إلَّا بِصفةٍ وعائدٍ، وهما الجملةُ مِنْ قوله: "حاجَجْتُم" الرابع: أنْ يكونَ "أنتم" مبتدأ، و"حاججتم" خبرَه، و"هؤلاء" منادى، وهذا عند الكوفيين أيضاً، لأنَّ حرفَ النداءِ لا يُحْذَفُ من أسماء الإِشارة، وأجازه الكوفيون.الخامسُ: أَنْ يكونَ "هؤلاء" منصوباً على الاختصاص بإضمارِ فعل، و"أنتم" مبتدأً و"حاجَجْتم" خبرَه، وجملةُ الاختصاصِ معترضةٌ. السادس: أن يكونَ على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: ها أنتم مثل هؤلاء، وتكونُ الجملةُ بعدَها مُبَيِّنَةً لوجهِ التشبيه أَوْ حالاً، السابع: أنْ يكونَ "أنتم" خبراً مقدَّماً، و"هؤلاء" مبتدأ مؤخَّراً. قوله: {فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} ما: يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي وأن تكونَ نكرةً موصوفةً، ولا يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريَّةً لِعَوْدِ الضمير عليها، وهي حرفٌ عند الجمهور، و"لكم" يَجوزُ أنْ يَكونَ خبراً مقدَّماً، و"علم" مبتدأ مؤخَّر، والجملة صلة لـ "ما" أو صفة، ويجوزُ أنْ يكون "لكم" وحده صلةً أو صفة، و"علم" فاعلٌ به، لأنَّه قد اعتُمد، و"به" متعلقٌ بمحذوفٍ لأنَّه حالٌ مِن "علم"، إذْ لو تأخَّرَ عنْه لَصَحَّ جَعْلُه نعتاً له، ولا يَجوزُ أَنْ يتعلَّق بـ "عِلْم" لأنَّه مصدر، والمصدر لا يتقدَّم معمولُه عليه، فإنْ جَعَلْته متعلِّقاً بمحذوفٍ يفسِّره المصدر جاز ذلك وسُمِّي بياناً.قرأ الكوفيُّون، وابنُ عامرٍ والبَزِّيُ عن ابنِ كثير: "ها أنتم" بألف بعد الهاء وهمزةٍ مخففة بعدها. وقرأ أبو عَمْرٍو وقالون عن نافع: بألفٍ بعدَ الهاءِ وهَمْزَةٍ مُسَهَّلَةٍ بيْنَ بيْنَ بعدَها. أمّا ورشٌ فله فيها وجهان، أحدهما: بهمزة مُسَهَّلةٍ بيْنَ بيْنَ بعدَ الهاءِ دونَ ألفٍ بينهما، والثاني: بألفٍ صريحةٍ بعد الهاءِ مِنْ غيرِ همزٍ بالكُلِّيَّةِ. وقرأ قُنبُلٌ بهمزةٍ مُحقَّقةٍ بعدَ الهاءِ دون ألِفٍ. | |
|